نصر من الله

الخليج والعالم

هل تنطلق المقاومة الشعبية الشاملة ضد الاحتلال الأميركي في الشرق السوري؟
12/08/2020

هل تنطلق المقاومة الشعبية الشاملة ضد الاحتلال الأميركي في الشرق السوري؟

يبدو أنّ عمليات اغتيال شيوخ العشائر العربية في المنطقة الشرقية في سوريا ستطلق شرارة المقاومة الشعبية الشاملة ضد الاحتلال الأميركي المتهم الأول بتنفيذها، وهو ما بدأت بوادره بإعلان قبيلة العكيدات تشكيل جناح عسكري لها في ريف دير الزور الشرقي بالتنسيق مع الجيش السوري، ردا على حادثة اغتيال الشيخ مطشر الهفل أحد أبرز شيوخها. لكن أسئلة كثيرة تثار في هذا السياق أولها حول ما إذا كانت كل العشائر ستنتفض ضد الأميركي أم أنّ محاولات الأخير لاحتوائها ستنجح، وما الأسباب التي ستنتفض من أجلها؟

الخبير الاستراتيجي السوري أسامة دنورة تحدث بالتفصيل لموقع "العهد" الإخباري عن مجمل المشهد في الشرق السوري وأسباب انتفاضة العشائر ضد أميركا وأتباعها، وقال إنّ "ما يحدث اليوم في الشرق هو نتيجة طبيعية لمشروع أميركي غير مدروس، أو إنه غير مدروس على المدى البعيد، أو صُمِّمَ كمنتج مرحلي مع إدراك مسبق بأنه لن يُعمَّر طويلاً، والمشكلة في المشروع الانفصالي أو الانعزالي في شمال شرق سورية، الذي يعمل تحت يافطة "قسد" و"مسد" هي في أنه يحمل في طياته عوامل فشله، فكلما عمل الاحتلال الأميركي على تعميق المشروع الانعزالي القائم على تصعيد وتسييد حالة انفصالية عرقية أو قومية معينة أدى ذلك تلقائيا لتصاعد رفض الشرائح الأخرى التي ترفض مشروعا يناقض معطيات التاريخ والديموغرافيا، ويجعل من العشائر العربية والمواطنين العرب السوريين أشخاصا من الدرجة الثانية، في حين أنهم يمتلكون الأرض والتاريخ والأغلبية العددية، ولذلك وجدنا أن عددًا يتزايد باستمرار من مقاتلي "قسد" الذين ينتمون إلى الشريحة العربية ينشقون عن التنظيم الذي يمارس أطره القيادية بالتمييز ضدهم بالرواتب والميزات والمواقع القيادية الفعالة، فهؤلاء يجدون أنفسهم في موقع المُسخَّر لخدمة مشروع مرفوض من قبلهم ومن قبل أهاليهم، ومع ذلك يتعرضون للتمييز".

وأضاف:"من الواضح أنه مع سعي بعض الأوساط الأميركية ضمن المخابرات المركزية و"البنتاغون" لترسيخ قدرات "قسد" ومنحها إجازةً لسرقة النفط السوري، بما يعنيه ذلك من حرمان أصحاب الارض من ثروتهم وتكريسها لخدمة مشروع يهدف الى تطويعهم وإذلالهم، بدأ المكون العشائري بإظهار رفضه لتعميق المشروع واستدامته وتجذيره بحيث يتحول إلى معطىً مستمر وأمر واقع مرفوض تماما من قبلهم وهو ما بدا جليا بالبيان الأخير لعشيرة العكيدات الذي أمهل "التحالف" شهرا لتنفيذ مطالبها وإخراج قوات "قسد" من المنطقة".

وتابع الدنورة قائلاً: "بالتوازي مع محاولات أمريكية لتدعيم قسد ماليا وتكريس زعامتها اقتصاديا، بدأت بالظهور معالم جهد استخباري قسدي-أمريكي للتخلص من معارضي المشروع ضمن العشائر العربية، وفي طليعتهم بعض الوجوه العشائرية والزعامات المعروفة باستعصائها على النفوذ القسدي ورفضها لمشروع تهميش المكون العربي ودفعه إلى موقع الخاضع للتحكم بمصيره من قبل الاحتلال ومرتزقته الانعزاليين، وهؤلاء يريدون ترتيب العديد من الأوراق الاقتصادية والسياسية في منطقة الشمال الشرقي كجزء من أجندة مستمرة ومتصاعدة من جهة، وكإجراءات قد يكون تم استعجالها قبل الانتخابات الأمريكية، وما قد ينشأ عنها من خلط أوراق فيما يتعلق بهذا المشروع".

ولفت الخبير إلى أنّ "الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب مرارًا عن رغبته بسحب قواته من سوريا بشكل كامل، وتراجع عن ذلك تحت ضغط الدولة العميقة، الأمر الذي قد يفقد تأثيره ضمن ولاية ثانية له. أما إدارة برئاسة المرشح لديمقراطي جو بايدن فعلى الرغم من أنه صرح بأنه لا يريد تغيير سياسة ترامب ضد سوريا، إلا أن موقفه الذي قد يختلف تجاه الملفات الأخرى كالملف الإيراني مثلاً قد ينعكس على عدد من خياراته الإقليمية، بما في ذلك الوضع في سوريا، لذلك فإصبع الاتهام يتجه إلى من يحاول تكريس نفوذ بناه الاحتلال بما يخالف إرادة العشائر وتحكمها التاريخي في أرضها ومناطقها ومقدراتها المادية والاقتصادية".

وأكد الدنورة لـ"العهد" أنّ "تصاعد المقاومة الشعبية قد يدفع الأميركيين لإعادة حساباتهم وخياراتهم في المنطقة، فهم معروفون بتراجعهم عن خياراتهم القلقة عندما تزداد عليهم التكلفة المادية والبشرية والسياسية، وسبق لهذا أن حدث عندما انسحب المارينز من لبنان بعد تدمير مقرهم، وأيضاً تكرر مشهد مشابه في الصومال وسواهما، كما أن الأميركيين يدركون أن هذه العشائر تمتلك من الإرادة ما يكفي لطردهم، وقد كان لها دور هام ورئيس في مقاومة الاحتلال الأميركي ودحره من العراق".

وختم الدنورة حديثه لـ"العهد" الإخباري بالقول إن "عباءة حامد الفرج التي قدمها لعبدي نيابة عما ادعى أنها عشائر الرقة الرافضة للحراك ضد الأميركي لن تنفع في تغيير حالة الرفض والمقاومة المتوقع تصاعدها في المدينة التي دمرها الأميركيون بذريعة محاربة "داعش"، في حين أن الهدف الحقيقي كان كسر الثقل الديمغرافي والإرادة الوطنية للمكون العربي. فالعباءة التي قال الفرج أنها من المملكة السعودية لا تمثل حقيقة معطىً محليا بل إقليمي، وحتى هذا المعطى الإقليمي قد يغدو مهتزا مع وجود تطور بطيء للعلاقات السورية - العربية بشكل عام والسورية - الخليجية بشكل خاص باتجاه استعادة العلاقات مع تصاعد التناقض العربي- التركي".

قسد

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم