طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

بدایة نھایة حقبة  نتنیاھو - ابو مازن؟
08/12/2020

بدایة نھایة حقبة نتنیاھو - ابو مازن؟

سركيس ابوزيد

أول مرة في تاریخ الكيان الاسرائیلي تنتھي السنة قبل إقرار میزانیة للدولة. كما انتهت الشراكة بين رئيس حزب "كحول لفان" رئیس الحكومة البدیل بیني غانتس، ونتنیاھو الذي يرفض تنفیذ أھم ما في الاتفاق بينهما، وھو التناوب على رئاسة الوزراء، ما یُفقد غانتس سبب شراكته مع شخص نتنیاھو الذي وصفه بـ"الكاذب". والمعروف أن الاتفاق الائتلافي للحكومة ینص على أن یصبح غانتس رئیسا للحكومة في شھر تشرین الثاني القادم. وھناك إجماع على أن نتنیاھو لا ینوي تنفیذ التزامه، وھذا ھو السبب الأساس للأزمة بینھما. ویفضل نتنیاھو الذھاب للانتخابات على تنفیذ الاتفاق، لكنه یحاول تأجیلھا بضعة أشهر حتى یتمكن من حل مشكلة "كورونا".

 من جهة أخرى، بات قانون حل الكنيست نافذا، إذ إن التصویت الذي حصل مؤخرًا ھو تصویت تمھیدي، یجب أن تتبعه ثلاث عملیات تصویت  معروفة بـ"القراءات الثلاث". وعلیه، فإن نتنیاھو قادر، إن اراد، على إیجاد تسویة ما مع "أزرق أبیض"، یفرمل من خلالھا حل "الكنیست". لكن ذلك لا یتوافق مع مصلحته الشخصیة، خاصة أن في نیته إسقاط الحكومة قبل انتقالھا إلى غانتس وفقًا لاتفاق التناوب على رئاستھا.

كل المؤشرات والتطورات والحسابات السیاسیة الدقیقة على الساحة السیاسیة الإسرائیلیة تدل على أن رئیس الوزراء الإسرائیلي بنیامین نتنیاھو بات في مرحلة "بدایة النھایة" بعد سقوط حلیفه الرئیس دونالد ترامب، والمسألة مسألة وقت في ظل الأزمة الكبیرة التي یواجھھا، ومع اتساع دائرة المعارضة والتظاھرات الصاخبة المطالبة برحیله، وضرورة محاكمته على جرائم الفساد المتورط بھا.

أما استطلاعات الرأي فتشير الى أنه في حال صمم نتنیاھو على إجراء انتخابات جدیدة مبكرة (رابعة)، فإنه لن یعود إلى كرسي رئیس الوزراء. وقد دلت نتائج الاستطلاعات على أن نحو نصف الإسرائیلیین یؤیدون محاكمته بالفساد، وأن عدد مقاعد "اللیكود" سینخفض من 36 حالیًا إلى 26، ویرتفع "یمینا" (تكتل أحزاب الیمین المتطرف برئاسة نفتالي بنیت)، من 6 إلى 22 مقعدا، وحزب المعارضة "ییش عتید ـ تیلم" برئاسة یائیر
لبید من 14 حالیًا إلى 17 مقعدًا. ولذلك، فإن احتمالات عودته إلى رئاسة الحكومة بعد إجراء انتخابات جدیدة في الأشهر المقبلة، لن تساعده.

یستطیع نتنياهو تشكیل حكومة من أحزاب ائتلافه الیمیني التقلیدي مع "یمینا" والمتدینین، إذ یكون لدیه 65 من مجموع 120 نائبا، ولكن مكانته ستكون أضعف. لكن الاعتقاد السائد أن ھذه التطورات لن تؤثر على نتنیاھو لأسباب كثیرة، أبرزھا:

- الصراع بین رئیس تحالف أحزاب الیمین المتطرف "یمینا" نفتالي بنیت، الذي بات أقوى المنافسین، وبین قادة المعارضة من أحزاب الوسط .

- تشكیك الجمھور الإسرائیلي في القرارات العسكریة للجیش حالیًا، بسبب ترشح عدد من كبار الجنرالات الإسرائیلیین إلى الانتخابات، عبر تأسیس حزب الجنرالات بقیادة بیني غانتس وغابي أشكنازي، واعتبروا خوضه الانتخابات محاولة انقلاب عسكري أبیض ضد نتنیاھو.

- استعداد نتنیاھو لوضع خطة لتقريب موعد الانتخابات العامة، في الربع الثاني من السنة المقبلة. وقد اختار ھذا الموعد لأنه یتوقع أن تكون قد وصلت الدفعة الأولى من اللقاح ضد "كورونا". ویمكن أن تتغیّر وتنقلب لصالحه في حال تمكنه من إدخال اللقاح.

لكن التوقعات تشير الى أن نتائج الانتخابات، إن حصلت، سترسم خریطة سیاسية جدیدة داخل "الكنیست"، وتبعاً لھا في الحكومة. والأھم، ھل تنھي ھذه الخطوة حقبة نتنیاھو الذي تجاوز إلى الآن كل الصعوبات التي واجھته، من دون أن ینجح خصومه في إسقاطه؟
هذا على الجبهة الاسرائيلية، ماذا يحصل على الجبهة الفلسطينية؟

من الواضح أن فوز جو بایدن في الانتخابات الرئاسیة الأمیركیة عزز الآمال على الساحة الفلسطینیة بعودة العلاقات الأمیركیة ـ الفلسطینیة الى ما قبل الرئیس دونالد ترامب، ما دفع الرئیس الفلسطیني محمود عباس (أبو مازن) الى تغییر الاتجاھات التي لم تكن متوقعة على الإطلاق. فقد بادر الى إعادة العلاقات التنسیقیة مع "إسرائیل" إلى ما كانت علیه قبل نحو ستة أشھر، وإلى إعادة السفیرین الفلسطینیین إلى كل من أبو ظبي والمنامة، واللذین كانا قد تم سحبھما بعد تبادل العلاقات الدبلوماسیة بین الإمارات والبحرین مع "إسرائیل". كما أن الرئیس عباس، الذي زار القاھرة وعمان بعد طول انقطاع، لم یعد مھتما بحركة "حماس" وبالمصالحة معھا، وبات اھتمامه في ھذه المرحلة یتركز على الإدارة الأمیركیة الجدیدة.  

فوز جو بایدن وضع مستقبل العلاقة بین "فتح" و"حماس" على المحك، خصوصًا أن أبو مازن یدرك أن متطلبات العلاقة الإیجابیة مع واشنطن والتخلص من الضرر الناجم عن سیاسة ترامب، تتمثل في تعلیق المصالحة مع "حماس" وإھمالھا، خصوصًا أنھا كانت خطوة تكتیكیة ولم تكن نابعة من قناعات راسخة، إذ اتخذتھا الحركة كرد غاضب على سیاسة ترامب، وعلى التقارب الأخیر بین الدول العربیة و"إسرائیل".

في الواقع، لا یثق "أبو مازن" بحركة "حماس"، ویخشى أن تكون بصدد التحضیر لما يسميه "انقلابا" في الضفة على غرار احداث العام 2007 في قطاع غزة.

كما أن جھات عربیة ودولیة حذرت عباس من أن الذھاب إلى المصالحة سیجلب مزیدًا من الضغط والعزلة الاقتصادیة على السلطة، ما یمثل "تھدیدًا" حقیقیا لھا، حسب زعمهم، وفي المقابل، فإن إعادة العلاقات ومسایرة التطبیع العربي سيؤدي إلى تجاوز السلطة أزماتھا المالیة خلال وقت قصیر، حسب ادعائهم. وقد وصلت اتصالات الى عباس من مصر والإمارات والبحرین فحواھا أن مسؤولي ھذه الدول لا یسعون إلى استبدال دحلان به وأنھم سیضغطون من أجل تفعیل "عملیة السلام"، كما سیقدمون له دعمًا كبیرًا قریبًا. وكشفت صحیفة "یسرائیل ھیوم"، المقربة من نتنیاھو، أن البحرین عرضت استضافة قمة فلسطینیة ـ اسرائیلیة لتحریك المفاوضات و"عملیة السلام".

بين أزمة نتنياهو وأزمة ابو مازن يتقرر مصير العلاقة بين الكيان الاسرائيلي والسلطة الفلسطينية. هل انتهت حقبة نتنياهو - ابو مازن؟ الأول قد يسقط بالانتخابات المبكرة، أما الثاني فقد يزاح  بالصراع على سلطة من ورق.

بنيامين نتنياهومحمود عباس

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة

خبر عاجل