طوفان الأقصى

لبنان

الكلمة الكاملة للسيد نصر الله في لقاء المنبر الموحد 5 ايار 2021
05/05/2021

الكلمة الكاملة للسيد نصر الله في لقاء المنبر الموحد 5 ايار 2021

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على ‏سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار ‏المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. ‏
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. ‏
مجدداً نلتقي في يوم القدس العالمي في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك الذي أعلنه الإمام ‏الخميني قدس سره الشريف يوماً عالمياً للقدس بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران عام ‏‏1979. اليوم نلتقي مجدداً في المنبر الموحد، في المنبر الواحد، للمقاومة، لحركات المقاومة، لقوى ‏المقاومة، لنعبر عن التزامنا وعن إيماننا بهذه القضية وعن تمسكنا بهذه المسؤولية وعن إصرارنا على ‏أداء هذا الواجب الإلهي والإنساني والأخلاقي والديني والشرعي تجاه القضية الأقدس والأوضح على وجه ‏الكرة الأرضية. ‏
اليوم في هذه السنة طبعاً أنتم مدعوون، نحن ندعو الجميع إلى المزيد من الحضور والتعبير المناسب عن ‏الموقف، عن الموقف الصادق والمؤمن والمخلص والشجاع أيضاً، هناك مجموعة من العوامل، هناك ‏مجموعة من التطورات تؤكد عظمة المسؤولية وزيادة المسؤولية على عاتقنا جميعاً، هذه العوامل بعضها ‏ايجابي وبعضها سلبي، يعني يمكن أن ننظر إليها من الزاوية الايجابية، هي فعلاً عوامل ايجابية، وبعضها ‏عوامل سلبية ولكن كلا هذين النوعين من العوامل يفرض علينا المزيد من الاحساس بالمسؤولية تجاه ‏قضية القدس وقضية فلسطين وشعب فلسطين. ‏
من جملة هذه العوامل، أولاً، هبّة القدس في الأسابيع القليلة الماضية عندما قام أهلها الشرفاء وحضروا ‏في الميدان وخصوصاً شبابها البواسل الشجعان، وشاهدنا كيف واجهوا آلة البطش الإسرائيلية ‏والصهيونية، وشاهدنا مناظر ومشاهد لشموخ هؤلاء الشباب وعظمتهم وعلوا هممهم، أيضاً تفاعل أهل ‏الضفة الغربية مع هبّة القدس، تفاعل قطاع غزة ودخوله عسكرياً وإن كان بشكل محدود ومدروس ‏لنصرة القدس في محاولة لصنع معادلات جديدة، هذا تطور مهم جداً بين أيدينا.‏
الأمر الثاني، أن الأحداث وخصوصاً الأحداث الأخيرة، تؤكد تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وعدم تخليه ‏عن أي من هذه الحقوق وهذا أمر مهم، تمسكه بحقوقه والتعبير عن صموده وثباته ومقاومته بالأشكال ‏المختلفة، بالهبات الشعبية، بالعمل العسكري وصولاً إلى العملية العسكرية الأخيرة في الضفة الغربية - ‏العملية البطولية - هذا ماذا يعني؟ البعض يتذرع في العالم العربي والإسلامي يقول لماذا تكونون ملكيين ‏أكثر من الملك؟ هؤلاء الفلسطينيون هم تخلوا عن قضيتهم، هذه أكاذيب، هذه افتراءات بحق الشعب ‏الفلسطيني يستخدمها البعض لتبرير خذلانه وهزيمته وتطبيعه وتراجعه وتخلفه عن تحمل المسؤوليات ‏الكبيرة، إذاً يوماً بعد يوم وبالرغم من الحصار والشدائد والصعوبات والتهديدات الشعب الفلسطيني يؤكد ‏أنه متمسك بحقوقه وبقضيته وهذا يحمل الأمة الإسلامية مسؤولية أكبر لنصرته ويسقط منطق لا تكونوا ‏ملكيين أكثر من الملك، لأن الملك الذي هو الشعب الفلسطيني ما زال ملكاً وسيبقى إن شاء الله ملكاً ‏والأجيال الفلسطينية الشابة ما زالت تحمل هذه الروح وهذا الدم وهذا الإيمان وهذا الاستعداد للتضحية ‏وهي على كل حال تسير في طريق النصر القاطع إن شاء الله. ‏
من جملة العوامل أيضاً، ثالثاً، سقوط مرحلة ترامب وأعمدة ترامب في المنطقة وفي الإقليم ومعها صفقة ‏القرن، من جملة العوامل التي تحتم زيادة المسؤولية ثبات محور المقاومة وتجاوزه لأخطر مرحلة ‏استهدفت وجوده وكيانه في المنطقة وعلى مستوى الإقليم، هذا أيضاً من العوامل المهمة جداً. ‏
اليوم يقف خلف الشعب الفلسطيني وخلف القضية الفلسطينية محور مقاومة جاد وصادق وحقيقي لم يمر ‏في العقود الماضية - كنا نسمع الكثير من الخطابات العربية، في القمم العربية، في الجامعة العربية، كلامٌ ‏فارغ - اليوم هناك محور مقاومة حقيقي، جدي، يتواصل، يتعاون، يتكامل، يتضامن، والتطورات الأخيرة ‏ستزيد من فرص هذا التواصل والتكامل والتضامن والتعاون والتنسيق، هذا أيضاً من العوامل المهمة ‏والمبشرة والتي تجعلنا نشعر بأن القدس أقرب. ‏
تداعي وارتباك المحاور الأخرى، في الوقت الذي نشهد ثبات وصلابة محور المقاومة رغم كل المخاطر ‏والصعوبات والحروب العسكرية والأمنية والاقتصادية والتجويع والحصار والتزوير والتحريض والكذب ‏والحروب النفسية ومئات وسائل الإعلام، الفضائيات والجيوش الالكترونية مع ذلك يخرج هذا المحور قوياً، في ‏المقابل تداعي المحاور الأخرى التي كانت تقود تلك الحروب على دول المقاومة وعلى شعوب المقاومة ‏وعلى قوى المقاومة في منطقتنا - إن شاء الله في يوم القدس إذا بقينا على قيد الحياة نفصل أكثر - الأزمات ‏العميقة في الكيان الصهيوني، في داخل الكيان الصهيوني، الأزمات الاجتماعية، الأزمات السياسية، ‏الأزمات الأخلاقية، بدأت تظهر على السطح بشكل واضح وبشكل قوي وكثيرون من الخبراء الصهاينة ‏بدأوا يتحدثون عن قلقهم على بقاء هذا الكيان في ظل هذه الأزمات العميقة. ‏
هذه عوامل ايجابية، هذه العوامل الايجابية تزيد المسؤولية.‏
من العوامل السلبية هي موجة التطبيع، عندما يذهب بعض الدول العربية إلى التطبيع هذا يعني أن على ‏بقية العرب وبقية المسلمين وبقية الدول وبقية القوى الحية في الأمة أن يرتفع صوتها أكثر، هذا يعني ‏ازدياد المسؤولية، هذا العامل السلبي يرتب الازدياد في المسؤولية والحضور والتعبير عن الموقف في ‏مواجهة التطبيع مع قناعتنا بأن هذا التطبيع لن يستطيع حماية هذا الكيان على الإطلاق، قد يعطيه بعض ‏الروح، بعض الأوكسجين، بعض الامكانات، بعض التنفس، ولكن في كل الأحوال الدول المطبعة هي  في ‏الآونة الأخيرة، هي أصلاً لم تكن في يوم من الأيام جزءا من هذه المعركة حتى يكون بقاؤها أو خروجها ‏مؤثراً على مسار هذه المعركة وعلى مصيرها. ‏
بطبيعة الحال هذه مجموعة من العوامل إضافة إلى الأوضاع الإقليمية المستجدة، الأوضاع الدولية ‏المستجدة، بعض الانفراجات التي تحصل عملياً في الإقليم، بعض الرايات البيضاء التي بدأت ترتفع هنا ‏وهناك لتعترف ولو بشكل من الأشكال بهزيمتها أو بفشلها أو بانسداد الأفق أمامها، كل هذه الأمور تجعلنا ‏نشعر بأننا إلى القدس أقرب من أي وقت مضى. ‏
طبعاً المسؤولية في يوم القدس هي تقديم كل أشكال الدعم للشعب الفلسطيني، للمقاومة الفلسطينية، محور ‏المقاومة يجب أن يزداد تماسكاً وهو متماسك، يجب أن يتحضر أكثر، يجب أن تشتد قوته أكثر لأن ‏المستقبل يصنعه في هذه المنطقة محور المقاومة. ‏
كلمة أخيرة للإسرائيليين أنفسهم، أنا أقول لهم أنتم تعرفون في قرارة أنفسكم سواءً بالخلفيات الدينية أو ‏بالخلفيات العقائدية أو هو موجود في كتبكم أو في نبوءاتكم وما يقوله بعض كباركم وبعض خبرائكم ‏وبعض حاخاماتكم أنتم تعرفون أن هذا الكيان ليس له مستقبل وأنه في معرض الزوال وأن عمره المتبقي ‏هو عمر قصير، قصير جداً، ولذلك أنتم في هذه المعركة تضيعون جهودكم وشبابكم ويضيعون شبابهم ‏ودماءهم بلا طائل، في كل الأحوال المنطق السليم الذي يجب أن يوجه إلى كل المحتلين والغزاة هو أن ‏يتركوا الأرض التي احتلوها لأهلها الحقيقيين وليعودوا من حيث أتوا وإلا ستتم إعادتهم بأي شكل من ‏الأشكال بالقوة أو بغير القوة، هذه الأرض هي للشعب الفلسطيني، هي لشعوب هذه المنطقة على اختلاف ‏انتماءاتها الدينية والايمانية والعقائدية، لكن هذه الأرض ليست لإسرائيل وللمستعمرين والمحتلين ‏والمستوطنين الآتين من كل أنحاء العالم. نحن نؤمن بهذا المستقبل القريب، نؤمن به بقوة وهذا الإيمان لا ‏يستند فقط على أسس عقائدية وفكرية بل يستند أيضاً على الوقائع والتطورات التي تحصل وخصوصاً التي ‏حصلت في العقود الأخيرة والسنوات الأخيرة وما نحن مقبلون عليه على مستوى المنطقة. ‏
أنا أود أيضاً في ختام هذه الكلمة المختصرة أن أحيي الروح العظيمة للقائد الشهيد الكبير الحاج قاسم ‏سليماني الذي يبقى اسمه وتبقى صورته وروحه وبصماته وفكره الاستراتيجي وحضوره الميداني وأنفاسه ‏تبقى حاضرة بقوة في كل ساحات وميادين هذا المحور والذي لا يمكن أن ننساه وننسى شهادته العظيمة ولا ‏ننسى فضله الكبير ولا ننسى حضوره العظيم إلى جانب كل قوى المقاومة في منطقتنا. ‏
وأيضاً يجب أن أختم بالتحية إلى الشعب الفلسطيني، إلى شباب القدس، إلى كل أبناء هذا الشعب المظلوم ‏المجاهد، المقاوم، الصابر، المتمسك بحقوقه، ودائماً كما كنت أقول في كل المناسبات الأصل، طالما أن ‏الشعب الفلسطيني متمسك بهذه الحقوق ويواصل نضاله، من تخاذل في هذا العالم لن يستطيع أن يصفي ‏القضية الفلسطينية، الشعب الفلسطيني وجوده اليوم في الساحات هو الحجة الإلهية الكبرى على كل عربي ‏وعلى كل مسلم وعلى كل إنسان حر في هذا العالم الذي تطالبه المسؤولية بأن يقف بقوة وبكل إمكاناته ‏وقدراته إلى جانب هذا الشعب. ‏
في يوم القدس بالرغم من الكورونا أي شكل من أشكال التعبير الذي لا يتنافى مع الإجراءات الوقائية نحن ‏ندعو إليه ليكون التعبير صارخاً وقوياً إن شاء الله. ‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ‏
 

السيد حسن نصر االله

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة