طوفان الأقصى

خاص العهد

 أسعار السلع و
17/11/2020

 أسعار السلع و"أحجية" الدولار 

فاطمة سلامة

منذ أشهر وأسعار السلع الاستهلاكية والحاجيات اليومية تتّخذ منحى تصاعدياً. منحى يصح معه القول إنها فالتة من عقالها، والذريعة الأساسية ارتفاع سعر صرف الدولار. إلا أنّ مراقبين لمسار الأسعار يؤكّدون أنّ الأسعار ارتفعت بنسبة تتخطى الارتفاع الجنوني الذي طال العملة الأجنبية. صحيح أنّ كل ما حولنا بات يحتسب بالدولار، إلا أنّ أسعار السلع وصلت حدوداً خيالية. وحتى عندما ينخفض سعر الصرف، تبقى على حالها وكأن شيئاً لم ينخفض. التجار يبرّرون المسألة بأنهم اشتروا وفقاً للسعر العالي، وليس بمقدورهم تحمل الخسارة. إلا أنّ هذه الذريعة تبدو غير مبررة في نظر كثيرين يرون أنّ انخفاض سعر صرف الدولار يجب أن ينسحب على سعر المبيع تلقائياً، فالمستهلك لا ذنب له للدخول في هذه الدوامة التي تعطي التاجر حق الربح الفاحش ولا تعطي المستهلك حق الاستفادة من انخفاض سعر صرف الدولار. والمفارقة أنّ هؤلاء التجار وما إن يرتفع سعر صرف الدولار تراهم يسارعون لتغيير كافة الأسعار صعوداً، أما عندما ينخفض فلا تظهر نعمة هذا الانخفاض على أسعار السلع. صحيح أنّ سعر صرف الدولار يعاود الارتفاع منذ أيام بعد أن شهد انخفاضاً ملحوظاً، إلا أنّ هذه الأحجية يتحدث عنها مواطنون كثر ويسألون:"لماذا ترتفع الأسعار لمجرد ارتفاع سعر صرف الدولار ولا تنخفض لمجرد انخفاضه؟". 

أبو حيدر: نراقب الأسعار باستمرار 

مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ وزارة الاقتصاد تراقب الأسعار وقد قامت -بالشراكة مع نقابة مستوردي المواد الغذائية وأصحاب السوبرماركت-  بجولة عندما انخفض سعر صرف الدولار وتراوح ما بين الـ 6800 ليرة والـ7000 ليرة أواخر الشهر الماضي، حيث تمكنا -يقول أبو حيدر- من تخفيض أسعار السلع من 12 الى 18 بالمئة وهذا الأمر موجود باللوائح. 

 أسعار السلع و"أحجية" الدولار 

ويلفت أبو حيدر الى أنّ وزارة الاقتصاد تتابع موضوع الأسعار باستمرار، لكن للأسف عديد المراقبين المنخفض في وزارة الاقتصاد والذي لا يتخطى الـ60 مراقباً لا يغطي عديد الميني ماركت الذي يتخطى الـ22 ألفا في لبنان. 

بحصلي: اتفاق بين أصحاب السوبرماركت ووزير الاقتصاد لناحية التسعيرة 

لدى سؤال نقيب مستوردي المواد الغذائية ​هاني بحصلي​ عن سر عدم انخفاض الأسعار لمجرد انخفاض سعر صرف الدولار، يشرح العملية بطريقة يؤكّد أنها "علمية" اذ هناك اختلاف بين الأسعار في المحال التجارية الصغيرة أو الدكاكين والسوبرماركت. في ما يتعلق بالدكان فإن صاحبه الذي اشترى البضاعة وفقاً لسعر صرف دولار (8000 ليرة) لا يقدر على بيع البضائع وفقاً لسعر صرف (6000 ليرة) لأنّه يعمل كمياوم باليومية ولا يتحمل الخسارة. هذه الحالة تنسحب على 20 ألف دكان في لبنان. لذلك، من غير المنتظر -يضيف بحصلي-أن تُخفض المحلات التجارية في الأرياف وغيرها أسعارها بالسرعة التي يهبط فيها الدولار. 

 أسعار السلع و"أحجية" الدولار 

أما فيما يتعلق بالسوبرماركت فالآلية مختلفة -يقول بحصلي- الذي يشير الى أنّ هناك اتفاقاً بين أصحاب السوبرماركت ووزير الاقتصاد بحيث يتم التسعير وفقاً لتسعيرة المورّد. وطالما أنّ المورد لم يقدّم لهم سعراً جديداً يستمرون ببيع البضاعة على السعر القديم، وحتى لو كانت البضاعة مسعّرة وفقاً لسعر صرف (6000 ليرة) وأعطاهم المورّد أسعاراً وفقا لسعر صرف (8000 ليرة) للدولار، يعمدون هؤلاء تلقائياً الى رفعها. أما في حال هبط الدولار، وقدّم المورد لائحة أسعار مخفّضة لأصحاب السوبرماركت يجد هؤلاء أنفسهم مجبورين على بيع البضاعة وفقاً للسعر المنخفض كي يواكبوا السوق، وهذا ما يحصل. 

لكن بحصلي يرى أنّ "السوبرماركت" الكبيرة لديها ما يقارب العشرين الى ثلاثين ألف صنف وبالتالي لا تتمكّن من خفض ورفع الأسعار بكبسة زر -يقول بحصلي- الذي يوضح أن أصحاب السوبرماركت يراقبون أسعار بعضهم البعض لعدم خسارة الزبون. ويشّدد بحصلي على أنّ آلية صعود وهبوط الأسعار في السوبرماركت تأخذ وقتاً يتراوح بين أسبوع وأسبوعين، لافتاً الى أن دورة الانخفاض ولكي تؤتي أكلها تحتاج وقتاً وهذا ما لم يحصل حيث لم تأخذ دورة الانخفاض الأخيرة التي شهدها الدولار أسبوعين، اذ هبط الى الـ6300 ليرة وعاود الارتفاع الى الـ 8000 ليرة. 

برو: أجندة وزارة الاقتصاد تتعلّق بدعم التجار الكبار

رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو يعتبر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ مسؤولية عدم انخفاض الأسعار تقع كاملةً على الحكومة وتحديداً على وزارة الاقتصاد. من الواضح -برأي برو- أنّ أجندة وزارة الاقتصاد تتعلق بدعم التجار الكبار. وتحت شعار "دعم المواطنين والفقراء" يتنعّم التجار الكبار في استمرار لمنطق الزبائنية والمحاصصة. وفق برو، يستمر هؤلاء في سحب الودائع من مصرف لبنان وصولاً حتى آخر دولار. وبحسب برو قد نجح هؤلاء الى حد كبير في هذه العملية، ومن غير المعروف الرقم الذي تصرفوا به خلال العشرة أشهر الأخيرة وسط ترجيحات أنه تراوح بين 5 و7 مليارات دولار بينما البلد مفلس. 

 أسعار السلع و"أحجية" الدولار 

ويشدّد برو على أنّ آلية الدعم التي اعتمدت خطيرة وخاطئة ولم تعتمد في أي دولة في العالم. الدعم يجب أن يطال العائلات الفقيرة مباشرةً وفق وضع كل أسرة، بحيث يتم إعطاء بطاقات لهذه العائلات تضم أموالا بالليرة اللبنانية. لكن الواضح -يقول برو- أن مصلحة السلطة السياسية الأساسية المتحكمة بالمصارف والتجار والطبقة السياسية تقع في مكان آخر، وهذه السياسة مستمرة. 

كل الكلام عن انخفاض الأسعار غير صحيح 

ويرى برو أنّ كل الكلام الذي صدر عن انخفاض الأسعار ليس في محله وغير صحيح، حتى أن الأسعار المدعومة لا تشكل سوى عدد قليل من السلع وغير موجودة أصلاً في كافة الأماكن. وهنا يشدد برو على أنه وعندما ينخفض سعر صرف الدولار هناك تأثيرات معدومة لهذا الانخفاض. وفق حساباته، لم تشهد السلع عندما انخفض سعر صرف الدولار في الآونة الأخيرة انخفاضاً ملحوظاً، لذلك يستعيض المسؤولون عن هذا الأمر بجولات استعراضية إعلامية. 

وفي الختام، يطالب برو بمحاسبة المعنيين عن الهدر الحاصل، لكن القضاء -برأيه- هو جزء من الحلف الثلاثي: الطبقة السياسية، التجار والمصارف.

غلاء الأسعار

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل