طوفان الأقصى

لبنان

لو دريان في بيروت اليوم.. والحريري لم يعد مرغوبًا به
05/05/2021

لو دريان في بيروت اليوم.. والحريري لم يعد مرغوبًا به

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان المرتقبة اليوم الى بيروت، واللافت في الزيارة أن الأخير لم يطلب من موعداً للقاء الحريري.

فريق الحريري بات يشيع منذ صباح أمس أنه يفكّر بالاعتذار عن عدم الاستمرار في مهمته. فالرسائل السعودية تنهمر عليه رفضاً لتولّيه رئاسة الحكومة. 

وفيما كان الحريري لا يزال يعوّل على مصر عربياً، وعلى فرنسا دولياً، يأتي لو دريان، طالباً لقاء الرئيسين عون وبري، من دون طلب موعد للقائه. 


"الأخبار": الحريري حردان من لو دريان: هل يعتذر؟

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن سعد الحريري حردان. هذه المرة حرده ليس من الرئيس ميشال عون ولا من النائب جبران باسيل، بل من راعيه الدولي. منذ مدة طويلة، لم يعد للحريري من معين في العالم سوى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإدارته. لكن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، سيزور بيروت اليوم، من دون أن يكون قد طلب موعداً للقاء الحريري، ما تسبّب بحرد الأخير. فريق الرئيس المكلّف تأليف الحكومة بات يشيع منذ صباح أمس أنه يفكّر بالاعتذار عن عدم الاستمرار في مهمته. الرسائل السعودية تنهمر عليه، رفضاً لتولّيه رئاسة الحكومة. وفيما كان الحريري لا يزال يعوّل على مصر عربياً، وعلى فرنسا دولياً، يأتي لو دريان، طالباً لقاء الرئيسين عون ونبيه بري، من دون طلب موعد للقاء رئيس المستقبل. الأخير، بحسب مقرّبين منه، يرى في تجاهل لو دريان له، تثبيتاً للمساواة بينه وبين باسيل، وانتصاراً لرئيس تكتل لبنان القوي الذي كان يُنقل عنه قوله: «إما أنا وسعد في الحكومة، وإما أنا وسعد خارجها».

الرئيس المكلَّف كان يشيع بأن تهديده بعقوبات أوروبية سيدفعه إلى الاعتذار. لكن يبدو أن ما هو أدنى من معاقبته جعله يلوّح بالهروب من المسؤولية. وبحسب شخصيات دائمة الصلة بدوائر صنع القرار في باريس، أخطأ الحريري يوم رفض مبادرة إيمانويل ماكرون، الذي دعاه إلى لقاء مصالحة مع باسيل في العاصمة الفرنسية. ماكرون ليس الحاضن الدولي الأخير للحريري وحسب، بل هو مَن قاد الاتصالات الدولية للإفراج عن رئيس الحكومة اللبنانية يوم كان مختطفاً في الرياض.
الاتصالات اللبنانية بالجانب الفرنسي لم تتوقف أمس، سعياً إلى نيل موعد من لو دريان لزيارة وادي أبو جميل. لو دريان، الذي لم يكفّ عن «بهدلة» المسؤولين السياسيين في بيروت، وتحميلهم مسؤولية الانهيار و«عرقلة العملية السياسية» وتهديدهم بالعقوبات، لا يزال المنتظر من قبل السياسيين أنفسهم، من أجل تحديد المسار الذي ستسلكه الأزمة السياسية المتمحورة حول الفشل في تأليف حكومة، كما حول الانهيار الاقتصادي والنقدي والمالي المتفاقم يوماً بعد آخر.

المصارف تهدّد القضاء: «التعرّض لنا ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع»!

في هذا الوقت، بدأ التباحث في بدائل الحريري، ويجري التداول بثلاثة احتمالات:
- نجيب ميقاتي مع مشروع حكومة من 24 وزيراً، بينهم 6 سياسيين و18 «اختصاصياً»
- فؤاد مخزومي الذي يفضّله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والذي سأل عنه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، في زيارته الأخيرة لبيروت أكثر من شخص التقاه.
- شخصية يختارها الحريري، وترضى عنها السعودية.
في شتى الأحوال، الأسئلة الرئيسيّة المطروحة حالياً هي الآتية:
- هل الحريري جادّ في الاعتذار، أم أنه يناور لدفع شركائه إلى تقديم تنازلات له، كما لتقطيع الوقت، بهدف التخلص من عبء قرار إلغاء الدعم عن السلع الأساسية الذي سيفتح باب الانهيار الكبير؟
- في حال اعتذاره، هل سيخرج الحريري إلى «المعارضة»، أم أنه سيسعى إلى تسوية عبر المشاركة في تسمية بديل له؟
- في حال تخلّي الحريري عن رئاسة الحكومة، هل ستعود فرنسا، ومن خلفها السعودية والولايات المتحدة الأميركية إلى محاولة فرض مرشحهم الأول، السفير السابق نوّاف سلام؟ وكيف سيكون موقف القوى المعارضة لهذا الخيار، وخصوصاً أنهم أقلّية (النائب جبران باسيل مستعد لدعم وصول نواف سلام إلى السرايا)؟
المصارف تهدّد القضاء
على صعيد آخر، وبعد القرارات القضائية التي لم تصبّ لمصلحتها، وآخرها قرار قاضية التحقيق الأولى في البقاع، أماني سلامة، بالحجز على أملاكها وأملاك أصحابها، أصدرت جمعية المصارف بياناً أمس وجّهت فيه تهديداً إلى القضاء، ومن خلفه جميع اللبنانيين، من خلال القول إن إصدار قرارات قضائية لا تسير وفق مشيئتها «قد يتسبّب بمضاعفات سلبية، ليس على هذا القطاع فحسب وإنما على الاقتصاد اللبناني ككل، واستطراداً على الشعب اللبناني والمصلحة الوطنية العليا».
المصارف التي نفّذت ما وصفته صحيفة «لو موند» الفرنسية بسرقة العصر، عبر تبديد عشرات مليارات الدولارات من الودائع التي صبّ جزء منها في جيوب أصحاب البنوك، تحدّثت عن الثقة الدولية بها، رغم أنها أضحت، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، «مضرب مثل» في العالم لعمليات الغش والاحتيال المصرفية. وهذه المصارف التي تهيمن على الغالبية الساحقة من وسائل الإعلام، وتدعمها معظم الكتل النيابية والأحزاب والقوى السياسية، اشتكت في بيانها من «حملات منظّمة من التجنّي والتشهير»، متحدّثة عن «اتهامها جزافاً بممارسات مرفوضة ومدانة، محلياً ودولياً، كمثل تهريب المال وتبييضه، فمن شأن ذلك أن يشوّه سمعة لبنان ونظامه المصرفي»... المصارف التي ترفض تقديم أيّ تنازل للاعتراف بجزء يسير من مسؤوليّتها عن الخراب الذي لحق بالاقتصاد والسكان، لم تنس تذكير اللبنانيين بأن «أي خطة للنهوض بلبنان من محنته الراهنة لا بد من أن تمر حُكْماً عبر هذا النظام» المصرفي.
وفي كلام يحمل تهديداً بالتمرّد على الأحكام والقرارات القضائية، وجّهت المصارف رسالة مباشرة إلى «أركان الجسم القضائي»، قائلة إن «التعرّض الدائم للمصارف والمصرفيّين ليس السبيل الأجدى للحصول على الودائع»!


"النهار": أجواء مشدودة واعتذار الحريري خيار جدّي

بدورها صحيفة "النهار" رأت أنه في وسط أجواء ملبدة وشديدة الضبابية والغموض تحيط بمجمل الوضع الداخلي، كما بالمآل النهائي للمبادرة الفرنسية الخاصة بلبنان وأزمته السياسية المفتوحة، يصل مساء اليوم الى بيروت وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بالقليل القليل مما تبقى من رهانات على نجاحه في إحداث إختراق في الازمة الحكومية. بل قد لا يكون من المغالاة القول ان زيارة لودريان الذي يفترض ان يجري لقاءاته غدا الخميس قد تكون الزيارة الأكثر اثارة للغموض، وربما للمفاجأت، في ظل ما بدا تعمداً من وزارة الخارجية الفرنسية لعدم كشف تفاصيل برنامج الزيارة ومن ادرج على جدول لقاءات لودريان، الامر الذي أضفى على الترقب الثقيل لوصوله مزيداً من الالتباس والتساؤلات والتقديرات المفتقرة الى معطيات موثوقة. اما العامل الأكثر مدعاة للقلق والانشداد الذي برز بقوة في الساعات الأخيرة، ولو ان الحديث عنه كان بدأ يتنامى قبل أيام، فهو تواتر المؤشرات وبعض المواقف التي يعتد بها من جانب "تيار المستقبل" وكتلة "المستقبل" حيال تأكيد احتمال اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة الجديدة، في حال بقيت العقد الحكومية على حالها بعد زيارة لودريان. هذا المعطى الساخن ولو ان "بيت الوسط" التزم الصمت حياله ، وفي حال لم يتحقق اختراق جدي في الازمة الحكومية بفعل زيارة لودريان، سيضع البلاد والازمة الحكومية والسياسية امام واقع متفاقم للغاية وشديد التعقيد والخطورة، ولكن استباق الأمور قبل معرفة تفاصيل مهمة وزير الخارجية الفرنسي يبقي المشهد عرضة للتبدل في أي لحظة.

الجولة الخامسة
ولعل المفارقة الكبيرة التي طبعت الواقع المشدود الى احتمالات سلبية قد يشهدها الوضع الحكومي، تمثلت في تطور بارز آخر من خلال استئناف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية امس في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة في جولة خامسة بعد انقطاع جولات التفاوض منذ تشرين الثاني الماضي. وانطلقت الجولة الخامسة في العاشرة صباحا في رأس الناقورة بمشاركة الوفود الأربعة واستمرت نحو خمس ساعات ونصف الساعة وسط سرية تامة ولم يتسرب عنها أي معلومات ولم تصدر أي بيانات عن أي من الوفود. ولكن تبين لاحقاً انها لم تؤد الى أي معطيات إيجابية جديدة خصوصا في ضوء عدم توقيع لبنان على مذكرة تعديل الحدود البحرية وارسالها الى الامم المتحدة.
 
وافاد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية مساء ان رئيس الجمهورية استقبل الوفد اللبناني الى المفاوضات "وقد اطلع أعضاء الوفد الرئيس عون على المداولات التي تمت خلال الاجتماع بمشاركة الوفد الأميركي الذي طلب رئيسه ان يكون التفاوض محصوراً فقط بين الخط الإسرائيلي والخط اللبناني المودعَين لدى الأمم المتحدة، أي ضمن المساحة البالغة 860 كيلومتراً مربعاً، وذلك خلافاً للطرح اللبناني من جهة ولمبدأ التفاوض من دون شروط مسبقة من جهة ثانية. وعليه، اعطى الرئيس عون توجيهاته الى الوفد بألا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة، بل اعتماد القانون الدولي الذي يبقى الأساس لضمان استمرار المفاوضات للوصول الى حل عادل ومنصف يريده لبنان حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا والاستقرار، وعلى حقوق اللبنانيين في استثمار ثرواتهم".
 
وعلم ان أي موعد جديد لم يحدد بعد للجولة المقبلة بسبب طلب تريث الوفد اللبناني بعدما طلب رئيس الوفد الأميركي حصر التفاوض بين الخط الإسرائيلي والخط اللبناني المودعين لدى الأمم المتحدة . 

خيار الاعتذار 
اما بالعودة الى المشهد الداخلي، وفي انتظار ما سيحمله وزير الخارجية الفرنسي معه الى بيروت، فقد ظل جدول اعماله غير واضح ، باستثناء موعدين مثبتين مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري على رغم ان مصادر ديبلوماسية فرنسية كانت اكدت سابقا ان لودريان سيلتقي الرئيس المكلف سعد الحريري أيضا.
 
وتوقفت الأوساط المعنية امام تصريحات علنية عدة اطلقت امس من جانب "المستقبل" واعترفت بوضوح ان اعتذار الرئيس الحريري هو بين الخيارات الجدية المطروحة، علما ان الحريري التقى مساء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى إفطار في بيت الوسط وبحثا في التطورات. وفي هذا السياق أشار عضو كتلة "المستقبل" النائب هادي حبيش إلى أن خيار الإعتذار من الخيارات المطروحة أمام الرئيس الحريري، إلا أنه لم يقرره بعد وهو لا يزال متمسكاً بالمبادرة الفرنسية، لافتاً إلى أن "إذا فرضت على الحريري خيارات في تشكيل الحكومة لا تتناسب مع خياراته فهو سيتوجه إلى الإعتذار". ولفت إلى أنه إذا كان الهدف من زيارة وزير الخارجية الفرنسي الدفع بإتجاه التأليف من الطبيعي أن يحصل لقاء مع الحريري.
 
ولكن حبيش اكد أنه حتى البارحة لم يكن هناك بعد من موعد بين الرئيس المكلف ووزير الخارجية الفرنسي، لكنه أوضح أن الموعد قد يطلب في الساعات المقبلة، مشدداً على أن الربط بين إمكان إعتذار الحريري واللقاء غير صحيح، معتبراً أن الخاسر مما يحصل هو الشعب اللبناني.
 
كما ان نائب رئيس"تيار المستقبل" مصطفى علوش أكد امس "أن لقاء لودريان مع الحريري غير مؤكد حتى اللحظة ولا نعلم أساسا الأهداف الحقيقية لتلك الزيارة هل ستقتصر على توجيه رسائل تحذيرية للمسؤولين من دون تسمية المعرقلين؟ هل سيلتقي بالمسؤولين المعرقلين للمبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة أم أنه يحمل في جيبه الحل للمشكلة؟ كل هذا مرتبط بالزيارة". واكد ان الحريري "قد يقدم اعتذاره غدا لكنه لن يستعجل الأمور قبل القيام بالإستشارات ومن ضمنها مع البطريرك بشارة بطرس الراعي. وفي حال اتخذ قراره بالإعتذار يذهب رئيس الجمهورية إلى الإستشارات بحسب الدستور". 

"القوات" :تقصير الولاية 
في غضون ذلك أكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان "الهدف الأول والأخير يبقى الإنقاذ، لأن من دونه سيتواصل الانهيار الذي وصل إلى حدود غير مسبوقة في لبنان، فضلا عن خطورته، في حال استمراره، على الوضع برمته، ومن هنا ضرورة التفكير بأمر أوحد هو الإنقاذ: إنقاذ لبنان من الانهيار الشامل، وإنقاذ اللبنانيين من المجاعة والفقر، ولا نرى سبيلا لهذا الإنقاذ سوى من خلال الانتخابات النيابية المبكرة، لأن تأليف الحكومة مع الفريق الحاكم يعني البقاء في دوامة الفشل نفسها، لأن هذا الفريق أوصل البلد إلى الكارثة بسبب سياساته الداخلية والخارجية، ويستحيل إخراج لبنان من وضعه الكارثي قبل إخراج الفريق الحاكم من السلطة".
 
وبالتزامن تقدم نواب "تكتل الجمهورية القوية" بكتاب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري طالبين منه إدراج اقتراح القانون المقدم من قبل التكتل والمتعلق بتقصير ولاية المجلس النيابي بتاريخ 17 آب 2020 على جدول أعمال أول جلسة تشريعية للمجلس النيابي أو تخصيص جلسة لمناقشته والتصويت عليه، عارضين الأسباب الموجبة.

"البناء": اعتذار الحريري على الطاولة في ضوء زيارة لودريان… والاعتبارات فرنسيّة وسعوديّة… وقلق الفشل! 

أما صحيفة "البناء"، اعتبرت أن الوسط السياسيّ والإعلاميّ انقسم حول كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، في إمكانية تمويل خطة ترشيد الدعم القائمة على البطاقة التمويلية من الاحتياط الإلزاميّ لدى نصرف لبنان الذي يمثل الجزء المتبقي من ودائع اللبنانيين، فكانت ردود أفعال رافضة عالية السقوف من جهة، وبالمقابل تفهم عائد لكون المصرف المركزي أنفق الأموال سابقاً لتغطية حاجات الدولة وخططها من هذه الودائع، وفي سوابق متكررة تسامح المصرف المركزي مع انخفاض الاحتياط الإلزامي على أمل تعويضه لاحقاً، لكن خبراء ماليين تساءلوا عن سبب تجاهل فرضيّة ثالثة تقوم على الإفراج عن نسب من الودائع العائدة لأغلبية المصنفين ضمن المستهدفين بالبطاقة التمويليّة، تعادل حصتهم من الدعم، وتحتسب ضمن حقوقهم باسترداد جزء من ودائعهم، بدلاً من التصرف بها، ويبقى الذين لا ودائع لديهم نسبة ضئيلة من المستهدفين بالبطاقة يمكن أن تغطي حاجاتهم المساهمات والقروض المخصصة لدعم الأسر الأكثر فقراً، بينما دعا خبراء آخرون الى رفع نسبة تحرير السحب من الودائع العائدة لصغار المودعين الى ما لا يزيد عن 1000 دولار شهرياً، ولا يقلّ عن 200 دولار، بما يعادل 5% من الوديعة شهرياً، ويقدّر هؤلاء الخبراء الرقم الذي سيتمّ ضخه في الأسواق المالية من ودائع صغار المودعين، بثلاثة مليارات دولار سنوياً ما ينعش سوق الصرف، ويعوّض الانسحاب من الدعم من قبل مصرف لبنان الذي سيفرض توجّه المستوردين نحو السوق لشراء الدولارات، ودعا الخبراء الى أولوية رفع الدعم عن البنزين، مقابل تخصيص السيارات العموميّة بمئة ليتر مجاناً لكل سيارة أو فان شهرياً، أي ما يضمن النقل العام للموظفين ومحدودي الدخل، بكلفة منخفضة، مشيرين الى ان عدد السيارات والفانات هو خمسون ألفاً، اي ما يعني تحمل الدولة كلفة مليونين ونصف مليون دولار شهرياً، وما يغطي أكثر من نصف حاجات هذه الآليات للبنزين شهرياً.

على المسار التفاوضي الخاص بالترسيم البحري، كانت جولة الأمس مزدوجة الإشارات، فمن جهة كانت العودة للتفاوض وفقاً للتمسك اللبناني بالخط 29، تراجعاً لوفد كيان الاحتلال، بينما كان الكلام الأميركي عن حصر التفاوض بالخطوط الموثقة قبل التفاوض تعويضاً لوفد الكيان عن حصول لبنان على ميزة تثبيت الخط 29 كأساس تفاوضيّ، ويعود الوفدان اليوم لنقاش تقني وقانوني لمرجعيّات الخطوط المعتمدة، ليتبين للجانب اللبناني حقيقة الموقف الأميركي، خصوصاً أن النقاش التقني والقانوني للخط اللبناني سيتركّز على توصيف صخرة تخليت، وسيظهر ما إذا كان الوفد الأميركيّ يحمل في جعبته عرض تقديم معونة تقنيّة للمتفاوضين لحسم بعض النقاط الخلافيّة.

على المسار السياسيّ يستقبل لبنان وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، على إيقاع كلام مرتفع الصوت من أوساط الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، عن ارتفاع أسهم اعتذاره عن تشكيل الحكومة. وتعيد المصادر المتابعة لموقف الحريري هذا التطوّر الى أسباب عدة، لم تستبعد أن يكون بينها مناورة حريرية لتعزيز وضعه التفاوضيّ، خصوصاً أن الأسباب المسرّبة تتحدّث عن عتب حريري على فرنسا والسعودية، فالفرنسيون يواصلون الضغط لفرض لقاء الحريري برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قبل تشكيل الحكومة، والسعوديون عاقبوا الحريري ولا زالوا، بسبب قبوله بالتسوية الرئاسية وبالعودة الى رئاسة الحكومة، بينما هم يذهبون للمصالحة مع إيران وسورية، بينما قالت مصادر معارضة للحريري إنه بدأ يستشعر بأن بعض ارتدادات الحركة السعودية الإقليمية الجديدة سواء نحو إيران او سورية، وما سبقها تجاه فرنسا، تقوم على استبعاده من رئاسة الحكومة، وبالتالي الأفضل له أن ينسحب الآن بدلاً من أن يجد نفسه عارياً من أي سند دولي أو إقليميّ فيخرج مرغماً من الخيارات الحكومية، خصوصاً أن التمويل المرتقب الذي يعول عليه الحريري للنجاح يرتكز الى ما تمثله السعودية كركيزة مالية يربط الآخرون مساهمتهم بمساهمتها.

وبانتظار أن تحطّ نتائج الحوارات والمفاوضات الدوليّة – الإقليميّة رحالها في بيروت لا سيما على المستوى الأميركي – الإيراني والإيراني – السعودي والمستجدّ على خط الرياض – دمشق، توزع المشهد الداخلي أمس، بين ترقب زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان يوم غدٍ ومدى انعكاسها على الملف الحكومي ومصير تكليف الرئيس سعد الحريري تحديداً في ضوء المعلومات المتداولة حول توجّه الحريري إلى الاعتذار كخيار على الطاولة في حال فشل لودريان في إحداث خرق نوعي في جدار التأليف. أما الجانب الثاني من المشهد فهو استئناف جولات التفاوض بين الوفدين العسكريين اللبناني والإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية بعد انقطاع لأشهر عدة.

وما بين هذا وذاك انشغلت الأوساط الحكومية والاقتصادية والشعبية بملف رفع الدعم المتوقع نهاية الشهر الجاري والبطاقة التمويلية، في ظل وقوع الحكومة بمأزق اتخاذ قرار بهذا الشأن قبيل إعلان مصرف لبنان التوقّف عن سياسة الدعم المعتمدة منذ عقود وسط مخاوف أمنية عبّر عنها أحد المراجع الوزارية والأمنية لـ«البناء» لجهة التداعيات الاجتماعية والأمنية في الشارع بعد رفع الدعم.

بالعودة إلى زيارة لودريان أفادت مصادر «البناء» أن «الوزير الفرنسي سيبلغ المسؤولين اللبنانيين رسالة حازمة وحاسمة بضرورة تأليف حكومة في وقت قريب وإلا ستلجأ فرنسا إلى تجميد مبادرتها واللجوء إلى خيار العقوبات».

وأوضحت معلومات قناة «أو تي في» أن «وزير الخارجية الفرنسي سيذكّر بالموقف الفرنسي من العقوبات التي يكتنفها الغموض حتى الآن من دون معايير تحدّدها أو جداول بأسماء الشخصيّات المستهدفة».

على صعيد آخر، لفتت المعلومات إلى أن «الوفد السعوديّ الذي زار دمشق أبلغ رسالة إلى القوى اللبنانية بأن الرياض لا تشجّع ترؤس سعد الحريري أو أي شخصية من آل الحريري للحكومة، وأنها لا تشترط نواف سلام».

وبحسب معلومات «البناء» فإن اعتذار الحريري وارد في حال ظهر أن فرنسا لم تعُد متمسّكة بخيار الحريري ولا بخيار حكومة الاختصاصيين وفق المبادرة الفرنسية»، ولفتت المعلومات إلى أن «الملفات الإقليميّة وضِعت على سكة الحلّ من اليمن إلى سورية والعراق فلبنان وإيران وقد تبدأ ثمارها بالظهور على لبنان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة من خلال تأليف حكومة توافقيّة بمظلة إقليميّة – دوليّة».

وبحسب المعلومات أيضاً فإن دوائر وزارة الخارجية الفرنسية لم تحدد حتى الساعة موعداً للقاء الحريري على جدول اللقاءات الذي سيعقدها لودريان في بيروت ما يُعدّ رسالة سلبية للحريري.

وأشار نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش الى أن «الرئيس الحريري ليس راهناً في وارد التوجّه إلى قصر بعبدا، لكنه حتماً لن ينتظر إلى ما لا نهاية. تفسير ذلك إما الاعتذار أو الاستمرار في مساعيه لتشكيل حكومة. لكنّ الاستمرار كرئيس مكلف رهن بمعطيات جديدة، أي حكومة من دون ثلث معطل وعدم الجلوس مع النائب جبران باسيل إلا بعد التشكيل. عندها يلتقي به كرئيس حكومة مع رئيس تكتل، أما في حال اتخذ قراره بالاعتذار يذهب رئيس الجمهورية إلى الاستشارات بحسب الدستور».

فرنساسعد الحريري

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة