يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

من رماد العدوان يزهر اليمن: ما ذل شعبٌ يأكل مما يزرع
05/02/2021

من رماد العدوان يزهر اليمن: ما ذل شعبٌ يأكل مما يزرع

سراء جمال الشهاري
 

البناء والتنمية مفهومان تنهض بهما المجتمعات حول العالم. أما في اليمن، فلهاتين المفردتين ترجمانٌ آخر بقاموسٍ اسطوري سيخطه بدماء الشهداء جيلُ الغد الآتي.

في اليمن.. يلاصق المنزل المقصوف منزلًا في طور البناء، ومدرسة تحرقها نيران الحقد الصهيوني - السعودي، فيتلقى طلابها العلم في باحةٍ مجاورة في العراء.

في لا نهائية المسيرة، أمد الصمود محدد "بيوم القيامة" كما قال قائد المسيرة القرآنية السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي. وباستراتيجية الرئيس الشهيد صالح علي الصماد رضوان الله عليه يدٌ تبني ويدٌ تحمي. أصبحت الزراعة من أهم مجالات البناء التي حظيت باهتمامٍ كبيرٍ من القيادة السياسية لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
 
حققت وزارة الزراعة في حكومة الإنقاذ الوطني انجازاتٍ، أوضحتها في تقريرها السنوي الأخير لعام 2019، تمثلت في انتاج وتوزيع 1200 طن من بذور محاصيل الحبوب المحسنة، وانتاج وتوزيع 5267 طنا من بذور البطاطس المحسنة. استفاد من هذه البذور أكثر من 3325 مزارعا من صغار المزارعين. كذلك تم انتاج 1000000 شتلة بُن، تم توزيعها على المزراعين في مناطق زراعة البن، وانتاج 82820 شتلة فاكهة وحراجية وزينة متنوعة. كما أن ايرادات الوزارة زادت بنسبة 169% عن عام 2018.

وتشهد الأسواق المحلية حاليًا، عودةً استثنائية للمحاصيل الزراعية المحلية بمختلف أنواعها خاصةً محاصيل الحبوب. وباتت الأسواق تزخر بالقمح البلدي وبالدخان والذرة والشعير، إلى جانب تنامي وعي المواطن بأهمية وجودة هذه المحاصيل وقيمتها الغذائية العالية مقارنة بالقمح المستورد. بل صارت هذه المحاصيل مشاريع استثمارية بُنيت لها المؤسسات، ومؤسسة قنوان لانتاج الدقيق المركب من الحبوب المختلفة، وأيضًا المؤسسة العامة لتنمية وانتاج الحبوب التي أُنشئت بقرارٍ من اللجنة الثورية العليا رقم (366) لسنة 2016م.

ماضي الزراعة في اليمن والاستهداف الممنهج

في عقود فسادٍ مضت قبل ثورة 21 سبتمبر، ضاق الخناق على المزارع اليمني جراء السياساتٍ التدميرية التي انتهجتها الحكومات السابقة، كفتح باب الاستيراد للمحاصيل الخارجية التي غطت الأسواق وحلت محل المنتجات المحلية، إلى جانب رفع أسعار مستلزمات الإنتاج، وانعدام المشتقات النفطية من فترة الى أخرى. كل ذلك تسبب أخيرًا في عزوف المزارع اليمني عن الزارعة، وبالأخص زراعة محاصيل الحبوب.

من رماد العدوان يزهر اليمن: ما ذل شعبٌ يأكل مما يزرع

ويُضاف إليه الاستهداف الخارجي للزراعة في اليمن، وبالأخص زراعة القمح. يلفت المدير العام التنفيذي للمؤسسة العامة لتنمية وانتاج الحبوب المهندس أحمد الخالد في تصريحٍ خاصٍ لموقع "العهد" الإخباري الى أن "سياسة البنك الدولي هدمت القطاع الزراعي في كل الدول ومن بينها اليمن. وقد كانت القروض الربوية تُوجه إلى غير القطاع الزراعي، حيث كان على القطاع الزراعي دائرةٌ حمراء في تلقي أي دعمٍ إلا من الشيء البسيط الذي يأتي من المنظمات، ويذهب في اتجاه دعم المحاصيل النقدية فقط. أما محاصيل الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي - محاصيل الحبوب - وعلى وجه الخصوص القمح - فلم تكن مدرجةً في أي وجه من أوجه الدعم، بل كان من المحظور دعمها. كل هذا كان نتاج التبعية السياسية والاقتصادية لبلادنا عبر الأنظمة السابقة، التي جعلت وزارة الزراعة من أكثر الوزارات تراجعًا، وأهملتها بشكل كبير".

وهذا ما سعت إليه قوى الاستكبار العالمي أمريكا و"إسرائيل" في تحويل الشعوب العربية والإسلامية إلى شعوب مستهلكة لا تملك قوتها ولا قرارها.

وحول الدور التدميري للعدوان الأمريكي - السعودي للزراعة في اليمن يوضح الخالد أن "العدوان حاول وبطرق مختلفة التضييق على المزارع سواء بالحصار ومنع دخول المشتقات النفطية أو التسبب برفع أسعارها، وكذلك حصار ومنع دخول مستلزمات الإنتاج الزراعي بشتى أنواعها، وهذه تعد جريمة كبيرة بحق الشعب اليمني بشكل عام والمزارع اليمني بشكل خاص".

ثورة 21 سبتمبر  مسارُ تصحيح:

لأن الأمن الغذائي خطوةٌ أولى في مسيرة الاستقلال والتحرر. كان الهدف الأكبر والمطلب المهم والأسمى بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر هو "تحقيق الاكتفاء الذاتي".

رأت قيادة الثورة والقيادة السياسية أن تخصص جهة محددةً لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي. لذلك أصدرت اللجنة الثورية العليا القرار رقم (366) لسنة 2016م بانشاء المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، الذي كان أول قرارٍ في طريق الاكتفاء.

في هذا الإطار، يشير المدير العام التنفيذي للمؤسسة لـ "العهد"" الى أن "هذا القرار الذي لم يحصل في تاريخ اليمن من قبل، كان قرارًا شجاعًا وتحديا كبيرا أكثر من أي وقت مضى، بسبب ما تتعرض له بلادنا من عدوان غاشم وحصار جائر قارب الست السنوات".

ويضيف "قلبت ثورة 21  سبتمبر الموازين الدولية، واتجهت رغم كل الصعوبات إلى إعادة هيكلة وزارة الزراعة ودعمها بكل ما تملك من مقومات، لتنهض من جديد. كما خصصت جهة مسؤولة تُعنى بالاكتفاء الذاتي، وأنشأت المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب كمؤسسة تهتم بمحاصيل الحبوب وتنميتها وزيادة انتاجها، لتصل بإذن الله إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي".
 
إعتمدت المؤسسة جملةً من البرامج والأنشطة التي سعت عبرها إلى تخفيض تكاليف الإنتاج عبر مشاريع تمويلية مختلفة، وشجعت المزارعين على التوسع في زراعة مساحات أكبر.
ونظمت مشاريع خاصة بتسويق منتجات المزارعين وإدخال التقنيات الزراعية الحديثة لهم، ودعمت البحوث الزراعية الهادفة إلى تطوير الإنتاج.
إلى جانب تبني مشروع جائزة الرئيس الشهيد صالح الصماد لإنتاج الحبوب، ومشروع تعاونيات منتجي الحبوب، ومشروع السوق المركزي، ومشروع الحراثة المجتمعية وغيرها من المشاريع والبرامج التي نفذتها المؤسسة خلال الفترة الماضية، وكان لها دور مباشر وغير مباشر في إعادة تفعيل انتاج الحبوب في كثير من المحافظات اليمنية.
 
دور المؤسسة العامة لتنمية وانتاج الحبوب في انماء الزراعة وتطويرها

استطاعت المؤسسة العامة لتنمية وانتاج الحبوب أن تخلق قوة مجتمعية، ووعيًا متناميًا بأهمية الاكتفاء الذاتي وبناء الاقتصاد الوطني.
ومنذ أن بدأت المؤسسة عملها نهاية العام 2017م خففت العبء المتزايد على المزارع اليمني في ظل العدوان الغاشم والحصار الجائر.
يذكر المدير العام التنفيذي للمؤسسة أنه "وفقًا لرؤية المؤسسة وأهدافها، انطلقت أعمالها في محافظات (الجوف والحديدة وصنعاء والمحويت وعمران وصعدة وحجة وذمار وإب والبيضاء وحاليًا تعز ومارب )، ونشطت في المناطق الرئيسية لانتاج الحبوب وهي تهامة (الحديدة - حجة ) والجوف، وكذلك المرتفعات الشمالية والوسطى".

وبحسب الخالد "تقوم المؤسسة باستئجار أراضٍ مناسبة واستصلاحها وزراعتها، لتقديم نماذج لحقولٍ مثالية للمزارعين عامة، باستخدام وسائل المكننة الزراعية الحديثة التي تساعد في تحسين الإنتاج وتقليل التكاليف. ومن ثم تعميم الطريقة على المزارعين لتطبيقها في مزارعهم".

ومن أهم مشاريع المؤسسة لعام 2019 كان مشروع صيانة القنوات التحويلية، وانشاء العقوم الترابية في تهامة (وادي مور)، حيث حفظت هذه العقوم مياه الأمطار التي كانت تذهب إلى البحر، وأصبحت تغطي مساحة 10000هكتار من الأراضي الزراعية التي باتت تروى بمياه السيول. يلفت الخالد الى أنه "تم تحويل مساحات لا تزرع في الوادي إلى مساحاتٍ تزرع بمحاصيل الحبوب المختلفة، وكان العام 2019م موسم خير وزيادة في إنتاج محاصيل الحبوب".
 
مستقبل الزراعة في اليمن

يمضي القطاع الزراعي وفق الرؤية الوطنية لحكومة الإنقاذ الوطني ضمن مرحلة الانتعاش والتعافي الاقتصادي (المرحلة الأولى 2020 م).
وتأتي محاصيل الحبوب على رأس الأولويات، ويشير الخالد في هذا السياق الى أنه يتم العمل "على وضع الخطط والأنشطة التي نساهم من خلالها في أن نكتفي ذاتياً عبر استثمار الإنتاج الزراعي لمختلف محاصيل الحبوب من القمح والذرة والدخن الخ، في مشاريع مباشرة وغير مباشرة مثل الطحين المركب، وادخاله عبر النمط الاستهلاكي المحلي في بلادنا، إلى جانب أننا نعمل على تنمية الإنتاج المحلي من القمح ولدينا خطط استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد، لتنمية الإنتاج المحلي وزيادته عبر خطط استراتيجية وبخطوات متدرجة بالشراكة مع كافة الجهات ذات العلاقة لما من شأنه زيادة الإنتاج بالتدرج إلى أن نصل إلى النسبة المطلوبة".

من رماد العدوان الأمريكي - السعودي يزهر اليمن ويثمر، ما أماته حصارهم بل أحياه، وما ذل شعبٌ يأكل مما يزرع.

 

الزراعةالعدوان الاميركي السعودي على اليمن

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة