ramadan2024

خاص العهد

14/06/2021

"الكابيتال كونترول" نقطة البداية لإعادة تنظيم الوضع الاقتصادي والمصرفي

منذ اندلاع أزمة النقد والمصارف في لبنان، كان يُشار الى ضرورة إصدار قانون "كابيتال كونترول" يضع ضوابط استثنائية وينظّم العمليات المصرفية. إلا أنّ الاقتراح خضع حينها لاختلاف في وجهات النظر أخّرت العمل على إقرار هذا النوع من القوانين. وعلى قاعدة "أن تأتي متأخرًا خير من أن لا تأتي أبدًا" جرى العمل على مشروع قانون "كابيتال كونترول" أُقر قبل أيام في لجنة المال والموازنة بانتظار أن يمر في لجنة الإدارة والعدل وربما في اللجان المشتركة اذا حصل خلاف حياله، قبل المصادقة عليه في الهيئة العامة لمجلس النواب. 

وبموازاة العمل على إقرار قانون "الكابيتال كونترول" صدرت تصريحات عن مسؤولين في صندوق النقد الدولي تعتبر أن لا حاجة لأن يطبق لبنان قانون ضبط رأس المال "الكابيتال كونترول" الآن دون دعم أو سياسات ملائمة مالية وأخرى لسعر الصرف. هذه التصريحات أدرجها البعض في خانة "نعي" لبنان ماليًا واقتصاديًا، وإبقاء جميع المودعين تحت رحمة تعاميم مصرف لبنان. 

 عكوش: إلغاء إقرار "الكابيتال كونترول" معناه أننا ذاهبون باتجاه تصفية الودائع 

الخبير الاقتصادي الدكتور عماد عكوش يقرأ في التصريحات التي صدرت عن صندوق النقد الدولي فيشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنها تعني الخضوع الكامل لتعاميم مصرف لبنان. برأيه، عندما نخضع بشكل كامل لتعاميم مصرف لبنان معناها أننا لم نعد نعمل على إعادة تنظيم وتفعيل القطاع المصرفي، فوحده "الكابيتال كونترول" من يفعّل القطاع المصرفي وينظّم العلاقة ما بين المودعين والمصارف وهذا ما حصل في كل دول العالم. وفق عكوش، عندما نُلغي إقرار "الكابيتال كونترول" معناها أننا ذاهبون باتجاه تصفية الودائع التي تشكّل أهم أصل من أصول المصارف. 

"الكابيتال كونترول" نقطة البداية لإعادة تنظيم الوضع الاقتصادي والمصرفي

ورغم تشديده على أهمية قانون "الكابيتال كونترول"، إلا أنّ عكوش يؤكّد أنّ إقراره بمفرده لا ينفع. يجب أن يترافق الإقرار مع إصلاحات مالية واقتصادية لناحية محاربة الفساد وتنظيم الأموال. وفق حساباته، لا يكفي إقرار قانون "الكابيتال كونترول" وإبقاء الدعم على السلع والأساسيات. إبقاء الدعم يعني صرف ما تبقى من ودائع من العملات الأجنبية الموجودة في مصرف لبنان. ولا يُنكر عكوش أنّ صندوق النقد يئِس من إمكانية تطبيق الطبقة السياسية في لبنان للإصلاحات، لذلك كان التصريح بمثابة إنذار للطبقة السياسية بأنّ الوضع غير سليم وذاهبون باتجاه المزيد من التأزم. 

"الكابيتال كونترول" يجب أن يترافق مع خطة اقتصادية كاملة لتطبيق الإصلاحات

يرى عكوش أنّ قانون "الكابيتال كونترول" يُشكّل نقطة البداية لإعادة تنظيم الوضع الاقتصادي والمصرفي في أي دولة حصلت فيها أحداث شبيهة بالدولة اللبنانية. طُبّق هذا القانون في العديد من البلدان كاليونان، قبرص ومصر. هذه الدول تعرّضت لأزمات مالية ومصرفية ولم تتمكن من الخروج من أزماتها الا من خلال إقرار قانون "الكابيتال كونترول" الذي يتعاطى بضبط التحويلات المالية وتنظيم العلاقة ما بين المودعين والمصرف والسحوبات. ويُشدّد عكوش على أنّ قانون "الكابيتال كونترول" يجب أن يترافق مع خطة اقتصادية كاملة لتطبيق الإصلاحات. هذه الخطة ضرورية لإنجاز عملية تقييم الخسائر. 

لكن عكوش يلفت الى أنّ فعالية هذا القانون تتوقّف على الطريقة التي يُنجز فيها. لا نستطيع أن نطرح أي قانون "كابيتال كونترول" كيفما كان. بكل صراحة القانون الذي أُنجز لغاية اليوم -يقول عكوش- تحاول من خلاله الطبقة السياسية أن تترك الاستنسابية مع القطاع المصرفي. هذه الاستنسابية تصب في مصلحتها وتُمكّنها من الضغط على المصارف بالاعتماد على نفوذها السياسي وغير السياسي لتهريب الأموال ربما. يوضح عكوش أنّ القانون لم يحدّد أرقامًا بل تركها مفتوحة، فالتحويلات تتراوح ما بين وبين وتحرير الودائع ما بين وبين، وبهذا تُركت الاستنسابية مفتوحة وهي أخطر مادة يتضمنها قانون "الكابيتال كونترول" لأنها تولّد المشاكل بين المودعين والمصارف نظرًا لتعامل المصرف مع زبون بطريقة مختلفة عن الزبون الآخر.

وفي سياق متصل، يلفت عكوش الى التصريحات الفرنسية التي تحدّثت عن إنشاء صندوق خدمات عامة للبنان. برأيه، فإنّ هذا الصندوق بمثابة انتداب، فعندما تذهب الوصاية على الخدمات التي تقدمها عادة الدولة من محروقات وصحة ونقل وغيره الى صندوق تتولاّه دولة أخرى لأجل هذه الغاية معناه أنه أصبح علينا انتداب مالي، وهذا الأمر خطير جدًا على السيادة اللبنانية وقد يتعداه الى انتداب سياسي وقضائي وغيره.

مصرف لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد