ramadan2024

خاص العهد

 مليارات أميركية لتشويه صورتها..والمقاومة تزداد نصاعة
26/09/2020

 مليارات أميركية لتشويه صورتها..والمقاومة تزداد نصاعة

فاطمة سلامة

على مدى سنوات استثمرت أميركا في الفوضى بلبنان. لو قدّر لجدران سفارة عوكر وكر التجسس أن تنطق لنطقت بما تنضح فيه من فتن ومخططات خبيثة ضد المقاومة. لكنّ المسألة اليوم لم تعد بحاجة الى دليل، بل باتت واضحة وضوح الشمس. ما كانت تفعله أميركا في الخفاء يظهر منذ أشهر علانيةً وعلى رأس السطح. الدولة الكبرى التي وجدت نفسها الخاسر الأكبر في كل المعارك التي خاضتها ضد المقاومة، تراها اليوم تفتّش عن ما يخفي خيبتها ويأسها، وهي في هذا السياق لا تجد حرجاً برمي القناع والقفازات وخوض المعركة مباشرةً. هذا الأمر بدا واضحاً وجلياً منذ ما قبل أزمة 17 تشرين الأول، حيث قضى المخطط الأميركي بدفع المنظمات غير الحكومية الى الواجهة لتنفيذ الأجندة المعروفة. من يتابع شعارات ومطالبات تلك المنظمات يعرف أنّ المطلوب أميركياً هو رأس المقاومة فقط لا غير. رأس المقاومة لأسباب معروفة ولا داع للولوج في تفاصيلها، فيكفي أن نذكر "الأمن القومي الإسرائيلي" الذي يشكّل أولوية الأولويات لواشنطن لنعلم حجم المؤامرة على المقاومة بما تمثله من خطر على الكيان الغاصب. وفي هذا السياق، يندرج ما كشفه نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل عن إنفاق مبلغ عشرة مليارات دولار خلال السنوات الماضيّة لدعم القوى المسلحة، ومنظمات المجتمع المدني لتمويلها ضمن استراتيجية مواجهة حزب الله.

ولا يخفى على أحد أنّ للحملة الأميركية الخبيثة أدوات عدة في الداخل اللبناني والخارج. السعودية واحدة من تلك الأدوات التي تسعى ليل نهار لبث السموم على المقاومة في لبنان. ما أعلنه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في كلمته أمام الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي دعا فيها الى "نزع سلاح حزب الله لتحقيق الأمن في البلاد" يصب في نفس الإطار الأميركي. يبدو المذكور أداة من أدوات واشنطن لتأزيم الوضع في لبنان والاستثمار في الفوضى أكثر فأكثر. يتحدّث ابن عبدالعزيز بالسوء عن سلاح حزب الله الذي حرّر الأرض من براثن الاحتلال وأعاد للأمة كرامتها، بينما يتجاهل أسلحة مملكته التي عاثت فساداً في الأرض. فساد لا داع للتوسع في الحديث عنه، فاليمن على ما نقول شهيد. 

لكن وفي خضم كل تلك التصريحات يغيب عن المشهد أصحاب السيادة والاستقلال. أولئك الذين يعزفون على الدوام معزوفة التحرر والحرية والاستقلال، مصوّبين تارةً على سوريا وأخرى على إيران وغيرهما من حلفاء المقاومة تحت شعار "النأي بالنفس"، تراهم اليوم بتصريح هيل وقبله الملك السعودي صم لا يسمعون شيئاً، ابتلعوا ألسنتهم طالما ما قيل ويقال يتناغم مع مشروعهم الهادف لتشويه صورة المقاومة. ذلك الهدف الذي لم ولن تتمكّن أميركا ومعها كل الأدوات من تحقيقه رغم صرف مليارات الدولارات كما قال هيل بـ"عظمة لسانه".
 
منصور: المقاومة تستند الى قاعدة شعبية عريضة

وزير الخارجية الأسبق عدنان منصور يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن تلك الجمعيات التي اعترف هيل بدفع مليارات الدولارات لها. الهدف -وفق منصور- واضح ومحدد ويتجلى في تجنيد هذه الجمعيات لتشويه صورة المقاومة في لبنان. بكل تأكيد هذه الجمعيات المدفوع لها تتحرك من خلال إرادة من يمولها لأنها في نهاية المطاف ليست جمعيات خيرية مطلقا بل جمعيات تملك أهدافا سياسية تتحرك على الأرض وفقاً لمشيئة من يمولها ويحركها ويخطط لها. وفق منصور، سبق في الماضي أن طالعتنا تصريحات لمسؤولين أميركيين يقولون فيها أنهم رصدوا أموالاً لزعزعة وتشويه صورة المقاومة في لبنان، وقد تبيّن على الأرض أنه ورغم الكم الهائل من الأموال لم يتمكنوا من الإطاحة بصورة المقاومة. قد يسيئون اليها -يقول منصور- لكنهم حكماً لن يغيروا المشهد في الداخل اللبناني على اعتبار أن المقاومة تستند على قاعدة شعبية عريضة، وهذه الحقيقة يعرفها العدو قبل الصديق.

 

 مليارات أميركية لتشويه صورتها..والمقاومة تزداد نصاعة

الولايات المتحدة هي الداعم الأول لكيان العدو

يغوض منصور أكثر في أهداف واشنطن من هذا التشويه، فيشدّد على أنّ هذه المواجهة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية هي بالتأكيد كرمى لعيون "إسرائيل". الأخيرة تريد أن تنهي الصراع العربي-"الاسرائيلي" من خلال التطبيع، فهي تريد الأمن قبل السلام، وتريد فرض الأمر الواقع من خلال تطبيع لا تدفع مقابله (اسرائيل) أي ثمن، أي تطبيع من دون عودة الفلسطينيين ومن دون مساءلتها عن الانتهاكات وقضم الأراضي. ويُشدّد منصور على أنّ الولايات المتحدة هي الداعم الأول لكيان العدو، لذلك فإنّ أي قوة في المنطقة تتعارض مصالحها مع العدو "الاسرائيلي" تتخّذ الولايات المتحدة إجراءات بحقها من خلال فرض العقوبات وتحريك الداخل ضد النظام. تماماً مثلما يحصل في المنطقة وفي لبنان تحديداً حيث تضع الولايات المتحدة المقاومة على لائحة الإرهاب وتعتبر أنها تهدد السلام في المنطقة وغير ذلك من الأدبيات التي تعوّدنا عليها.

ويُشدّد وزير الخارجية الأسبق على أنّ إنشاء الجمعيات والمنظمات يأتي في هذا السياق الذي تعمل عليه الولايات المتحدة الأميركية لحماية مصالح "إسرائيل"، فهي تعلم مسبقاً -وفق منصور- أنّ هناك قضايا في المنطقة لا يمكن أن تعالج ولا يمكن المساومة عليها، وهناك أراض لبنانية محتلة، وثروات لبنانية في البحر تتطلّع اليها "اسرائيل". كل هذه الأمور تجعل لبنان في أتون المواجهة؛ وبالتالي ليس من الغرابة أن نرى أن هذه الأموال تُدفع لهذه الجهات من أجل سحب البساط من تحت المقاومة وتشويه صورتها وتخفيف تأييد اللبنانيين لها، وهذا نوع من الحرب الاعلامية والنفسية والمادية من خلال العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على جهات تتهمها بدعمها للمقاومة. 

واشنطن فشلت في تحقيق أهدافها 

ويشير منصور الى أنّ مبلغ العشرة مليار دولار ليس بمبلغ صغير بل مبلغ يوازي ميزانية دولة صغيرة لعام كامل وأكثر. لكن السؤال الأساسي: هل حقّق هذا المبلغ لواشنطن النتيجة المرجوة؟ يسأل منصور الذي سرعان ما يجيب:" لا أتصور فالغاية من هذا المبلغ كانت تقويض المقاومة في الداخل وتشويه صورتها بالكامل، وخلق شرخ في الداخل اللبناني حتى يقف جزء كبير من اللبنانيين في وجه المقاومة وهذا الشيء لم يتحقّق على مدى سنوات على اعتبار أن القاعدة الشعبية الحاضنة للمقاومة لم تهتز رغم كل الحملات، بل هناك واقع يؤمن بوجود دولة عدوة للبنان، وسلام غائب على اعتبار أنه لا يمكن فرض الامر الواقع على المنطقة من قبل "اسرائيل" وحلفائها، لذلك يحتفظ لبنان بحقوقه وسيظل يدافع عنها عبر المزيد من الصمود بعد معرفة ما يدبر له في الخارج.

وفي ختام حديثه، يلفت منصور الى أنّنا في عالم تسوده التدخلات، ويستخدم فيه القوي نفوذه على الضعيف ولا يكترث لحقوق الآخرين ويريد فرض إرادته وتأجيج الصراعات الداخلية في الدول لزعزعة أمنها واستقرارها وتفتيتها، وهذا ما يحصل اليوم حيث تضع الدول الكبرى القانون الدولي على حدى وتستخدمه كيفما يشاء. 

واكيم: أميركا قضت على مبادئ القانون الدولي

ما قاله منصور يتقاطع مع ما يؤكّده لموقعنا أستاذ العلاقات الدولية الدكتور جمال واكيم. برأيه، فإنّ القانون الدولي المبني على مبادئ معاهدة "وستفاليا" يمنع التدخل بشؤون الدول، لكن في عالمنا اليوم -خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية- أنهى عصر الاستعمار مفهوم سيادة الدول وتوسع استعمار الدول الغربية، ومع صعود الهيمنة الأميركية انقسم العالم خلال الحرب الباردة الى معسكرين انتهت فيهما سيادة الدول، لكن ورغم ذلك بقي الحديث عن القانون الدولي ومبادئه، إلا أنّ الأميركيين قضوا على مبادئ هذا القانون بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبدأوا يبررون سياسات التدخل في العالم لحماية ما يُسمى "الأمن القومي الأميركي". من هنا، لم يؤد نظام الدولة الجديد الى هيمنة أميركية في العقود الثلاثة الماضية فحسب، لا بل أنهى كل مفاعيل ومبادئ القانون الدولي والمعاهدات لفرض واقع يستند الى علاقات القوة أكثر من مبادئ العدل والتوازن. 

 

 مليارات أميركية لتشويه صورتها..والمقاومة تزداد نصاعة

ولدى سؤال واكيم عن تصريح الملك السعودي الذي دعا فيه الى نزع سلاح حزب الله، يُشدّد على أنّ هذا التصريح يعتبر تدخلاً بالشؤون اللبنانية، مؤكداً رفضه هذا الكلام من منطلق وطني. وفق قناعاته، دافع سلاح المقاومة عن الوطن وحقق انتصاراً على العدو "الاسرائيلي". ولأول مرة بتاريخ الصراع العربي-"الاسرائيلي" يكون لدينا هذا النصر "النظيف" والانسحاب "الاسرائيلي" غير المشروط. لكنّ واكيم يأسف فهذا الخطاب قد يلقى قبولاً لدى البعض من الطبقة السياسية في لبنان. تلك الطبقة ترتهن للخارج منذ ما قبل المتصرفية الى الآن. ويوضح واكيم أن تصريح الملك سلمان يجب أن يقاس وفقاً للسوابق الحاصلة في هذا المجال، والتي عندما تتكرس تصبح عرفا يأخذ قوة القانون. وفق حساباته، فإنّ تصريح ابن عبدالعزيز مبني على سوابق من تدخلات كبيرة ومتعددة بالشؤون اللبنانية من جانب عدد كبير من الدول من ضمنها المملكة العربية السعودية.

واشنطن

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل