طوفان الأقصى

خاص العهد

 هل يمهّد اللقاح لمجتمع خال كلياً من كورونا؟
29/01/2021

 هل يمهّد اللقاح لمجتمع خال كلياً من كورونا؟

فاطمة سلامة

يؤمن العارفون في أحوال وشؤون القطاع الصحي أنّ المواجهة مع "كورونا" هي مواجهة مع الموت. هذه القناعة باتت أكثر رسوخاً مع تزايد عداد الوفيات وتفاقم أوضاع المصابين بين ليلة وضحاها. هذا الواقع، دفع بكثر إلى تعليق الآمال على اللقاح. الأخير، ينظر إليه البعض كـ"حبل نجاة" من فيروس خبيث رغم أنّ التعاطي مع عالم اللقاحات يستدعي الدّقة والحذر. ثمّة خوف يعتري كثر ويدفعهم إلى المُجاهرة بغياب النيّة لتلقي اللّقاح خشية من تداعيات وآثار جانبية. وفي المقابل، يعوّل ذوو العلم والإختصاص على هذا اللقاح كوسيلة وحيدة لتأمين الحماية المجتمعية.

ولهذه الغاية، لم توفّر وزارة الصحة جهداً إلّا وبذلته حيث كانت السبّاقة في حجز كمية من اللّقاحات على منصة "كوفاكس"، ليعلن وزير الصحة الدكتور حمد حسن أمس الخميس عن إطلاق المنصّة الوطنية للتسجيل للقاح "كورونا". إلّا أنّه ورغم تهافت عشرات الآلاف على تسجيل أسمائهم، ثمّة أسئلة بديهية يطرحها المواطنون العاديون: ما أهمية تلقي اللقاح؟، ما المبدأ الذي يعمل عليه؟ هل يضمن أخذ اللّقاح عدم الإصابة بالفيروس؟ هل من داع للخوف من الآثار الجانبية؟، هل يمهّد اللقاح لمجتمع خال كلياً من كورونا؟. 

حيدر: الهدف من اللقاح يكمن في تحفيز الجسم على إنتاج مواد دفاعية 

مستشار وزير الصحة الدكتور محمد حيدر يشرح في حديث لموقع "العهد" الإخباري المبدأ الذي يعمل عليه اللقاح ليُبيّن مدى أهميته، فيوضح أنّ الهدف من اللقاح يكمن في تحفيز الجسم على إنتاج مواد دفاعية ضدّ هذا النوع من الفيروس. بمعنى آخر، يعمل اللقاح على "غش " الجسم ويوهمه بأنّ اللقاح هو الفيروس الحقيقي، فينتج عندئذ الجسم المواد اللازمة والأساسية للدفاع عن نفسه. وعليه، عندما يصل الفيروس الحقيقي إلى جسم المريض، وقبل أن يتكاثر هذا الفيروس يكون الجسم قد جهّز جيش الدّفاع -إذا صحّ التّعبير-، ولمجرّد دخول كمية قليلة من الفيروس يعمل هذا الجيش  على القضاء عليه ويقطع الطريق على العوارض والإصابة. وعليه، فالهدف الأساسي هو تحفيز الجسم على إنتاج الخلايا الدفاعية لجهاز المناعة. 

أكثر من 90 بالمئة ممّن يتلقون اللقاح يقضون على الفيروس

وفي معرض شرحه، يؤكّد حيدر أنّ اللقاح لا يعني عدم إصابة الأشخاص كلياً بالفيروس، ولكن فرصة الإصابة تصبح ضئيلة جداً. على سبيل المثال، لو تلقّى اللقاح مئة شخص قد يتراوح عدد المصابين بين 7 إلى 10 أشخاص. أكثر من ذلك، فإنّ الإصابة لدى هذه النسبة الضئيلة تكون بسيطة ولا تستدعي دخول المريض إلى المستشفى. وفق حيدر، أكثر من 90 بالمئة ممّن يتلقّون اللّقاح يقضون على الفيروس ولا يشعرون أنّهم أصيبوا. أمّا الـ10 بالمئة المتبقيّة قد تظهر عليهم عوارض رشح عادي، وحتى لو تطوّر إلى رشح قوي، ولكن حالتهم لا تستدعي دخول المستشفى ولا تؤدي إلى الوفاة، وهذا هو الهدف الأساسي من اللقاح، يضيف حيدر. 

الآثار الجانبية للقاح كورونا بسيطة ولا داع للخوف منها 

وحول المخاوف التي يبديها البعض من الآثار الجانبية للقاح، يشدّد حيدر على أنّ منظمة الصحة العالمية والإتحاد الأوروبي والشركات المنتجة أعلنوا أنّ حالات الوفيات التي حصلت في النرويج ناتجة عن أمراض مزمنة لدى الأشخاص وليست من اللقاح نفسه. وهنا يُشير حيدر إلى أنّ هذا الكلام الصادر عن منظمة الصحة العالمية والإتحاد الأوروبي ليس عبثاً، فهذا الأمر يحمّلهم مسؤولية كبيرة، لافتاً إلى أنّ حوالى 30 مليون شخص في العالم تلقّوا اللقاحات حتى الآن وهي نسبة كبيرة جداً. وبحسب حيدر، فإنّ الآثار الجانبية للقاح كورونا بسيطة وتشبه عوارض طعم "الكريب". هناك أطفال يأخذون لقاحات للحصبة وغيرها، وعندما نسأل الأهل عن الآثار الجانبية يشيرون إلى ارتفاع في درجة حرارة الجسم وسعال وتعب وهي عوراض طبيعية، ولا داعٍ للخوف منها لأنّ هذه العوارض الطبيعية تدلّ على أنّ جهاز المناعة يعمل. بتقدير حيدر، إذا لم يوجد عوارض ولو للَحظات فمعناها أنّ اللقاح دخل إلى جهاز المناعة ولم يعمل على تحريضه لإنتاج الخلايا الدّفاعية.

نأمل وصول "فايزر" في الوقت المحدّد ولا مشاكل لوجستية لدينا 

وفي ما يتعلّق بموعد وصول لقاح "فايزر" إلى لبنان في شباط وما إذا كان هناك تخوّف من أي تأخير قد يحصل، يقول حيدر :" تواصلنا مع شركة "فايزر" عدّة مرات وأكّد المعنيون أن لا تأخير، اللهم إلّا إذا حصل شيء خارج عن إرادتنا". وفق حيدر، نحن نقوم بما يتوجّب علينا ونبذل الجهد المطلوب ونأمل أن لا يكون هناك تأخير لأنّ الكمية ليست كبيرة. ففي الفترة الأولى سيصل ما بين 30 إلى 50 ألف لقاح. هل من مشاكل لوجستية محتملة؟ يجيب حيدر بالقول "أبداً، عقدنا الاجتماعات ووضعنا الخطط، وقمنا بالتّجارب على الأرض ولم يبرز لدينا أي مشكلة. طبعاً لا نستطيع أن ننفي مئة بالمئة حدوث أي أمر طارئ غير معلوم، ولكنّنا أخذنا كافة الإحتياطات على الأرض، وعملنا على تدريب الفرق التي من المفترض أن تتواجد على الأرض أكثر من مرة. 

مع اللقاح لن يعثر الفيروس على البيئة الحاضنة للتكاثر والإنتشار

ويلفت حيدر إلى أنّنا نطمح إلى أن يتلقّى ما بين 70 إلى 80 بالمئة من الشعب اللبناني اللقاح. وفق حساباته، إذا وصلنا إلى هذه النسبة سيصبح لدينا مناعة مجتمعية لأنّ الفيروس سيصل إلى مكان لا يعثر فيه على البيئة الحاضنة للتكاثر والإنتشار. بهذه الطريقة بإمكاننا القضاء عليه. بحسب حيدر، سيمهد اللقاح إلى مجتمع خال كلياً من كورونا لأنّ قطع الطريق على الفيروس للإنتقال من إنسانٍ إلى آخر معناه أنّ الفيروس لن يعد موجوداً مع الوقت كلياً. 

وحول الوقت المطلوب لتلقيح النسبة المذكورة من الشعب اللبناني، يؤكّد حيدر أنّ الأمر مرتبط بمدى وصول كميات من اللقاح. وهنا لا يخفي حيدر أنّ وزارة الصحة تواصلت مع عدّة شركات وليس مع شركة "فايزر" فقط. بحسب مستشار وزير الصحة عقدت الوزارة اتفاقات مع عدّة شركات بانتظار عقد اتّفاقيات مع شركات أخرى. كما أنّ هناك اتصالات مع الصين وروسيا، ووقّعنا الأوراق اللازمة وطلبنا من المعنيين تقديم الملفات على اللّجنة الفنية والعلمية في الوزارة لإعطائهم التراخيص اللازمة ضمن الأطر القانونية المتبعة. وعليه، يضيف حيدر:" عندما نزيد كمية اللقاحات نحتاج إلى فترة أقل لتلقيح النسبة التي نطمح إليها". 

وفي الختام، يُشير حيدر إلى أنّ هناك إقبالاً كبيراً على المنصّة، فحتّى ظهر اليوم الجمعة كان هناك ما يُقارب الـ107 آلاف قد سجّلوا أسماءهم، موضحاً أنّ الوزراة وضعت الأولويات للقطاع الصحي وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة لأنّ كمية اللقاحات قليلة. وبحسب حيدر، لو أنّ الكميات كبيرة لشمل اللقاح في البداية قطاعات أخرى. كل الشعب اللبناني وأي مواطن هو أولوية بالنسبة لنا -يقول حيدر- لكن العين بصيرة واليد قصيرة، ومضطرون على السير بأولويات لحماية المجتمع اللبناني.

فيروس كوروناوزارة الصحة اللبنانية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة