طوفان الأقصى

خاص العهد

 مشروع دعم الأسر الأكثر فقراً..العِبرة في قاعدة بيانات
04/02/2021

 مشروع دعم الأسر الأكثر فقراً..العِبرة في قاعدة بيانات "نظيفة" ودقيقة 

فاطمة سلامة

حفرت الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان عميقاً في قضية الفقر. هذا المفهوم ليس جديداً على البيئة اللبنانية. إنه متجذّر في مجتمع تغيب فيه أبسط متطلبات العيش. مجتمع يبدو فيه المواطن خارج مظلة الحماية الاجتماعية والصحية، لتصبح أبسط الحقوق "محرّمة" على الفقراء. ولا يخفى أنّ أزمة الفقر انتشرت مؤخراً كالنار في الهشيم وبطريقة كادت تختفي معها الطبقة الوسطى لتنحصر تصنيفات الطبقات بين فقر مدقع وغنى فاحش. وقد كشفت بعض الدراسات التي أجريت قبل أشهر أنّ أكثر من نصف الشعب اللبناني بات في قائمة الفقراء، وسط ترجيحات بأن ترتفع النسبة أكثر فأكثر جراء البطالة التي باتت تطرق باب الكثير من العائلات اللبنانية.

التحدي الحقيقي يكمن في إنجاز قاعدة بيانات نظيفة دقيقة وعلمية

في خضم هذا الواقع المزري، يعوّل كثيرون على برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً، علّه يتمكّن من إنعاش عائلات لا تملك كفاف يومها خصوصاً بعد موافقة البنك الدولي على إعطاء لبنان قرضا بـ 246 مليون دولار لتمويل هذا البرنامج. إلا أنّ المشكلة الحقيقية الموجودة حالياً تكمن في عدم وجود قاعدة بيانات تُحصي ذوي الفقر المدقع. ثمّة إحصاء أنجز قبل مدة يضم 43 ألف أسرة، إلا أنه حكما ًغير كاف مع تمدد الفقر وانتشاره. الرقم الحالي لذوي الفقر المدقع بات أضعافاً مُضاعفة، وعليه لا بد من تحديث قاعدة البيانات، وهي المهمة الأصعب بحسب ما تؤكّد مصادر متابعة للملف في حديث لموقع "العهد" الإخباري. تشدّد المصادر على أنّ العمل على قاعدة البيانات بدأ منذ ثلاثة أشهر ويتوقع أن يتم الانتهاء منه بعد ثلاثة أشهر، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في إنجاز قاعدة بيانات نظيفة دقيقة وعلمية تستهدف فعلاً الأسر الأكثر فقراً بعيداً عن سياسة المحسوبيات، ليستفيد فعلاً من هذا البرنامج الوطني من هو محتاج فعلاً. 

لدينا ما يقارب الـ225 ألف أسرة في خانة الأكثر فقراً

ولا تخفي المصادر في معرض حديثها أنّ مهمة إنجاز القاعدة ليست سهلة. المبدأ بالعالم يقتضي إجراء مسح شامل لذوي الفقر المدقع أو إجراء استقطاب للأسر الأكثر فقراً. حتى الساعة ثمّة أسماء لـ 43 ألف أسرة فقط في بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية تحت تصنيف "الفقر المدقع". في عامي 2019-2020 ارتفعت نسبة الفقر المدقع في لبنان الى 23 بالمئة. 43 ألف أسرة كانت تمثل 10 بالمئة، أما اليوم فلدينا ما لا يقل عن 200 ألف أسرة في قائمة "الفقر المدقع". الـ43 ألف أسرة تخضع حالياً لعملية تدقيق وقد يصبح البعض منها خارج إطار المساعدة، فيما تتطلب المهمة التفتيش عن 160 ألف أسرة تقبع في دائرة "الفقر المدقع" لتضاف الى قاعدة البيانات الحالية. وبتقدير المصادر، لدينا ما يقارب الـ225 ألف أسرة ترزح في خانة الأكثر فقراً. 

المجتمع الدولي مستعد لدعم 200 ألف أسرة فقط

وتشدّد المصادر على أنّ البرناج الوطني المذكور لن يطال سوى الأسر التي تتراوح في دائرة الفقر المدقع. أي شخص يشعر بأنه فقير بإمكانه التوجه لتقديم الطلب في مركز الخدمات الانمائية. المطلوب أن يتقدم المواطن بالطلب. وهنا تشدد المصادر على أن كل ما يتم تداوله في "السوق" من أن هذا البرنامج سيطال بعض الفئات كفئة الموظفين ليس له أساس من الصحة ويأتي في سياق الفوضى الحاصلة. المجتمع الدولي مستعد لدعم 200 ألف أسرة فقط، لكنه بالتأكيد لن يدعم 600 ألف أسرة، جزء منها من موظفي القطاع عام والأساتذة. تشدد المصادر على أنّ البعض التبس عليه الأمر واعتبر أن دعم الـ600 ألف أسرة سيكون من القرض المذكور، لافتةً الى أن لا علاقة لوزارة الشؤون الاجتماعية بهذه المسألة.  

4 خدمات أساسية 

وفيما تلفت المصادر الى أنّ مدة القرض ثلاث سنوات والمساعدة ستكون على عدة مستويات مالية وخدماتية، توضح أن مدة الدعم تختلف في البرنامج بحسب نوع الخدمة، اذ لدينا 4 خدمات: الخدمة الأولى عبارة عن تحويل نقدي لعام واحد بقيمة لم تحسم بعد، وقد تكون 800 ألف ليرة، وسط نقاش جدي دائر حالياً حول ما اذا كانت الوزارة ستقدم المساعدة المالية بالليرة اللبنانية أو الدولار خاصة أن القرض بالعملة الأجنبية. وفق المصادر، تفاوض وزارة المالية مصرف لبنان الذي قد يحتسب الدولار الواحد بـ6250 ليرة. وهنا لا تنكر المصادر أنّ مصرف لبنان سيستفيد حكماً من هذه العملية حيث سيشتري الدولار على أساس الـ6250 ليرة ويبيعه وفقاً للسوق السوداء بما يفوق الـ8000 ليرة.

أما الخدمة الثانية فترتبط بالتعليم عبر مساعدة الأسر بأقساط التعليم، وهذا سيكون مع بداية السنة الدراسية وقد يمتد لأكثر من سنة، أما الخدمة الثالثة فتأتي في إطار الخدمات الاجتماعية وتمتد لثلاث سنوات، والخدمة الرابعة صحية حيث سيتم أخذ المبالغ المستحقة لها من القرض الذي أعطي لوزارة الصحة سابقاً. 

50 ألف أسرة ستتقاضى الأموال في آذار 

وتشدد المصادر على أنّ الوزارة تسعى جاهدة لإنجاز قاعدة البيانات خلال ثلاثة أشهر، لتبدأ عملية الدفع، مع الاشارة الى أن هناك 50 ألف أسرة تتوافر أموالها وقد تتلقى المساعدة المالية في بداية آذار من خلال الهبة التي قدمت من الاتحاد الاوروبي بقيمة 50 مليون دولار.

وفي الختام، تكرر المصادر تأكيدها على ضرورة أن "تكون قاعدة البيانات نظيفة ودقيقة وموثوقة لأن كل ما هو خارج هذه المعايير سيذهب الى المكان غير الصحيح".

إقرأ المزيد في: خاص العهد