يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

نكبة بيروت فرصة لإعلام الفتنة..وهذا ما تقوله لـ
08/08/2020

نكبة بيروت فرصة لإعلام الفتنة..وهذا ما تقوله لـ"العهد" وزيرة الإعلام

فاطمة سلامة

لم تغب عن بال ووجدان كثيرين صور المأساة التي أنتجتها نكبة مرفأ بيروت. كُثر لا يعيشون على مقربة من المكان الذي تحوّل الى أثر بعد عين، لكنّهم عاشوا غصّة الفاجعة. هذه المصيبة لم تقع على منطقة بيروت، بل أصابت كل المناطق، وأصابت القلوب في العمق. إحدى الصديقات هاتفتها بعد الحادثة لأطمئن على عائلتها التي تقطن قريباً من مكان الانفجار، قالت لي حرفياً : "جسدياً كلنا بخير، لكنّ الدمار أصاب قلوبنا في الصميم". صديقة أخرى هاتفتني من الخارج فقالت كلاماً يُطابق ما قالته الصديقة الأولى. المشاهد المروّعة والقصص الحزينة لم تغب عن بالي. صحيح لم يصب أحد لا من عائلتي ولا من أصدقائي ولا من معارفي بمكروه، ولكن من أصيبوا هم أهل وطني. من أصيبوا هم أناس مسالمون وجدوا أنفسهم فجأة في أتون الكارثة. تُحدّثني وصوتها مخنوق عن بعض المشاهد التي لم تستطع  تجاهلها، عن السيدة المقهورة التي كانت تبحث عن ابنها واصفةً إياه بـ"الحلو" وسط الدمار. عن الكثير من الصور والمشاهد المؤلمة التي لم تفارق الذاكرة. 

بموازاة هذه المأساة والمصاب الجلل، كان هناك من يرقص على دماء الشهداء والجرحى وقهر المفجوعين. كان هناك من يفتح الهواء لينضح بما فيه، ولاستثمار الفاجعة والنكبة وتحويلها الى مناسبة لتفريغ حقده الأعمى. نعم، هذا ما فعلته بعض المؤسسات الإعلامية التي وجدت في النكبة فرصة لتجاوز القانون الإعلامي، وتخطي الأدبيات والقفز فوق الحقيقة والواقع لرمي التهم جزافاً والتشويش على التحقيقات الجارية، ولممارسة كافة أنواع الكذب والافتراء والتضليل والتحريض. وقد حدا الإفلاس الإعلامي ببعض المؤسسات الى إرسال أخبار عاجلة فيها ما فيها من الكذب والافتراء، أخبار مستوحاة من مخيّلة مسؤوليها سعياً وراء حرف الأنظار عن الحقيقة واستغلال وجع الناس لمآرب سياسية بحتة، ما يطرح السؤال الآتي: أين وزارة الإعلام من الأداء الإعلامي الفتنوي الذي شهدناه على مدى خمسة أيام مضت؟.  

عبد الصمد: سأعقد اجتماعاً مطلع الأسبوع المقبل مع رؤساء الوسائل الإعلامية 

وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد تشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على ضرورة أن يكون الإعلام حريصاً على كل كلمة يقولها في هذه المرحلة الدقيقة. عليه أن يبتعد عن تحوير الحقائق، أو عن أي كلام مسيء ويصدر بطريقة غير دقيقة لأنه يؤذي البلد ككل. وفيما تشيد بالأداء الإعلامي خلال أزمة "كورونا" حيث كانت التغطية الإعلامية مسؤولة،  تُشدّد على أننا نعيش اليوم في مرحلة صعبة وهناك الكثير من الظروف القاتمة من أزمات اقتصادية وصحية الى الجريمة البشعة التي حصلت، كل هذه الأزمات ولّدت الاحتقان لدى الناس التي لم تعد تحتمل أي معلومة غير دقيقة. ومن هذا المنطلق تكشف عبد الصمد أنها ستعقد اجتماعاً مطلع الأسبوع المقبل مع رؤساء الوسائل الإعلامية للتنسيق في موضوع الأداء الإعلامي ومختلف المواضيع. 

هل من الممكن أن تعطي خطوة الاجتماع مع رؤساء الوسائل الإعلامية نتائج إيجابية بعدما بيّنت تجارب مماثلة عدم التزام بعض المؤسسات لا بالقوانين ولا التوصيات؟ تجيب عبد الصمد عن هذا السؤال بالإشارة الى أن كل شخص منا مسؤول في هذه الفترة ومن غير المعقول التغاضي عن أي شيء يؤذي البلد، ومن المفترض أن يكون الاجتماع في إطار التعاون ولا أعتقد أن هناك انساناً لا تهمه مصلحة البلد، فالأزمة التي نمر بها وطنية والكل متضرر منها، وجميعنا خسر أهلا وأصدقاء وأقارب في هذه النكبة، اذ نحن لا نعيش في بلد آخر ونطلق النظريات من بعيد، ولكن من الطبيعي أن يصبح هناك تنظيم لكل ما يحصل. برأيها، كل شخص لديه وطنية سيكون مشاركاً في هذه العملية لإعادة الصورة الجيدة للإعلام اللبناني. 

لإعادة تنظيم الإعلام العام والخاص والابتعاد عن الأخبار الكاذبة 

وفي معرض حديثها، تُشدّد عبد الصمد على أنّ دور الإعلام أساسي في هذه المرحلة الدقيقة التي نعيشها، فالإعلام هو الرائد والموجّه في تظهير الصورة والنتائج التي من الممكن أن تترتّب عنها، وهذه الصورة إما أن تكون تدميرية وإما إعمارية ومتفائلة. وعليه، تشدد عبد الصمد على ضرورة أن نعمل من جهة على إعادة تنظيم وضعنا كإعلام عام وخاص، ومن جهة أخرى علينا التركيز على الأخبار الصحيحة والإكثار من نقل الخبر الصحيح منعاً من أي تأويل خاصة أن هناك الكثير من الأخبار الكاذبة التي تم تداولها خلال الأيام الأخيرة، ونحن بدورنا نعمل على الإكثار من الأخبار الصحيحة بالإضافة طبعا الى موقع التحقق من الأخبار الكاذبة والذي نضيء فيه على ما يحصل فعلاً منعاً لأي تأويل. برأي عبد الصمد، فإنّ ما فاقم المشكلة أكثر هي أننا في زمن تسود فيه وسائل التواصل الاجتماعي وليس فقط المؤسسات الإعلامية، اذ يكفي أن يتم تداول صور أو رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي حتى يتم تحوير الحقائق. 

للعودة الى وحدتنا 

ألا تخشين من أن يؤدي الدور الفتنوي الذي تقدمه بعض الوسائل الإعلامية الى الانزلاق لحرب أهلية؟ تقول عبد الصمد "بالتأكيد، الإعلام يلعب دوراً كبيراً إما في التدمير أو التعمير، ولكن مسؤوليتنا الوطنية قبل كل شيء أن نكون حريصين على بلدنا وأن لا نعير آذاننا نحن اللبنانيين لأي جهة خارجية أو لأي شخص يدخل بيننا لإحداث الانقسام". تُشدد وزيرة الإعلام على ضرورة العودة الى وحدتنا وهذه الوحدة تبدأ من الاتفاق على قضية وطنية واحدة نعمل على أساسها بعيداً عن تضارب المصالح. هذا الاتفاق -وفق عبد الصمد- سيكون له انعكاسات إيجابية وأول المتأثرين سيكون الاقتصاد لأن الواقع يقول إن الاقتصاد يرتبط بالسياسة والسياسة اذا كانت متشرذمة وسيئة ستنعكس اقتصادا سيئا ليجوع المواطنون أكثر مع ما يحمل هذا الأمر من عواقب سلبية على الجميع. 

حرية الإعلام تنتهي عند حرية الآخرين 

ورداً على سؤال حول توجيه البعض الإهانات للحكومة وأنتم كوزارة إعلام جزء منها،  فضلاً عن التعرض لمقام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قبل بعض الإعلاميين، تشير وزيرة الإعلام الى أننا في لبنان لطالما راعينا حرية الإعلام والتعبير، ولكن لهذه الحرية حدود تنتهي عند حرية الآخرين. وترى عبد الصمد أن هذه الحرية عندما تصل الى حد تخرج فيه عن أخلاقيات المهنة فإن محكمة الرأي العام هي أهم من أي محكمة مطبوعات لمعاقبة الشخص المسيء، لأنّ الرادع الأخلاقي هو الرادع الأهم والجمهور هو الذي يحكم إزاء الحالات التي تتدنى فيها الأخلاقيات المهنية. 

سألناها: لوّحتِ بالاستقالة من الحكومة وتحدثتِ عن إمكانية مطالبتك بتحقيق دولي لجريمة المرفأ هل فقدت الثقة بالتحقيق المحلي؟ فأجابت عبد الصمد:" لم أقل إني فقدت الثقة ولكنني أؤكد على قضيتنا ومبادئنا وهي تحقيق العدالة والوصول الى نتائج تخدم التحقيق ومطالب المواطنين وتتمكّن من إظهار الحقيقة ومعاقبة المرتكبين، واذا لم نحقق هذه العدالة ونعطِ الحقوق لأصحابها للكشف عن ملابسات هذه الجريمة هنا يكون لدينا تقصير وعندها سأطرح أن يكون هناك تحقيق دولي لمتابعة الموضوع". وتؤكّد عبد الصمد أن لدينا ملء الثقة بقضائنا والأجهزة الأمنية ولكننا أمام قضية وطنية ولا يجوز إلا أن ننجزها حتى النهاية وهذا يمس أخلاقنا في الصميم. 

مسار التحقيق يسلك الطريق الجيد ولا تهاون مع أحد 

وتتطرق عبد الصمد الى التحقيق، فتلفت الى أنّ مسار التحقيق يسلك الطريق الجيد بعد التوقيفات التي شهدناها، خاصة أننا أعطينا مهلة خمسة أيام للتوصل الى لائحة أولية بالأشخاص المسؤولين مباشرة عن  جرم المرفأ، ولكننا تمكنا خلال ثلاثة أيام من توقيف مجموعة من الأشخاص والتحقيقات مستمرة، مؤكّدةً أن هناك تشددا بشكل كبير وصارم بعيداً عن التساهل مع أي أحد ولا إفساح المجال لأي غطاء سياسي، أو تساهل أو ترك المجال لأي تدخل سياسي أو طائفي أو خارجي خدمة لأشخاص معينين أثبت التحقيق أنهم مرتكبون. وفق وزيرة الإعلام، هناك إجراء صارم وقرار صارم من الحكومة ورئيسها بمتابعة القضية حتى النهاية دون التهاون والتساهل مع أحد. 

التضامن الدولي مرحّب به 

وفيما بتعلق بالتضامن الدولي مع لبنان، توضح عبد الصمد أنه تضامن مرحب فيه، معربة عن امتنانها لكل الدعم الذي لمسته من الدول العربية والأوروبية والأميركية وهذا ليس جديداً -برأيها- على هذه الدول أن تبرز محبتها وولاءها للبنان. وفق عبد الصمد، قد نختلف في السياسة والكثير من الملفات ولكن عندما يمس الموقف الجانب الانساني نلتف حول بعضنا البعض. 

للالتفاف حول المؤسسة العسكرية 

وفي ختام حديثها، تلفت وزيرة الإعلام الى أننا أمام حالة طوارئ مستمرة لغاية 18 آب وفي هذا السياق ينص المرسوم الاشتراعي 58/67 في المادة 4 البند 11 على أن تتولى السلطة العسكرية العليا إدارة كافة الملفات ومتابعتها ومنها ضبط الأمور الأمنية والإعلامية، وعليه، فإن السلطة العسكرية هي التي تدير الأمور بما أننا ضمن حالة طوارئ -تقول عبد الصمد- التي تدعو للوقوف الى جانب المؤسسة العسكرية ودعمها وعدم كسر هيبتها فهي ما تبقى لنا من مؤسسات رائدة تدافع عن حقوقنا ويعود لها أن تتخذ كافة الإجراءات التي تضبط الأمور وتحقق الأمن العام ومصالح الأشخاص المتضررين والتعويض عليهم.

منال عبد الصمد

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة