يوميات عدوان نيسان 1996

منوعات ومجتمع

10/03/2021

"ميشال كورناتون" مكرّماً في مركز أبحاث معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية

كرّم مختبر علم النفس الاجتماعي التابع لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية برئاسة منسقة المختبر البروفسورة رجاء مكّي، المفكّر الفرنسي ميشال كورناتون ضمن فعاليات مؤتمر "في استذكار ميشال كورناتون: حياة وعمل" والذي نظّم عبر منصّة Zoom، بمشاركة عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسورة مارلين حيدر ورئيس مركز الأبحاث في المعهد البروفسور حسين أبو رضا ونخبة من الباحثين من فرنسا ولبنان.

البروفسورة مارلين حيدر

وأشادت حيدر بـ"فكرة تنظيم هذا المؤتمر تكريمًا لصديق المعهد البروفسور كورناتون بالنيابة عن رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب"، معتبرة أنّ "هذا التكريم هو إشارة نرسلها إلى جميع أصدقاء معهدنا لنقول لهم إن معهدنا لا ينسى أصدقاءه".

وأشارت حيدر إلى "أهمية الدور الكبير الذي قام به كورناتون من خلال مشاركته في العديد من الأنشطة الأكاديمية التي نظّمها معهد العلوم الاجتماعية"، مؤكّدة أهمية "التبادل الأكاديمي بين المؤسسات، لا سيّما التبادل الذي ساهم فيه زملاؤنا الفرنسيون من خلال شراكات مع الجامعات الفرنسية، الأمر الذي كان له الدور البارز في تطوّر المعهد منذ نشأته عام 1959، ولا زال مستمّرًا".

وتحدّثت عن علامة فارقة برزت في حياة كورناتون وهي علاقته بالجزائر، خصوصا أنّه بعد أدائه هناك للخدمة العسكرية في أواخر الخمسينيات عندما كان هذا البلد لا يزال يسمى الجزائر الفرنسية، انحاز إلى الجزائريين بدافع الضمير، إذ رأى استقلال الجزائر مسألة أخلاق وعدالة"، معتبرة أن "أمرا دفعه إلى إعداد أطروحته في الدكتوراه عن الجزائر التي أحب، وخصّها فيما بعد بأكثر من ثلث عمله العلمي بقليل".      

وختمت حيدر شاكرة  "كل العاملين الذين ساهموا وعملوا تطوّعًا على إنجاح هذا المؤتمر، من أساتذة وموظفين وإداريين وفنيين وطلاب".

البروفسور حسين أبو رضا

بدوره، شكر أبو رضا كل من ساهم في التحضير لهذا النشاط إعدادًا وتنظيمًا وترجمةً وأتمتة (كمبيوتر)، لافتا إلى أنّه "من أهداف المركز تنظيم الأنشطة المختلفة من مؤتمرات وندوات ومحاضرات محلياً وإقليمياً ودولياً في شتى ميادين العلوم الاجتماعية، بغية توفير منبر علمي لأساتذة المعهد من أجل التفاعل مع أقرانهم الباحثين، والمتخصصين بالسوسيولوجيا، والأنثروبولوجيا، وعلم النفس الاجتماعي، والسياسي والثقافي، والمعرفي والتربوي، والعائلي والعمل والتنمية والديموغرافيا والبينمناهجي"

وأوضح أنّ "جميع هذه الاختصاصات هي ضمن مختبرات مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية وهي الجامعة الوطنية الأكبر والأهم"، مضيفا أن "من أهداف المركز أيضًا، تكريم العلماء والمفكرين الذين أعطوا للجامعة اللبنانية ولمعهد العلوم الاجتماعية الكثير من خبراتهم وأوقاتهم، لأنهم يؤمنون بأهمية الإنسان أولاً، وكذلك يؤمنون بالمعرفة الشاملة التي تدور حول الإنسان والمجتمعات كافة ثانياً، ويهتمّون بالعلوم الاجتماعية المتعدّدة القادرة على دراسة الظواهر المتنوّعة والمعقّدة ثالثا".

وأشار إلى أنّ "تكريم كورناتون، جاء بوصفه قامة علمية بذاتها، وحالة إنسانية فريدة"، مؤكدا أنه "المتميّز بصفاته الإنسانية الاستثنائية، والمتميّز بإحساسه بالتعاطف خصوصًا مع المجتمعات النامية".

ولفت أبو رضا إلى "موقفه المتميّز من القضية الجزائرية، واهتمامه الأكثر تواضعًا، إضافة إلى ثقافته الواسعة بالنسبة لمفكّر وأكاديمي بهذه المكانة"، وقال إنه "شخصية فضّلت الفهم بدلاً من الحكم، والحوار بدلاً من التصلّب، والانفتاح بدلاً من الانغلاق".

البروفسورة أنيك هويل

من جهتها، تحدّثت البروفسورة أنيك هويل الأستاذة الفخرية في علم النفس الاجتماعي في جامعة ليون 2، عن "مسار حياة كورناتون العلمي منذ دراسته علم الاجتماع وعلم النفس في ليون حيث حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع، إلى حين تسلمه مسؤولية العلاقات الدولية في قسم علم النفس الاجتماعي، الأمر الذي سمح له بالقيام بالمهام التي قام بها مع مختبر علم النفس الاجتماعي في الجامعة اللبنانية عبر د. رجاء مكي".

وأضافت هويل أنّه "بعد أن سلّمها كورناتون شعلة الإدارة كرّس نفسه لمجلة   CROQUANT LE  وهي مجلة أدب وعلوم إنسانية نصف سنوية أسّسها لينشر بعدها أحد أبرز كتبه le lien social ، وهو كتاب تكمن أهميته في التشديد على عدم فصل المكوّن الاجتماعي عن المكوّن الفردي حتى في علم الأمراض، إذ لم يكتف بممارسة علم النفس الاجتماعي، بل كان مفكرًا وفي الوقت ذاته مغرمًا بالتحليل النفسي".
 
وأشارت إلى أنّ "كورناتون تقاعد بعد حصوله على مهمّة في سياق مشروع لإنشاء برنامج أبحاث مشترك MIRA 2003 جرى تنفيذه من خلال منحة دراسية واحدة لها أي حويل وأخرى للدكتورة مكي ما أتاح المشاركة في مؤتمر نظّم في بيروت في مركز أبحاث العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية مع السفارة الفرنسية في لبنان ومختبر علم النفس الاجتماعي في ليون 2 عام 2005.

وختمت قائلة إن "كورناتون قد توفي في أكتوبر 2020 ودفن في مقبرة جميلة جدًا في مسقط راسه بريس".

البروفسور إبراهيم مارون

أستاذ علم الاقتصاد في معهد العلوم الاجتماعية البروفسور إبراهيم مارون اعتبر أن كورناتون "رجل جامع للصفات على أكثر من مستوى، فقد تنقّل على المستوى المهني بين العديد من المهن، وكان في الوقت نفسه عالم اجتماع، وعالم نفس، وعالماً إثنولوجياً، ورجل أدب، ومتخصّصا في العلوم التربوية وعالما سياسيا، ويمكن القول كذلك عالم لاهوت في مرحلة ما".

ورأى مارون  أن "كورناتون هو فاضح للأيقونات، لم يتردّد في مهاجمة العظماء حين يخطئون، فقد واجه فرانسوا ميتران حين كان وزيرًا للعدل، وكذلك بيير بورديو عالم الاجتماع المرموق، والأخوين لوميير (أوغست ولويس)، وهو أمر يدل على شجاعته".

ولفت مارون إلى أنّ "من يعرف كورناتون يكتشف أنه شخص لطيف ومحبوب وحتى صوفي أحيانا"، مشيراً أنّه "اكتشف هذه الصوفية لدى كورناتون عند زيارته أرز لبنان، حين سمعه يقول "ربما آتي لأصنع صومعتي هنا ذات يوم"، وأشار إلى دور كورناتون في زرع معالم مهمّة ومحوريّة طالت تخصّصين جديدين هما التحليل النفسي للأدب وأنثروبولوجيا التربية".

البروفسور جان بيار دوريف فارومبونت

وتطرّق الأستاذ المتقاعد في جامعة ليون2 البروفسور جان بيار دوريف فارومبونت إلى زيارته وكورناتون إلى لبنان في العام 2000 ضمن مشروع  TEMPRA-CEDRE المتوسطي في سياق التبادل الجامعي مع معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، لمناقشة برامج التدريب والتدريس في علم النفس الاجتماعي والعلوم الاجتماعية كجزء من المهام الموكلة.

وذكر أنه "إضافة إلى الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية فتحت هذه الزيارة إمكانية الإشراف المشترك على تحضير طلاب الدكتوراه لأطروحاتهم"، مؤكدا "الدور الهام لكورناتون في جامعة ليون 2، حيث كان دائمًا متحمّسًا لقضية الرابط الاجتماعي الذي تمكّن من تجسيده عبر أحد الماسترات الثلاثة التي اسّسها".

 وأضاف: "لم يخف أنّ لبنان كان له مكانة خاصة في قلبه إذ عاد إليه عام 2005، ولا بد من استذكار ما كتبه كورناتون بعد اسابيع من عودتهما الى ليون: لبنان الجميل، كيف نساعد لضمان تراثه الرائع الذي أثار إعجاب فلاسفة عصر التنوير، ويمكن أن يتم بتحويل تعايش الطوائف الدينية إلى تعايش مجتمعات نقية وبسيطة، ودائماً من خلال هذا الرابط الاجتماعي".

الجامعة اللبنانية

إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع