يوميات عدوان نيسان 1996

نقاط على الحروف

الخطأ الصهيوني القاتل في الرهان على انهيار لبنان
12/07/2021

الخطأ الصهيوني القاتل في الرهان على انهيار لبنان

إيهاب شوقي
ربما لا يدرك العدو الإسرائيلي الذي يلعب بنيران كثيرة هذه الأيام أن الخطأ القاتل له يكمن في العبث بالنيران اللبنانية، حيث يحاول الدخول على خط المزايدات وتأجيج الفتن معولا على معادلات جديدة لن تتحقق له.

وقبل استكشاف وتوقع المعادلات الجديدة التي يحاول العدو الوصول لها، ينبغي مراقبة تصريحات العدو وسلوكه، للفهم والوصول لمعادلاته وأوهامه:

1ـ في الرابع من آب/ يوليو الجاري، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس عن استعداد "إسرائيل" لمد يد العون للبنان، مشيرا إلى أن "تل أبيب" مستعدة للعمل لدى دول وجهات دولية لكي تساعد لبنان في الخروج من أزمته الحالية.
وقال غانتس بخبث شديد: "القلب يعتصر لمشاهدة صور الجياع في الشوارع اللبنانية"، وأضاف: "مستعدون حاليا للعمل لدى دول وجهات دولية لكي تساعد لبنان في الخروج من الأزمة الحالية نحو النمو والازدهار" .
وتابع قائلا إن "إسرائيل" انسحبت من لبنان بهدف إنهاء النزاع، معربا عن اعتقاده بأنه "لولا حزب الله والنفوذ الإيراني لحل السلام بين البلدين، معتبرا أن "حزب الله يحاول تكثيف وزيادة النفوذ الإيراني في لبنان مستغلا الأزمة الاقتصادية والسياسية التي كان من العوامل التي سببتها".

وهنا لنا ملاحظات شكلية وأخرى جوهرية.

شكليا: ليس من اختصاص وزراء الحرب الحديث في الامور المتعلقة بالازمات الاقتصادية او السياسية، ولو كان مسموحا للعدو بالتعليق على الازمة اللبنانية، فهو من اختصاص رئيس الوزراء أو وزير الخارجية، أو وزير الاقتصاد، ولكن الحديث الموجه من وزارة الحرب الإسرائيلية هي بمثابة سقطة توضح تناقض الخطاب الصهيوني وتكشف زيفه، باعتبار أن التعليق جاء ممن يتولى الملف اللبناني، وهي وزارة الحرب، وبالتالي هو اعتراف بالعداء لكامل الدولة اللبنانية، مهما حاول بخبث التفريق بين الدولة وبين المقاومة.

جوهريا: فإن خطاب غانتس مفضوح ومكشوف، وبمعزل عن المغالطة الواضحة التي افترضت ان هناك قبولا شعبيا وسياسيا عاما بالاعتراف بالعدو وأن المقاومة فقط هي من تعاديه،  فهو تصريح واعتراف بأن الجهات الدولية تحاصر لبنان للإيقاع بين المقاومة والدولة والقطاعات الشعبية المطحونة، وأن العدو يمكنه التوسط لجعل لبنان "سويسرا الشرق" لو أنها تخلت عن نهج المقاومة واقدمت على الاستسلام والتطبيع!

2ـ في احدث جلسات الحكومة الصهيونية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، "نفتالي بينيت": "إن الدولة اللبنانية على حافة الانهيار".
ونشرت صفحة "إسرائيل بالعربية"، الناطقة بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، تغريدة لها نقلت بها على لسان "بينيت"، أن "اللبنانيين يدفعون ثمنا باهظا بدعوى استيلاء إيران على دولتهم".

ونشر عوفير غندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء، تغريدة له على حسابه الرسمي على "تويتر"، أكد من خلالها أن رئيس الوزراء، "نفتالي بينيت" يتابع الأوضاع في لبنان عن كثب، خاصة بعد ضبط عملية تهريب مسدسات من لبنان إلى بلاده، وفقا للمزاعم الصهيونية.

وهنا يبدو العدو أكثر صراحة ومكاشفة، حيث يحاول توجيه رسائل في أكثر من اتجاه، حيث الرسالة الموجهة للبنان هي أن المشكلة تكمن في وجود مقاومة وهو ما يجر عليكم الخراب والحصار إذا لم تتخلصوا من عقيدة المقاومة وإذا لم تنزعوا عنكم درعكم الحامي!
والرسائل باتجاه الدول العربية الأخرى، وهي أن أي بلد سيحتضن المقاومة أو تبزغ فيه أي مقاومة، سيكون مصيره الحصار والانهيار.
ناهيك عن المزاعم بالتهريب والتي تحاول الإيهام بأن هناك ازمة شخصية للمقاومة تحاول تصديرها للخارج!

هنا نحن بصدد رصد تناغم بين ما يقوله العدو، وبين مقولات وتصريحات في الداخل اللبناني، وهو ما يشي بتنسيق، حيث يصعب التطابق الصريح في الرؤى بين قوى من المفترض انها عربية لبنانية وبين العدو الصهيوني لهذا الحد!

كما أن السيطرة الايرانية المزعومة أو سيطرة حزب الله المفتراة على الداخل اللبناني لا تستند إلى أي دليل أو حتى شواهد، حيث قدمت المقاومة كافة التنازلات عن حقوقها الخاصة المشروعة حرصا على المصلحة العامة وانطلاقا من المسؤولية الوطنية، وطالبت الجميع بأن يخاطبوا أصدقاءهم لتوفير البدائل والحلول بما فيها الحلول الأمريكية. ومن المعلوم أن أمريكا هي أعدى أعداء ايران والمقاومة!
وبالتالي فإن المطلوب اسرائيليا وامريكيا هو الفتنة والاحتراب الأهلي الصريح، أو تسليم المقاومة لسلاحها واعلانها التوبة عن المقاومة والاعتراف بالعدو!

وبالطبع يعلم الجميع أن المقاومة لن تفعل ذلك ولن تقدم أي تنازل فيما يتعلق بالثوابت، فهي لا تقدم أي تنازلات الا فيما يتعلق ربما بحقوقها الشخصية، وبشكل طوعي منبعه الايثار، لذا فإن الرهان الغربي والاسرائيلي الوحيد هو على الفوضى!
وهنا يكمن الخطأ القاتل للعدو الاسرائيلي وأمريكا، ومن خلفهم الذيول العربية التي تتصور أنها يمكن أن تؤجج حربا أهلية لبنانية بدعمها لبعض الأطراف ومساهمتها في الحصار وإيصال الوضع للانهيار.
فهل يتصور هؤلاء جميعا أن المقاومة ستخضع لمنطقهم وتنجر لمخططهم وتستهلك سلاحها وأرواح مقاتليها في الداخل وتعيد لبنان إلى أتون الحرب الأهلية؟

ترى هل يخفى على هؤلاء رد الفعل الطبيعي للمقاومة في حال وصول الاوضاع للانهيار؟ وهل لا يعلمون من عقيدة المقاومة وتاريخها، أن رد الفعل الطبيعي هو فك الحصار عبر القوة، وتوجيه السلاح للعدو الذي يحاصر البلاد ويقودها للانهيار؟

ان المقاومة لا تفتعل الحروب لتصدير الازمات السياسية كما يفعل العدو الصهيوني، ولكن الامور هنا ليست ازمة سياسية، وانما قضية حياة أو موت لبلد وشعب كامل، وبالتالي فإن الغضب لن يتجه للداخل بل للخارج باتجاه العدو الصهيوني والامريكي ومصالحهم وسيتجه الجهد لانقاذ البلاد مهما كانت التداعيات، حتى لو ثمنها حرب اقليمية.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف