طوفان الأقصى

خاص العهد

وداعًا للعملات النقدية في لبنان.. الـ250 والـ500 الى الأرشيف!
26/04/2021

وداعًا للعملات النقدية في لبنان.. الـ250 والـ500 الى الأرشيف!

يوسف جابر

في زمن الأهل والكبار، عملاتُ الماضي كانت تحكي. هكذا يقولون ويتحسّرون. "القرش" و"الفرنك" و"الليرة" فئاتٌ نخالها بسيطة، لكنها كانت متنفسًا أساسًا في الحقبة الذهبية لليرة، لها بريقها، غير أنها لم تعد كذلك اليوم. ليرتنا أضحت بلا قيمة، أوراق ومعادن بلا تقدير.

مالك قميحة (64 عامًا)، ربّ أسرة وصاحب محل تجاري عايش الحرب الأهلية ثمّ انحدار العملة الوطنية كسائر اللبنانيين الذين شهدوا تدهور اقتصادهم، يقول لـ"العهد": "مع كلّ نكسة نفقد عملة.. مونة المنزل بأكمله كانت تساوي بضع ليرات لا أكثر، وكنت أنزل من الأشرفية إلى وسط البلد بربع ليرة".

قميحة يأسف للغلاء الفاحش الذي وصلنا إليه اليوم، بعدما عاصر حقبة كانت تُباع فيها ربطة الخبز 14 رغيفًا بليرة واحدة، وفطور الفول والحمص عند "راديو سيتي" في حي العزارية بـ 30 قرشًا، ويتابع رواية حال الأمس مقارنة مع اليوم "مع بداية الحرب الأهلية وانخفاض قيمة العملة وتوقف مصالح الناس وشُّح النقد، تبدّلت أسعار المواد الغذائية وراحت ترتفع، فبات كيلو اللحم بـ20 ليرة بعدما كان بـ7 ليرات، وحليب الأطفال الذي كان يُباع بـ8 ليرات أصبح بـ18 ليرة، أما في الثمانينيات فبدأ حال العملات يتغير، وصرنا نرى الأوراق النقدية بشكل أكبر من الألف إلى 5 آلاف وصولًا لـ100 ألف ليرة".

بدوره، حسين رميتي صاحب دكانٍ في الشياح يقول إنّ العملات المعدنية كالـ 500 ليرة التي كانت تشتري لوحًا من الشوكولا أو البوظة والـ250  ليرة التي كانت تشتري منقوشة الزعتر أصبحت بلا قيمة.

ويذكر رميتي لـ"العهد" أنَّ الـ 250 والـ 500 ليرة في التسعينيات وحتى مطلع الـ 2000 كانت تجلب كيلو بصل وبندورة، ولكن من العام 2008 وصعودًا تغيرت الأحوال وارتفعت الأسعار حتى يومنا هذا، حتى باتت الـ 100 ألف ليرة لا تساوي شيئًا فكيف الحال بالـ 250 والـ 500 ليرة لبنانية؟

أمام هذا المشهد، يؤكد الخبير الاقتصادي عماد عكوش لـ"العهد" أن اختفاء العملات تجربة مرّ بها لبنان، ويقول "هذا ما نواجهه في العملات المعدنية اليوم.. عبر الزمن كان لدينا عملات معدنية أقل عددًا كالربع ليرة والليرة وغيرها ولكن كلها تآكلت مع انخفاض القيمة الشرائية لليرة، ولا قيمة فعلية أو مادية لتشتري بها شيئًا".

وإذ يوضح عكوش أنَّ قيمة العملات المعدنية معنوية أكثر مما أنها مادية، وهي تختصر اليوم بوزنها، يلفت هنا إلى أنَّ فقدانها من السوق هو بسبب تجميعها وبيعها كمعدن، خصوصًا أنَّ أسعار المعادن ارتفعت عالميًا من النحاس والقصدير وهي المواد التي تصنع منها هذه العملات، متوقعًا أن تُفقد بعد فترة من الأسواق مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية إلى أن يُبطل تداولها كما أسلافها من العملات.

عكوش يشير إلى أنَّ صكَّ المصرف المركزي لهذه المعادن حتى الآن هو صكٌّ لعملة كلفة تصنيعها أكبر من قيمتها، وهذا ما يستلزم صك عملات جديدة كما جرى سابقًا، إلّا أن المانع هو عدم استقرار سعر الصرف، ويرى في حديثه لـ"العهد" أنَّ صكَّ المعدن هو أوفر للدولة من الورق، ويخفّف التكاليف على المصرف لأن الورق قابل للتلف عبر الزمن ما يستوجب سحب كميات من الأسواق وتصدير غيرها، لكن المعدن لا يبلى ولكن مع انخفاض القيمة سيضطر لصك عملات بشكل مستمر.

وبحسب عكوش، تكلفة الصكِّ تتأثر بأسعار المعادن في البورصات العالمية، كذلك تكلفة الشحن والكلفة التشغيلة، حيث كان الشحن سابقًا يكلِّف ألفي دولار، أما اليوم فأصبح بثمانية آلاف دولار.

تجدر الإشارة إلى أنَّ العملة المعدنية من فئة 250 ليرة، التي يبلغ وزنها أكثر من 5 غرامات تتكون من 3 معادن، وهي النحاس والألمنيوم والزنك، وأن قيمة هذه الفئة التداولية هي 0.16 سنت، حسب قيمة سعر الصرف الرسمي، لكنها في الواقع تساوي 0.02 سنت، حسب سعر صرف السوق الموازية، وهذا أقل بما يقارب النصف من كلفة إنتاجها، أي من قيمة المعادن المكونة لها، وبالتالي قيمتها كمعدن أكثر من قيمتها التداولية، الأمر يشبه شراء معدن بسعر مدعوم على سعر الصرف الرسمي وبيعه بسعر صرف الدولار بالسوق السوداء، على ما يؤكد خبراء ماليون.

الدولارالليرة اللبنانية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل