يوميات عدوان نيسان 1996

نقاط على الحروف

02/10/2020

"نهاية القضية الفلسطينية الزائفة"

فيصل الأشمر

يومًا بعد يوم تكشف لنا الأحداث ما كان مخفيًّا من علاقات سرية بين الكيان الصهيوني وبعض الكيانات الخليجية لتلتحق تلك الكيانات بمصر والأردن والسلطة الفلسطينية.

منذ رحيل الرئيس المصري جمال عبد الناصر تخلّعت مفاصل البوابة المصرية، وكان ما كان من اتفاق "سلام" هرول إليه محمد أنور السادات، ليتبعه الملك الأردني فرِحًا مسرورًا، في حين نددت كيانات الخليج واستنكرت هذا الخنوع المصري ثم الأردني، وملأت صيحات حكامها مشارق الأرض ومغاربها، رفضًا للتخلي عن فلسطين وتسليمها للعدو "الإسرائيلي".

هذه الفرصة التي تهيّأت لهذه الكيانات لإظهار المزيد من الدعم للقضية العربية المحورية -قضية فلسطين- استغلها حكام هذه الكيانات داخليًّا، في تأمين المزيد من الالتفاف الشعبي حولهم، وخارجيًّا، في إظهار اهتمامهم بالقضية الفلسطينية والاستعداد لتقديم ما يمكن في سبيلها.

بالتأكيد، لو كانت القضية الفلسطينية تحتاج مقاتلين لما قصّرت هذه الكيانات في رفد الجبهات بالرجال الشجعان، مدججين بآخر ما وصل إلى أيديهم من أسلحة متطورة ومرفودين بأحدث الطائرات والآليات والسفن الحربية. لكن لم يكن لدى جامعة الدول العربية نية في إعلان الحرب على العدو المحتلّ، فانصاع حكام الكيانات لقرار الجامعة، غاضبين متحسرين على الفرصة التي كانت قد سنحت لقتالهم في سبيل تحرير فلسطين.

لكن هذه الكيانات لم ترضَ بالسكوت على العدو، فنشطت فيها حركة مقاطعته اقتصاديًّا بعد مقاطعته سياسيًّا، ملتزمة بقرارات الجامعة العربية حول وجوب مقاطعة العدو ومقاطعة الشركات التي لها علاقة به، حتى لو كانت هذه المقاطعة على حساب التقدم العلمي والاقتصادي الذي تؤثر فيه هذه المقاطعة.

حسنًا، فلنضع الدعابة والسخرية جانبًا؛ ولنأتِ إلى الجدّ.

لقد خانت هذه الكيانات القضية الفلسطينية منذ سنين طويلة، وهذا ما يتكشّف كل يوم، وما يظهر من علاقات سياسية واقتصادية سابقة ومستمرة بين حكام هذه الكيانات وبين العدو "الإسرائيلي". أقول خانت من حيث الحمل على المحمل الحسن، فقد تكون تلك الكيانات في سنين ماضية جادة في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته، ونحن لا نعلم. وكم من خيبة خلف الحمل على المحمل الحسن في أوقات كثيرة.

ها هم حكام الكيانات الخليجية يخلعون ثوب القضية الفلسطينية، الذي لبسوه لأن هذا الثوب كان "الموضة" لديهم في يوم من الأيام، دون قناعة ولا التزام، وسيخلعه بعدهم حكام عرب آخرون، لألف سبب وسبب، لكن كل هذه الخيانات لن تؤثر في القضية الكبرى قضية فلسطين، لأن هذه الخيانات تزيل عن كتف القضية أحمال المواقف الكاذبة والالتزامات الفارغة من المضمون، ليبقى مع القضية المخلصون الأوفياء، ولتبقى القضية الفلسطينية لديهم هي القضية الأساس، القضية الحقيقية، في حين يصغر أولئك وتنتهي "قضيتهم" الفلسطينية الزائفة.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف