طوفان الأقصى

لبنان

عون يمضي في محاسبة من تسببوا بحادثة المرفأ.. وسلسلة مواقف دولية داعمة للبنان
08/08/2020

عون يمضي في محاسبة من تسببوا بحادثة المرفأ.. وسلسلة مواقف دولية داعمة للبنان

ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم السبت من بيروت على التداعيات السياسية والقضائية والإقتصادية لحادثة إنفجار المرفأ، بالإضافة الى التحرك الدولي لإنقاذ لبنان من مصيبته، إذ سارت أشرعة سفن التطوّرات بعكس ما يشتهي الذي أسرجوا أحصنتهم لمواجهة سياسية انطلقت من تحميل حزب الله مسؤوليّة التفجير، وبنت على ذلك دعوتها لتحقيق دولي، متوقعة مناخاً دولياً وإقليمياً يتيح توظيف التفجير في خدمة مشروع العودة إلى السلطة على جناح تقديم أوراق الاعتماد للمشاريع الخارجية المعادية للمقاومة.

أول الرهانات كان على بطء التحقيق وتلكؤ القضاة والأمنيين في السير بسرعة وقوة ونزاهة ومسؤولية في عمليات التحقيق. وقد سقط هذا الرهان مع قرارات بتوقيف مدير الجمارك بدري ضاهر وسلفه شفيق مرعي بعدما كان قد أوقف مدير عام المرفأ حسن قريطم، بالإضافة إلى 19 موظفاً بعدما منعوا من السفر وحجزت أموالهم أول أمس. وهذه البداية السريعة والشجاعة للتحقيق منحت الأمل بتقدّم يطال جميع الرؤوس المتورطة.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توعد بمحاسبة غير متأخرة وغير متسرّعة لا تستثني أحداً كبيراً أو صغيراً، نجاح التحقيق في الحصول على مصداقية ونيل ثقة الناس سيكتمل بإسقاط دعوات التحقيق الدولي التي لا تمتلك أصلاً فرصاً جدية للتحول إلى وقائع، كما أوحى جواب الرئيس ميشال عون على سؤال حول موقف الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون من التحقيق الدولي.

هذا وشهدت بيروت أمس سلسلة زيارات، ابرزها للامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، الذي نقل رسالة تضامن عربي، ونائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، كما يصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي سيمثل الدول الاعضاء، في مؤتمر الجهات المانحة، الذي تنظمه فرنسا، وأرجئ من يوم غد الى موعد اخر، لتأمين مساعدات عاجلة لسكان مدينة بيروت.


"الأخبار": التحقيقات حول الأمونيوم.. توقيف ضاهر ومرعي وقريطم وآخرين

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي تطرقت الى موضوع تداعيات إنفجار المرفأ ولفتت الى أنه تم أمس توقيف المدير العام للجمارك بدري ضاهر والمدير السابق شفيق مرعي في ملف تفجير مرفأ بيروت. رغم الضغوط السياسية، فعلها مدّعي عام التمييز غسان عويدات وأصدر قراراً قضائياً بتوقيف معظم المسؤولين عن المرفأ. بدأت الحملة بتوقيف مدير المرفأ حسن قريطم مع ١٦ موظفاً أول من أمس، بينهم ثلاثة حدادين، قبل أن يصدر القرار بتوقيف ضاهر ومرعي ليلاً بعد جهود كبيرة.

حضر مرعي الى التحقيق منذ الصباح، لكن ضاهر حاول التهرّب، فأجاب على استدعائه مرة بأنه يزور رئيس الجمهورية ومرة أخرى بأنه في طريقه الى اجتماع لخلية الأزمة، قبل أن تصدر إشارة قضائية للجيش لجلبه. إلا أنه عاد وقرر الذهاب بنفسه، مع وكيله، الى مركز الشرطة العسكرية في الريحانية حيث استمر التحقيق معه ساعات، قبل ان يصدر قرار بتوقيفه ومرعي ليلاً. ورغم أن التوقيفه جاء متأخراً، الا أنه اساسي لكونه الرجلين مسؤولين مباشرين عن المرفأ، وكانا يعلمان بخطورة المواد الموجودة في العنبر 12. التوقيفات شملت أيضاً مسؤول العنابر ومدير المشاريع في المرفأ ومسؤول العنبر رقم ١٢.
وعلمت «الأخبار» ان التحقيق أظهر ان العنبر الذي خُزنت فيه شحنة الأمونيوم لم يكن مجهزاً بنظام اطفاء، ويتضمن تمديدات كهربائية عادية يُمنع وجودها في مراكز تخزين المتفجرات والمواد القابلة للانفجار أو الاشتعال. كما بيّنت التحقيقات الأولية، التي لا تزال إلى الكثير من التدقيق والتمحيص، أن تلحيم الفجوات في جدار العنبر وبابه أدى إلى اشتعال الحريق. ومع فتح عناصر فوج الاطفاء باب العنبر، أدى دخول الاوكسيجين الى اشتداد الحريق لتصبح المادة المشتعلة كتلة متفجرة واحدة. التحقيق أشار الى فرضية مفادها أن كمية نيترات الامونيوم البالغة ٢٧٥٠ طنا ربما لم تنفجر بالكامل لأن جزءاً منها كان قد تلف بمرور الزمن. وأوضح أن المديرية العامة لأمن الدولة التي كشفت على العنبر قبل أشهر، وأعدّت تقريراً بشأن مخاطر بقاء نيترات الأمونيوم داخله لم تقم بإحصاء محتوياته.

«الأخبار» حصلت على التقرير الذي جاء فيه أن الباخرة التي كانت تحمل الشحنة دخلت إلى مرفأ بيروت لإنزال جرافتين كانتا على متنها. وأثناء إنزالهما، تعرّضت السفينة لضرر كبير ما أدى إلى تعطّلها وعدم قدرتها على الإبحار. إلا أن التقرير لفت في موضع آخر، وبشكل مناقض، الى أن السفينة احتُجزت بقرار قضائي. وبعد الكشف على حمولتها تبيّن أنها تحمل ٢٧٥٠ طناً من نيترات الأمونيوم الشديدة الانفجار والسريعة الاشتعال التي تُستعمل في تصنيع المتفجرات مرسلة إلى شركة safari limited في موزمبيق. تقرير أمن الدولة ذكر أن رئيس الميناء محمد المولى أفاد الكاتب القضائي زياد شعبان بأن الباخرة تحمل مواد خطرة، وأن القاضي نديم زوين عيّن المولى حارساً قضائياً على الحمولة لتحمل مسؤولية اي نقص او تلف، إلا أن الأخير تحفّظ عن الأمر لكون العنابر داخل المرفأ تابعة لسلطة اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت، وليس لوزارة الأشغال التي يتبع المولى لها. وفي كانون الثاني ٢٠١٥، كلّف القاضي زوين الخبيرة ميراي مكرزل الكشف على البضائع، فتبين أنّ نسبة الآزوت فيها تعادل ٣٤،٧ وهي نسبة غير مسموح بتداولها عالمياً. لذلك طلبت إدارة المانيفست تسليمها فوراً للجهات الامنية (قيادة الجيش) أو إعادة تصديرها بسبب خطورتها والكارثة التي قد تنتج من جراء استعمالها او انفجارها. غير ان قيادة الجيش رفضت استلام الشحنة واقترحت التواصل مع الشركة اللبنانية للمتفجرات لدرس امكانية الاستفادة منها.

وفي حال رفض الشركة، اقترحت اعادة تصديرها إلى بلد المنشأ. وذكر تقرير امن الدولة ان السفينة غرقت مقابل المرفأ في شباط ٢٠١٨، وأن دائرة المانيفست في مرفأ بيروت أرسلت طلبات خطية عدة الى مديرية الجمارك للطلب من قاضي الامور المستعجلة مطالبة الوكالة البحرية بإعادة تصدير البضائع بصورة فورية. وقد راجع جهاز أمن الدولة مختصاً في الكيمياء فحذّر من اشتعال هذه المواد سيتسبب بانفجار ضخم يدمر مرفأ بيروت، وأنها في حال سُرِقت فيمكن استخدامها في تصنيع المتفجرات. التقرير لفت الى ان لا حراسة على العنبر المفتوح بطريقة يمكن من خلالها لأي كان الدخول اليه. وقد راجع الجهاز مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس لإطلاعه على خطورة إبقاء المواد في المرفأ، فأبلغهم بعدم اختصاص النيابة العامة العسكرية. وبعد إطلاع النائب العام التمييزي غسان عويدات على التقرير في ٢٨/٥/٢٠٢٠، أشار باستدعاء الموظف المسؤول عن الامن في المرفأ والاستماع الى افادته. هكذا استدعي محمد زياد راتب العوف، وهو المسؤول عن أمن السفن الراسية وسلامة المنشآت، فأكد أنه لم يكن يعلم سابقاً بوجود نيترات الأمونيوم وأنه فوجئ بذلك لعلمه بخطورتها. وقال إنه تواصل مع المولى ونائب مدير العمليات في المرفأ مصطفى فرشوخ حول الأمر، فأبلغاه أن الشحنة مخزّنة في العنبر رقم ١٢ منذ خمس سنوات بقرار قضائي. وعندما أُبلغ عويدات بإفادت العوف، طلب استكمال التحقيق واستدعاء المولى لاستجوابه. كما استمع الى عدد من المسؤولين في المرفأ، وقرر عويدات توجيه كتاب الى هيئة إدارة واستثمار المرفأ لتأمين حراسة على العنبر وتعيين رئيس مستودع وصيانة كامل الابواب ومعالجة الفجوات وإقفال ابوابه بإحكام.

التقرير أنه أُرسِل في بريد خاص إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بتاريخ ٢٠/٧/٢٠٢٠، خلص الى وجود اهمال وتقصير من ادارة واستثمار مرفأ بيروت في الحراسة، وأنّ الادارات الرسمية لم تقم بأي إجراء لمعالجة هذا الوضع بغية إبعاد الخطر الذي تُسببه هذه المواد اذا ما اشتعلت أو سُرِقت.

النهار: لبنان يبكي شجعاناً وأبطالاً

صحيفة "النهار" بدورها تساءلت… وماذا بعد؟ ثلاثة أيام بعد الزلزال ولبنان بكل مناطقه تحول الى مشهد جنائزي تتوزع في أنحائه مواكب التشييع والجنازات والدموع الحارقة فيما مشهد الدمار في بيروت والمناطق التي ضربها إعصار مرفأ بيروت تشهد على حرقة النبض التطوعي الواسع لشباب لبنان وشاباته من جهة، والتصاعد غير المسبوق لغضب حارق ينذر بتطورات ربما تبلغ هذه المرة ذروة الخطورة. ومع ذلك فان كل هذا الغليان والغضب والأسى وكل هذا النبض الحارق المتفجر للبنانيين الذين سقطت على رؤوسهم كارثة انفجار 4 آب كانها نهاية الطريق في سلاسل الكوارث وذروتها المأسوية المفجعة، لم يجد جسر وصل بعد برموز السلطة من رأس الهرم الى أسفله، فإذ بنا البارحة تماما امام مشاهد تقليدية من التصريحات والكلمات البائدة التي ان وجد من سمعها فهي عكست البهتان والتكلس وانعدام استعدادات اهل العهد والحكومة والسلطة لفهم وإدراك ان الزلزال الذي انفجر في 4 آب كانت له امتدادات زلزالية لا تتوقف عند مئات الشهداء وألوف الجرحى ومئات الاف المتضررين، بل ضربت أولا وأخيرا كل رموز السلطة من اعلى الهرم الى أسفله بما يستحيل بعد الزالزال ان يمضي كما كان قبله في واقع العهد والحكومة والسلطة وحتى مجلس النواب نفسه. ولسوء حظ المسؤولين المعنيين في رأس الهرم أولا أي رئيس الجمهورية ميشال عون انه اختار او ترك لفريقه اختيار لحظة شديدة السوء في الإطلالة على الاعلام غداة الزيارة الخارقة للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لبيروت وما تخللها من محطات مذهلة في كشف واقع سقوط الثقة الشعبية اللبنانية سقوطا مدويا بالعهد والرئيس والحكومة والطبقة السياسية بأسرها. لم يقنع كلام رئيس الجمهورية قطعا كل هؤلاء الذين انتظروا ان يظهر العهد أولا استعداده لاستجابة تداعيات الكارثة وما سبقها من أزمات صار العهد رمزا لاهوالها. كما لن يقنع أي نهج ستمضي فيه حكومة حسان دياب اليوم وغدا وبعده أفواج الضحايا اللبنانيين شهداء وجرحى ومصابين وذوي مفقودين تحت الركام والحطام في ليل أسوأ ما اقترفته دولة وسلطة في العالم من اهمال او تواطؤ او قصور او تآمر ادت في النهاية الى ما بات يصنف بانه احد أسوأ الانفجارات غير النووية في العالم. كان مشهد لبنان الحقيقي الحارق امس بين ايدي عشرات الشباب والشابات المتطوعين رافعين المكانس والرفوش في ورشة رفع الركام والحطام وتنظيف شوارع بيروت الجريحة وأحيائها ومناطقها المتضررة وقد توافدوا من سائر المناطق اللبنانية. هؤلاء الى الحيز الأكبر المتعاظم من اللبنانيين باتوا في الضفة الأخرى تماما من واقع الانهيار اللبناني يترقبون إشارة او مبادرة تنبئ بان اهل العهد والحكم والحكومة والسلطة التقطوا شيئا مما صار وقته البارحة قبل اليوم واليوم قبل الغد . انها حقيقة الانهيار التام الناجز الكامل لبقايا مهترئة بالثقة بكل الطبقة الحاكمة والرسمية سواء شاءت الاعتراف بذلك ولو متأخرة جدا بحيث لن يعود ينفع الاعتراف امام أسوأ ما قد يتطور اليه الوضع او استمرت في سياسة الانكار المدمر وطمر الرؤوس في رمال الهروب من الحقائق العارية والحارقة. ارتفع عدد الشهداء امس الى ما يتجاوز ال 154 شهيدا وفاق عدد الجرحى الـ5000 ويستحيل حتى الان حصر الحصيلة الإجمالية للزلزال فيما تتوالى الانباء الصادمة عن قصص الفواجع مثل استشهاد الطفلة ألكسندرا نجار. ويبكي لبنان شجعانا وأبطالا مثل جو عقيقي وعلي مشيك وعشرات مثلهم وقلبه يعتصر خوفا على عشرات آخرين من المفقودين. في هذا العبق الصادم المحزن وبعد النموذج التعبيري الصارخ الذي شكل ذروة زيارة الرئيس ماكرون وتحول استفتاء حارا حارقا ضد العهد والسلطة يرتسم السؤال الحائر المخيف: ماذا تراهم ينتظرون لاطلاق شرارة واحدة وحيدة لا سبيل سواها لوضع البلاد امام انقاذ حقيقي قبل خرابه خرابا مبينا؟ لقد سقطت مع الثقة المنهارة شرعية السلطة بكل مستوياتها وليس ما يجري في الشارع منذ انتفاضة 17 تشرين الأول أساسا فكيف الان؟ ولعل أسوأ ما يعكسه اهل العهد والحكومة والسلطة وكذلك مجلس النواب ولو منتخبا قبل سنتين ونيف ان يحتموا وراء شرعية صارت هي الأخرى ركاما وحطاما ولن تنفع في ترميمها كل الألاعيب السخيفة وكل الكذب وكل الكلام الخشبي وكل المناورات واصطناع التحسس مع الناس. امام صور شهداء قضوا في الانفجار او جرحى يعانون الام جراحهم وذوي ضحايا ومفقودين وكل الذين دمرت بيوتهم وممتلكاتهم ماذا تراهم ينتظرون بعد لكي يعلموا ان وقت الرحيل حان بل تأخر اكثر مما يمكن الاحتمال ووقت الانتخابات المبكرة رئاسية ونيابية شاملة قد أزف أخيرا ؟ لقد استقال في أوقات متزامنة في الأيام الأخيرة الوزير السابق ناصيف حتي والنائب مروان حماده وسفيرة لبنان في الاردن تريسي شمعون ويتجه النائب نديم الجميل في الساعات المقبلة الى الاستقالة فيما ترددت معلومات تكتمت عليها الأوساط الكتائبية المعنية عن امكان ان يعلن رئيس الحزب النائب سامي الجميل استقالة نواب الحزب اليوم خلال مأتم الأمين العام الراحل للحزب نزار نجاريان. فلماذا لا تنطلق الموجة بأوسع مدى وتفرض التغيير الكبير من فوق الى تحت على كل مستويات السلطات؟


"البناء": عون.. المحاسبة ستطال الجميع ونضع خطة لإعادة الإعمار والكارثة أسقطت الحصار

أما صحيفة "البناء"أشارت الى أنه سارت أشرعة سفن التطوّرات بعكس ما يشتهي الذي أسرجوا أحصنتهم لمواجهة سياسية انطلقت من تحميل حزب الله مسؤوليّة تفجير مرفأ بيروت، وبنت على ذلك دعوتها لتحقيق دولي، متوقعة مناخاً دولياً وإقليمياً يتيح توظيف التفجير في خدمة مشروع العودة إلى السلطة على جناح تقديم أوراق الاعتماد للمشاريع الخارجية المعادية للمقاومة.

أول الرهانات كان على بطء التحقيق وتلكؤ القضاة والأمنيين في السير بسرعة وقوة ونزاهة ومسؤولية في عمليات التحقيق. وقد سقط هذا الرهان مع قرارات بتوقيف مدير الجمارك بدري ضاهر وسلفه شفيق مرعي بعدما كان قد أوقف مدير عام المرفأ حسن قريطم، بالإضافة إلى 19 موظفاً بعدما منعوا من السفر وحجزت أموالهم أول أمس. وهذه البداية السريعة والشجاعة للتحقيق منحت الأمل بتقدّم يطال جميع الرؤوس المتورطة، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دردشة مع الإعلاميين في القصر الجمهوري متوعداً بمحاسبة غير متأخرة وغير متسرّعة لا تستثني أحداً كبيراً أو صغيراً، نجاح التحقيق في الحصول على مصداقية ونيل ثقة الناس سيتكفّل بإسقاط دعوات التحقيق الدولي التي لا تمتلك أصلاً فرصاً جدية للتحول إلى وقائع، كما أوحى جواب الرئيس ميشال عون على سؤال حول موقف الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون من التحقيق الدولي.

على صعيد موازٍ سقط الرهان على مناخ دولي ينتظر أدوات محلية للمواجهة مع المقاومة، فكل ما تحمله الأيام يزيد التأكيد على أن المقاومة كرقم إقليمي صعب، باتت أشدّ صلابة وقوة من أن تشكل هدفاً يسهل التفكير بالنيل منه، بحيث بات سياق التعامل الدولي مع لبنان من خلال النظر للمقاومة، ينطلق من السعي لخطب ودّ المقاومة ومحاولة الانفتاح عليها، كما أظهرت زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت، وكما بدا واضحاً من كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي أكد على النظر بإيجابيّة لزيارة الرئيس الفرنسي وسائر أوجه الانفتاح الدولي والإقليمي على لبنان بعد التفجير، داعياً للاستثمار على هذا الانفتاح الذي يشكّل فرصة للبنان.

في كلام السيد نصرالله أيضاً ثقة بقوة المقاومة، جعلت فرضية العدوان الإسرائيلي كسبب للتفجير جانبياً، لدرجة ظهر كلامه داخلياً في أغلبه، يستهدف حث الاخرين على مغادرة الكيديّة والأوهام التي بنوا عليها سياساتهم نحو المقاومة، مؤكداً خيبة رهانات المتربصين بالمقاومة، داعياً براحة واطمئنان إلى التلاقي والسعي للفوز بامتحان بناء الدولة من بوابة الثقة بمؤسساتنا الوطنية وفي طليعتها الجيش كمرجع صالح للتحقيق لا يجوز التشكيك بصدقيته لأغراض صغيرة، ومكاسب سياسية وسلطوية فئوية، معتبراً أن الفشل في تحويل كارثة بهذا الحجم إلى مدخل للسير بجدية في خط بناء الدولة سيعني أزمة نظام وأزمة دولة وربما أزمة كيان.

الأجواء الدوليّة التي دعا السيد نصرالله للتعامل معها إيجاباً، أكد الرئيس ميشال عون أنها تغيرت منذ التفجير، حيث تكفلت الكارثة بإسقاط الحصار، فيما تلقى الرئيس عون اتصالاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد له خلاله حضوره لمؤتمر باريس بالفيديو الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون بوم الأحد المقبل على الأرجح تحت عنوان إعادة إعمار لبنان، بينما أشار عون إلى أن خطة لإعادة الإعمار قيد الإنجاز.

ونفى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بشكل قاطع وحازم وحاسم “وجود أي شيء لحزب الله في المرفأ سابقاً وفي الوقت الحالي، كما أنه لا يدير المرفأ ولا يتدخّل فيه ولا يعرف ما هو موجود بداخله”، مؤكداً أن التحقيقات ستؤكد موقفنا بعدم وجود أي مواد لنا في المرفأ وأن ما جرى هو تضليل ظالم.

إلا أن جنبلاط أصرّ على “أن يكون هناك تحقيق لبناني – دولي بانفجار المرفأ”، في محاولة لاستغلال الانفجار للعودة الى مشهد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005، في رهان جديد على تغيير موازين القوى الداخلية عبر تدويل قضية انفجار مرفأ بيروت، وبالتالي الإطاحة بالعهد وبالحكومة الحالية. وأعلن جنبلاط من على منبر العربية التابعة للسعودية، “أننا لا نثق بالأجهزة المحلية التي أصابها الاهتراء أو هي مسيسة من السلطة التي كلنا نرفضها ورفضها الشعب بالأمس أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”.

ورفض جنبلاط الدخول في جدل مع السيد حسن نصرالله، سائلاً: “هل من الممكن ان حزب الله ليس معه خبر أن هذه الكمية من النيترات موجودة منذ عام 2014 استخبارات الحزب قوية جداً، فلماذا لم يبلغوا أجهزة الدولة عن مثل هذا الخطر؟”. وتعليقاً على طرح السيد نصرالله إجراء الجيش التحقيق، شكك جنبلاط بالمؤسسة العسكرية وهو لطالما ادعى تأييده لها! وقال: “نحترم مؤسسة الجيش لكن تصرفات هذه السلطة والحكومة أوصلتنا الى الشك بكل شيء”.

في موازاة ذلك، برزت مواقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون تقاطعت مع مواقف السيد نصرالله، وفي دردشة مع الصحافيين تطرق خلالها الى التحقيقات والمحاسبة وسواها، وأكد أن “التحقيق سيشمل المسؤولين المباشرين، والعزاء لا يكون إلا بتحقيق العدالة والعدالة ستقوم بواجباته”. وقال: “انا العماد ميشال عون تعرفونني بالحرب وبالسلم ولا احد يستطيع ان يدفعني باتجاه الخطأ ولا احد يستطيع أن يمنعني عن كشف الحقائق”. واكد أن “أبواب المحاكم ستكون مفتوحة أمام الكبار والصغار”، معتبراً أن “الحكم لا معنى له إذا طال والعدالة المتأخرة ليست بعدالة ويجب أن تكون فورية ولكن دون تسرع”. وقال عون: “تفجير 4 آب فك الحصار وستبدأ عملية إعادة الإعمار بأسرع وقت وانا اقترحت تقسيم المناطق المتضررة وإشراف كل دولة على منطقة وبيروت ستعود أجمل مما كانت”. وأوضح رئيس الجمهورية أن “التحقيق في حادثة 4 آب يرتكز على 3 مستويات: أولاً على كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12، والثاني ما اذا كان الانفجار نتج بسبب الإهمال أو حادث قضاء وقدر، والثالث هو احتمال أن يكون هناك تدخل خارجي أدّى الى وقوع هذا الحادث”. ولفت الى أن “هناك مساعدات دولية ذات قيمة ستصل الى لبنان ومخطط إعادة الإعمار في طريقه الى التنفيذ”. وشدد عون على أنه “مش ع أيامي بينمسّ بالسيادة.” وختم “يمكن الذهاب الى حكومة وحدة وطنية، ولكن هي بحاجة الى تمهيد وتوافق”.

في غضون ذلك، استمرت التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، وافادت معلومات «البناء» ان عدد الموقوفين ارتفع الى 19 موقوفاً فيما تم توقيف مدير عام الجمارك بدري ضاهر بعد التحقيق معه من قبل القاضي غسان الخوري في مركز الشرطة العسكرية في الريحانية وبإشراف من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. كما تم توقيف المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي ومدير مرفأ بيروت حسن قريطم رهن التحقيق، بناء على إشارة القضاء المختص.

ونفت وزيرة العدل ماري كلود نجم ما تناقله عدد من وسائل الإعلام، أن وزيرة العدل رفضت مثول المدير العام للجمارك أمام جهاز أمني للتحقيق معه على خلفية الانفجار في مرفأ بيروت.

 

"اللواء": ماكرون يجهد لعقد مؤتمر الدول المانحة وسلسلة مواقف دولية داعمة

من جانبها، تشهد بيروت اليوم سلسلة زيارات، ابرزها للامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، الذي نقل رسالة تضامن عربي، ونائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، كما يصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي سيمثل الدول الاعضاء، في مؤتمر الجهات المانحة، الذي تنظمه فرنسا، وأرجئ من يوم غد الى موعد اخر، لتأمين مساعدات عاجلة لسكان مدينة بيروت.

وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاد دير ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ناقشا خلال مكالمة هاتفية اليوم الجمعة العمل سوياً مع دول اخرى من اجل ارسال مساعدة فورية الى لبنان، وكذلك تمديد حظر الامم المتحدة لتوريد الاسلحة الى ايران.

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نية موسكو تقديم المزيد من الدعم إلى لبنان، بعد الانفجار المدمر الذي هز حديثاً مرفأ بيروت. ووفقاً لما ذكرته «روسيا اليوم»، وصف بوتين في اجتماع عقده مع الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الروسي، انفجار بيروت بأنه حادثة مأساوية، مشيراً إلى أن مجموعة تم تشكيلها من عناصر وزارتي الطوارئ والصحة الروسيتين بتوجيهات منه قد وصلت إلى المدينة. وتابع الرئيس الروسي: «قد شرع زملاؤنا بالعمل في العاصمة اللبنانية بعد انفجار المرفأ، وسنفكر في فعل المزيد لمساعدة الناس في هذا البلد».

وكشفت المفوضية الأوروبية بعد محادثة مع الاليزيه إن موعد الاجتماع «سيُعلنه قصر الإليزيه». وأوضحت المفوضية أنه كان مطروحا تنظيم المؤتمر الأحد، لكن هذا الموعد الذي أعلنه المتحدث باسم المفوضية، لم يتسنَ تأكيده بسبب عدد الجهات التي يُفترض التواصل معها.

وأعلن المتحدث باسم المفوضية الاوروبية اريك مامير أن «المفوضية ستمثل بالمفوض المكلف المساعدة الانسانية جانيز لينارتشيتش. وسينظم المؤتمر عبر الفيديو بهدف جمع أموال لتقديم مساعدة انسانية عاجلة» للبنان.

وأضاف «سنسعى لتقييم الحاجات الانسانية وسنحتاج إلى أكبر قدر من المعلومات» لذلك. وشدد على «اننا في مرحلة طارئة. المؤتمر ليس لإعادة الاعمار لأن ذلك يأتي في مرحلة لاحقة». ونسقت المفوضية الأوروبية عملية ارسال 300 مسعف متخصص إلى بيروت وصرفت 33 مليون يورو للحاجات الأولية العاجلة خصوصا المساعدة الطبية. وقال «علينا التحقق من أن الأموال التي ستوضع في التصرف ستدار بأكثر الطرق فعالية». من جهته اعلن المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل «تؤكد المؤسسات الاوروبية على ضرورة تطبيق الاصلاحات التي يطالب بها الشعب».

إقرأ المزيد في: لبنان