طوفان الأقصى

لبنان

تداعيات قرار سلامة مستمرة..اختفاء المحروقات من السوق وفوضى في الشارع..وأجواء إيجابية عن التأليف
13/08/2021

تداعيات قرار سلامة مستمرة..اختفاء المحروقات من السوق وفوضى في الشارع..وأجواء إيجابية عن التأليف

شكل قرار رفع الدعم عن المحروقات الذي أصدره حاكم مصرف لبنان فتيلاً لتفجير الأجواء، سواء سياسياً أو شعبياً، لكن دون حلول بديلة فبقيت أزمة المحروقات تخيم عتمة على اللبنانيين، فيما أشارت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم إلى تقدم في ملف تأليف الحكومة.

"الأخبار": أولى نتائج رفع الدعم: اختفاء المحروقات من السوق

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الاخبار" إن قرار مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات تحوّل إلى أمر واقع، بالرغم من كل المحاولات الشكلية التي سعت السلطة إليها لإعلان براءتها من القرار، من دون أن ترفضه. لكن وزارة الطاقة لم تتمكن من إصدار جدول الأسعار لأن مصرف لبنان لم يحسم سعر الدولار الذي يريد اعتماده: هل سيعتمد سعر صيرفة أم سعر السوق السوداء؟ وإن كان يصرّ على الأخير، فكيف سيحدد هذا السعر؟ حتى ذلك الحين، المحروقات «اختفت» من السوق، كونها موجودة في خزانات المحتكرين الذين لا يفرجون عنها إلا بالقوة.

واضافت أنه إن كان الانهيار سقوطاً حراً، فقد حصل الارتطام فعلاً. كل ما كان يُخشى منه من إجراءات قاسية وصل. يوم 11 آب يوم مفصلي في تاريخ البلد والناس. كل ما رافق الأزمة منذ نهاية 2019 حتى آب 2021 في كفة، وما بعد قرار مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات سيكون في كفّة أخرى. ذلك القرار أحدث صدمة عارمة، بالرغم من أنه كان منتظراً ومتوقعاً. لكن ما لم يكن متوقعاً أن يتخذ القرار قبل تأمين جهوزية الحد الأدنى لمواجهته. لأكثر من سنة، رُبط رفع الدعم بإقرار البطاقة التمويلية وبدء الاستفادة منها، لكن الواقع كان مخالفاً. ذهب رياض سلامة إلى المجلس الأعلى للدفاع لإبلاغ قراره رفع الدعم. وبالغ في الإشارة إلى أسفه من قرار لا بد منه، بعدما لم يعد يملك الأموال اللازمة. قال: يوجد حلّان لعدم رفع الدعم، إما إقناع المجلس المركزي لمصرف لبنان بالعدول عن قراره، واعداً بأن يصوّت شخصياً ضد رفع الدعم، وإما إقرار المجلس النيابي قانوناً يجيز الصرف من الاحتياطي الإلزامي.

ولفتت الصحيفة إلى أنه نقل وزير المالية، غازي وزني، هذه المواقف إلى المجتمعين في السرايا الحكومية أمس، من دون أن يكون له أي اقتراح أو موقف من الدعم. طٌلب من وزني أن يتولى التفاوض مع المجلس المركزي، لبحث الخيارات المتاحة لتأجيل رفع الدعم، إلى حين البدء بتنفيذ قانون البطاقة، فرفض. ذهب النقاش إلى اعتبار أن قرار رفع الدعم هو مسألة خلافية. لم يتم التوصل إلى أي قرار. ما صدر صدر، وقد كان رئيس الحكومة، حسان دياب، الذي ترأس اجتماع السرايا أمس عبر تطبيق زوم، واضحاً في ذلك. وبالرغم من إشارته إلى أن «حاكم مصرف لبنان اتخذ هذا القرار منفرداً، والبلد لا يحتمل التداعيات الخطيرة لهكذا قرار»، إلا أن الزبدة في ما قاله هو: «اليوم، سيكون علينا جميعاً، في أي موقع، العمل بكل طاقاتنا من أجل احتواء قرار رفع الدعم وتقليل أضراره الكبيرة».

واشارت الى ان كل ما جرى أمس يدل على تواطؤ مع سلامة. لكن النفاق كان سيد الموقف. وفيما ربط القرار بتأليف الحكومة، على اعتبار أن الحكومة الجديدة لا تريد أن تشرب كأس رفع الدعم، فإن المؤشرات الآتية من بعبدا كانت تدل على تقدم ملحوظ في المفاوضات مع الرئيس نجيب ميقاتي. وقد اكتفى الأخير بالقول للصحافيين: «إن شاء الله خيراً. وسنتابع الأسبوع المقبل».
الأصرح كان وليد جنبلاط، الذي تولى مهمة تغطية القرار سياسياً. وفي مؤتمر صحافي عقده في كليمنصو، قال إنه «لا مهرب من رفع الدعم، لأن القسم الأكبر من المازوت والبنزين يسرق الى سوريا، يجب موازاة السعر لدينا بسوريا، ومن ثم يجب الاعتماد على البطاقة التمويلية وإلى جانبها على الدول التي تقوم بمساعدة لبنان. فلتتفضل وتعطنا مئة أو مئتي باص للنقل العام». انتهى دور جنبلاط، من دون أن يوضح لماذا بقي الدعم طوال هذا الوقت، ولماذا لم تصدر البطاقة بعد.

وأوضحت الصحيفة أن رئاسة الجمهورية من ناحيتها، سعت إلى امتصاص النقمة التي ولّدها القرار. وبالرغم من أن الرئيس ميشال عون سمع من سلامة أنه يريد رفع الدعم أثناء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، إلا أنه صباح أمس عاد فاستدعاه لسؤاله عن القرار الذي «له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة تنعكس على الصعد كافة، ولا سيما المعيشية منها وحاجات المواطنين اليومية»، لافتاً إلى أن «المجلس الأعلى للدفاع لم يتخذ البارحة أي قرار يتعلق برفع الدعم الذي هو أصلاً خارج اختصاصه».

ولفتت إلى أنه انتهى الاجتماع الذي شارك فيه وزيرا المالية والطاقة، بمطالبة عون لسلامة بـ«التقيد بقانون البطاقة الإلكترونية وبالموافقات الاستثنائية المتعلقة باستعمال جزء من الاحتياطي الإلزامي لفتح اعتمادات المحروقات على سعر ٣٩٠٠ ليرة للدولار في أي إجراء يتخذه وبعد التنسيق مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات».

في السياق نفسه، رأت كتلة الوفاء للمقاومة أن «الإجراء الذي اعتمده حاكم مصرف لبنان أخيراً لجهة وقف الدعم لفاتورة المحروقات هو إجراء مرفوض لأنه خارج سياق أي خطة إنقاذية ومخالف للسياسة التي قررتها الحكومة وأقرّها مجلس النواب حين صادق على البطاقة التمويلية التي تدعم العوائل الفقيرة، ودعت إلى تنفيذها قبل أي إجراء آخر يتصل برفع أو تخفيف الدعم عن أي مادة من المواد الحيوية للمواطنين».

وقالت الصحيفة إنه بالنتيجة، مرّ نهار أمس كما يأمل سلامة. المواقف الرسمية ظلت مضبوطة إما بالصمت أو بالاعتراض أو بالتأييد. ولولا بعض التحركات الاعتراضية التي شهدتها مختلف المناطق، لكان يوم أمس أشبه بيوم عادي، علماً بأن هذه التحركات وصلت إلى منزل سلامة في الرابية، حيث اصطدم العونيون مع القوى الأمنية.
واضافت "لم يُسأل سلامة عن الأصل. عن كذبة الاحتياطي الإلزامي التي يتمسك بها، هو الذي لا يبالي بضياع 90 مليار دولار من أموال المودعين. نسي أنه هو نفسه خفض هذا الاحتياطي من 15 في المئة إلى 14 في المئة بشحطة قلم، ويمكنه أن يخفض نقطة إضافية أو نصف نقطة لتأمين المحروقات إلى حين إطلاق البطاقة التمويلية. يريد قراراً من المجلس المركزي، وهو يدرك أن أعضاء المجلس يمثلون أحزاباً سياسية متواطئة معه. وقد قررت رفع شعار حماية أموال المودعين، بوصفه شعاراً شعبياً، متغاضية عن حقيقة أن من يريد حماية الناس ليس عليه سوى إشهار رفضه وقف الدعم، فعلاً لا قولاً، حتى لو أدى ذلك إلى تخفيض الاحتياطي الإلزامي. لكن، بحسب أجواء اجتماع السرايا، الذي شارك فيه الوزراء: زينة عكر، غازي وزني، راوول نعمة، عماد حب الله، ريمون غجر، رمزي المشرفية، حمد حسن، عباس مرتضى ولميا يمين، فإن الاجتماع كان لزوم ما لا يلزم".

وتابعت أنه بالرغم من إدراك المجتمعين أن بيانهم لن يغيّر شيئاً في الواقع، فقد توصّلوا إلى ديباجة تراعي مختلف الآراء التي طرحت، وأعلنوا أنهم اتفقوا على: «تحميل الحاكم والمجلس المركزي مسؤولية القرار وتوقيته، ولا سيما أن المصرف يتحمّل ما آلت إليه سياسته المالية والنقدية؛ الاستمرار في سياسة الدعم وترشيده وتحميل الجهات الرقابية والأمنية المسؤولية لإيصال الدعم إلى المواطن، اتخاذ الإجراءات كافة لحماية المجتمع من مثل هذه القرارات التي تحدث نكبة اجتماعية، والبدء فوراً بتطبيق قانون البطاقة التمويلية، يتولى وزير الطاقة وضع خطة لزيادة تغذية التيار الكهربائي حتى نهاية 2021 وتقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب لتأمين التمويل لهذه الخطة».

ولفتت الصحيفة إلى أن زيادة التغذية ستكون عملياً الحل الوحيد للإبقاء على الحد الأدنى من الكهرباء في المنازل. فكل التوقعات تشير إلى أن قطاع المولدات الخاصة سينهار في حال رفع الدعم عن المازوت، لأن قلة ستكون قادرة على تحمّل كلفة الفاتورة. فمع تقديرات بأن يكون سعر صفيحة المازوت 250 ألف ليرة، ستصل فاتورة المشترك بخمسة أمبير، والذي تراوحت فاتورته بين 500 ألف ومليون ليرة الشهر الماضي، إلى ما بين مليونين و4 ملايين ليرة. فإذا كان سعر الكيلو واط 1975 ليرة على سعر 57 ألف ليرة للصفيحة، يتوقع أن يرتفع إلى 8000 ليرة بعد رفع الدعم. وهذا يعني أن كثراً لن يتمكنوا من تسديد فاتورتهم، وبالتالي قطع الاشتراكات.

وقالت "الأخبار" إن ما زاد من الأزمة أمس أن محطات المحروقات التزمت إغلاقاً شبه تام في سعي منها إلى تحقيق أرباح طائلة وغير مشروعة من جراء فارق السعر بعد تحديد وزارة الطاقة للسعر غير المدعوم. وبالرغم من أن الوزارة كانت قد أكدت أن جدول الأسعار الجديد سيصدر أمس، إلا أنها عادت وتراجعت عن ذلك، في قرار لن يغيّر في الواقع شيئاً، بل جلّ ما يهدف إليه هو جعل الناس يستوعبون الصدمة أولاً، وجعل إصدار جدول الأسعار، مهما كانت، مطلباً شعبياً! وقد عُلم أن وزير الطاقة أبلغ الحاضرين في اجتماع السرايا أنه يوجد نحو 60 إلى 70 مليون ليتر بنزين ومثلها من المازوت مخزنة، وتم التوافق على وجوب بيعها في السوق على السعر الحالي، علماً بأن هذه الكمية لن تكفي لأكثر من أربعة أيام. وفي بيان لها، أوضحت مديرية النفط في الوزارة أن «جدول تركيب الأسعار الذي صدر يوم الأربعاء هو السائد والملزم للمنشآت والشركات والمحطات معاً في عمليتَي البيع والتوزيع. كما أكدت أن أسعار المحروقات التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي ليست دقيقة، بل هي عمليات احتساب مبنية على افتراضات». لكن ذلك لن يغيّر حقيقة أن وزارة الاقتصاد ومن خلفها القوى الأمنية لن تقوم بواجباتها لإلزام المحطات والموزعين ببيع المحروقات، ما سيؤدي إلى زيادة الطلب بشكل كبير.

وبحسب المعلومات، لكي يصدر الجدول فإن وزارة الطاقة تحتاج إلى توضيحات من المصرف المركزي. فهو في بيانه أشار إلى أنه سيفتح الاعتمادات على «أسعار السوق»، إلا أنه لا يملك حتى اليوم أي منصة لتحديد هذا السعر، كما لن يكون سهلاً أن يعترف لأول مرة بسعر السوق السوداء. وقد أشيع أمس أن سلامة سيعتمد سعر منصة «صيرفة»، من دون أن يحدد سعرها، إن كان على سعر ١٢ ألف ليرة أو ١٨ ألفاً أو أي سعر آخر. لكن بحسب المعلومات، فعند تواصل وزارة الطاقة ومستوردي النفط مع المصرف المركزي، كان هناك إصرار على اعتماد سعر السوق، من دون أن يشار إلى أي آلية لتحديد هذا السعر. وإلى أن يحسم المركزي أمره، فإن الشركات لن تتمكن من فتح اعتمادات، كما لن تتمكن «الطاقة» من إصدار جدول الأسعار، ما يؤشر إلى أيام من دون بنزين أو مازوت، إذا لم تتولّ القوى الأمنية بنفسها فتح الخزانات والمحطات، أو أن يلجأ السكان إلى مصادرة المحروقات المخزّنة، أسوة بما جرى في طرابلس ليل أمس، حيث عثروا في خزانات إحدى الشركات على كمية هائلة من المازوت، قرر مقتحمو الشركة توزيعها على مولدات الكهرباء.

"البناء": فشل نيابي ووزاري يرافق التشظي السياسي

من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إن المشهد الأسود كان يغطي كلّ مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد ظهر الغياب الحكومي والفراغ الذي يخلفه على مستوى القرارات المصيرية بتفرّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالإعلان عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية، فيما كانت الجلسة النيابية المخصصة للبتّ بالعريضة الإتهامية التي وجهت للوزراء الذين صدرت بحقهم إتهامات في تفجير مرفأ بيروت، صورة مصغرة عن الانحلال السياسي للدولة ومؤسساتها، حيث تشتت صفوف الكتل النيابية وبدا المجلس في حال عجز عن الإنعقاد، بينما تتبارى القوى السياسية والكتل النيابية في مواقف وخطوات تعرف انها لن تغيّر شيئاً في واقع الحال، طالما انها لا تخلق نسبة قوى كافية لترجمتها بخطوات عبر المجلس النيابي او الحكومة، لكنها تعبّر عن التنافس الهادف لملاقاة الإستحقاق الإنتخابي.

ولفتت الصحيفة إلى أنه ووفقاً لمصادر مواكبة لمسار اللقاءات التي تضمّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، فإنّ الحديث عن الإيجابيات مبالغ به وهو أقرب للحديث الإعلامي منه للتعبير عن تقدم حقيقي يتجاوز عقد التأليف التي لا يزال أبرزها عالقاً، كتسمية وزيري الداخلية والعدل وكيفية اختيار الوزيرين المسيحيين ومدى تأثير ذلك على توزانات الحكومة ومسألة الثلث المعطل، بينما ينحصر التقدّم بصرف النظر عن المداورة، وهي أصلاً لم تكن مطروحة لولا توريط الرئيس السابق سعد الحريري للسفير مصطفى أديب بتبنّيها كطريق لعرقلة تأليفه للحكومة واستدراج موقف متمسك من ثنائي حركة أمل وحزب الله بالاحتفاظ بها، وهو ما حصل الى ان طرح الحريري ترشيحه لرئاسة الحكومة متبوعاً بموافقته على خصوصية وزارة المالية، وقالت المصادر انّ جعل الإجتماع المقبل في الأسبوع القادم في هذه الظروف الضاغطة يعني عدم حماسة للمواصلة في البحث انطلاقاً من حجم التباينات والعقد والرغبة بعدم بلوغ الحائط المسدود.

واشارت إلى أن قرار رفع الدعم عن المحروقات الذي أصدره حاكم مصرف لبنان كان الصاعق الذي فجر الأجواء أمس، سواء سياسياً أو شعبياً، لكن دون حلول بديلة فبقيت أزمة المحروقات تخيم عتمة على اللبنانيين، وتهديد بوقف عمل المستشفيات، ولم ينتج عن اجتماع وزراء في حكومة تصريف الأعمال سوى تجميد العمل بقرار الحاكم واعتراف بأنّ العمل بالبطاقة التمويلية ليس جاهزاً بعد.

وقالت انه فيما ادّعى جيش الاحتلال بإسقاط طائرة مسيرة تابعة لحزب الله فوق فلسطين المحتلة، أكد نائب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال مجلس عاشورائي أنّ «رد حزب الله على إسرائيل لاقى التفافاً جماهيرياً واسعاً، وتأييداً حزبياً ومن مختلف الطوائف من ‏خلال التصريحات التي رأيناها من هنا وهناك، واعترض بعض المتوترين طريق المقاومين أثناء عودتهم في ‏بلدة شويا، ولكن هذا الاعتراض هو بالحقيقة وصمة عار على هؤلاء وعلى الذين أيدوهم بالموقف ‏السياسي، ولأن هذا الاعتراض يستهدف إثارة الفتنة، وكان الاعتراض لآلية عائدة من عملية وليس في ‏قلب العملية، فصبر الإخوة بطريقة تصرفهم حتى لا ينجروا إلى الفتنة، ولكن من افتعل هذا الموقف هو الذي أصيب بوصمة عار، وماذا كانت النتيجة؟ سمعنا تحليلات من مسؤولين «إسرائيليين» كبار يعتبرون أن ‏ما حصل في شويا هو دليل وجود شرخ كبير بين المقاومة والشعب اللبناني بفئاته المختلفة. طبعاً هؤلاء رأوا الحادثة التي فشلت، وأيضا يريدون لفت «الإسرائيليين» إلى هذه الحادثة تعويضاً للخسارة الكبيرة التي منيوا بها برد المقاومة وتعطيل أهدافه».‏

وأوضحت الصحيفة أن الساحة الداخلية حفلت بجملة أحداث وتطورات توزعت بين قصر بعبدا وقصر الأونيسكو والقصر الحكومي وفي الشارع على وقع تسارع وتيرة الانهيارات بعد القرار المفاجئ الصادر عن مصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات والتي تداعت الدولة، لا سيما رئاستي الجمهورية والحكومة، لمواجهته وتجميده واحتواء تداعياته الاقتصادية والأمنية التي تظهرت بسلسلة تحركات شعبية في مختلف المناطق، قد تتوسع رقعتها وحجمها ابتداءً من اليوم إذا لم يتراجع المصرف المركزي عن قراره.

وقالت إنه كما فاجأ قرار المركزي المسؤولين في الدولة، أحدث صدمة وحالة إرباك شديدين في الأوساط الشعبية والاقتصادية والتجارية وفوضى عارمة عمت المناطق كافة. حيث هرع المواطنون إلى المحطات للتزود بالمحروقات قبل ارتفاع سعرها، في حين قطعت عدد من الطرقات احتجاجاً على الغلاء الفاحش ورفع الدعم وانقطاع التيار الكهربائي والتقنين القاسي للمولدات الخاصة بعد فقدان مادة المازوت، فيما عمدت بعض المحطات إلى إقفال أبوابها واحتكار المحروقات لبيعها على السعر الجديد بعد رفع الدعم، ما دفع بالأجهزة الأمنية والرقابية للتحرك لتسطير محاضر ضبط في حقها. فيما أفادت مصادر ميدانية لـ»البناء» إلى أنّ بعض مافيات التهريب تعمد بالتعاون مع محطات الوقود إلى «تفوييل» سياراتهم بالبنزين وتفريغها على الحدود الشمالية والشرقية تمهيداً لتهريبها إلى الداخل السوري بطرق مختلفة.

واشارت إلى انه في مؤشر خطير قد يتعمم على مستوى واسع ما يؤدي إلى شلل القطاع الصحي، أعلن مستشفى المقاصد عن «عدم قدرته على استقبال المرضى ومعالجتهم نظراً لانقطاع ماده المازوت عن المستشفى كباقي المستشفيات في لبنان، وعدم توافر الأدوية الأساسية لمرضى غسيل الكلى وأدوية البنج وغيره من الأدوية الضرورية لعلاج المرضى داخل المستشفى وفي قسم الطوارىء».

وقالت إنه كان رئيس الجمهورية رأس اجتماعاً مالياً موسعاً في بعبدا، حضره وزيري المالية غازي وزني والطاقة ريمون غجر وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بحث في قرار الحاكم رفع الدعم عن المحروقات. وذكرت «البناء» أن الحاكم أبلغ عون والحضور أنه غير قادر على الاستمرار في سياسة الدعم إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب يسمح باستخدام التوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية وذلك بسبب نفاذ الاحتياط المسموح استخدامه». كما وأشارت مصادر «البناء» إلى أنّ «عون طلب من سلامة التراجع عن قراره وتأجيله إلى حين تطبيق قانون البطاقة التمويلية نظراً للتداعيات الاجتماعية والأمنية لهذا القرار، إلا أنّ الحاكم جدد التأكيد على أنه لن يتراجع عن قراره إلا بحالتين: تشريع من مجلس النواب تجيز للمصرف استعمال التوظيفات الإلزامية أو تقديم حلول لإقناع سلامة للتراجع عن قراره». ولفتت المصادر إلى أنّ «عون طلب من سلامة التقييد بالسلطة الإجرائية وعدم اتخاذ هكذا قرار خصوصاً أنه يجري العمل على البطاقة التمويلية وغيرها، فأكد سلامة أنّ ما تبقى لديه للأدوية المستعصية ولا يمكن صرفها لدعم المحروقات»، مضيفة: «سلامة أكد أنه صرف ٨٣٠ مليون دولار في شهر واحد على المحروقات وهو مبلغ كبير جداً، وطالب بأن يحصل على غطاء قانوني للمس بالاحتياطي».

ولفتت إلى أنه كما شرح مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي بحسب معلومات «البناء» تداعيات قرار رفع الدعم، مشيراً إلى خطورة توسع أعمال احتكار وتخزين وتهريب المحروقات وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية. إلا أنّ اجتماع بعبدا لم يخرج بقرارات واضحة محيلاً الأمر إلى السراي الحكومي لأخذ توصيات بهذا الشأن.

وأشارت مصادر مطلعة لـ"البناء" إلى أن «سلامة خالف بقراره رفع الدعم القانون الصادر عن مجلس النواب المتعلق بإقرار البطاقة التمويلية وترشيد الدعم لكنه في الوقت نفسه مقيد بقانون يمنع التصرف بما تبقى من احتياطات الزامية في مصرف لبنان ويخالف القانون أيضاً إذا استخدمها، وبالتالي يحتاج إلى قانون من مجلس النواب يجيز له ذلك». إلا أنّ أوساطاً نيابية لفتت لـ»البناء» إلى أن «هذا القانون لن يمر في المجلس إلا إذا وضعت أصول مصرف لبنان وجزءاً من أصول الدولة ضمانة مقابل الودائع».

وكان مصرف لبنان أوضح في بيان أنه «كان قد راسل الحكومة منذ شهر آب 2020 أي منذ نحو سنة، مؤكداً أنه لا يمكن قانوناً المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية لديه. وقد أكد ذلك مراراً بمراسلات أخرى وفي كافة الاجتماعات التي عقدها مع المراجع المعنية بسياسة الدعم، مؤكداً أن المساس بهذه التوظيفات يتطلب تدخلاً تشريعياً. في المقابل، وعلى الرغم من أن مصرف لبنان قد دفع ما يفوق الـ 800 مليون دولار للمحروقات في الشهر المنصرم، وأن فاتورة الأدوية وغيرها من المواد الضرورية قد تضاعفت، فلا تزال كل هذه المواد مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها حتى فيما لو رفع الدعم عنها، ما يثبت ضرورة الانتقال من دعم السلع، التي يستفيد منها التاجر والمحتكر، إلى دعم المواطن مباشرة وهو الأمر الذي يحفظ كرامة المواطنين في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد».

ولفتت إلى أنه نقل الوزراء الذين حضروا اجتماع بعبدا الأجواء إلى الاجتماع الوزاري المصغر الذي عقد في السراي الحكومي برئاسة الرئيس حسان دياب عن بعد وحضور عدد من الوزراء، وبعد نقاش وصاخب بين الوزراء لأكثر من ساعتين خرج وزير الصناعة عماد حب الله لإعلان توصيات الاجتماع وأكد على «أهمية وضرورة استمرار الدعم والبدء بترشيده فور وضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ»، مشيراً إلى «عدم حصول تعديل في أسعار المشتقات النفطية ووجوب توزيعها وفقا لمذكرة وزير الطاقة والمياه».

وحمل المجتمعون بحسب حب الله «حاكم مصرف لبنان مسؤولية التداعيات الكارثية وغير محسوبة العواقب لرفع الدعم»، لافتاً إلى أنّ «المصدر الاساسي لكل الأزمات الراهنة انهيار الليرة نتيجة السياسات المالية المتعاقبة»، مؤكداً «التشديد على وزير الطاقة والمياه ريمون غجر إنجاز الخطوات المتبقية من إتفاقية النفط العراقي التي صدرت الموافقة الاستثنائية بمهلة أقصاها مهلة شهر آب الجاري وبالتوازي تكليفه وضع خطة متكاملة لزيادة التغذية بالتيار الكهربائي بمهلة أسبوع من تاريخه».

وأشارت أوساط وزارية لـ"البناء" إلى أنّ «الحكومة لن تسمح بتمرير هكذا قرار كون سلامة يحاول رمي الكرة في ملعب الحكومة وتحميلنا مسؤولية المشاركة في هكذا قرار لم تجرؤ اي حكومة على اتخاذه، لذلك الحكومة أعادت بتوصياتها وقراراتها الكرة إلى ملعب سلامة»، وطالب عدد من الوزراء خلال الاجتماع باتخاذ أقصى القرارات الممكنة بحق الحاكم لثنيه عن قراره»، وربطت المصادر بين هذا القرار التفجيري وبين التقدم بعملية تأليف الحكومة بهدف التشويش على الأجواء الإيجابية كما جاء عقب انتهاء الحكومة من وضع قانون البطاقة التمويلية موضع التنفيذ، ما يدل على أن قرار سلامة يحمل أبعاداً وأهدافاً سياسية بامتياز.

لفتت إلى أنه من جهتها، أكدت المديرية العامة للنفط في بيان أن «جدول تركيب الأسعار الذي صدر الأربعاء هو السائد والملزم للمنشآت والشركات والمحطات معاً في عمليتي البيع والتوزيع»، موضحة أنّ «أسعار المحروقات التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي ليست دقيقة، بل هي عمليات احتساب مبنية على افتراضات».

وكان دياب وجه كتاباً إلى وزير المالية يطلب فيه إبلاغ حاكم مصرف لبنان أن قراره برفع الدعم عن المحروقات مخالف للقانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية، ومخالف لسياسة الحكومة بترشيد الدعم، مشيراً إلى أنّ «أي قرار برفع الدعم حالياً وبصورة فورية يُشكّل مخالفة واضحة لسياسة الحكومة ولأحكام القانون مجلس النواب، لذلك نطلب إليكم إبلاغ مصرف لبنان بواسطة مفوض الحكومة مضمون هذا الكتاب للعمل بمقتضاه وإجراء ما يلزم بالسرعة القصوى».

وتلقف مناصرو التيار الوطني الحر كلام رئيس التيار النائب جبران باسيل الذي حمل بشدة على سلامة ونفذوا وقفة احتجاجية أمام منزل الحاكم في الرابية رفضاً لقرار رفع الدعم. وأصر المتظاهرون على القوى الأمنية السماح لهم بالدخول إلى باحة منزل سلامة لكن القوى الأمنية حالت دون ذلك.

وأكد باسيل أن «الحاكم هو حاكم المصرف المركزي وليس حاكم الجمهورية اللبنانية ليتصرف وحده بقرارات استراتيجية ومصيرية تمس بالأمن الاجتماعي للبلد وبحياة المواطنين ككل. الحاكم معتاد على هذه السياسة ويطبقها منذ التسعينات وهو الذي قرر وحيدا سياسة الدعم منذ 17 تشرين».

 ودعا باسيل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة والمجلس الأعلى للدفاع والمجلس النيابي أن يقولوا كلمتهم والجميع مسؤول. وقال: «الآن هو الوقت الذي يجب أن يضرب به ميشال عون يده على الطاولة وألا يقبل، وهذا ميشال عون الذي نريده والرئيس الذي نريده وهذه المسؤولية علينا تحملها وإلا نبقى خاضعين لمزاجية شخص أو رغبته او قراره. يكفينا إذلالاً وجوعاً ولننتفض كلنا على ما حصل ونمنعه».

وقالت الصحيفة إنه في غضون ذلك، لم يخرج الدخان الأبيض من قصر بعبدا غداة انعقاد اللقاء السابع بين الرئيسين عون ونجيب ميقاتي الذي غادر مكتفياً بالقول:» إن شاء الله خيراً وسنتابع الأسبوع المقبل». ولفتت مصادر المعلومات إلى أنّ «هناك تقدماً سريعاً في عملية تأليف الحكومة والجو مريح»، لافتة إلى أنه «تم استكمال التفاهم على الوزارات الخدماتية والأساسية التي أصبحت شبه مكاملة والسيادية متفق عليها ببقاء القديم على قدمه»، آملة أن «يتم الدخول في الأسماء الأسبوع المقبل»، مضيفة: «رئيس مجلس النواب بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط كانا متعاونين». وأكدت أنّ « موضوع حقيبة العدل حسمت لجهة أن تبقى من حصة الرئيس ميشال عون».

واشارت إلى أنه كان النهار السياسي افتتح بتأجيل جلسة رفع الحصانات التي كانت مقررة أمس في الاونيسكو، إلى موعد يحدد لاحقاً بسبب عدم استكمال النصاب، وقد بلغ الحضور النيابي 39 نائباً وهم نواب كتلة الوفاء للمقاومة وعددهم 12 نائباً إضافة إلى نواب كتلة التنمية والتحرير وعددهم 17 نائباً فيما حضر ثلاثة نواب من كتلة المردة وثلاثة نواب من كتلة نواب الحزب القومي، كما حضر ثلاثة نواب من كتلة المستقبل وهم النواب بكر الحجيري ومحمد قرعاوي ووليد البعريني، وحضر أيضاً نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي والنائب نهاد المشنوق الذي لم يحتسب بين الحضور إضافة إلى النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر كونهم مشمولين بقرار الادّعاء.

واشارت إلى أنه بعد رفع الجلسة، تناوب النواب المدعى عليهم على الحديث وقال النائب خليل: «لنا إخوة سقطوا ونحن أولياء دم في قضية انفجار مرفأ بيروت ونريد الوصول إلى الحقيقة التي لا يحميها مدعِ بالوكالة عن شركات التأمين ونريد الحقيقة التي لا تتأمن بالشعبوية ورمي الاتهامات على من يريد الالتزام بالدستور.»

وجدد فنيانيوس تأكيد براءته وقال: «لن أستكين أو أستسلم وأترك وسيلة للدفاع عني بالقانون». وأضاف: «كنت أتمنى ألا يحاضرني بالعدالة أصحاب السوابق واللاهثين وراء أصوات انتخابية».

وقال المشنوق: «سأتّصل برئيس القلم لدى المحقق العدلي ليحدد لي موعدا لأدلي بإفادتي في قضية انفجار المرفأ حتى لو لم يرفع مجلس النواب الحصانة عني.» وتابع: «ما فعله أهالي شهداء مرفأ بيروت هو شعبوي ولا يوصل إلى الحقيقة .»

وأبلغ المشنوق القاضي بيطار عبر أمانة السر استعداده للمثول بالصفة التي يقررها بيطار لكن الأخير رفض، وعللت مصادر قانونية ذلك بأن بيطار لن يستمع للمنشوق كشاهد فيما هو مدعى عليه. وبالتالي يجب رفع الحصانة عنه قبيل استدعائه.

وكان أهالي الشهداء تجمعوا أمام قصر الأونيسكو بالتزامن مع الجلسة لمنع انعقادها.

وأشارت مصادر نيابية لـ"البناء" إلى أنه كان متوقعاً عدم اكتمال النصاب.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في ظل غياب الكتل الأربعة «التيار الوطني الحر» و»القواتط و»المستقبل» و»الاشتراكي» وذلك لأسباب انتخابية شعبوية بحتة فيما حضر نواب المستقبل الثلاثة نتيجة الاتصالات التي حصلت مع الحريري. وأوضحت المصادر أنّ العريضة النيابية لا تحجب رفع الحصانة واحدى الاجتهادات تؤكد ضرورة تلازم مناقشة العريضة وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية مع رفع الحصانة. وعن خيارات الرئيس نبيه بري، لفتت المصادر إلى أن لا خيارات لأن الآلية الدستورية والقانونية واضحة. مضيفة أن الأمر يحتاج إلى جلسة ثانية سيدعو إليها قريباً.

وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في مؤتمر صحافي عقده في كليمنصو: «كنت أول من دان انفجار المرفأ وأول من طالب آنذاك بلجنة تحقيق دولية واستقالة الحكومة، والجواب من بعض الذين نشطوا في هذا الملف هو إنكار موقف الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي، ووصل الحقد عند هذه المجموعات إلى أنها تمنت لنا الموت». وأعلن جنبلاط، أنه «كلف الرئيس نجيب ميقاتي باختيار الوزارة المناسبة للشريحة التي نمثل، وهو من يقرر بالتعاون مع رئيس الجمهورية».

واعتبر أن قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «ما في مهرب منو» وذلك لوقف التهريب إلى سورية والحل بالبطاقة التموينية وتطوير النقل العام». وعن إشكال شويا، قال: «إننا نعالج موضوع شويا مع الجيش».

 وبالنسبة إلى حادثة خلدة، أعلن جنبلاط أن «بعض عشائر خلدة لم يف بتسليم المطلوبين»، وقال: «أخذت قراراً بأن انسحب من الموضوع وأتركه للتحقيق للجيش والجهات الأمنية، وأشدد على ضرورة تسليم المطلوبين».

وأفادت معلومات عن تسليم ٥ شبان من عشائر العرب شاركوا في أحداث خلدة الأخيرة.

"النهار": السلطة تستبيح بقايا الإحتياط الإلزامي

صحيفة "النهار" قالت من ناحيتها، إنه إذا صحت المعلومات التي تحدثت عن تقدم جدي تحقق في توزيع الحقائب الوزارية ضمن المسودة الحكومية التي نوقشت أمس في اللقاء الثامن بين رئيس الجمهورية  ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، فإن هذه المعلومات، على دلالاتها الإيجابية، حجبتها المهزلة السلطوية الجديدة التي تفجّرت امس على أيدي رموز السلطة في أسوأ مهرجان للخداع الذي تمارسه هذه السلطة حول ملف رفع الدعم عن المحروقات.

ولفتت إلى أن معظم المراقبين السياسيين والماليين المستقلين تحدثوا عن فضيحة مخزية في مجريات الساعات الأخيرة التي بدت في ظاهرها إنفجاراً للصراع بين السلطة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية وفريقه ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من جهة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جهة أخرى. ولكنّ الحقيقة في جوهرها تتمثل في ان السلطة السياسية مارست أسوأ أصناف الخداع حين تنكرت لتلقيها عشرات الإنذارات المسبقة من حاكم مصرف لبنان حول بلوغه الخط الأحمر في تمويل المحروقات واستحالة المس بالاحتياط الالزامي الذي يجسد بقايا الودائع المصرفية للمودعين.

واشارت إلى انه اذا كان سلامة قد ارتكب خطأ تنكبه منفرداً لقرار وقف الدعم عملياً للمحروقات بعد مشاركته في حيز من اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الأربعاء الماضي، حيث اخضع لاستجواب من الرئيس عون، اكد خلاله عدم امكان المضي بعد اليوم في سياسة دعم المحروقات، فان ذلك لم يستر الفضيحة السلطوية التي انبرى عبرها العهد ورئيس الحكومة المستقيلة الى ركوب الموجة المخادعة الشعبوية على اثر صدور "امر العمليات الشعبوي" عن رئيس تيار العهد وصهره النائب جبران باسيل بشن الهجوم على سلامة وتحميله منفرداً تبعة الاجراء الجراحي الأصعب. ولم تقف الفضيحة عند حدود تنكر السلطة برأسيها المسؤولين عن التأخر المتمادي في اعتماد الأطر التنفيذية للبطاقة التمويلية، كما في اتخاذ الإجراءات الضرورية الأخرى لتمرير قرار رفع الدعم بحد معقول من التداعيات، بل انكشف الامر عن صراع حاد تخوضه السلطة  مع حاكم  المركزي لإرغامه على التصرف بالاحتياط الالزامي في تمويل المحروقات ولو أدى الامر الى استنزاف آخر ما بقي من ودائع موعودة ومجمّدة للمواطنين.
 
واضافت مع ان الملف تم البحث فيه اول من امس في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع، وافيد ان المجتمعين كلهم تبلغوا خبر اضطرار سلامة لوقف دعم المحروقات ولم يعترضوا، رأس عون امس اجتماعاً  في بعبدا حضره وزير المال غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بحث في قرار الحاكم رفع الدعم عن المحروقات. وافيد ان سلامة أبلغ عون أنه غير قادر على الاستمرار في الدعم إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب يسمح باستخدام التوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية. 

واشارت "رويترز" الى ان الحاكم لم يتراجع عن قرار وقف دعم الوقود خلال اجتماعه مع الرئيس عون ويصرّ على سن قانون يسمح باستخدام الاحتياط الإلزامي. ولكن عون الذي اعتبر أن المجلس الأعلى للدفاع لم يتخذ أي قرار يتعلق برفع الدعم الذي هو أصلاً خارج اختصاصه، طالب سلامة التزام التنسيق في أي اجراء يتخذه مع السلطة الإجرائية. ولوحظ ان اجتماع القصر جاء بعد قليل من حملة شعواء شنها النائب جبران باسيل على سلامة واتهمه فيها بـ "الانقلاب" على قرارات السلطة السياسية "وبتنفيذ حرب اقتصادية" كما تداعى انصار التيار العوني للتظاهر مساء امام منزل سلامة.  
 
دياب يرد! 
واشارت الصحيفة إلى أنه في اطار الحملة نفسها سارع الرئيس حسان دياب من مكان حجره الصحي الى عقد اجتماع وزاري في السرايا لمناقشة قرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم وحاول غسل يديه وتبرئة ذمة حكومته من كل الظروف التي تسببت بها في بلوغ الكارثة وشن بدوره حملة على سلامة قائلا ان حاكم مصرف لبنان "اتخذ هذا القرار منفرداً، والبلد لا يحتمل التداعيات الخطيرة لهكذا قرار. هذه التداعيات ستطاول كل شيء: لقمة عيش المواطنين، وصحتهم، والاقتصاد وأيضاَ مؤسسات الدولة التي ستكون مربكة في التعامل مع واقع جديد غير جاهزة له، فضلاً عن الرواتب وحضور الموظفين.. واليوم، سيكون علينا جميعاً، في أي موقع، العمل بكل طاقاتنا من أجل احتواء قرار رفع الدعم وتقليل أضراره الكبيرة".

وقالت إنه بدا لافتا ان دياب ذهب بعيداً في محاولة تبرئة ذمته من تداعيات السياسات التي تولتها حكومته، فأطلق ما يشبه ادانة ومحاكمة لسلامة بالكامل عبر بيان جاء فيه ان الاجتماع "تطرق إلى القرار المفاجئ وغير المسؤول لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفع الدعم عن المحروقات والذي سبق إصدار البطاقة التمويلية والمرحلة الإنتقالية الضرورية لرفع الدعم. وعليه حمّل المجتمعون سلامة ومجلسه المركزي التداعيات الكارثية وغير المحسوبة العواقب بقرار أحادي من جانب المصرف" وقرر المجتمعون :
 
"أولًا: تأكيد أهمية وضرورة استمرار الدعم والبدء بترشيده فور وضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ وإجراء المقتضى لإيجاد السبل الكفيلة قانونًا لمواصلته في المرحلة الحاضرة مع تحميل الجهات الرقابية والأمنية المسؤولية لإيصال الدعم إلى المواطن وأن يتولى القضاء مسؤولية المحاسبة.
 
ثانيًا: البدء فورًا بتطبيق قانون البطاقة التمويلية وخاصة بعدما تم إقرار آلية تنفيذه ضمن المهلة القانونية وإجراء الترتيبات اللازمة لإطلاق المنصة بالسرعة القصوى.
ثالثًا: التشديد على وزير الطاقة والمياه إنجاز الخطوات المتبقية من اتفاقية النفط العراقي وذلك بمهلة أقصاها نهاية شهر آب الجاري، وبالتوازي تكليفه وضع خطة متكاملة من شأنها تحسين زيادة التغذية بالتيار الكهربائي بمهلة أسبوع من تاريخه، اضافة إلى الطلب من مصرف لبنان تأمين الأموال اللازمة لإصلاح وصيانة الأعطال الضرورية في الشبكة وفي معامل إنتاج الكهرباء للإستفادة من النفط العراقي.
 
رابعًا: تأكيد عدم حصول أي تعديل في أسعار المشتقات النفطية ووجوب توزيعها وفقًا لمذكرة وزير الطاقة والمياه ذات الصلة.
خامسًا: تكليف الوزارات المختصة إعداد تصور من شأنه أن يميّز بين الدعم لجميع أنواع المحروقات المختلفة كأن يكون مثلًا هنالك سعر للبنزين 98 أوكتان غير مدعوم وآخر للبنزين 95 أوكتان مدعوم.
 
سادسًا: الإتفاق على الإسراع بتنفيذ مشروعي وزير المال الأول المتعلق بزيادة بدل النقل والثاني المتعلق بمنح المساعدات الاجتماعية لموظفي الإدارة العامة مهما كانت تسمياتهم الوظيفية وذلك قبل نهاية شهر آب الجاري".
 
ولفتت "النهار" إلى أنه واكب الاشتباك بين السلطة السياسية ومصرف لبنان تفشي فوضى عارمة في مختلف المناطق مع اقفال المحطات أبوابها وعدم تسليم الشركات أي كميات من المحروقات واشتداد الازمة فيما اتسعت عمليات قطع الطرق الرئيسية والفرعية في معظم المناطق وتمددت ليلا من الشمال الى اوتوستراد جل الديب كما الى الجية وصيدا جنوبا. واقتحم متظاهرون ليلا محطة لتحويل الكهرباء في صيدا فيما توجهت مجموعة متظاهرين الى دارة النائبة بهية الحريري. 
 
تقدم جدي؟ 

وقالت الصحيفة اما في الملف الحكومي فان اللقاء الثامن بين عون وميقاتي امس في بعبدا انتهى الى تصريح مقتضب للرئيس المكلف الذي اكتفى بالقول "ان شاء الله خير وسنتابع الأسبوع المقبل". وأفادت المعلومات عن اللقاء ان الجو كان إيجابياً وحصل تقدم فعلي اذ اقترب البحث بين عون وميقاتي من انهاء توزيع الحقائب على الطوائف وعلى الجهات السياسية ودخلا في مرحلة اسقاط الأسماء. وأفادت المعلومات ان ميقاتي سيخصص الأيام الفاصلة عن اللقاء التاسع الذي سيعقد مطلع الأسبوع المقبل لاستكمال مشاوراته مع القوى السياسية. وتحدثت معلومات أخرى ان التفاهم استكمل حول الحقائب الخدماتية والأساسية فيما هناك تفاهم على إبقاء القديم على قدمه بالنسبة الى الحقائب السيادية. كما اتفق على ان تبقى حقيبة العدل من حصة رئيس الجمهورية. 
 وذهب بعض الترجيحات المتفائلة الى توقع انتهاء التشكيلة الأسبوع المقبل.
 

المحروقات

إقرأ المزيد في: لبنان