ramadan2024

نقاط على الحروف

اعلام الاستسلام والتطبيع:
28/05/2021

اعلام الاستسلام والتطبيع: "غزة لم تنتصر"

سعد حمية

قُدّر للبنانيين والفلسطينيين الاحتفال بمناسبتين مترابطتين في شهر آيار/مايو الجاري، الأولى انتصار فصائل المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي بعدما شهرت "سيف القدس" لتشطر هيبة وجبروت الجيش الاسرائيلي وتنتصر عليه، والثانية، الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لتحرير جنوب لبنان وبقاعه الغربي من دنس الاحتلال الاسرائيلي، ليصبح هذا الشهر، شهر الانتصارات بعدما كان سابقاً رمزاً للهزيمة والانكسار في وجدان الأمة العربية والاسلامية لأن فيه ذكرى اغتصاب فلسطين في الخامس عشر منه. وللمفارقة كان الاسرائيليون يحتفلون بهذه الذكرى خائفين مترقبين في غرفهم المحصنة مع انبعاث أمل فلسطيني جديد بامكانية إنهاء هذا الاغتصاب قريباً بإذن الله.

والحديث عن الانتصار، سواء بالنسبة لمعظم اللبنانيين أو الفلسطينيين أمر واقع يحتاج المزيد من الجهود والوقت ليُستكمل بالانتصار الكبير بدحر الاحتلال عن كامل تراب فلسطين، لكن هذا الأمر للاسف بالنسبة لعدد من الانظمة الخليجية ودول محور الاستسلام والتطبيع ليس إلا شعاراً للتوظيف تستخدمه فصائل ودول محور الممانعة.

وهذا ليس تجنياً أو افتراء، إنما هو وليد متابعة وقراءة طروحات وسائل الاعلام الخليجية والسعودية التي ناقشت انتصار غزة خلال العدوان الاخير، كما ناقشت سابقاً تحرير جنوب لبنان وانتصار المقاومة عام 2006 وسخفت صمود اللبنانيين وضخمت الخسائر لإشاعة مشاعر الهزيمة والاحباط في نفوس اللبنانيين، وهو ما تكرر بشكل لافت خلال ايام العدوان على غزة.

وقد حفلت وسائل الاعلام الخليجية والسعودية خصوصاً بطروحات غريبة عجيبة لا يتصورها أي عاقل وبعضها لا يخلو من الطرافة، فصحيفة "إيلاف" الالكترونية رأت انه "على الفلسطيني نزع الاحتلال الإيراني في فلسطين حتى يمكث في سلام"! وهذا الامر ليس مستغرباً، فالمنطق نفسه استخدمه بعض اللبنانيين للمواجهة المزعومة مع ايران التي لطالما دعمت المقاومة في لبنان وفلسطين بالموقف والسلاح على عكس الرياض التي دأبت على إدارة ظهرها لكل ما يمت للمقاومة منذ خمسينيات القرن الماضي!.  

أكثر من ذلك، إن بعض وسائل الاعلام السعودية انتقدت "حماس" و"الجهاد" انطلاقا من خلفياتها العقائدية، وظهر ذلك في اكثر من وسيلة اعلامية تجمعها المجاهرة بالعداء لـ"الاخوان" وايران ويقدانهما على العداء لـ "اسرائيل"، لا بل إن بعضها اعتبر "اسرائيل" معتدى عليها!! وها هي صحيفة "إيلاف" في اول أيام العدوان تقول ان "من اعتدى هو الحشد الشعبي الإيراني والجيش الفلسطيني المجند له على إسرائيل وعلى الشعب الفلسطيني المسالم، فالجيش المجند من قبل ايران الإرهابية يوهم بتحرير القدس، فهذه ظاهرة منظمات الإرهاب من أجل خداع المسلمين العرب كما تماماً جماعة الاخوان"!!

أما صحيفة "عكاظ" فاتهمت حماس الاخوانية التي تدين بالولاء للحرس الثوري الإيراني بافتعال المعركة! بينما تأسفت "الوطن" البحرينية لأن الرأي العام العربي ينساق عاطفياً من قبل جماعات متطرفة تابعة للإخوان المسلمين والنظام الإيراني!
كما انساقت وسائل الاعلام الخليجية لتبرير سلوكها، فرأت في تحليلات عدة أن "المعضلة الكبرى التي تؤثر على النضال الفلسطيني هي اصطفاف المقاومة مع جهات خارجية ضد عمقها العربي تحديدًا.. إيران وتركيا"!

وامعاناً في التحريض عبرت الصحف السعودية عن استحالة استمرار الصمت الحكومي والشعبي من قبل دول المنطقة وأولها المملكة على ممارسات حركة حماس "التي اتخذت قرار الحرب مع إسرائيل فرديا ودون الرجوع للسلطة في رام الله لا سيما بعد ضربها كل مصالحها مع العالم الإسلامي"!

إلى ما تقدم، برز التناقض في التقديرات، فتارة حماس لم تنتصر وإذا انتصرت فانتصارها يوازي انتصار اليمين الاسرائيلي ولخدمته!
وعلى وقع دوي القذائف وانطلاق الصواريخ عاد الحديث بقوة عن "التسوية" وحل الدولتين، لإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ، واستذكار عقل ومُبادرة الرئيس المصري أنور السادات، الذي "استرجع بالسلام سيناء وقناة السويس وآخر شبر من أراضي بلاده المحتلة"!
واخيراً لم يفقد الاعلام الخليجي والسعودي الامال بالتطبيع والتوصل إلى تسويات يعتبرها عادلة وواقعية بين "إسرائيل" والفلسطينيين ليؤكد ان محور السلام العربي بمشاركة واشنطن قادر على تحفيز مشروع التسوية الذي لم ينتج إلا مزيداً من تهويد القدس والاستيطان في الضفة ومحاصرة قطاع غزة تمهيداً لتركيعهما وتصفية القضية الفلسطينية.

القدس المحتلة

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف