طوفان الأقصى

لبنان

تلويح أمريكي بعقوبات على مصرف لبنان.. وتأجيل الجلسة المقبلة لمفاوضات الترسيم
01/12/2020

تلويح أمريكي بعقوبات على مصرف لبنان.. وتأجيل الجلسة المقبلة لمفاوضات الترسيم

لم يكد ينتهي الاقفال العام في البلاد لمواجهة كورونا، حتى برز إلى الواجهة عنوان جديد من الضغوط الأمريكية على لبنان، تمثل هذه المرّة بتلويح بفرض عقوبات على مصرف لبنان، بزعم تسهيل الفساد والمساهمة في تقوية نفوذ حزب الله.
إلى ذلك كانت مفاوضات ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة تشهد جديدا تمثل بالإعلان عن تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً غداً إلى موعد لاحق، لأسباب لم تعرف.
فيما لم يطرأ جديد على ملف التأليف الحكومي، سوى حديث عن تقديم الرئيس المكلف سعد الحريري مسودة لتشكيلته الحكومية المفترضة، دون أن يتم الإفصاح عن التفاصيل.


"الأخبار": واشنطن تُلوّح بعقوبات على مصرف لبنان!

تتصاعد الضغوط الأميركية على لبنان، وهي لم تعد تقتصر على المقاومة أو حلفائها، بل أصبحت «داخل البيت» الأميركي. فبدت لافتة أمس تهديدات أميركية لمصرف لبنان - لا لحاكمه رياض سلامة المحمي من واشنطن - عبر صحيفة «وول ستريت جورنال». العقوبات - إن فرضتها الولايات المتحدة - ليست عقوبات على المصرف المركزي، بل إعلان حربٍ على لبنان بنيّة تدمير اقتصاده الهش أصلاً. فمعاقبة المصرف المركزي تعني عزل لبنان نهائياً عن النظام المالي العالمي.

يمثّل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في نظر الولايات المتحدة الأميركية، «الثقة»، وممنوع تحميله مسؤولية الانهيار المالي والنقدي في البلد. الكلام قالته السفيرة الأميركية لدى لبنان، دوروثي شيّا في حزيران الماضي خلال مُقابلةٍ لها مع قناة «أو تي في»، مُعتبرةً ردّاً على سؤال حول دور سلامة أنّه «لا يصحّ اتّخاذ أي شخص أو مؤسسة ككبش فداء عن انهيار لبنان الاقتصادي»، وأكّدت أنّه يحظى «بثقة كبيرة في المجتمع المالي الدولي». لم تكتف شيا بـ«إعطاء رأيها» بسلامة، بل استنفرت كلّ وسائلها الدفاعية بمُجرّد أن فُتح موضوع إقالته، لتمنع المسّ به. زارت رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسّان دياب، مُعبّرةً بكلّ وضوح عن رفض بلادها استبدال سلامة بحاكم مصرف مركزي آخر. لذلك، حين تنشر «وول ستريت جورنال» تقريراً بعنوان «مصرف لبنان يُؤجّج مخاوف جدّية من الفساد»، يكون ذلك «مؤشّراً» إلى أنّ الضغوط الأميركية على لبنان تتجه إلى المزيد من التشدد. فالمقصود هنا ليس سلامة، ثقة الأميركيين ووديعتهم الاولى في لبنان، بل المصرف المركزي كمؤسسة.

«وول ستريت جورنال» هي الصحيفة التي نشرت خبر فرض عقوبات على رئيس التيار الوطني الحرّ، النائب جبران باسيل، قبل ساعات من إعلان القرار رسمياً. يستحوذ عليها «قطب الإعلام»، روبرت مردوخ، المالك أيضاً لتلفزيون «فوكس نيوز». مردوخ، الأسترالي الأصل، يُصنّف في السياسة يمينياً، ويدعم معنوياً ومادياً حملات الحزب الجمهوري الأميركي. نَشرُ «وول ستريت جورنال» للتقرير عن مصرف لبنان، ليس أمراً عابراً، ولا يُمكن إلّا التعامل معه كـ«جرس إنذار»، وتهديد جدّي. فالمقال نفسه اعتبر أنّ «التهديد بعقوبات مُحتملة، خطوة عادةً ما تُنفّذها واشنطن تجاه أعدائها، ككوريا الشمالية وإيران وفنزويلا»، ولكنّ الولايات المتحدة قرّرت استغلال «حاجة لبنان الماسّة إلى التمويل الطارئ، للمطالبة بالتدقيق الجنائي أملاً في الكشف عن عمليات المصرف المركزي الغامضة». 

تعترف الصحيفة هنا بأنّ واشنطن تستغل الأزمة اللبنانية، لا بل تعمل على تأجيجها، بهدف انتزاع مكاسب سياسية. ويُسرّب «مسؤولون أميركيون» معلومات عن أنّه لن تتم الموافقة على أي «خطة إنقاذ من دون اعتماد البرنامج الذي يُريده صندوق النقد الدولي. أزمة لبنان توفّر فرصة فريدة لاستخدام الدبلوماسية المالية لكبح نفوذ حزب الله». وينقل التقرير عن «مسؤولين ودبلوماسيين أميركيين وغربيين» أنّ الضغوط على المصرف المركزي «في إطار حملة دولية لمحاربة حزب الله، المدعوم من إيران، ومكافحة الفساد، وتخفيف حدّة الأزمة الاقتصادية والسياسية»، مُتهمين رياض سلامة «بعرقلة التدقيق الجنائي، بالتعاون مع جهات حكومية مُرتبطة مع حزب الله».
بخُبثٍ، اجتزأ التقرير من خطاب الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله حين أطلّ موضحاً عدم وجود علاقة بين النظام المصرفي اللبناني وحزب الله، نافياً أن يكون الأخير يتسبّب في الضغط على الليرة وخلق أزمة دولار في السوق، لأنّ «حزب الله يأتي بالدولارات إلى لبنان». فاستخدمت «وول ستريت جورنال» هذه العبارة لإيهام الرأي العام الغربي بأنّ «سلامة كان على علمٍ بأنشطة حزب الله المالية»، رغم الإشارة إلى أنّ «سلامة أغلق بعض الحسابات التابعة لحزب الله بناءً على طلب المسؤولين الأميركيين».
طلبت الصحيفة مقابلة سلامة إلا أنّه رفض ذلك، فنقلت عن «المسؤولين الغربيين» أنّ ضعف إشراف البنك المركزي على النظام المصرفي «ساعد في تعزيز الفساد المُستشري». وقد اختارت «أولى الضحايا»، العضو السابق في لجنة الرقابة على المصارف، أحمد صفا، مُتهمةً إياه بأنّه «كان يُسيّر أعمال حزب الله المالية».

التهديدات الأميركية لمصرف لبنان لا يُفترض أن «تُفرح» اللبنانيين المُتضررين من سياسات رياض سلامة التدميرية للمُجتمع والاقتصاد، فمُحرّك واشنطن لم يكن يوماً «مُكافحة الفساد»، لا عبر العقوبات التي تفرضها ولا بالتقارير الإعلامية التي تعاقدت مع قناتَي «ال بي سي» و«ام تي في» لتنشرها. ما هي معايير الفساد التي تعتمدها الولايات المتحدة؟ لماذا هدّدت الحكومة بوقف إقراضها إن أقالت سلامة؟ ألم تكن على اطلاع وثيق على سياسات مصرف لبنان والألاعيب المالية التي ينتهجها، حتى تفاجأت بها، علماً بأنّه لم يبخل عليها يوماً - ولا أي من المصارف التجارية - بمعلومات حول زبائن «مُشتبه فيهم» أميركياً؟

ما تقوم به الولايات المتحدة عبارةٌ عن مشروع خطير، وهي «تُبرّر» قرارها بأنّ «المنظومة الحالية تآخت مع حزب الله إلى درجة أنّها لا تصلح لمواجهته»، لذلك لا حلّ أمامها سوى بترك لبنان ينهار بشكل تامّ، علّها تستطيع فرض نظامٍ جديد وانتقاء «مُمثلين» جُدد لها، بعد أن انتهت «مهمة» المسؤولين الحاليين. هذا الكلام عبّرت عنه مؤخراً دوروثي شيا أمام عددٍ من الأشخاص، من دون أن يُقنعها كلام بعضهم بأنّ «نسبة تأثّر حزب الله من كلّ تلك الضغوطات لا تتعدّى الـ10%، لما لديه من قدرات اكتفاء ذاتي».

الرسالة الأميركية لا تبدو موجهة ضد رياض سلامة، بل هي موجهة ضد لبنان. ومن غير المستبعد أن تكون في إطار التنافس الأميركي - الفرنسي على وراثة سلامة في حاكمية مصرف لبنان، وتهويل بقدرة واشنطن على فرض عقوبات شاملة على لبنان، عبر معاقبة مصرف لبنان (لا حاكمه، لأن معاقبة سلامة تنتهي مفاعيلها «القانونية» العامة، لا الشخصية، بإقالته وتعيين بديل له).
مصادر فرنسية تنفي تدقيق مصرف فرنسا المركزي في حسابات مصرف لبنان: سلامة لا يوافق على أيّ تدقيق خارجي

ويوم أمس، كان يوم رياض سلامة في الإعلام الغربي. فعدا عن «وول ستريت جورنال»، شنّت صحيفة «لو موند» الفرنسية هجوماً عليه، عبر نشرها تقريراً بعنوان: «مصرف لبنان، دولة ضمن الدولة لا يُمكن المسّ بها». يأتي التقرير بعد زيارة سلامة باريس لمدّة أسبوع، وإشاعته - عبر مُقرّبين - أجواءَ عن موافقته على مُباشرة المصرف المركزي الفرنسي تدقيقاً جنائياً في حسابات مصرف لبنان. نفى مقال «لو موند» هذه المعلومة، مؤكداً أنّ «بنك فرنسا لا ينوي القيام بأي تدقيق، وهو مُلتزم فقط بتقديم المساعدة التقنية بصفته طرفاً ثالثاً موثوقاً به». وكشفت الصحيفة الفرنسية، بعد اطلاعها على تقرير شركتي «ديلويت» و«ارنست اند يونغ» لسنة 2018، زيادة «مشبوهة في أصول مصرف لبنان بقيمة 6 مليارات دولار بسبب إجراءات حسابية مشكوك فيها»، وأنّ المُدققَين لم يكونا «مُخوّلين الاطلاع على احتياطي الذهب الذي يملكه مصرف لبنان».

تصف الصحيفة التدقيق الجنائي بأنّه «عنصر أساسي لإنقاذ لبنان اقتصادياً، ولكنّه يواجه خطر عدم إبصار النور». وتُضيف مصادر فرنسية لـ«الأخبار» أنّ رياض سلامة «لا يوافق على تدقيق خارجي، وهو يدّعي تعامله مع شركات تدقيق تشهد على دقّة حساباته، وهذا غير صحيح. مصرف لبنان لا يتّسم بالشفافية، وسوابقه تدفع الجهات الدولية وصندوق النقد إلى طلب التدقيق الجنائي الخارجي». أما بالنسبة إلى بنك فرنسا المركزي، «فتقديمه المساعدة لا يُعتبر تدقيقاً».

وول ستريت جورنال: أزمة لبنان فرصة لاستخدام الدبلوماسية المالية لكبح نفوذ حزب الله

لا يُنكر مُقرّبون من سلامة «الفيتو» الفرنسي عليه، ولكنّهم يربطون بين ما نشرته «لو موند» وأحد مالكيها، ماثيو بيغاس، الذي كان مُدير «لازار» في فرنسا حتى استقالته عام 2019. بصرف النظر عن الخلفيات، تؤكد معلومات «الأخبار» أنّ سلامة خلال زيارته فرنسا «لم يلتق أي مسؤول مالي له علاقة بالملفّ اللبناني»، فالحاكم «فقد ثقة الجهات الدولية به، التي وضعت مواصفات الحاكم الجديد، بأن لا يملك طموحاً سياسياً، وأن يكون مُطلعاً على تفاصيل الإدارة اللبنانية، ويُزوّد الجهات الدولية بالتقارير المالية المطلوبة. والاسم أصبح جاهزاً».

التدخل في قرار على هذا القدر من الأهمية الاستراتيجية لا يتوقّف على اختيار حاكم المصرف المركزي، بل يتعدّاه إلى «وضع خطّة جديدة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، على الحاكم الجديد أن يُنفّذها». القرار الخارجي مُتّخذ بعدم «إقراض لبنان حتى ولو شكّل سعد الحريري حكومته، فالمطلوب تنازل سياسي من جانب حزب الله، وإجراء التدقيق الجنائي».
من ناحية أخرى، دعا رئيس مجلس النواب ​نبيه برّي​ ​اللجان النيابية المشتركة​ إلى جلسة غداً لدرس موضوع دعم المحروقات والقمح والمواد الغذائية والدواء وتخفيض الاحتياط الإلزامي، بالتزامن مع الجلسة التي يعقدها المجلس المركزي لمصرف لبنان في اليوم نفسه، لمناقشة آليات الدعم في المرحلة المقبلة.

 

"الجمهورية": «العناد» يولّد مسودّة صداميّة.. وباريس حاضرة وواشنطن تسأل عن التأخير

دخل تكليف الرئيس سعد الحريري يومه الحادي والأربعين، ولا مؤشرات الى تَمكّن الحكومة الموعودة من سلوك طريق التفاهم عليها بينه وبين الشريك في تأليفها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون.

وفي ظلّ هذا الجو، دخل لبنان في شهر كانون الأول، وهو كما هو معلوم شهر يغلب عليه طابع العطلة والأعياد، التي ضاعت أصلاً في المعاناة التي يكابدها اللبنانيون، الذين صاروا محرومين حتى من الشعور ببهجة العيد، فهل تحصل معجزة تقود الرئيسين عون والحريري الى جادة التفاهم، فيفرجان عن الحكومة، ويقدّمانها كهدية تزرع لدى اللبنانيين بعضاً من الأمل بقلب صفحة المعاناة وفتح صفحة الإنقاذ الموعود؟

خيبة وإحباط وأيام صعبة

حتى الآن، لا توضيحات من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف حول المانع الحقيقي لتفاهمهما، وحول ما يوجِب استمرار التخبّط في الملف الحكومي، الذي بات يمثّل مصدر خيبة في كل الدوائر الدولية المهتمة بلبنان، والفرنسية منها على وجه الخصوص، ومصدر إحباط كلّي لجميع اللبنانيين الذين بات يجمعهم أمر وحيد، هو الخوف من أيام صعبة مُقبلين عليها، تمهّد لها سياسة صمّ الآذان المتّبعة على حلبة التأليف، عن تحذيرات خبراء الاقتصاد والمال من الداخل والخارج بأنّ باب النهاية الكارثية يوشِك أن يفتح على مصراعيه، ويُفقد لبنان واللبنانيين حتى قدرة الانحناء أمام نسمات هوائية، فكيف اذا كانت رياحاً وعواصف هوجاء تهبّ عليهم؟!

وما عدا لقاءات متتالية بين شريكي التأليف، أصابت اللبنانيين بملل من دورانها حول نفسها بلا أي طائل، لم يقدّم المعنيون بهذا الملف عنصراً مقنعاً او سبباً موجباً وموضوعياً، يبرّر هذا العبث الذي يُقارَب فيه تأليف الحكومة منذ تكليف الحريري تشكيلها في 22 تشرين الاول الماضي، او يعكس امتلاك هؤلاء المعنيين إرادة مشتركة للنظر إلى احتضار البلد أو للإصغاء إلى صرخات الجائعين، أو للاستفادة من فرصة الإنقاذ التي أتاحتها المبادرة الفرنسية، وتحصين البلد بما يجعله قادراً على امتصاص الصدمات أيّاً كان حجمها وايّاً كان مصدرها، بعيداً من الشعارات الشعبوية والألاعيب الصبيانيّة التي أغرقت البلد، على كلّ تفصيل مهمّاً كان أو تافهاً. وأيضا بعيداً من أيّ مقامرة تدفع بتأليف الحكومة الإنقاذية من تأجيل الى تأجيل!

الشريكان: لا تراجع!

صورة التأليف جامدة هنا، والمتحرّك فقط هو أجواء التشنّج الممتدة من القصر الجمهوري الى «بيت الوسط»، بالتوازي مع احتقان متورّم بين تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر». وتسريبات من هنا وهناك بأنّ لا مجال لتراجع أيّ من شريكي التأليف أمام الآخر حول أيّ تفصيل مرتبط بالحكومة الجديدة، فلكل منهما معاييره، التي يبدو أنّها صاغت لدى كلّ منهما ثابتة مفادها «أنّ التراجع والتسليم بمنطق الآخر، معناه الانتحار أو الغاء الذات»!

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ هذا الإنسداد، بات مسلّماً به لدى غالبية القوى السياسية بانّه محكم الإقفال بعقليتين متصادمتين على حلبة التأليف، ليس ما يجمع بينهما حتى الآن، وذهبتا الى الحدّ الأقصى في تصلّبهما وباتتا أسيرتين له. وعلى ما تقول مصادر سياسيّة مطّلعة على الخلفيات المانعة لتفاهم الرئيسين على الحكومة، فإنّ «العناد هو الحاكم لكلّ هذا المسار، والقشور والسطحيات هي جوهر المشكلة، ولا ترى انّ البلد على وشك أن يفلت من ايدي الجميع. ومع الأسف، كل ذلك يدفع لبنان الى الدخول في حال فراغ وشلل في السلطة الإجرائية اشهراً طويلة».

لقاء تفاهم ام صدام؟

تبعاً لذلك، يتسارع الحديث في مختلف الاوساط السياسيّة عن استئناف وشيك لمسلسل اللقاءات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، إلاّ أنّ الاجواء السابقة للقاء المفترض بينهما في الساعات المقبلة، تنعى سلفاً امكانية تلاقيهما حول نقاط مشتركة، بل وتقدّمه كموقعة صداميّة، تُنذر بارتدادات سلبية، تفتح بدورها المشهد الحكومي على فصول جديدة من الخلاف والصراع لا يُعرف مداها.

فأوساط الطرفين متفقة على انّ الحريري سيقدّم مسودة حكومية الى الرئيس عون، وجزمت اوساط الرئيس المكلّف، انّ الثابت لدى الحريري هو الحكومة الاختصاصية اللاسياسية واللاحزبية التي يحتاجها لبنان في هذه المرحلة، لتشكّل العامل الاساس للإنقاذ، وتمتلك القدرة على استعادة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان، وتكون قادرة بثقة على التعاون مع المجتمع الدولي، في ما يحقق مصلحة لبنان وفتح باب المساعدات الضرورية التي يحتاجها انقاذ الاقتصاد واعادة اعمار بيروت».

في المقابل، اكّدت اوساط قريبة من رئيس الجمهورية لـ»الجمهورية»، انّ عون سيرفض اي مسودة حكومية يقدّمها الحريري من دون التشاور معه، اياً كانت الاسماء التي تتضمنها. ذلك انّ هناك معايير يُفترض ان تكون موحّدة، ويجب ان تراعى بالكامل في عملية تأليف الحكومة.

واستغربت الاوساط إمعان البعض باللجوء الى عملية تمويه حقيقة ما يجري، والهروب الى الامام، بمحاولة زجّ اسم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل واتهامه بالتدخّل في تأليف الحكومة، لافتة الى انّ باسيل سبق ان اكّد الثقة بموقف رئيس الجمهورية وبما يقرّره، وعلى اساس ذلك يقرّر التيار المشاركة في الحكومة او عدمها. وكان المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية قد اصدر امس بياناً مقتضباً جاء فيه: «التشكيل يتمّ بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ولا دور لأي طرف ثالث فيه».

ماذا في المسودة؟

ووسط التكتم الذي يحيط المسودة الحكومية، التي قيل إنّ الحريري قد انجز وضعها تمهيداً لتقديمها لرئيس الجمهورية، تتداول الاوساط السياسية بمعلومات غير مؤكّدة، حول انّ هذه المسودة لا تتضمن ثلثاً معطلاً لأي طرف، وهي مستندة بشكل اساسي على المسودة التي وضعت خلال تأليف حكومة مصطفى اديب قبل اعتذاره، حيث تتضمن مجموعة من الاسماء التي تتمتع باختصاصات نوعية وكفاءات مشهودة، ويفترض الحريري ان تحظى بموافقة كل الاطراف عليها.

وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ من بين الاسماء المتداولة كلاً من: جو صدي - وزارة الطاقة ( يؤيّده الفرنسيون)، كارول خوزاني - وزارة العدل، لينن طحينة - وزارة الثقافة، سليم ميشال اده، شارل الحاج، يوسف خليل - وزارة المال، واضيف اليه اسم وائل الزين، فراس الابيض - وزارة الصحة، عباس الحلبي - وزارة التربية، العميد المتقاعد جميل الجميل - وزارة الدفاع، العميد جان سلوم او العميد نقولا الهبر - وزارة الداخلية (حتى الآن لم يبرز اي اتفاق بين عون والحريري على الاسم، فرئيس الجمهورية يرغب بإسناد الداخلية الى العميد سلوم، فيما يرغب الحريري بإسنادها الى العميد الهبر).

ايجابية .. ولكن!

على أنّ اللافت للانتباه عشية اللقاء، انّه خلافاً للاجواء السلبية الطاغية على المشهد الحكومي، أوحى الحريري بأنّ الأمور ليست سلبية.

وفي هذا الاطار، علمت «الجمهوريّة» انّ الحريري اجرى في الايام الاخيرة حركة اتصالات مكثفة مع جهات سياسية مختلفة، من بينها اتصال اجراه برئيس مجلس النواب نبيه بري، معزياً بوفاة خاله. وكان هذا الاتصال مناسبة للحديث عن ملف التأليف، حيث استفسر بري الحريري عما بلغته اتصالات التأليف، فردّ بالقول ما مفاده «انّ الامور منيحة». وتقول مصادر المعلومات، انّ بري تمنّى له التوفيق، علماً انّ رئيس المجلس يحث على التعجيل في تشكيل الحكومة، لأنّ حالة البلد «صارت بالويل».

حضور فرنسي

وتأتي هذه الحركة المتصلة بالشأن الحكومي، عشية انعقاد مؤتمر الدعم الدولي والإنساني، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم غد الاربعاء، وسط تأكيدات فرنسية بأنّ لبنان لن ينال منه دعماً مالياً، بل اقصى ما يمكن ان يحصل عليه هو تأمين بعض مستلزمات هذا الدعم على الصعيدين الدوائي والغذائي.

وفي السياق نفسه، اكّدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، أنّ باريس ما زالت تأمل في تحقيق خرق ايجابي على صعيد تأليف حكومة سعد الحريري في المدى المنظور، وهي في هذا السبيل بصدد تفعيل حضورها اكثر، وذلك استكمالاً لرسالة الرئيس ماكرون الى الرئيس ميشال عون قبل أيّام قليلة.

وإذ لفتت المصادر الى أنّ الإيليزيه يعبّر عن غضب شديد من المنحى التعطيلي الذي يُفتعل امام تشكيل حكومة في لبنان، بما يزيد من الوضع الصعب الذي يعانيه هذا البلد، الذي يضعه الرئيس الفرنسي في صدارة أولويّاته، وهو يتطلّع الى استجابة المسؤولين في لبنان لمضمون رسالة الرئيس ماكرون، والتعجيل في تشكيل حكومة بمهمة محدّدة بوضع لبنان على سكة الاصلاح والإنفراج وانعاش وضعه الخطير.

وعما اذا تعرّض ماكرون لخيبة جديدة من المسؤولين اللبنانيين، لفتت المصادر الديبلوماسية من باريس، الى «انّ المسؤولين في الايليزية وفي الـ» كي دورسي» مشمئزون من لعبة تضييع الوقت التي تُمارس في لبنان، ومن الطبيعي مع استمرار هذه اللعبة اللامسؤولة أن تنتقل باريس الى مرحلة اقسى توازيها».

واشنطن: لماذا تتأخرون؟

في هذا الوقت، تحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، عن استياء اميركي من التأخّر في تشكيل حكومة في لبنان، تبدأ في اتخاذ الخطوات الاصلاحية الضرورية والملحّة التي يطالب بها المجتمع الدولي، وهو ما جرى ابلاغه عبر القنوات الديبلوماسية الى العديد من المسؤولين والشخصيات اللبنانية، مع طرح اسئلة واستفسارات حول الاسباب التي تمنع ولادة الحكومة حتى الآن.

وقالت مصادر مطلعة على الموقف الاميركي لـ»الجمهورية»، انّ واشنطن تنظر بقلق بالغ الى الوضع في لبنان، وكانت لها رسالة واضحة عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو، وكذلك عبر السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، بأنّ الولايات المتحدة الاميركية تتطلع الى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات لمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب، وتلبّي متطلبات اللبنانيين وفي مقدّمها وضع حدّ للفساد المستشري، الّا انّ ذلك لم يلقَ استجابة من المسؤولين في لبنان حتى الآن، ويُخشى أن يكون ذلك مؤشراً لعدم وجود رغبة جدّية في إجراء هذه الاصلاحات.

وعمّا يقال عن انّ الولايات المتحدة تلعب دوراً معطلاً في تشكيل الحكومة، قالت المصادر المطلعة: «الولايات المتحدة تعتبر تشكيل الحكومة شأناً لبنانياً داخلياً، وترغب في أن ترى حكومة فاعلة مستقلة، تُجري اصلاحات وتكافح الفساد، والكلّ يعلمون انّ تعطيل الحكومة داخلي، ولكن ثمة اطرافاً تهرب الى الامام بإلقاء مسؤولية التعطيل على واشنطن او غيرها، لإثارة الغبار حول دورها التعطيلي».

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الولايات المتحدة ستمارس ضغطاً معيناً للتعجيل في تشكيل الحكومة، قالت المصادر: «انّ واشنطن تعتبر انّ على اللبنانيين ان يشكّلوا حكومة تعبّر عن طموحات الشعب اللبناني، واجراء الاصلاحات الهيكلية التي يطالب بها اللبنانيون في انتفاضة 17 تشرين الاول من العام الماضي».

وعمّا اذا كانت هناك دفعة جديدة من العقوبات، قالت المصادر: «انّ لدى الادارة الاميركية برنامج عقوبات واسعاً ومكتملاً، وبناء عليه فإنّ توجّه الادارة الاميركية لمحاسبة السياسيّين الفاسدين في لبنان سيستمر ولن يتوقف، والدفعة الجديدة من العقوبات قد لا يتأخّر الوقت على صدورها».

 

"اللواء": وقف مفاوضات الترسيم

اقفلت ابواب المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، واعلن عن تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً غداً الى موعد لاحق، لاسباب لم تعرف، وسط التطورات التي طرأت بعدما حدد لبنان حصته في المنطقة الاقتصادية الخالصة والحدود البحرية وفق خرائط جديدة رفضها وفد العدو الاسرائيلي وطرح خرائط تقضم مزيداً من مساحة حدود لبنان. فيما زارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس، ولم يرشح شيء عن سبب الزيارة ولا مضمونها الذي تكتمت عليه اوساط عين التينة.

وحسب معلومات «اللواء» فإن الجانب الاميركي هو وراء طلب تأجيل التفاوض لكن رئيس الوفد جون ديروشر ابلغ لبنان رسمياً انه سيزور بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، في مسعى منه لمعالجة الخلافات التي نشأت بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي.

وقال مصدر عسكري لبناني لـ«فرانس برس» «تبلّغنا رسمياً تأجيل جلسة المفاوضات غير المباشرة، واستبدالها بجلسة خاصة مع الجانب اللبناني»، من دون تحديد الأسباب، لافتاً إلى أن الجانب الأميركي هو من طلب التأجيل. وأوضح أن الدبلوماسي الأميركي ديروشر، الذي يضطلع بدور الميسّر في الجلسات، سيحضر الى بيروت في موعد الجلسة.

وأضاف «يمكن خلالها استكمال النقاشات او محاولة إيجاد أرضية مشتركة». وجاء الاعلان اللبناني بعد اتهام وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في العشرين من الشهر الحالي لبنان بأنّه «غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات»، محذراً من احتمال أن تصل المحادثات الى «طريق مسدود».

وقبيل استلام ادارة الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن مهامه الدستورية في 20 كانون الثاني المقبل، نُقل عن السفيرالاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان ان التركيز الاميركي المقبل، بعد التركيز على الملف النووي الايراني، سيطرق الى بناء «اطار عمل لمفاوضات الحدود البحرية».

ونقل عن فيلتمان ان لبنان ليس على جدول اعمال السياسة الخارجية الاميركية الجديدة.

وفي تطور ذي دلالة تحدثت قناة «الحدث» عما اسمته «أنباء متضاربة عن نقل مجموعة اميركية من قاعدة رياق شرق لبنان الىبيروت» لكن مصادر عليمة علقت: «الوضع عادي».

50٪ إلى المدارس

وفي اليوم الاول، بعد اعادة فتح المدارس، انسجاماً مع اعادة فتح البلد انطلقت امس المدارس الرسمية والخاصة في رحلة جديدة من التعليم المدمج بعد انتهاء فترة الإقفال القسري بسبب جائحة كورونا، وسط مخاوف من الاهالي وعدد من الجمعيات المدنية من هذه العودة لا سيما ان الجائحة مستمرة وبوتيرة عالية رغم الاقفال مما دفع البعض الى اعتبار العودة الى المدارس مجزرة وجريمة كبرى، وهو ما نفاه وزيرا التربية الدكتور طارق المجذوب والصحة الدكتور حمد حسن حيث اكدا ان منظمة الصحة العالمية اوصت في المرحلة الثالثة بفتح المدارس كما ان وجود الاطفال في المدارس سيكون آمناً اكثر من البيت لا سيما ان نسبة نقل العدوى عند الاطفال منخفض جداً كما اثبتت التجربة المنصرمة.

وعادت شوارع بيروت مع انتهاء فترة الاقفال لتزدحم من جديد، واتخذت المدارس الرسمية والخاصة سلسلة اجراءات وقائية اعتمدت على الكمامة الالزامية والتباعد الاجتماعي تحت مراقبة الهيئة التعليمية والادارية واخذ الحرارة عند الدخول الى المدرسة، ولكن الازدحام امام بعض المدارس اثناء الدخول والخروج وايضاً اثناء التنقل في الباصات رسم عدة مخاوف، لا سيما ان كثيراً من الاهالي لم يرتدوا الكمامة اثناء اصطحاب اولادهم الى المدرسة،واعتمدت الادارات بتوجيهات من وزارة التربية على تقسيم الصفوف التي يزيد عدد طلابها عن 15 طالباً ولم تسمح للطلاب الذين يعانون من الانفلونزا او الكريب من الدخول اليها .

وعزا وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن العودة الى المدارس بأنها تنسجم مع توصية عدد من المؤسسات الصحية الدولية بابقاء التلامذة في المدارس، مشيرا الى ان الاصابات عند الاولاد دون العشر سنوات لا تتجاوز 3٪، تم تسجيلها منذ بداية الجائحة.

وبرر وزير التربية في الحكومة المستقيلة في مؤتمر صحفي اعتماد خيار التعلم المدمج لمراعاة الاوضاع الصحية والتربوية والنفسية، في ظل غياب مقومات التعلم عن بعد خصوصا الانترنت وعدم توفر الاجهزة الالكترونية لجميع الطلاب، ولعدم خسران العام الدراسي.
 

مصرف لبنان

إقرأ المزيد في: لبنان