يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

للمرة الرابعة.. سلامة مدعى عليه مع وقف التنفيذ
31/08/2021

للمرة الرابعة.. سلامة مدعى عليه مع وقف التنفيذ

فاطمة سلامة

"لو أنّ ثمّة قضاءً مستقلًا في لبنان لكان السجن هو المكان الطبيعي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة". بهذه العبارة يستهل مرجع قضائي حديثه لدى سؤاله عن مصير الادعاءات التي تُطلق بحق سلامة من حين الى آخر. لا يستغرب المرجع الحماية السياسية المنشورة فوق رأس الحاكم طالما النظام قائما على مبدأ "مرقلي تمرقلك". إلا أنّ أكثر ما يثير الريبة -بحسب المرجع- يكمن في كم التحايل والتذاكي الحاصل على القانون والقضاء معًا. سلامة متورّط حتى العظم ويكاد يكون المُسبّب لأوجاع ومعاناة جزء كبير من اللبنانيين بالتواطؤ مع آخرين. إلا أنّه ورغم ذلك، يمارس حياته المدنية وكأنّ شيئًا لم يكن. ثمّة دعاوى قضائية بالجملة بحق سلامة الذي يبدو وكأنه فوق القضاء والمساءلة.

أمس الإثنين ادّعت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون على رياض سلامة بجرم التواطؤ والتدخل في عمليات تبييض الأموال. إنها المرة الرابعة التي تدّعي فيها عون على سلامة المُحصّن بأمر سياسي. لدى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور النية والرغبة منذ فترة للبدء بالتحقيق مع سلامة والمتورطين، لكن المدعى عليهم يلجأون الى الدفوع الشكلية أمام محكمة التمييز ليتم تجميد الملفات لأشهر طويلة. ومن هنا يجري "تمييع" الدعاوى في محاولة للمماطلة والتسويف. أما "نغمة" كف مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات يد القاضية عون فهي قديمة -تقول المصادر- التي تعتبر أنّ قرار عويدات غير قانوني، موضحة أنّ عون قدمت دعوى لإبطاله، فيما طلبت وزارة العدل رأي هيئة التشريع والاستشارات في هذه القضية. وهنا تقول المصادر "عون قاضية معيّنة بمرسوم ولا أحد بإمكانه تجريدها من صلاحياته".  

تتّفق المصادر القضائية مع كلام المرجع القضائي، فلو أنّ ثمّة استقلالية للقضاء لكان سلامة الآن يقبع في السجن. مختلف الملفات التي جرى الادعاء عليه بها متوقّفة وجامدة -تقول المصادر- التي لا تخفي خشيتها من أن يصار الى تجميد الملف الحالي أيضًا. وفق المصادر، فإنّ سلامة متورّط بجرم تبييض الأموال، جرم الفساد الموجود في قانون إنشاء الهيئة العليا للفساد. تمامًا كما يجب أن تجري محاكمته وفقًا لعقوبة صرف النفوذ واستغلال الوظيفة. تأسف المصادر لأنّ عقوبة سلامة وفق القانون قد لا تتعدى الحبس 3 سنوات، لكنّها تقول "بحسرة" فليُسجن أسبوعا واحدا لنكون بألف خير في إشارة الى مستوى الغطاء السياسي الذي فوق رأس سلامة. 

البيانات بيّنت مستوى التآمر على الاقتصاد اللبناني

وفي معرض حديثها، تلفت المصادر الى أنّ الادعاء الذي صدر الإثنين استند الى "الداتا" التي حصل عليها القضاء إثر مداهمة شركة مكتّف لشحن الدولار. التقرير الذي أنجزته القاضية عون خلال أربعة أشهر بالتعاون مع خبراء والذي يقع في 50 صفحة بيّن بما لا يقبل الشك مستوى التآمر على الاقتصاد اللبناني. البيانات بيّنت بما لا يقبل الشك تورط رؤوس كبار بعملية تدمير الاقتصاد. لهذه الأسباب شمل ادعاء الأمس شركة مكتّف للتحويلات المالية ومديرها العام ميشال مكتّف، مصرف SGBL ورئيس مجلس إدارته أنطون الصحناوي إضافة الى سلامة وغيرهم. هؤلاء متورطون بحسب مصادر قضائية بما وصلنا اليه اليوم من أوضاع اقتصادية ومالية ومعيشية صعبة. وهنا تؤكّد المصادر أنّه لا يزال في جعبة القضاء الكثير، فالداتا كبيرة ولا يزال العمل في المرحلة الأولية، لافتة الى أن مفوضي المراقبة لم يتعاونوا كما يجب فيما جرى محو بعض البيانات من الشركة. 

تغوص المصادر القضائية في الأسس التي قامت عليها دعاوى عون أمس. البيانات بيّنت نسبة الهدر وتحويل الأموال التي حصلت وسط غياب أي "كابيتال كونترول". بنك sgbl حوّل الى الخارج ما يقارب المليار دولار خلال 3 سنوات. عام 2020 حوّل 150 مليون دولار، وعام 2021 حوّل ما يقارب الـ17 مليونا، إلا أنّ القسم الأكبر من الأموال جرى تحويله قبل أزمة 17 تشرين الأول، وكأنّ هناك مخططًا كبيرًا لضرب الاقتصاد تقول المصادر القضائية وتلفت في السياق عينه الى أنّ ثمة ملفات أخرى تبيّن حقيقة أن هناك تواطؤا لضرب الاقتصاد اللبناني خاصة من قبل سلامة والصحناوي. 

أما شركة مكتّف فقد حولت حوالى 13 مليار دولار منذ عام 2015 حتى 2021. لا تنكر المصادر أنه يحق لمكتف كشركة شحن أن ترسل أموالًا الى الخارج، ولكنها تلفت الى أنّ التدقيق في القيود بيّنت أنّ هناك مبلغًا كبيرًا جدًا يفوق الثلاثة مليارات دولار جرى تحويله خلال هذه الفترة دون الإشارة الى مصدره أو أي مبرّر له. وفق المصادر، فإنّ هذا المبلغ غير واضح المصدر وهذا يشكل جرم تبييض أموال. 

الرقابة معدومة 

وتقول المصادر: "لو أنّنا في بلد يحترم نفسه، ولو أنّ مصرف لبنان يقوم بواجباته ويتحمل مسؤولياته في الرقابة لما حصلت كل هذه الأمور". تسأل المصادر عن دور لجنة الرقابة على المصارف، لافتًة الى أنّ تحقيق القاضية عون مع مايا دباغ رئيسة هيئة الرقابة في مصرف لبنان يبيّن انعدام الرقابة. إجابات دباغ في جلسة التحقيق بينت عدم تعاونها وهو ما دفع بالقاضية عون للادعاء عليها أمس بجرم التمنع عن التعاون وحجب المعلومات بعدما وعدت بتزويد القضاء بالمستندات لكنها تخلّفت.

أما سمير حمود الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف، فأوضح للقضاء -بحسب المصادر- أنه كان يرسل تقاريره الشهرية لحاكم مصرف لبنان على اعتبار أنّ لجنة الرقابة على المصارف مرتبطة مباشرة بسلامة. وعليه، كان حمود يرسل كل شهر تقاريره لسلامة الذي لم يتخذ الإجراءات اللازمة كونه رئيس لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان والتي بإمكانها اتخاذ التدابير بحق أي مصرف أو مؤسسة صرافة وإيقاف المخالفين عن العمل ومساءلتهم عن مصادر الأموال، إلا أنّ الرقابة كانت معدومة تكرّر المصادر. 

وفق استنتاجات المصادر، فإنّ سلامة متواطئ مع آخرين لتدمير الاقتصاد اللبناني. القضية واضحة وضوح الشمس، وقد ساهمت عدّة ملفات في تثبيت هذه الحقيقة. ثمّة ملف آخر جديد وخطر جدًا لسلامة يتمحور حول تحويلات الى الخارج بمليارات الدولارات ويبين هذا الواقع إضافةً الى الملفات السابقة بدءا من الدولار المدعوم والإسكان وغيرهما. 

ماذا بعد الادعاء؟ 

ماذا بعد الادعاء؟ ما الذي يضمن أن لا يتكرّر السيناريو ذاته؟ تجيب المصادر عن هذه الأسئلة بالإشارة الى أنّ القاضي منصور من المفترض أن يستدعي المدعى عليهم لاستجوابهم، وسط تقديرات بأن يقدموا بدورهم دفوعا شكلية ونحن بدورنا سنرد مجددًا وبأقصى سرعة، لكنهم سيلجأون الى التمييز وسيستعملون كل الطرق للمماطلة. إلا أن المصادر توضح أنّه بإمكان القاضي إيقاف المدعى عليهم بعد استجوابهم إثر الدفوع الشكلية، وفي حال لم يحضروا الى التحقيق بإمكانه توقيفهم. وفق المصادر، في حال سارت الأمور كما يجب فالإجراءات رادعة، على أمل أن لا يثور جيش الدفاع من السياسيين والإعلاميين والقانونيين عنهم فيتلقى القضاء النزيه الضربة مجددًا، تنهي المصادر كلامها.
 

رياض سلامةغادة عون

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة