طوفان الأقصى

لبنان

منصة سلامة انطلقت - لم تنطلق.. وفي فلسطين زمام المعركة بيد المقاومة
18/05/2021

منصة سلامة انطلقت - لم تنطلق.. وفي فلسطين زمام المعركة بيد المقاومة

بقيت التطورات في فلسطين المحتلة تستحوذ على مساحات جيدة من أخبار الصحف الصادرة اليوم في بيروت، مع انحسار نسبي لوتيرة العدوان الصهيوني على قطاع غزة، بفضل ردع المقاومة وقدرتها المستمرة على الرد بالصواريخ.
في الشأن المحلي، لم يحدث أي خرق في جدار الأزمة الحكومية، واستمر السبات السياسي بعد عطلة عيد الفطر، فيما كان لافتًا إطلاق المنصة "صيرفة" التي وعد بها حاكم مصرف لبنان منذ أكثر من شهر، إلا أن مفاعيلها لم تتجاوز الورق، دون أن يكون لها على الأرض أي إراحة للبنانيين كما وعد رياض سلامة في أحد تعاميمه السابقة، وحافظ الدولار على سعر صرف مرتفع مقابل الليرة.


"الأخبار": أسبوع ثانٍ من «سيف القدس»: زمام المعركة بيد المقاومة

مع بداية الأسبوع الثاني من المواجهة الجارية بين المقاومة وجيش العدو، تَدخُل الأولى مرحلة جديدة في تثبيت معادلات القصف. فبعد تراجع الثاني عن قصف الأبراج عقب الضربة الكبيرة لتل أبيب فجر أول من أمس (جرت بعد رفع الحظر عنها لساعتين)، عادت المقاومة إلى تغيير المعادلة وتجديد تهديدها بقصف المدينة مجدّداً في حال لم يتوقّف الاحتلال عن استهداف الشقق السكنية والمباني في غزة. صيغةٌ صمدت بالحدّ الأدنى إلى منتصف الليل، ليُعلّق مراسل قناة «كان» العبرية بالقول إن هناك «انخفاضاً كبيراً في القصف على غزة بعد تهديد أبو عبيدة»، على أن الساعات اللاحقة قد تحمل تطوّرات أخرى.

ومع استنفاد العدو بنك أهدافه باعتراف مُحلّليه وإعلامه، بدأ انتهاج سياسة جديدة لاستهداف المصالح الاقتصادية في القطاع، كجزء من أدوات الضغط على المقاومة، بعدما أخفق في التأثير في مسار المعركة، على رغم استهدافه الحاضنة الشعبية للفصائل. وتمثّل ذلك في قصفه أمس مصنعَين كبيرين للإسفنج والمواد الزراعية. وكشفت إحصاءات أوّلية نشرها المحلّل الاقتصادي، محمد أبو جياب، عن تدمير الاحتلال 40 منشأة صناعية، إضافة إلى أكثر من 300 مصلحة تجارية ومحالّ ومخازن، كما تمّ إغلاق وتدمير مئات المنشآت السياحية، فضلاً عن التدمير الكبير والممنهج للطرقات وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مُقدِّراً الخسائر المباشرة بأكثر من 200 مليون دولار.

على المستوى الناري للمقاومة، بدا واضحاً أنها إلى جانب استمرار استهدافها مدن عسقلان وأسدود وبئر السبع ومستوطنات «غلاف غزة» بوتيرة منتظمة، ركّزت نيرانها أمس على مستوطنات «غلاف غزة»، وتحديداً على التحشيدات المدفعية الكبيرة لقوات الاحتلال هناك، حيث أطلقت عليها زخّات من الصواريخ وقذائف الهاون التي أدّت إلى إصابة عدد من الجنود بإصابات محقّقة وفق المصادر العبرية، فيما لا تكاد تتوقّف الرشقات على المستوطنات التي طلب رؤساء بلدياتها من الحكومة الإسرائيلية الاستمرار في العملية العسكرية «حتى القضاء على حماس». وفي المقابل، انتقل العدو بتركيز نيرانه إلى المنطقة الساحلية للقطاع، وشنّ عمليات قصف مركّزة على الشواطئ بعد يوم من إطلاق المقاومة غوّاصات مُسيّرة تجاه منشأة غاز «تمار» القريبة من غزة، لكنه واصل عمليات استهداف الشقق السكنية ومنازل المواطنين ــ حتى تهديد «أبو عبيدة» عصر أمس ــ ليُدمّر 15 منزلاً ويستهدف الأراضي الفارغة والمناطق الحدودية.

بين المشهدين، بدت واضحة حالة التفاوض بالنار بين المقاومة والعدو، إذ أظهرت القوة النارية المرتفعة بالوتيرة نفسها لدى المقاومة، رغبة واضحة في إدارة تلك القوة لمدّة طويلة ــ استناداً إلى تصريح «كتائب القسّام» بجاهزيّتها لقصف تل أبيب لستة أشهر متواصلة ــ، وذلك في رسالة إلى الاحتلال الذي يريد إنهاء المعركة في أقصر وقت مع الحصول على صورة النصر، وهو ما لم يستطع الوصول إليه حتى الآن. كما أن المقاومة تُصعّب عليه المسألة، وتُواصل ربط ما يجري في غزة بالأحداث الجارية في القدس المحتلة، إذ أهدت «القسّام» في تسجيل مصوَّر عملية إطلاق رشقات من الصواريخ إلى روح الشهيد شاهر أبو خديجة، مُنفّذ عملية الدهس في الشيخ جراح، بعد يوم من إهداء صواريخ أخرى إلى أرواح رموز شهداء المقاومة في الضفة والقدس.

بعدما أخفق العدو في هزّ الحاضنة الشعبية بدأ ضرب المصالح الاقتصادية

على مستوى المباحثات الرامية للوصول إلى تهدئة، جدّد مصدر في «حماس»، خلال حديثه إلى «الأخبار»، تأكيده تعثُّر الوصول إلى اتفاق (حتى كتابة النص)، مشدداً على أن الحركة لا تزال عند شروطها المتعلّقة بالقدس، وأنها «ستواصل المعركة من دون توقّف إلى حين رضوخ الاحتلال». والأخير يبدي تخبّطاً ــ أو حرباً نفسية وإعلامية ــ ما بين تصريحات بقرب انتهاء المواجهة قبل الخميس المقبل عبر مستويات في الجيش، وبين إعلان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الاستمرار في العملية ضدّ غزة «ما دعت الحاجة إلى ذلك ومن أجل استعادة الهدوء». ويبدو من خلال القرارات التي يتخذها المستوى السياسي في تل أبيب، قرب إعلانه انتهاء العملية العسكرية، خاصة حديثه عن «إغلاق المسجد الأقصى أمام اقتحامات المستوطنين حتى إشعار آخر».

دولياً، يواصل نتنياهو استناده في استمرار الحملة على غزة إلى الدعم الأميركي، إذ لم يطلب الرئيس جو بايدن منه إيقاف العملية، على رغم اتصاله به للمرّة الثالثة ــ منذ بداية الحرب ــ ليلة أمس، فيما استبعد دبلوماسيون التوصّل إلى اتفاق قريب من جرّاء الهجمات الكبيرة بين الاحتلال والمقاومة. وثمّة مؤشر آخر، هو شبه الاتفاق بين نتنياهو وشريكه في الحملة العسكرية، وزير الأمن بيني غانتس، على تأليف حكومة جديدة بعد انتهاء التفويض ليائير لابيد الأسبوع المقبل، وهو ما يعني تحقيق أهمّ أهدافه، أي إنقاذ نفسه من السقوط أو انتخابات جديدة. ومن المؤشّرات الأخرى ما نقله مسؤول في السلطة عن أن «الجانب الاسرائيلي أبلغنا فتح معبر كرم أبو سالم غداً الثلاثاء لساعات محدودة لإدخال كمّيات من السولار القطري الخاص بمحطة توليد الكهرباء، وأدوية ومواد غذائية للمؤسّسات الدولية، وكمّيات من أعلاف الحيوانات»، وهو ما يمهد لخطوات من قبيل الوقف الأحادي للعمليات، مع إعطاء المقاومة شروطها بشأن القدس، لكن على الطريقة الإسرائيلية، ومن دون أيّ وعد بالسماح بإعمار القطاع.

وبخلاف المضمون الذي نقله مكتب نتنياهو حول اتصال بايدن، تزامن الاتصال الأميركي ــ الإسرائيلي مع اتصال مسؤولين مصريين كبار برئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، ما قد يشير إلى تواصل المباحثات التي تدفع بها واشنطن لإنهاء المواجهة القائمة، وقرب انتهاء المهلة التي تمنحها واشنطن لتل أبيب لوقف النار. والملاحظ أنه مع استمرار الضغوط، وبوادر تغيّر الموقف الدولي تجاه إسرائيل، ظهرت خشية لدى الأخيرة من هذه التحوّلات، خاصة عقب زيادة التظاهرات في الدول الأوروبية، وحتى في الولايات المتحدة نفسها، وتراجع الدعم لها، ما سيؤثر فيها مستقبلاً، وذلك بعد تقديرات بخسارة إسرائيل تعاطف غالبية دول العالم وشعوبه، وحتى جيل الشباب الأميركيين، طبقاً لمعلّقين إسرائيليين في «القناة الـ 12» العبرية.

أمّا على الأرض، فتشتدّ المعركة الأمنية بين المقاومة والاحتلال الذي بدأ تفعيل كلّ ما يملكه للوصول إلى معلومات عن المقاومة ومقدّراتها. وهنا، يكشف مصدر أمني، في حديث إلى «الأخبار»، أن «جهاز الأمن العام» الإسرائيلي (الشاباك) طلب من عملائه التحرّك بسرعة لجلب معلومات عن المقاومة من جرّاء عجزه عن الوصول إليها عبر الطائرات المسيّرة، الأمر الذي «كانت المقاومة مستعدّة له، فاعتقلت عدداً منهم وأحالتهم إلى التحقيق»، وهو ما أغضب الاحتلال الذي ركّز خلال اليومين الماضيين ضرباته على مقرّات تابعة لجهاز «الأمن الداخلي» في وزارة الداخلية، فضلاً عن استهداف رجال أمن المقاومة العاملين في الميدان.

 

"اللواء": المنصّة الإلكترونية انطلقت لكن الجهوزية التقنية لدى المصارف والصيارفة لم تكتمل
مالياً، مع تحرك عدد من الشبان احتجاجا على الوضع المعيشي وقطع عدد من الطرق صباحا بينها كورنيش المزرعة بالاتجاهين، اطلق مصرف لبنان، منصة «صيرفة»، التي ستسمح بأنّ يصبح سوق الدولار أكثر شفافية. 
وشرح مصدر مصرفي ان المنصّة الإلكترونية انطلقت من مصرف لبنان لكن الجهوزية التقنية لدى المصارف والصيارفة لم تكتمل حتى اللحظة. وستؤمّن المنصة عملية بيع وشراء العملات الأجنبية النقدية، وتحديداً الدولار، بسعر يحدد العرض والطلب الموجّه إلى المصارف والصرافين لشراء الدولار وبيعه في السوق، على أن تكون هذه العمليات متاحة للتجار والمستودرين والمؤسسات وأيضاً للأفراد العاديين شرط تأمين مستندات ومعلومات محددة، وعلى أن يقوم مصرف لبنان بالتدخّل عند اللزوم، لضبط التقلبات في أسعار سوق الصيرفة، علماً أن السعر ستحدده حركة السوق، في محاولة للحد من المضاربات والسيطرة على الدولار.
ولم يحدد مصرف لبنان سعر صرف الدولار الذي سيتم اعتماده لعمل هذه المنصة التي سيسمح للمصارف من خلالها بـ«تأمين الحاجات التجارية والشخصية لعملائها، أياً تكن صفتهم، وفقاً للعرض والطلب في السوق». ولا يُسمح بالبيع والشراء دفترياً بشكل مباشر عبر الحسابات المصرفية، بل إن العمليات محصورة بالأموال النقدية الورقية بالليرة وبالدولار.

وأدى انطلاق المنصة، إلى تراجع الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء بما يقارب الـ300 ليرة، بعدما كان بلغ صباحاً 12 ألفا و775 ليرة مقابل الدولار الواحد.
قد يتساءل الناس ما الفرق بين هذه المنصة ومنصة «صيرفة» التي اعلن مصرف لبنان عنها في حزيران الماضي. الجواب هو أنّ الفارق كبير.
فالتعميم الرقم 5 الذي صدر في حزيران من العام 2020 حدّد سعراً ثابتاً للمنصة هو 3900 ليرة فيما ارتفع الدولار في السوق السوداء بشكل جنوني تخطى سقف الـ14 ألف ليرة، وبالتالي كان الهامش واسعاً جداً بين سعر السوق السوداء وسعر المنصة التي لم يقصدها أحد لان لم تتوافر فيها الدولارات للشراء، بينما السعر في هذه المنصة الجديدة سيكون متحركاً، يحركه مصرف لبنان يومياً وفقا للعرض والطلب.
واستدركت المصادر إلى الإشارة إلى انه ما لم تتعاون المصارف، فإن الموقف لا يكون مريحاً، لا على صعيد ضبط العمليات النقدية، ولا على صعيد إعادة ترميم الثقة بالقطاع المصرفي.

إزاء ذلك، تساءلت مصادر سياسية مطلعة عما إذا كانت هناك من خطط طوارىء سيتم وضعها في حال استفحل الوضع المالي وانعكس على الوضع المعيشي ولفتت إلى أن أي معالجة غير محسوبة بشكل فعال لن تخرج بأي نتيجة مؤكدة أن ما من معطى يؤشر إلى قرب أي انفراج على صعيد الملف الحكومي حتى وإن برز تأكيد على أهمية إنجاز تسوية ما.
وأوضحت المصادر لـ«اللواء» أن ما هو غير واضح حتى الآن هو كيفية ترتيب ملفات تتصل بالكهرباء ورفع الدعم.

وفي تقدير هذه المصادر أن الصورة قد تتبلور في الأيام المقبلة على أن البلد اضحى اسير ازمات متلاحقة وأكثرها ضخامة ما يتصل منها بتأثيرات رفع الدعم واستغلال الامر على حساب المواطنين.
وعلى صعيد اختفاء السلع من الأسواق، أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «هناك آلية جديدة لمصرف لبنان ووزارة الاقتصاد في ما خص البضائع المدعومة، في انتظار تفاصيلها»، مشيراً الى أن «ملفات البضائع المدعومة يتأخر طلبُها، لذلك هذه البضائع ليست متوفرة بكميات في السوبرماركت». وأشار بحصلي الى أن «وجود البضائع في المرفأ مكلف وخطر نتيجة تعرض المواد لأشعة الشمس، لذلك يخزّنها التاجر في المستودعات في انتظار ملف الدعم»، موضحاً أن «هناك فرقاً بين الاحتكار وانتظار فتح اعتمادات للبضائع من قبل مصرف لبنان». وأكد ان «هناك مواد غذائية وأدوية عالقة في المرفأ، نظرا الى تأخر الموافقة على طلباتها».
وبينما سيقفل عدد من الصيدليات ابوابه بدءاً من الخميس لعدم تسلّمه الادوية كما يجب، أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، في مؤتمر صحافي اثر اجتماع لاتحادات ونقابات قطاع النقل البري امام مركز المعاينة الميكانيكية في الحدت، «الإتجاه الى اضراب عام وتحركات مطلبية مطلع الأسبوع المقبل»، داعيا الى «ضرورة التنازل عن كل الانانيات وايجاد حكومة وعدم رفع الدعم بطريقة غير مسؤولة لان ذلك سيؤدي الى ثورة شعبية». بدوره، أكد رئيس اتحاد النقل البري في لبنان بسام طليس «الاستمرار باقفال مراكز المعاينة الميكانيكية في كل لبنان حتى تصبح بعهدة الدولة والقانون».

استئناف الحراك في الشارع
فحراكياً، تجددت صباح أمس الاحتجاجات الشعبية وقطع الطرق في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية بعد توقف، وأفادت المعلومات الأمنية عن قطع طريق كورنيش المزرعة – بيروت بالمستوعبات لبعض الوقت، وذلك إحتجاجاً على الظروف المعيشية. 
وأعيد فتح الطريق السير على طريق كورنيش المزرعة بالاتجاهين حيث سجّلت حركة مرور كثيفة، بحسب ما ذكرت «غرفة التحكّم المروري»، كما أفيد عن قطع الطريق أمام المحكمة العسكرية في بيروت. 
وشمالاً، ذكرت المعلومات عن بدء إقفال الطرقات بالسيارات في مدينة طرابلس.


"البناء": لا حركة على الصعيد الحكومي 

في غضون ذلك لم تُسجل أية حركة على الصعيد الحكومي في ظل تمديد الرئيس المكلف سعد الحريري اجازته العائلية في الإمارات. ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «الملف الحكومي بات في خبر كان ولم تحصل أي اتصالات أو لقاءات في عطلة عيد الفطر على صعيد التأليف». لكن المصادر توقعت حركة جديدة هذا الاسبوع لتفعيل خطوط التواصل. ولفتت الى أن «لا حلول في الأفق للأزمة الحكومية والتأقلم مع الواقع هو الحل الوحيد المتاح».

ولم يسجل أي تحرك دولي باتجاه لبنان بعد نفض الفرنسيين يدهم من الملف الحكومي واللجوء الى خيار العقوبات على الشخصيات المعرقلة لتأليف الحكومة كما يقول الفرنسيون. وتنقل جهات ديبلوماسية رسمية لبنانية عن ديبلوماسيين ومبعوثين أوروبيين وأميركيين ودوليين زاروا لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية أجواءً قاتمة حيال الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في لبنان. وأشارت هذه الجهات لـ«البناء» الى «تأكيد هؤلاء المسؤولين أن المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان قاموا بما عليهم لمساعدة اللبنانيين على حل الأزمة السياسية وتأليف حكومة قادرة على مواجهة التحديات القائمة والحد من الانهيار وعودة النهوض الاقتصادي، لكن المسؤولين اللبنانيين لم يكونوا على قدر المسؤولية ومستوى هذا التحدي ولم يبدوا التعاون اللازم لتسهيل الحل لأزمة بلدهم». وأكدوا بأن «الازمة كشفت حجم تمسك زعماء لبنان بمصالحهم». وتوضح الجهات أن «لبنان أصبح عبئاً على الدول الخارجية حتى دفع بعض المسؤولين الدوليين للقول في مجالسهم «لقد تعبنا من لبنان»، ولفتت الى «خطورة إفشال المبادرة الفرنسية، حيث إن زعماء لبنان ضربوا بعرض الحائط كل جهود الدولة الوحيدة الباقية المهتمة بلبنان أي فرنسا لمساعدته على الخروج من أزمته».

وعن خيار العقوبات علمت «البناء» أن «جهات ديبلوماسية لبنانية اتصلت ببعض السفراء الأوروبيين في لبنان والخارج للتحقق من مدى جدية العقوبات الفرنسية والأوروبية ضد شخصيات لبنانية، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها». لكن المصادر لفتت الى أن «العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي خيار متعذّر حتى الآن لوجود دول معارضة وأهمها هنغاريا»، لكن المصادر «لا تستبعد أن تعمل فرنسا والقوى الأوروبية الرئيسية على إقناع تلك الدول المعارضة عبر الضغوط السياسية أو عبر الترغيب الاقتصادي لتعديل موقفها والسير بركب العقوبات، خصوصاً أن مصلحة هذه الدول بالبقاء تحت سقف الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف».

أما في حال تعذّر خيار العقوبات على مستوى الاتحاد الاوروبي فلفتت المصادر الى «توجّه فرنسي لفرض عقوبات احادية على شخصيات سياسية لبنانية متهمة بعرقلة تأليف الحكومة مثل منع سفرها الى فرنسا وقد ترفع منسوب العقوبات الى حدود تجميد أصول وأموال هذه الشخصيات في فرنسا ودول اوروبية أخرى».

وأكد رئيس الجمهورية لنائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي في الجمهورية الايطالية مارينا سيريني التي زارته أمس، في قصر بعبدا «أن تشكيل حكومة جديدة له الأولوية حالياً في عملنا السياسي على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من داخل وخارج، لكننا لن نوفّر أي جهد للوصول الى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من أولى مهامها تحقيق الإصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعاني منه لبنان، إضافة الى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكل المدخل الحقيقي لهذه الإصلاحات». وشدّد عون امام المسؤولة الايطالية على ضرورة دعم الدول الصديقة للبنان، وفي مقدّمها ايطاليا، في سعيه لاستعادة الأموال التي هُرّبت الى الخارج ولاسيما الى مصارف أوروبية، لافتاً الى ان مكافحة الفساد تعيد الانتظام الى البنية الاقتصادية للدولة بإداراتها ومؤسساتها كافة.

وفي موقف هو الأول من نوعه من الانتخابات النيابية وسط المخاوف الداخلية والخارجية من تطييرها، أكد عون لسيريني أن الممارسة الديموقراطية في لبنان مصونة على رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وستترجم في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة التي ستجري في موعدها في العام 2022.

وحتى ذلك الحين تتفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية وسط عودة الشارع الى الواجهة، حيث عمد بعض المتظاهرين الى قطع بعض الطرق في بيروت والشمال احتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية مع توقعات مراجع أمنية بحسب معلومات «البناء» أن «تتأجج الاحتجاجات خلال الأيام المقبلة لا سيما مع اقتراب موعد رفع الدعم عن بعض المواد والسلع الاساسية». وفي هذا السياق، لفتت مصادر حكومية لـ«البناء» الى أن «العمل جار لإنجاز آلية ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية على ان تستكمل اللجنة الوزارية الاقتصادية جلساتها على هذا الصعيد خلال اليومين المقبلين». ولفتت أوساط نيابية لـ«البناء» أن «الوضع سيبقى على ما هو عليه أي الاستمرار بسياسة دعم المواد الأساسية حتى يتم الاتفاق على البطاقة وتمويلها، وبالتالي لن يتم رفع الدعم قبل الاتفاق على البطاقة التمويليّة». ولفتت الى أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيستمر بالدعم من أموال الاحتياط ولا حل آخر حتى الساعة اذا لم يتم الاتفاق على البطاقة»، الا ان مصادر أخرى توقعت أن «ينشأ خلاف كبير بين الحكومة والمجلس النيابي ومصرف لبنان حول ملف رفع الدعم»، مشيرة لـ«البناء» الى أن «الحاكم بدأ عملياً برفع الدعم عن بعض المواد الغذائية الاساسية كاللحوم والدواجن وقد يرفع الدعم عن البنزين وسلع أخرى نهاية الشهر الحالي».

وأمس وصل وفد عراقي الى مطار بيروت لتسليم الهبة العراقيّة المقدّرة بـ3 ملايين دولار الى الجيش اللبناني.

وفي مؤشر خطير يعبر عن عمق الأزمة وأعاد الى الأذهان الى مشهد الاشتباكات بين المواطنين في «السوبرماركات» على البضاعة المدعومة، يتكرّر هذا المشهد امام محطات الوقود كل يوم لا سيما في بلدة ببنين في عكار، حيث قتل مواطن أمام إحدى المحطات في البلدة وتطور الى اشتباكات مسلحة بين أبناء البلدة.

 

"الجمهورية": كرة التأليف في ملعب الرئيسين عون والحريري
في المعلومات، قبل عيد الفطر، أمل اللبنانيون في فسحة انفراج بعده، ولكن كالعادة خاب أملهم، فالمعنيون بملف التأليف ثابتون على المنحى التعطيلي لم يحيدوا عنه قيد أنملة، بل على العكس من ذلك، وعلى ما يقول العالمون بخفايا امور المعطلين، ازداد الأمر تصلّباً، وما بين الرئيس عون وفريقه السياسي وبين الرئيس الحريري وفريقه السياسي حقيقة ثابتة وهي ان كل طرف يريد ان يُخضع الطرف الآخر ويلغيه، ولا احد منهما يريد ان يتكلّم مع الآخر الا تحت سقف الشروط المعطّلة، او يبادر في اتجاه الآخر بأيّ خطوة من باب حسن النية لفتح باب النقاش لبلوغ تفاهم على حكومة.

وفي المعلومات الأكيدة ايضاً أنّ القابضين على الحكومة أحبطوا محاولات أخيرة سعى من خلالها وسطاء خلال عطلة العيد، عبر اتصالات هاتفية وعبر الواتساب في داخل بيروت وخارجها، لإقناعهم بتقديم الحكومة عيدية للبنانيين بعد عيد الفطر، خصوصاً انّ مصير البلد صار على المحك، وحال اللبنانيين صارت بالويل والكارثة حلّت بكلّ بيت، وصار لا بد من اخراج الحكومة من قفص الشروط، والنزول الى الناس.

جريمة فظيعة
وحال البلد، بشقيه المعطل حكومياً، والمنهار اقتصاديا واجتماعيا والمفلس ماليا، كانت مدار حديث هاتفي مطوّل بين مرجعين سياسي وديني في عطلة العيد، وصلا فيه الى خلاصة مشتركة مفادها ان لبنان لم يشهد في تاريخه هذه اللامبالاة واللامسؤولية التي تتحكم به، ان ما يجري هو جريمة فظيعة ترتكب بحق لبنان واللبنانيين، والتمادي فيها سيقذف لبنان في المجهول، وسيدفّع اللبنانيين أثماناً كارثية.

في النقاش بين المرجعين، وبحسب معلومات موثوقة، تأكيد على ان كرة التأليف في ملعب الرئيسين عون والحريري، وبيدهما وحدهما ان يحلا المسألة الآن إن شاءا ذلك، وعلى ما بات معلوما ان ثمة عقدة وحيدة ماثلة في طريق الحكومة هي عقدة الوزيرين المسيحيَّين. وهي عقدة ليست مستعصية على الحل، فثمة سبل عديدة يمكن اتّباعها لإيجاد مخرج لها. ولعل احدها وربما اكثرها قبولا هو دور مساعد يمكن ان يلعبه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في هذا المجال.

وبحسب المعلومات فإنّ المرجعين التقيا على التأكيد بان لا وجود لأي عامل تعطيل خارجي، وان كل ما قيل في هذا السياق ما هو سوى كلام واهٍ ومحاولة هروب من المسؤولية، فكما أن التأليف قرار داخلي، كذلك التعطيل هو قرار داخلي ايضا ولا دخل للخارج فيه. وهذا ما اكده الجامعة العربية ومصر، وكذلك الاميركيون والفرنسيون الذين كانوا اكثر من مشجعين في اتجاه التأليف.

(إشارة هنا الى ان مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل وفي زيارته الاخيرة الى بيروت، كان في منتهى الصراحة والوضوح حيال تشكيل حكومة سريعاً برئاسة سعد الحريري، وقبله ما أعلنته السفيرة الاميركية دوروثي شيا من على باب القصر الجمهوري لجهة ان الاوان آن للتخلي عن الشروط المعطلة. وكذلك الامر بالنسبة الى الجانب الفرنسي الذي تجنّد منذ اطلاق مبادرته الانقاذية في آب 2020، لتشكيل حكومة مهمة، ولكنه فُشّل بعدما اصطدم بحائط الشروط المعطلة ما دفعه في آخر المطاف الى إبراز مخالبه واتخاذ خطوات عقابية بحق من سمّاهم معطّلو الحل في لبنان).

سبقنا العالم
ولقد زاد المرجع السياسي على ما دار في النقاش بينه وبين المرجع قائلاً: من البداية قلت ان المعطلين في الداخل وليسوا من الخارج، واقاموا القيامة على هذا الكلام ولم يقعدوها، ولننظر اليوم الى الخريطة الدولية، فلا احد في العالم مهتم بلبنان، او مكترث به، وينتابني شعور بأن لبنان لم يعد يعني احداً في الخارج، لأننا سبقناه الى ذلك حينما اثبتنا لكل العالم بأدائنا المعطل وتجاهلنا لأزمتنا واسبابها ونتائجها الكارثية بأنّ بلدنا لا يعنينا.

انا خائف
في السياق نفسه، تندرج قراءة سوداوية لمسؤول كبير حول مستقبل الوضع في لبنان خلص فيها الى القول: مع القطيعة القائمة بين عون والحريري لا امل بأيّ فرج، المستقبل اسود ولا ارى فيه سوى العتمة ويغمرني خوف شديد من انحدار الامور الى ما هو اسوأ واخطر مما نعيشه في هذه الايام.

ومبعث خوف المسؤول الكبير متأتٍ من مصدرين: الأول، هو المدى الكارثي الذي بلغته الازمة والذي قد يصل في وقت ليس ببعيد الى حد يستعصي على اي علاج. والثاني، تطورات الوضع في فلسطين المحتلة التي تهدد نارها بالتمدد الى كل المحيط، وفي مقدم ذلك لبنان الذي يعد الخاصرة الاكثر رخاوة في كل المحيط.

واذا كانت الازمة الدخلية تستوجب، كما يقول المسؤول عينه، تشكيل حكومة للبدء بعملية الانقاذ، فإنّ التطور الثاني يستدعي اكثر فأكثر الاقدام فوراً على تحصين الداخل على كل المستويات، ويأتي في مقدمة ذلك تشكيل حكومة تكون على جهوزية تامة لمواجهة اي طارىء. 

وبالتالي، فإنّ ما يجري في فلسطين مفتوح على شتى الاحتمالات، وهذا سبب اضافي محفّز للبنانيين على محاولة الاستفادة من هذا الظرف وتمرير حكومة تمسك بزمام البلد في هذه المرحلة القاتمة، والا فإننا قد نصل مع وضعنا المعطّل الى مرحلة يوضع البلد فيها في عين العاصفة الخارجية الى جانب عاصفة الازمة الداخلية، وتفلت الامور من ايدينا نهائيا ويدخل بلدنا حقبة جديدة لا افق لها.

الديبلوماسيون قلقون
على ان اللافت للانتباه في هذا السياق، ما اكد عليه ديبلوماسيون عربيون واوروبيون في الايام الاخيرة لجهة النأي بلبنان عن توترات المنطقة. وعكس بعض الديبلوماسيين الغربيين خشية من ان تكون التحركات التي جرت بالقرب من الحدود، والتي كان «حزب الله» حاضرا فيها مع مجموعات فلسطينية، مقدّمة لعمل ما يؤدي الى توتر على الحدود. وربطاً بذلك تحدثت مصادر واسعة الاطلاع عما سمّتها تطمينات قيل انها من صدرت من جانب «حزب الله» تفيد بأن الحزب ليس في وارد الدخول على خط التوتر الفلسطيني. وثمّة تنسيق كامل بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل لحفظ الامن في المنطقة.

ونقل في هذا السياق عن سفير دولة عربية كبرى داعمة للتفاهم الداخلي على حكومة، تأكيده على الحفاظ على استقرار لبنان، ودعوته الحثيثة الى المسؤولين في لبنان الى المسارعة لترتيب وضعهم الداخلي. وعلم ان هذا السفير ابلغ مسؤولا كبيرا قوله ما حرفيته: الوضع في المنطقة يبعث على القلق، والواضح ان الاسرائيليين عازمون على ابقاء التصعيد وثمة جهات دولية تدعمهم، بدليل ان مجلس الامن أخفق في الاتفاق على وقف لإطلاق النار. يعني ذلك ان الوضع مفتوح، ثم ان الوضع الداخلي في لبنان في ذروة انهياره اقتصاديا وماليا. كل ذلك يحتّم عليكم ان تسارعوا الى تشكيل حكومة، والمجتمع الدولي ما زال مستعدا لتقديم المساعدات لكم في ظل حكومة تباشر في الاصلاحات المطلوبة. واذا كان في لبنان من يعتقد ان في الامكان الانتظار الى حين جلاء الامور في المنطقة فهذا اعتقاد خاطىء، الحل بيدكم، ونحن ندعم التفاهم بين الرئيس عون والرئيس الحريري، وكلما تأخرتم في تشكيل الحكومة ستدفعون الثمن وحدكم.

باريس: تقويم سلبي
في هذا الوقت، تفيد اجواء العاصمة الفرنسية بأنّ باريس عادت الى المربع الاول في مقاربتها للملف اللبناني، ولا سيما من زاوية التأكيد ان المبادرة الفرنسية قائمة إنما ليست بالشكل الذي كانت عليه في الاشهر الماضية.

ونقلت مصادر ديبلوماسية من باريس انّ المسؤولين الفرنسيين المحبطين من القادة في لبنان، أجروا تقويما سلبيا لنتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت، وخلاصة ذلك ان لا مبادرات مباشرة تجاه لبنان حاليا، ما خلا برنامج الضغوط والعقوبات التي تقرّر فرضها على معطلي الحل وتشكيل حكومة في لبنان.
 
الا ان المصادر تلفت الانتباه الى انه على الرغم من المقاربة الفرنسية العالية النبرة حيال الملف اللبناني، فإنّ المسؤولين الفرنسيين ما زالوا ينتظرون ان يتلقوا اشارات ايجابية ملموسة من القادة اللبنانيين، يؤكدون من خلالها الالتزام الفعلي بالمبادرة وتشكيل حكومة مهمة وفق مندرجاتها. وحول رسالة رئيس الجمهورية الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قالت المصادر لـ»الجمهورية»: بمعزل عما حَوته هذه الرسالة سواء توضيحات او تبريرات، فالجواب الفرنسي الذي يمكن ان يأتي عليها سبق ان جرى التعبير عنه في محطات عديدة للرئيس ماكرون ووزير خارجيته في بيروت وخلاصته: ساعدوا انفسكم لنساعدكم، أنتم اخطأتم بحق بلدكم ويجب ان تتراجعوا عن الخطأ وما زالت امامكم الفرصة متاحة لكي تدخلوا بلدكم في الحل، ولفتح باب المساعدات الدولية اليه. والاهم في الموقف الفرنسي هو ان اي رسائل توجّه الى الايليزيه او الى الكي دورسيه لن يكون لها اي تأثير على قرار العقوبات، ولن تبدل فيها شيئاً، فما تقرر في هذا الشأن قد تقرر.

إقرأ المزيد في: لبنان