طوفان الأقصى

خاص العهد

19/10/2020

"التعلّم عن بُعد" خيار الضّرورة: ماذا عن التحديّات؟

فاطمة سلامة

فرضت الظّروف الصحيّة المتعلّقة بفيروس "كورونا" "التعلّم عن بعد" كأمرٍ واقع. إحتمال تفشّي وانتقال الوباء عبر الطلّاب كبير، ومن هذا المُنطلق، كان التعلّم "أونلاين" خيار الضّرورة، طبعاً بالإضافة إلى التّعلم الحضوري الجزئي الذي اتّبعته بعض المدارس. لكن خيار "التعلّم عن بعد" ورغم أهميّته وضرورته على قاعدة "الصّحة أوّلاً" لم يكن مجهزاً كما يجب في بلد تغيب فيه أدنى المُقوّمات لإنجاحه. كثيراً ما نسمع حالياً شكاوى يُطلقها الأهالي هنا وهناك من سوء إدارة هذا النّوع من التّعليم. البعض يصفه بـ"حرق الأعصاب" جرّاء العديد من المُشكلات. الإنترنت السّيء، يُضاف إليه غياب الأسلوب التّعليمي الخاص بهذا النّوع من التعلّم لدى الكثير من الأساتذة، فضلاً عن عدم إلمام البعض بالتّقنيّات الإلكترونيّة الكافية، وغيرها العديد من التحديّات التي جعلت عمليّة التّعليم صعبة على الأهل والتلميذ والأستاذ معاً. 

حمادة: 25 تحدّياً للتعلّم عن بُعد في لبنان 

عضو كتلة الوفاء للمقاومة وعضو لجنة التربية النيابية النائب الدكتور إيهاب حمادة يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن التحدّيات التي تُواجه عملية التعلّم عن بُعد في لبنان، فيوضّح أنّ حزب الله كان قد أعدّ سابقاً ورقة عمل موسّعة بعد دراسة أُجريت من خلال لجنة تضمّ معنيين في الشّأن التّعليمي وخبراء لمناقشة هذه القضيّة. وقد توصّلت الدراسة إلى ضرورة درس قضية التعلّم عن بُعد دراسة عميقة بعد بروز لائحة كبيرة من التحدّيات لهذا النّوع من التعلّم في لبنان. لدينا ما يُقارب الـ25 تحدّياً -وفق حمادة- الذي يُشدّد على أنّ هذه التحدّيات تُشكّل عوائق في درب التعلّم عن بُعد. 

 

"التعلّم عن بُعد" خيار الضّرورة: ماذا عن التحديّات؟

ويتطرّق حمادة إلى أبرز التحدّيات مدرجاً الآتي:

-البِنية التحتيّة

عندما نتحدّث عن بِنية تحتيّة فإنّنا نتحدّث عن جُملة مقوْمات وتجهيزات لا بدّ من توفيرها. لا بدّ من توفّر الإنترنت وبكلفة بسيطة لكافّة اللّبنانيين، ولا بدّ من توفير أجهزة كمبيوتر لحوالي مليون و150 ألف طالب. للأسف هذه التّجهيزات غير متوفّرة في مدراس لبنان.

-تأهيل الكادر التّعليمي

في هذه النّقطة، يطرح حمادة سؤالاً: هل الكادر التّعليمي الآن في المدارس الرسميّة والخاصّة مؤهلاً لعملية التعلّم عن بُعد سواء على المستوى التّقني أو الأساليب؟. وفق حمادة، التعلّم عن بُعد لا يقتصر على إلقاء محاضرة أو درس، بل يقوم على التّفاعل وبِناء الشخصيّة المثقّفة، فالتّعليم تربية أيضاً خاصّةً في المرحلة التعليميّة الأولى. وبالتّالي، فتأهيل الكادر التّعليمي ضروري. ونحن هنا نتحدّث عن تأهيل كافة الأساتذة في لبنان ليس فقط في الأسلوب التّعليمي بل في المعرفة التّقنيّة ما يطرح السؤال اليوم عن مدى إلمام هؤلاء الأساتذة بهذا النّوع من التّأهيل. 

-المناهج

في الخارج، يُخصّص للتّعليم عن بُعد منهجاً كاملاً من الكتاب الإلكتروني إلى المنصّة إلى غير ذلك، حيث تكون العمليّة التعليميّة مصمّمة وفق هذا الأسلوب. لكن في لبنان للأسف ليس لدينا مناهج مصمّمة تمكّننا من اتّباع هذا الأسلوب غير التّقليدي في التّعليم.

- الإختصاصات

وفق حمادة، هناك اختصاصات أو مواد من المُمكن تجاوز عقبات التعلّم عن بعد فيها، ولكن هناك اختصاصات أخرى يستحيل أن تنجح عمليّة التعلّم عن بُعد فيها كالطّب والهندسة وما إلى ذلك. في لبنان، يلفت حمادة إلى أنّه لم يجرَ تحديد هذه الإختصاصات أبداً. 

- الإمتحانات والتّقييم

يَطرح حمادة أكثر من سؤال في هذا الصّدد، كيف تجري هذه الإمتحانات؟ ومن يقوم بالرّقابة؟،كيف يُقيّم الطّالب في عمليّة التعلّم عن بُعد؟. برأي عضو لجنة التّربية النيابيّة، فالتّقييم بكلّ تفاصيله غير متوفّر، وليس لدينا نُظاماً لإمتحانات التعلّم عن بُعد. 

هذه التحدّيات -برأي حمادة- يجب أن نتجاوزها لنرتقي بالتعلّم عن بُعد. وفق قناعاته، التعلّم عن بُعد ليس حلاًّ، ومن هذا المنطلق لجأت وزارة التّربية إلى التّعليم المُدمج. وفي هذا الصّدد يُطمئن حمادة أنّ البرامج التي صمّمت بحسب اللّجان المتخصّصة في وزارة التّربية صمّمت على قاعدة أنّ التّعليم عن بُعد يُشكّل كميّة معلومات بحدود العشرين بالمئة وهي مكمّلات وليست أصل العمليّة. هذه الـ20 بالمئة هي عبارة عن بحوث وواجبات وليست أساس المادّة التي تُعطى وُفق أسلوب التعلّم عن بُعد. وهنا يشدّد حمادة على أنّ التّعليم المُدمج هو نتيجة الظّروف الصّعبة، وإلّا نحن لسنا مع التعلّم عن بُعد إلّا بعد إنجاز التحدّيات التي ذكرناها سابقاً. برأي حمادة، لا بدّ من تجاوز التحدّيات للإرتقاء بالتعلّم عن بُعد. كما لا بدّ على المُستوى القانوني من تشريع جديد يشكّل مظلّة لعمليّة التعلّم عن بُعد إذ هناك الكثير من الأمور التي تحصل اليوم مُخالفة للقانون 285 الذي يرعى التّعليم خصوصاً الجامعي في لبنان.

وفي الخِتام، يقول حمادة "التّعليم هو تعليم وتربية والحدّ الأدنى في التّعليم هو تربية هذه الشخصيّة التي لا تُبنى إلّا من خلال التّفاعل المُباشر بين الطّلاب والأساتذة". 

نزيه جباوي: تجربة التعليم المدمَج بيّنت مشاكل عدّة 

رئيس رابطة التعليم الثانوي الأستاذ نزيه جباوي يستهلّ حديثه بالإشارة إلى أنّنا خُضنا الأسبوع الماضي تجربة التّعليم المُدمج، وقد برزت لدينا مشاكل عدّة تتعلّق باكتشاف إصابات في صفوف الطلّاب وإقفال قرى وأحياء ما مهّد لإقفال ثانويات ومدارس. هذا الأمر خلق إرباكاً -وفق جباوي- تمثّل بغياب طلّاب وأساتذة ما جعل مسار التّعليم غير طبيعي الأمر الذي سيؤدي إلى إشكاليّة كبيرة إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه. 

 

"التعلّم عن بُعد" خيار الضّرورة: ماذا عن التحديّات؟

المشاكل لا تزال نفسها في التعلّم عن بُعد 

أمّا في ما يتعلّق بالتعلّم عن بُعد، فالمشاكل لا تزال نفسها -بحسب المتحدّث- من الإنترنت غير المتوفّر إلى المدارس غير المجهّزة. بعض الثّانويات أجرت اشتراكات انترنت بِناء على مبادرات فرديّة ولكن هذا الأمر لم يشمل كافّة الثّانويات في لبنان. ومن هذا المُنطلق، كانت الصٍرخة التي أطلقناها منذ أشهر ولكن لم تجد صداها حيث وعدنا من قبل وزارة الإتّصالات بزيادة سُرعة الإنترنت ولكن لغاية الآن لم يحصل هذا الأمر. 

مُشكلة أُخرى يُشير إليها جبّاوي، فالتعلّم عن بّعد يحتاج إلى تدريب الأساتذة، وهذا الأمر لم يتمّ سوى بمبادرات فرديّة. منذّ أسبوعين كان هناك اجتماع في لجنة التّربية، وقيل لنا أن تدريباً للأساتذة سيبدأ به الإرشاد التّربوي ولكن لغاية الآن العمل بطيء على هذا السّياق، رغم أنّ التّدريب يجب أن يكون قبل ثلاثة أشهر من العام الدراسي.

وفي الختام، يلفت جباوي إلى أنّ وزير التّربية يبذل جهوداً، ولكن الإمكانيْات البسيطة لا تُساعد على النجاح، ونخشى أن نخسر عاماً تعليميّاً كالعام الماضي، لكنّنا في الوقت نفسه حريصون على صحّة الأساتذة والطّلاب معاً".

التعلم عن بعد

إقرأ المزيد في: خاص العهد