طوفان الأقصى

لبنان

المبادرة الفرنسية تترنح..تأليف الحكومة معطّل حتى إشعار آخر
19/09/2020

المبادرة الفرنسية تترنح..تأليف الحكومة معطّل حتى إشعار آخر

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على مسار تشكيل الحكومة، حيث وجدت أن عملية التأليف باتت معطلة حتى إشعار آخر، وذلك في ظل العقد التي يضعها نادي رؤساء الحكومات السابقين. وكاد الجمود الكامل أن يكون عنوان الأمس لولا الاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

"الأخبار": المبادرة الفرنسية في «مرحلة حرجة»

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "تأليف الحكومة معطّل حتى إشعار آخر، فيما الهجوم الأميركي على حزب الله يشتدّ يوماً بعد آخر، عبر أدوات ووجوه مختلفة. أما المبادرة الفرنسية، فوصلت إلى مرحلة حرجة، مع بروز رأي في باريس يدعو إلى ترك القوى اللبنانية تحلّ مشكلتها بنفسها".

واضافت "لم تأت كل اجتماعات اليومين الأخيرين والاتصالات المتواصلة من باريس وبين القوى السياسية المحلية، بدفع جديد لتسريع تأليف الحكومة. العقد ما زالت على حالها. فالرئيس المكلف مصطفى أديب مصرّ على المداورة وتسمية الوزراء بنفسه أو بطريقة أوضح مصرّ على عدم تسمية حزب الله لأي وزير. وتلك مسألة تجاوزت حقيبة المالية وتأتي في اطار استكمال الحصار الأميركي على الحزب ولو بأدواتٍ ووجوه مختلفة. عليه، لم تعد المشكلة في طريقة التأليف وشكل الحكومة، سواء كانت سياسية مؤلفة من حزبيين أم تكنوسياسية تضم أشخاصاً غير حزبيين بالتشاور مع الأحزاب المشاركة فيها؛ اذ يريد أديب والمشكلون الأساسيون، أي رؤساء الحكومات السابقين، وعلى رأسهم سعد الحريري، القفز فوق نتائج الانتخابات النيابية وفوق الأكثرية الممثلة في البرلمان والتي انتخبت أديب تحت عنوان حكومة الوحدة الوطنية. الهدف غير المعلن في هذا الاستئثار، هو انقلاب ناعم على حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون. وذلك مطلب أميركي واضح ومعلن، أكان في تصريحات المسؤولين الأميركيين أم من خلال لائحة العقوبات الأخيرة أم من خلال أداء موظفي السفارة والناطقين باسم السعودية في لبنان. فالحريري محرج، وهمّه الرئيسي اليوم يكمن في تقديم فروض التوبة علّها تزيل عنه فيتو العودة الى السراي الحكومي. لذلك ينفذ الشروط الأميركية ويصعّد بوجه حزب الله وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون مواربة".

وبحسب الصحيفة فقد تحدّث مقرّبون من السفارة الفرنسية عن وجود رأي جديد في باريس، يقول بأن تُترَك للقوى اللبنانية معالجة الأزمة الحالية: «إما أنهم يريدون حكومة جديدة فعالة أو لا». ويكثر الحديث عن أن الحريري يريد إطاحة مصطفى أديب لأجل العودة الى حكومة كالتي استقال منها على قاعدة أن الحل بوجود الجميع، وأن يحصل من القوى السياسية على تنازلات تعيد العمل بورقته السابقة التي وصفها بـ«الإصلاحية». وتشير المصادر إلى أن أديب يصرّ على الاعتذار، لكن رؤساء الحكومات يريدون منه الاستمرار، لأن فكرة البديل لم تنضج بعد.

وقالت الصحيفة إنه "انضم الى الحريري أمس رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. صدر أمر اليوم فسارع الى قراءة فرمان السفارة: عقد مؤتمراً صحافياً خصّص فيه الجزء الأكبر للهجوم على تمسّك حزب الله وحركة أمل بوزارة المالية، معتبراً أن هذا الأمر «سيعطّل تطبيق الإصلاحات». وأشار الى أن «تسميتهم الوزراء الشيعة وإصرارهم على وزارة المال يضربان المبادرة الفرنسية في الصميم، ويأتيان بعكس ما كان قد حكي سابقاً، وبالتالي من المؤكد هذا الموقف أدى إلى تعطل المبادرة، وآمل أن أكون مخطئاً، إلا أن المبادرة تعطلت ولا أعرف ماذا يمكن أن ينقذها الآن». وتكفّل رئيس القوات بالإجابة عن الأسئلة التي طرحها المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل على أديب عند لقائه يوم أول من أمس. وسأل بدوره، مع من كانت وزارة المال في السنوات الخمس الأخيرة وما هي النتائج التي وصلنا إليها؟ مؤكداً ضرورة تأليف حكومة مصغرة من مختصين مستقلين. في الإطار نفسه، كتب جنبلاط تغريدة على موقع «تويتر» للردّ على «أهل العرف الجديد»: «غداً وعند صياح الديك سيكتشف أهل الميثاق القديم وأهل العرف الجديد أن لا مال في بيت المال، وأن ​مرفأ بيروت​ مات وانتقل إلى اشدود و​عسقلان​، وأن أنابيب ​الخليج​ ستستبدل الـ IPC والـ TAPLINE، وأن كل ​صواريخ​ وراجمات المذهبية من أيّ جهة لن تحمي ​لبنان​». وختم بالقول: «أخشى أن أقول رحمة الله على لبنان الكبير».
في موازاة ذلك، أعلنت ​رئاسة الجمهورية​ أن عون تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ وعرض معه الملف الحكومي في ضوء التطورات الاخيرة. و«اتفقا على ضرورة الاستمرار في بذل المساعي على مختلف المستويات لتأمين ولادة ​الحكومة​ العتيدة ضمن أجل محدود. كما تمنى ماكرون على الرئيس عون بذل أقصى الجهود للوصول الى نتيجة إيجابية، مشيراً الى أنه سيجري بدوره اتصالات لهذه الغاية».

"البناء": توقف المساعي وانسداد المسارات على الجبهة الحكوميّة

من جهتها صحيفة "البناء" قالت إن الجمود الكامل كاد يكون عنوان الأمس لولا الاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والجمود ترجمه تمترس المواقف عندما بات أقرب إلى ثوابت يطلقها كل من فريق ثنائي حركة أمل وحزب الله لجهة التمسك بمطلبه تسمية وزراء الطائفة الشيعية ومن بينها التمسك بوزارة المال، وفريق رؤساء الحكومات السابقين المتمسك بعد تسميته للرئيس المكلف كترجمة لميثاقية أفقدها لحكومة الرئيس حسان دياب، بحصرية توليه تسمية رئيس يكلف بتشكيل الحكومة، وبربط الانفتاح الخارجي عليها بهذا الشرط، وبالتوازي تمسكه بدوره المرجعي للحكومة وتأليفها، ورفض أي شراكة له في ذلك، وخصوصاً أي دور لرئيس الجمهورية، أو اي شروط يصفها الثنائي بالميثاقية لجهة شروطه للشراكة، وبدت اتصالات الرئيس ماكرون لزحزحة الطرفين عن “ثوابتهما” عاجزة عن إحداث اختراق، بعدما كان الرئيس الفرنسي قد أكد حياده وحياد مبادرته عن قضية الخلاف المستجدة المسماة بالمداورة، أو بميثاقية التمثيل الشيعي في وزارة المال وحق التوقيع الثالث، مبدياً عدم ممانعة بمراعاة هذا الاعتبار إذا لاقى قبولاً من الآخرين، بمثل عدم ممانعته بالمداورة إذا لاقت القبول، مانحاً الأولوية للحاجة لسرعة تجاوز العقدة والتوصل لولادة سريعة للحكومة الجديدة، وقد لاقاه النائب السابق وليد جنبلاط بتغريدة حذّر فيها من ضياع الفرصة ناعياً لبنان الكبير، في ظل الاستهداف الذي يتعرّض له لبنان من تطلعات “إسرائيلية” عنوانها حلول مرافئ كيان الاحتلال مكان مرفأ بيروت المدمّر في ظل التطبيع الخليجي الإسرائيلي، وحلول أنابيب نفط تنقل نفط وغاز الخليج إلى المتوسط نحو أشدود وعسقلان، بدلاً من أنابيب نفط العراق والسعودية التي كانت تصبّ على الساحل اللبناني قبل نصف قرن".

واضافت انه بالتوازي مع التداول بقبول الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري مطلب الثنائي وتراجعه اللاحق عنه بسبب تعنت شركائه في نادي رؤساء الحكومات، أو ما بات يُعرف بالحزب الحاكم الجديد، وضعت فكرة ربط القبول بعدم التسليم به كعرف دائم، واعتبارها تسهيلاً لمرة واحدة، وترحيل الخلاف حول العرف الميثاقي وفقاً لطرح الثنائي، إلى مؤتمر الحوار الوطني المتفق على عقده بعد شهور تحت عنوان تضمنته المبادرة الفرنسية نحو عقد سياسي جديد، وبحث كل القضايا العالقة بما فيها الاستراتيجية الدفاعيّة.

واشارت البناء إلى أن فرضيّة بلوغ الطريق المسدود عادت إلى التداول، ومعها احتمال اعتذار الرئيس المكلف، وبالتوازي بدأ البحث بفصل مصير حكومة الرئيس المكلف عن مستقبل المبادرة الفرنسية التي تحظى بالإجماع، ولم تكن طرفاً في العقدة المستجدة، ما أضاء على البحث عن نسخة ثانية للمبادرة الفرنسية، تعيد ترتيب الأولويات بربط الحكومة بالحوار الوطني، فتستضيف باريس في أول تشرين أول المقبل مؤتمراً لقادة الكتل والأحزاب لإنتاج تفاهمات تبدّد مناخات الانقسام، وتعيد ترتيب الأولويات، وتنتهي بحكومة وحدة وطنية تشارك في المؤتمر الدولي لدعم لبنان مالياً المقرّر عقده منتصف شهر تشرين المقبل، وحكومة الوحدة كانت عنوان المبادرة في نسختها الأصلية قبل التعديل، وطرح حكومة تحظى بالإجماع. وفي هذه الحالة ستكون الطريق سالكة نحو عودة الرئيس الحريري، الذي يتّهم بأن هدفه من عرقلة ولادة حكومة أديب بالسعي لتحقيق هذه العودة. وفي هذه الحالة يقدم له المؤتمر الحواري التغطية اللازمة للعودة وللقبول بميثاقية التوقيع الثالث لمرة واحدة، لحين التوصل لصياغة مضمون النظام السياسي الجديد، الذي يقول الجميع إنه يريده، كمدخل نحو الدولة المدنية، وهو ما أعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة له خلال لقاءاته وما نقل عنه أمس، بينما حضر موقف لرئيس القوات اللبنانية تناول شروط الثنائي بصفتها تعطيلاً للفرصة الفرنسية ودعماً لموقف الرؤساء السابقين، تحت شعار أن المطلوب حكومة ولو من “القرود السود” بعيداً عن دور القوى السياسية.

اتصالات ماكرون

ولفتت الصحيفة إلى أنه لم يُسجل الملف الحكوميّ أي حركة علنية وسط مراوحة عند عقدتين اثنتين: الأولى استحضار «نادي» رؤساء الحكومات السابقين مبدأ المداورة في توقيت مريب لانتزاع حقيبة المالية من حصة الطائفة الشيعية، والثانية رفض الرئيس المكلف مصطفى أديب ومن خلفه الرؤساء الظل كما وصفهم عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي فرض تسمية الوزراء على الكتل النيابية من دون حتى استشارتهم أو على الأقل إبلاغهم بالأسماء في محاولة لإقصاء أغلب الكتل النيابية عن المشهد الحكومي لا سيما كتلتي أمل وحزب الله فضلاً عن منع رئيس الجمهورية من ممارسة حقه كشريك في تأليف الحكومة.

وأوضحت الصحيفة أن مشهد الجمود خرقته زيارة خجولة لعضو كتلة المستقبل النائب بهية الحريري إلى عين التينة لم يعرف ما إذا كانت مرتبطة بالشأن الحكومي أم لا.

واضافت "ملأ الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الفراغ السياسي الذي خلفه غياب حركة الاتصالات بين المعنيين بعملية التأليف من خلال سلسلة مكالمات هاتفية أجراها ماكرون بالرؤساء الثلاثة حثّهم خلالها على استمرار في المشاورات والمساعي لتأليف الحكومة الجديدة. وتناول الاتصال بين ماكرون ونظيره اللبناني الرئيس ميشال عون الوضع الحكومي وضرورة الاستمرار في المساعي لتأمين ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن. وأشارت المعلومات إلى أن الرئيس ماكرون اتصل بالرئيس سعد الحريري، متمنياً بذل المزيد من الجهود للوصول الى نتيجة إيجابيّة في الملف الحكومي.

ولفتت إلى أنه فيما أقرّت أكثر من جهة عاملة على خط المشاورات بصعوبة التوصل الى حل في ظل تصلب المواقف من كافة الأطراف، لاحت ملامح إيجابية عبر عنها الموقف الفرنسي وحركة ماكرون في التوصل الى حل في الربع الساعة الأخير معوّلة على مشاورات عطلة نهاية الأسبوع ليتظهّر المشهد بشكل نهائي مطلع الأسبوع المقبل، فإما حكومة وإما اعتذار أو حل ثالث هو الاعتكاف حتى إشعار آخر.

المبادرة مستمرّة

ولفتت مصادر مطلعة على الحركة الفرنسية لـ"البناء" إلى أن «المبادرة الفرنسية مستمرة ولم تُجهض وغير محددة بتوقيت رغم حث الرئيس الفرنسي الجميع على ايجاد الحل لتأمين ولادة الحكومة بأسرع وقت»، واشارت الى أن «لفرنسا مصلحة كبيرة ولماكرون شخصياً في إنجاح مبادرته كونه وضع ثقله وسمعته ودور بلاده على محك الحل للأزمة اللبنانية، وبالتالي فرنسا ستبقى تضغط على الأطراف الداخلية وتقترح الحلول حتى إيجاد الحل ولن تفقد الأمل». علماً أن المعلومات تشير الى أن حصيلة الاتصالات التي أجراها ماكرون واللقاء بين السفير الفرنسي في لبنان ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله السيد عمار الموسوي عكست تفهّماً فرنسيّاً لمطلب ثنائي أمل وحزب الله وأن المداورة في الحقائب الوزاريّة ليست جزءاً من المبادرة الفرنسيّة. ومن هنا تنطلق الجهود الفرنسيّة مع الرئيس المكلف والرئيس سعد الحريري وأعضاء «النادي» لإقناعهم و»البحث عن حل يرضي الجميع كأن يطرح الرئيس نبيه بري أسماء عدة على الرئيس المكلف عبر القيادة الفرنسية ويختار أديب من بينها». لكن «مستقبل ويب» نقل عن مصدر نيابي قوله إن «حصرية حقيبة المالية أو غيرها لطوائف معينة لم يكن جزءاً من اتفاق الطائف ولا أثر له في الدستور».

الحريريّ يتّهم السنيورة

وقالت "البناء" إنه وسط المعلومات المسرّبة عن أن الرئيس الحريري أسرّ لبعض المراجع الخارجية العاملة على خط التأليف بأنه وافق على أن يسمي الثنائي وزير المالية لكن الاعتراض جاء من رؤساء الحكومات السابقين وتحديداً الرئيس فؤاد السنيورة، نُقل عن «نادي الرؤساء» استياؤهم من اتهامهم بعرقلة تشكيل الحكومة ورمي المسؤولية عليهم بعدما كانوا ساروا بالمبادرة الفرنسية. وأكدوا أنّ الكرة ليست في ملعب رؤساء الحكومات السابقين لجهة التشبّث بالمداورة في الحقائب الوزاريّة إذ إنّ رئيس الجمهورية ميشال عون و”التيّار الوطني الحر” والحزب “التقدمي الاشتراكي” وبكركي يتمسّكون أيضاً بالمداورة.

لكن مصادر “البناء” علّقت على هذا الكلام بالقول أولاً أن جنبلاط لم يعلن موقفه صراحة من مبدأ المداورة وهو يتفهّم مطلب الرئيس بري لجهة استشعاره إقصاء الطائفة الشيعية عن الحكم. ثانياً أن الأطراف التي ذكرها “النادي” بأنها تؤيد المداورة هي عبرت عن موقف سياسي، لكنها لم تضع هذا المبدأ عقدة أمام تأليف لا سيما رئيس الجمهورية الذي أكد مراراً أنه مع المداورة في الحقائب، لكن أن يحظى ذلك بالتوافق بين الكتل السياسية، وطالما لا توافق على هذا الأمر فعلى المعرقلين من الرؤساء الظل التراجع عن شروطهم لتسهيل ولادة الحكومة وإلا يتحمّلون وحدهم مسؤولية ما قد يترتب عن إجهاض المبادرة الفرنسية والحكومة الجديدة.

عين التينة

واشارت "البناء" إلى أنه في المقابل لم تؤشر أجواء عين التينة إلى أي تقدم إيجابي على صعيد حل العقد الحكومية، وسط إصرار ثنائي أمل وحزب الله، بحسب ما قالت مصادرهما لـ"البناء" على التمسك بحقهم في إبقاء المالية من الحصة الشيعية في الحكومة كما تسمية وزير المال والوزراء الآخرين مع استعداد للحوار ومناقشة الأسماء مع الرئيس المكلف والاتفاق عليها.

وأضافت المصادر أن كل ما في لبنان ثابت لا يتحرك منذ عشرات السنين، فإما ان يتحرك الجميع عبر الدولة المدنية وإما أن يبقى كل شيء على وضعه، وهذا ما لا نتمنّاه. وأضافت :فتفضلوا.. الى الدولة المدنية، ولمن يقولون هذه مثالثة، نقول اذا كانت هذه مثالثة، فما هي المرابعة، الطاقة. واوضحت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن حقيبة المالية ليس لها علاقة بموضوع المثالثة بل هي فقط تكريس لحق الطائفة الشيعية بالشراكة في الحكم ضمن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وليس في اطار المثالثة كما يدّعي البعض، وإذا كانت المالية تعكس المثالثة فلماذا صمت الآخرون عن هذا الأمر منذ عقود؟ متهمة رؤساء الحكومات السابقين باختلاق موضوع المداورة لغاية في نفس يعقوب.

ومساء أمس، نقلت مصادر أن «الثنائي» أطفأ محرّكات اتصالاته في الساعات الأخيرة، معتبراً أنّ كرة تأليف الحكومة باتت في ملعب الفرقاء الآخرين. 

"النهار": "الثنائي" لتصعيد أوسع يستغل المرونة الفرنسية

أما صحيفة "النهار" فقالت إنه لم يكن غريبا ان يترحم الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط على لبنان الكبير ويكاد ينعيه تماما، فيما بلغت سقوف التصعيد لدى الفريق الاساسي لـ"الممانعة" سقوفا تجهر علنا بالنيات الانقلابية على الطائف والنظام، لمجرد ان فتاوى الانقضاض على الدستور بذريعة التمسك بحقيبة وزارية، فشلت فشلا ذريعا حتى في استقطاب حلفاء هذا الفريق هذه المرة. ولكن الواقع البالغ الخطورة الذي سجل تحت وطأة ابتزاز الثنائي الشيعي للمبادرة الفرنسية المترنحة عند خط مصيري جعلها تنحو في الساعات الأخيرة نحو مرونة زائدة، بل سجلت تراجعا تكتيا من خلال عدم دفاعها عن ابرز محاورها الحقيقية، أي مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية، جعل الثنائي يندفع قدما نحو تصعيد إضافي ولو انه بات يتحمل بشكل بديهي وواضح التبعات الشديدة الأذى والخطورة لاجهاض المبادرة الفرنسية من جهة، والإجهاز على التشكيلة الحكومية للرئيس المكلف مصطفى اديب الذي مدد مهلة تقديم اعتذاره أياما من جهة أخرى. 

واضافت انه إذ بدا واضحا ان الازمة الحكومية عادت امس الى نقطة الصفر ومربع بدايات التأزم، تعاظمت المخاوف على المبادرة الفرنسية التي، وان لم تسلم باريس رسميا او علنا على الأقل ابدا بانها انتهت او تشارف خطر الإخفاق، لم يكن ممكنا تجاهل الخطورة التي تحاصرها في ظل الانسداد الداخلي في لبنان الذي جعل الرئيس المكلف يلتزم الابتعاد عن الأضواء غداة زيارته قصر بعبدا والتريث في تقديم اعتذاره بعد تدخل مباشر معه من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي رمى بثقله في الساعات الأخيرة لإنقاذ مبادرته من القنص السياسي الداخلي الذي استهدفها تحت ذريعة الدفاع عن مكسب مذهبي البس لباساً دستورياً في غير موقعه الصحيح. ومع هذا الانسداد بات السؤال الكبير الذي يظلل لبنان كله ماذا لو انهارت تماما الوساطة الفرنسية وسحبت باريس يدها من الوحول اللبنانية؟ واي بديل سيكون في حال اعتذار الرئيس المكلف مصطفى اديب؟ وتاليا هل لا يزال باب التسوية مفتوحا لتعويم تشكيلة اديب ووساطة فرنسا في آن واحد ؟ 

الأهداف الابعد 

وتابعت لعل البعد الخطير للإشكالية الكبيرة التي غلفت مأزق الاستحقاق الحكومي تمثلت في ان المأزق تجاوز الملف الحكومي الى ازمة أبعد باتت ترتبط بما يتصاعد من همس حول "امر العمليات" الإيراني الذي يظلل موقف الثنائي الشيعي. اذ يكشف  مطلعون على مجريات الاتصالات الجارية بين باريس وبيروت منذ أسبوعين ان حكومة مصطفى اديب كانت في طريقها الى الولادة يوم الاثنين الماضي حين تبدلت فجأة ليل الاحد رياح الثنائي الشيعي وارتسمت معالم احباط الولادة والانقلاب على التعهدات. وثمة معطيات تؤكد ان طهران تريد تجميد الوضع في لبنان وعدم تسهيل ولادة الحكومة لشهرين على الأقل أي الى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولذا لن تقبل باريس بالتسليم بهذا التعطيل ولو انها تتعرض للسهام الأميركية في اتباع سياسة مرنة حيال "حزب الله" كما تغامر في مردود هذه المرونة في ظل التصرفات والمواقف التي اعلنها الثنائي الشيعي في الأيام الأخيرة. حتى ان بعض المعطيات برزت امس حيال تفكير يساور المسؤولين الفرنسيين في شأن تبديل بعض المندرجات الأساسية في المبادرة الفرنسية وتقديم فكرة تنظيم لقاء حواري للافرقاء اللبنانين في فرنسا على غرار لقاء "سان كلو" سابقا في حال تبين ان الانسداد الحكومي قد يطول. وقد أوضح احد المسؤولين الفرنسيين الكبار ردا على سؤال لـ"النهار" ان الفكرة غير مستحيلة بحسب التطورات في الأيام المقبلة.
  
واشارت الصحيفة إلى أن الاتصالات المباشرة التي تولاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عكست دقة الوضع الذي غرق في مراوحة داخلية وشبه شلل في الاتصالات السياسية. وتبين ان رؤساء الحكومات السابقين سيستمرون في إعطاء فرصة لتأليف الحكومة حتى نهاية الأسبوع انسجاما مع طلب الرئيس الفرنسي، ولكن ذلك لا يعني انهم في وارد تغيير موقفهم من معايير تشكيل الحكومة وفي مقدمها موضوع المداورة على رغم كل التسريبات الإعلامية المغلوطة التي تستهدفهم، ولا سيما ان الموقف المسيحي أيضا ولا سيما منه رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وبكركي والقوات اللبنانية، بالإضافة الى الحزب التقدمي الاشتراكي ومعظم الافرقاء الاخرين، يؤيدون المداورة لان من دونها لا اصلاح. ويبدو واضحا ان الثنائي الشيعي المحرج بالوساطة الفرنسية يسعى في المقابل الى توظيفها من اجل الحصول على ما يريد.

وذكرت معلومات "النهار" ان ماكرون اتصل مباشرة بكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيسين نبيه بري وسعد الحريري متمنيا استكمال الجهود لتشكيل الحكومة علما انه كان اتصل اول من امس بالرئيس المكلف داعيا إياه الى التريث في تقديم اعتذاره عن تشكيل الحكومة. 

"المستقبل"
 وردت مصادر مسؤولة في تيار "المستقبل" عبر "النهار" على استمرار موجة الأخبار المغلوطة التي تستهدف موقف الرئيس الحريري ورؤساء الحكومات السابقين فقالت ان الشائعات مهما كثرت لن تصنع حكومة، في وقت ترتكز الحقيقة الواضحة على ثلاثة معايير أساسية وافقت عليها القوى السياسية، وشكّلت أرضيّة تعبيد طريق المبادرة الفرنسية، وهي توالياً: أوّلاً، الموافقة على تشكيل مصغّرة. ثانياً، الموافقة على تشكيل حكومة من اختصاصيين. ثالثاً، الموافقة على المداورة كبند أساسيّ في عمليّة الإصلاح. وتؤكّد مصادر "المستقبل" أنّ "الثنائي الشيعي" وافق على هذه البنود الثلاثة وقد أكّد أمام للرئيس المكلّف مصطفى أديب موافقته على المداورة مجدّداً لكنّه عاد وتراجع فجأةً عن موافقته.

وتابعت صحيفة "النهار" انه "في المقابل تنامت حالة الاستغراب والتوجس من محاولات الثنائي الشيعي اسباغ الذرائع الدستورية على رفضه المداورة في الحقائب الوزارية وتشبثه بوزارة المال ونزوعه الى التصعيد السياسي والإعلامي . وأفادت المصادر القريبة من الثنائي امس انه "على موقفه الثابت حيال تمسكه بحقيبة المال وانه ابلغ الفرنسيين وكل من يهتم بولادة الحكومة المنتظرة ان ثمة استحالة في التخلي عن حقيبة المال الا عند ولادة الدولة المدنية ". واتهمت مصادر الثنائي "الطرف الثاني أي رؤساء الحكومات السابقين باستعمال سلاح الأحقاد لتخريب المبادرة الفرنسية وإفشالها وان الثنائي سيواصل تمسكه بهذه المبادرة بغية إنجاحها وهو ما أكده الثنائي في كل الاتصالات القائمة والمفتوحة مع المسؤولين الفرنسيين". 
 

إقرأ المزيد في: لبنان