يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

الفيول العراقي: بنود الاتفاقية.. كيفية تنفيذها وحجم الاستفادة الفعلية
02/08/2021

الفيول العراقي: بنود الاتفاقية.. كيفية تنفيذها وحجم الاستفادة الفعلية

د. محمود جباعي

كما هو معروف وقع لبنان ممثلاً بوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر اتفاقًا مع العراق بهدف الحصول على الطاقة من العراق مقابل تقديمه خدمات وسلعًا تستفيد منها الدولة العراقية. وبلا أدنى شك يعتبر هذا الاتفاق مفيدًا للبنان خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تعاني منها البلاد والشح الحاصل في موارد الطاقة على شتى أنواعها. ولكن بالتأكيد لا يعتبر حلًا جذريًا للمشكلة اللبنانية الكبيرة والمتراكمة في هذا المجال منذ عشرات السنوات. أما بالنسبة للعراق، فتعتبر الاتفاقية جيدة في حال حصوله على خدمات صحية لبنانية أو سلع يمكن أن تغطي بعض حاجاته الاستهلاكية.

بنود الاتفاقية

كشفت المصادر المتابعة للاتفاق عدة بنود يمكن تلخيصها بما يلي:

1- مدة الاتفاق هي سنة واحدة.

2- يحصل لبنان على شحنتي فيول عراقي كل شهر.

3- اجمالي كمية الفيول العراقي الثقيل التي سيشتريها لبنان هي مليون طن لصالح مؤسسة كهرباء لبنان.

4- يقدم لبنان بالمقابل للعراق خدمات استشارية واستشفائية وبعض السلع الاستهلاكية.

كيفية تنفيذها

وبالتعقيب على بنود الاتفاق وبعد الدخول بالتفاصيل التقنية للفيول العراقي المستورد يتبين أن هذا النوع من الوقود الثقيل غير صالح للاستعمال بشكل مباشر في معامل الطاقة اللبنانية، وهذا يعني أنه غير قابل للاستخدام بشكل مباشر وسريع وعلى الدولة اللبنانية أن تسعى من خلاله الى ايجاد نوع آخر من الفيول يتوافق مع طبيعة المعامل اللبنانية من شركات خارجية يمكن لها الاستفادة من هكذا نوع من الفيول على أن تعطي مقابله كمية محددة للبنان لاستعمالها في تشغيل الطاقة الكهربائية. هذا الأمر يحتاج الى فتح باب المناقصات أمام عدة شركات للوصول الى الهدف المنشود، ولكن حتى الآن لم يعلن عن موعد المناقصة أو عن الآلية المعتمدة في عملية هذا التلزيم، وهذا ما ينذر بأن الوقت ليس قريبًا جدًا لاستفادة لبنان من هذا الاتفاق علمًا أن لبنان يحتاج إلى كل مصدر طاقة في ظل العتمة شبه الكاملة التي يعاني منها المواطنون.

حجم الاستفادة الفعلية منها

الجدير ذكره أن لبنان اذا استغل كل الكمية المستوردة وبالطريقة المثلى سوف يلبي ثلث حاجاته من الفيول المعد للطاقة الكهربائية. وهذه الكمية إن وجدت ستقدم خلال فترة 4 أشهر بين 9 و10 ساعات من الكهرباء يوميًا كحد أقصى وهذا يعتبر جيدًا نسبيًا بالمقارنة مع ما يشهده لبنان منذ فترة من توقف للمحطات الكهربائية عن العمل بشكل شبه كامل بسبب شح مادة الفيول بعد تأخر مصرف لبنان في فتح اعتمادات الاستيراد، حيث تصل مدة انقطاع الكهرباء يوميًا في لبنان الى 22 ساعة تقريباً. وتبقى نسبة استفادة المواطنين مرهونة بعملية تسريع المناقصات وتأمين بدائل عن الفيول المستورد، ومرتبطة بكمية الفيول التي سيحصل عليها لبنان بعد استبدالها بالوقود الثقيل العراقي.

ولكن اذا ما نظرنا الى حجم المشكلة وحاجات المواطنين الفعلية يعتبر هذا الاتفاق غير كاف ولا يلبي طموحات اللبنانيين وحاجاتهم في مجال الطاقة، خاصة أن ملف الكهرباء وانقطاعها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأزمة الاقتصادية في كافة القطاعات التي تحتاج جميعها الى تأمين مستدام للتيار الكهربائي من أجل تخفيض كلفة الانتاج وتأمين انتاجية مرتفعة لقطاعي الصناعة والزراعة، ويرتبط بحياة المواطنين اليومية وحاجتهم للكهرباء بشكل دائم حيث يدفع كل منهم مبالغ طائلة للحصول عليها من أصحاب المولدات والذين بدورهم اليوم يطفئون مولداتهم بسبب الشح في مادة المازوت التي يحتكرها كارتيل المحروقات.

ملاحظات على الاتفاقية

في ظل غياب المحاسبة والرقابة في لبنان وخاصة في ظل تجاربنا السابقة مع المناقصات وعمليات الاستيراد، ومع سيطرة الكارتيلات ومن يدعمها وسعيها المستمر لافشال أي محاولة للاستيراد من الخارج لا تمر عبرها وتؤثر على ارباحها، يجب أن نركز على عدة ملاحظات قد تعرقل الاتفاق، أبرزها:

1- إن تفاصيل عملية التبادل غير واضحة حتى اليوم، وكذلك الجهة التي ستنفذها وستقوم بالمناقصة، وبناء عليه فإن عملية التنفيذ بشكل صحيح غير مضمونة النتائج خاصة من خلال وجود كارتيل نفط يمكن أن يسيطر هو على عملية التبادل ويحتكر السوق كما يحصل الى اليوم في كل المناقصات السابقة.

2- يجب التأكد أن الفيول البديل هو مطابق بنسبة 100 بالمئة للمعامل اللبنانية حتى لا تتعثر عملية التغذية الكهربائية لفترات طويلة وحتى لا نخسر قيمة هذا الفيول.

3- إن الكمية المستوردة غير مضمونة الفعالية تقنيًا لأن كل الأرقام هي عبارة عن فرضيات ومن الممكن أن لا تغطي هذه الكمية ثلث الحاجة الكهربائية بل أقل من ذلك، لذا على الجانب اللبناني أن لا يبني على فرضيات الأرقام بل أن يبني فقط على النتائج العينية.

مؤسسة كهرباء لبنان

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات