يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

زيارة الغريب سوريا ليست
19/02/2019

زيارة الغريب سوريا ليست "غريبة".. مصلحة لبنان فوق كل اعتبار

فاطمة سلامة

لم يُحرز معين المرعبي، وزير الدولة السابق لشؤون النازحين، أي تقدم يُذكر في قضية النزوح. هذا الملف ورغم أهميته انطلاقاً من التداعيات الضخمة التي تركها على الساحة اللبنانية، ـ والتي أُشبعت بحثاً ـ لم يحظ بنصيب من الجدية اللازمة. بدا المرعبي كمن يضرب سيفه بالهواء. فهو من ناحية يُعلن عن دعمه لعودة النازحين، ومن ناحية أخرى يرفض رفضاً قاطعاً التواصل مع الحكومة السورية. فالرجل الذي أسندت اليه حقيبة النازحين لم يخلع يوماً عباءته السياسية خلال مقاربة هذا الملف. فكره العدائي لسوريا كان يسبقه دوماً، ما أبقى ملف النازحين في أتون التجاذبات، ليخسر لبنان مزيداً من الوقت. 

الأوضاع مع الوزير الخلف مختلفة تماماً. يتسلّح الوزير الجديد صالح الغريب بعقلية منطقية وواقعية. فصحيح أنّه ينتمي لرئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان المعروف بصداقته للدولة السورية، إلا أنّه يؤمن أنّ حل ملف النازحين السوريين ـ بغض النظر عن أي فريق سياسي يستلم هذه الحقيبة ـ لا يكون ولن يكون إلا بالتواصل مع الحكومة السورية. وهي عبارة كرّرها الغريب مراراً وتكراراً على مسامع الجميع، منذ اليوم الأول لتعيينه وزيراً. برأيه، فإنّ التواصل يُشكّل مفتاحاً للحل، وبدونه عبثاً نحاول. وعملاً بهذه القاعدة، افتتح وزير الدوله لشؤون النازحين عمله في اليوم الأول بعد نيل الحكومة الثقة من سوريا، وهي خطوة بناءة، يُعلّق عليها الغريب بالإشارة الى أنها طبيعية واستطلاعية. يوضح لموقع العهد الإخباري أنه لمس من الجانب السوري تجاوباً لافتاً جداً وإيجابية وجدية في التعاطي يُعوّل عليها. 

يُشير الغريب الى أنّ الحكومة السورية أبدت استعدادها للتعاون، وتقديمها التسهيلات كافة لتأمين عودة آمنة للنازحين السوريين الى ديارهم. ويكشف الوزير عن العمل على إنجاز خارطة طريق بعد التواصل مع كافة الأفرقاء السياسيين. فهل سيُنجز الملف في عهد الغريب؟!. يمتنع المتحدّث عن الذهاب بعيداً في التفاؤل، لكنّه يعلّق آمالا كثيرة للعبور بهذا الملف نحو السكة الصحيحة، والانتهاء منه بأسرع وقت ممكن. برأيه هناك خرق جدي في هذا الملف بعد التجاوب الكبير الذي لمسناه، لكنّه يتمنى بأن لا تتم عرقلتنا في الداخل اللبناني. ولدى سؤاله عما يُشاع حول ذهابه الى سوريا بصورة شخصية لعدم تنسيقه مع الحكومة. يكتفي صالح بالقول "رئيس الحكومة سعد الحريري في الأجواء، ولن أضيف على هذا الكلام". بالنسبة اليه، فإنّ "علنية" الزيارة دليل واضح على أهدافها. لم نزر سوريا في السر والخفاء، وليس لدينا أجندة خاصة. أولوياتنا واضحة ونتشاركها مع الحكومة"، يختم الغريب. 

على هامش الزيارة

مدير الإعلام في "الحزب الديمقراطي اللبناني" جاد حيدر يسجّل في حديثه لموقع "العهد" عدة ملاحظات على هامش الزيارة فيشير الى التالي:

-الوزير الغريب ـ الذي أوكلت اليه مهمة شؤون النازحين ـ محسوب على النائب طلال ارسلان، فليس من المستغرب أن يقوم بزيارة سوريا، لا بل لو لم يقم بهذه الزيارة لكان مستغرباً

- شعار الحزب الديمقراطي اللبناني في الحلف المتين مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّ مصلحة لبنان فوق أي اعتبار ومصلحته اليوم تقتضي العلاقة الواضحة والصريحة والعلنية مع سوريا 

- منذ اليوم الأول لتسلم الغريب، قلنا اننا لن نقوم إلا بزيارة علنية لسوريا، وهذا ما يدحض الإشاعات المغرضة، والزيارة جاءت تلبية لدعوة وزير الإدارة المحلية السورية حسين مخلوف الموكل اليه ملف عودة النازحين السوريين من مختلف الدول، والتي وجهها للغريب منذ أيام قليلة

- الزيارة ترجمة لجدية التنسيق اللبناني مع الدولة السورية في الإطار الرسمي والسياسي، وليس فقط الأمني 

ويؤكّد حيدر ما قاله الغريب لجهة الجدية الكبيرة والصادقة التي لمسها الغريب في سوريا، حيث أبلغه المعنيون العمل لتجهيز بنى تحتية وظروف عيش لائقة للعائدين، فضلاً عن كل ما يحتاجه المواطن في الحياة اليومية. وفي سياق متصل، يلفت حيدر الى أنّ الوزير يعمل للجميع ولمصلحة لبنان بتنسيق تام مع الرئيسين عون والحريري. ويُشدد على ما قاله الغريب لجهة أن رئيس الحكومة في الأجواء. يكتفي بهذه العبارة التي تختصر برأيه  كل شيء. فليس المطلوب إحراج أحد أو أي فريق لبناني. الوزير الغريب يمثل وزارة شؤون النازحين، وزيارته سوريا جاءت كوزير بصفة رسمية لا شخصية وتلبية لدعوة رسمية. وهنا يعلّق حيدر على نقطة يصفها بالمهمة. برأيه، مذ اتفق الجميع على إسناد حقيبة النازحين لدارة خلدة، فهذا أكبر دليل على النية في التعاون الجدي والتواصل المباشر مع الدولة السورية. 

 

زيارة الغريب سوريا ليست "غريبة".. مصلحة لبنان فوق كل اعتبار

 

ويلفت مدير الإعلام في "الحزب الديمقراطي اللبناني" الى أنّ هناك مساعي كبيرة لإنهاء ملف النازحين في عهد الغريب، أو أقله التخفيف من العبء الكبير الذي يتحمله لبنان جراء النزوح. برأيه ليس المطلوب أن نستأصل السوريين من لبنان، بالعكس تربطنا مع الجانب السوري علاقات تاريخية وجغرافية كبيرة، لكن المطلوب تأمين عودة آمنة لهؤلاء النازحين الذين شردتهم الحرب الكونية، وهم يتمنون العودة اليوم قبل الغد. 

ويؤكّد حيدر أنّ مصلحة لبنان فوق أي اعتبار وتقتضي التعاون مع كل المعنيين في هذا الملف من مؤسسات دولية وأمم متحدة ودول صديقة، وخاصة مع جهات وأجهزة محلية في لبنان من جيش وأمن عام وغيره، وذلك لمصلحة لبنان فقط، وفي سبيل تأمين عودة آمنة وكريمة للنازحين الذين خلفوا أعباء كبيرة لا قدرة للبنان على تحملها في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي يقبع تحت "سندانها". ويختم مدير الإعلام في "الحزب الديمقراطي اللبناني" حديثه بالتشديد على ضرورة إبعاد ملف النزوح عن التجاذبات السياسية والحسابات الضيقة والارتباطات الخارجية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد