يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

العلاقات الأميركية - الأوروبية - التركية 2021: أزمة ثقة وانتظار
12/02/2021

العلاقات الأميركية - الأوروبية - التركية 2021: أزمة ثقة وانتظار

سركيس أبوزيد

أصدرت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرًا التقرير الشهري الذي تضمن إشارة قوية الى استمرار دعم تركيا لتنظيم "داعش"، ويذكر التقرير "ان التنظيم الإرهابي لا يزال منتعشًا اقتصاديًا بفضل اعتماده على محاور لوجستية داخل تركيا من أجل تمويله ماديًا". ويشير الى أن التنظيم غالبًا ما يجمع الأموال ويرسلها الى وسطاء في الداخل التركي يهربون الأموال الى سوريا، فضلًا عن أنه يعتمد على شركات الخدمات المالية.

في الوقت نفسه جاء تعيين المبعوث الخاص السابق لـ "التحالف الدولي لمكافحة داعش" يريت ماكغورك منسقًا لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، بمثابة صدمة على الدولة التركية، لا سيما أن ماكغورك كان داعمًا قويًا للمجموعات الكردية في شمال شرقي سوريا، ومجاهرًا بمواقفه ضد تركيا التي اتهمها في عام 2009 بالسماح بارسال 70000 مقاتل من المتطرفين من أكثر من مئة دولة في العالم الى الداخل السوري لقتال الجيش السوري و"قوات سوريا الديموقراطية". يضاف الى ذلك انتقادات وزير الخارجية الأميركي الجديد انتوني بلينكن لتعاون أنقرة مع موسكو.

خلافًا لترامب الذي كانت تربطه علاقة شخصية طيّبة بالرئيس التركي إردوغان، سيعمل بايدن على "قصقصة" أجنحة التمدد التركية في الشرق الأوسط، وخصوصًا في سوريا والعراق وعبر المتوسط. وهذا الأمر يراهن عليه الأوروبيون أيضًا، ولا سيما منهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. في نظر بايدن، تضطلع تركيا بأدوار تؤذي استراتيجية واشنطن، وتهدّد حلفاءها من داخل الأطلسي، وأتاح لتنسيق مع روسيا لاردوغان أن يتحدّى الجميع بتهديد خطوط الغاز في توسيع نطاق النفوذ التركي في سوريا والمتوسط والتدخل عسكريًا في ليبيا وحسم المعركة في ناغورني كاراباخ، والعراق.

بايدن سيمارس نهجًا أكثر حزمًا مع إردوغان. وهذا ما بدأ الأتراك يدركونه باكرًا ويثير قلقهم. ينظر الأتراك بحذر إلى المؤشرات المتعلقة بتركيب فريق بايدن لشؤون الشرق الأوسط. ماكغورك واحد من العقول التي شاركت في رسم سياسات واشنطن في سوريا والعراق، على حدّ سواء، خلال عهد الجمهوري جورج بوش الابن والديموقراطي أوباما. وهو معروف بالتشدّد إزاء تركيا ومطالباته الصريحة بدعم الأكراد وحِقّهم في تقرير المصير. وقد وجه انتقادات قاسية إلى إدارة ترامب بسبب تراخيها في دعمهم. فكرته الأساسية كانت تقسيم العراق إلى 3 دول: شيعية في الجنوب، وسنّية في الوسط وكردية في الشمال.

آنذاك، حاول الأميركيون تسويق الخطة لدى أعضاء مجلس الأمن لاعتمادها، ولكن سرعان ما تراجعت الادارة خوفًا من نفوذ إيران المحتمل في الدولة الموعودة جنوبًا.

على المقلب التركي، يرسم برهان الدين دوران، (المقرب من الرئيس التركي والمشرف على التقرير الاستراتيجي السنوي) مشهدًا لما يمكن أن تكون عليه العلاقات التركية - الأميركية. وبحسب دوران، فإن العالم تَعب من الحسابات الصغيرة لأميركا على حساب علاقاتها الاستراتيجية مع دول أخرى.

يقول دوران إن تركيا أعربت بوضوح عن رغبتها في فتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة. ويرى أنه سيكون من الخطأ، تحت ذريعة تحالف الديموقراطيات، استبعاد تركيا.

يحذّر دوران من سياسة التنسيق بين أوروبا وأميركا لإحراج تركيا، والزعم بأن الأخيرة لا يمكن أن تتبع سياسة توازن بين واشنطن وموسكو، في وقت يمكن لها، كما بدا في السنوات الأربع الأخيرة، أن تؤدّي دورًا كبيرًا في مسألة التوازنات العالمية. كما أن علاقات جديدة وجيّدة بين تركيا والإتحاد الأوروبي ستقّوي يدَ بروكسل، كما أنقرة.

 تستبشر تركيا خيرًا من الإدارة الأميركية الجديدة، أو حتى أتباعها في الإتحاد الأوروبي. وبينما تنتظر ما ستؤول إليه علاقاتها المتوتّرة أصلًا مع القوى الغربية، تجاوزت هذه الأخيرة مرحلة العقوبات المحدودة إلى قيادة هجمة منظمة ومتعِّددة الأوجه، تشارك فيها مراكز ضغط، تسعى من جهتها لتفعيل سياسات تضع حدًا لطموحات أنقرة التوسعيّة والتي باتت تشِّكل خطرًا على وحدة حلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي.

اختار الإتحاد الأوروبي نهج الانتظار والترقب مع تركيا، بعد أن قرر وزراء خارجيته تأجيل إعلان العقوبات بسبب أنشطة التنقيب -غير القانونية- عن النفط والغاز شرق البحر المتوسط، بسبب ما قالوا إنه "تطورات إيجابية"، في إشارة إلى استئناف المحادثات الاستكشافية بين تركيا واليونان، التي أكدت مصادر دبلوماسية يونانية أن تركيا تتخذها وسيلة لإقناع الإتحاد الأوروبي بالتخلي عن العقوبات المقرر أن يعيد تقييمها في قمته الاتية في آذارالمقبل.

واتفق الجانبان على إجراء جولة المحادثات المقبلة في العاصمة اليونانية، أثينا في نهاية شباط "سيكون بالتأكيد قبل قمة الإتحاد الأوروبي لأنه يهدف إلى إيصال رسالة، سيما من جانب تركيا، مفادها أن البلدين يواصلان التقدم في تطوير العلاقات الجيدة".
هل ترتسم في العام 2021 مرحلة جديدة في العلاقات الأميركية - الأوروبية - التركية؟ أم أن مرحلة التوتر والإنتظار مستمرة؟

تركياأوروبا

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة