يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

 
17/07/2020

 "شمّاعة" الدولار وتحليق الأسعار المتواصل 

فاطمة سلامة

في كل مرة تعلو فيها صرخة المواطن من ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمواد الاستهلاكية، تجري الإشارة الى سعر صرف الدولار الجنوني. تلك الحجة الجاهزة دوماً على الرف. طبعاً، لا أحد يُنكر الارتباط الكبير بين الأسعار وسعر صرف الدولار طالما أن لبنان يستورد نحو 85 بالمئة من سلّته الغذائية. لكن في المقابل، لا أحد يُنكر أن تجاراً كثراً باتوا يستخدمون الدولار كشماعة لرفع الأسعار بشكل خيالي. ثمّة شكاوى كثيرة في هذا الصدد، فسعر بعض السلع يتفاوت بشكل كبير بين "سوبرماركت" وأخرى. كما أنّ مواطنين كُثراً يشكون مؤشر الأسعار الذي يتّجه صعوداً حتى حين تشهد حركة سعر صرف الدولار انخفاضاً. فما دور وزارة الاقتصاد في هذا الإطار؟ وما الذي يضمن للمواطن انخفاض الأسعار والاستفادة من الدعم الذي تلحظه السلة الغذائية المدعومة التي أطلقت مؤخراً؟. 

يونس: مراقبة الأسعار أولوية الأولويات 

مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد المهندس طارق يونس يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّ المديرية التي تتولى العديد من المهمات في مجالات عدة كسلامة الغذاء، الأسعار، مراقبة المقاييس، محطات البنزين والاحتكار، فضلاً عن عدد كبير من الملفات، وجدت نفسها اليوم أمام أولوية مراقبة الأسعار، بحيث بات هذا الملف على رأس اهتماماتها وهي تراقب الأسواق بشكل يومي. المهمة الأساس اليوم في ظل هذه الظروف الضاغطة وارتفاع سعر صرف الدولار هي مراقبة مسار الأسعار والتأكد من أنّ التجار لا يتجاوزون نسب الأرباح المسموح بها. وهنا يوضح يونس أنّ تحركنا مبني على نصين قانونيين في موضوع الأسعار، أولاً: القرار 277 الصادر عام 1972 والذي يحدد نسب الأرباح لعدد من السلع الغذائية، وبعض السلع الاستهلاكية الأساسية. يشترط هذا القانون أن تتراوح نسب الأرباح في المحلات التجارية التي تبيع المستهلك مباشرةً بين 8 بالمئة الى 18 بالمئة كحد أقصى. وثانياً: المرسوم الاشتراعي 73 الصادر عام 1983. هذا المرسوم يتحدّث عن مكافحة أي عمليات احتكار من قبل أي تاجر، فبعض الأحيان قد يلجأ التاجر الى الاحتكار حيث يخزن السلع لبيعها لاحقاً بسعر أعلى، وهذا يحصل في ملف المازوت حيث يتم احتكار هذه المادة من قبل الشركات المستوردة أو الموزعين أو محطات البنزين وهذا ما نلاحقه اليوم.  

 

 "شمّاعة" الدولار وتحليق الأسعار المتواصل 

وفيما يُشدّد يونس على أنّ "موظفينا ومراقبينا على الأرض ولم يتوقف عملهم حتى في عز أزمة "كورونا""، يوضح "أننا منذ بداية العام حتى اليوم سطّرنا كوزارة اقتصاد ومديرية حماية المستهلك وبعض المصالح 1500 محضر ضبط ومخالفات بمواضيع مختلفة، أبرزها تلك التي تتعلق بارتفاع الأسعار أو عدم إعلان أسعار، أو بفارق الأسعار الذي يلحظه المستهلك بين ما هو معلن وما هو مستوفى عند الصندوق".  

93 مراقباً فقط على الأراضي اللبنانية كافة ومهام متنوعة 

وعلى رغم أهمية ملاحقة ملف ارتفاع الأسعار ومحاسبة المتورطين، لا ينكر يونس أنّ قدرة مديرية حماية المستهلك على المراقبة باتت معروفة للجميع. "لدينا 93 مراقباً فقط على كافة الأراضي اللبنانية، وهذا العدد غير كاف، وتتم الاستعانة أحياناً بقوى أمنية لمؤازرتنا والقيام ببعض المهام، كالأمن العام الذي يتابع موضوع الاحتكار في الشركات النفطية (المازوت)، وأمن الدولة الذي يتابع قضية المولدات". وهنا يوضح يونس أنّ 43 مراقباً فقط يتواجدون في منطقة بيروت وجبل لبنان ويُطلب منهم تغطية كافة المهام. تلك المهام المتنوعة ستضاف اليها مهمة جديدة اليوم، وهي ملاحقة تطبيق السلة الغذائية المدعومة والتأكد من أن التاجر أو صاحب المحل التجاري يبيع السلع بالسعر الرسمي المدعوم والمحدد من قبل وزارة الاقتصاد. على المديرية مهمة التأكد من أن المستورد الأساسي فعلاً وزّع كافة الكميات التي استحصل الدعم عليها، وبعدها التأكد من أن  الموزعين قاموا بتوزيعها على المحال التجارية. هذه العملية هي عملية شائكة وكبيرة جداً، بحسب يونس، الذي يؤكّد "أننا متأهبون بكافة الاوقات وبالامكانيات المتاحة لمتابعة هذا الأمر". 

الوزارة ستتابع بدقة مسار السلة الغذائية لضمان حصول المستهلك على الدعم 

ما الذي يضمن للمستهلك حصوله على الدعم المدرج في السلة الغذائية؟ يجيب يونس على هذا السؤال بالإشارة الى أن أي مستورد يتقدّم للحصول على دعم من مصرف لبنان على سعر الـ3900 ليرة لاستيراد الشحنات الغذائية يقدم أولاً تعهداً لوزارة الاقتصاد بإبراز كافة المستندات والفواتير التي تبين أن الكمية التي أخذ المبلغ المالي المدعوم على أساسها بيعت الى الموزعين أو أصحاب "السوبرماركات" مباشرة وبالسعر المتّفق عليه. وبعدها علينا التأكد أن التاجر أو صاحب المحل التجاري باع السلعة للمواطن بالسعر المحدّد من قبل الوزارة. هذه العملية -برأي يونس- تضمن للمستهلك حصوله على الدعم المطلوب. 

ويوضح يونس أنّ الوزارة بدأت مرحلة الدعم سابقاً لحوالى 50 سلعة من ضمنها السكر والأرز. هذه السلع موجودة اليوم الى حد ما، ولكن هناك طلبا كبيرا عليها- بحسب يونس- الذي يشير الى أنّ الناس عمدت الى تخزين بعض السلع وهو ما يُفسّر اختفاء بعض الأصناف أحياناً، وهذا شيء طبيعي نوعا ما -يقول المتحدّث- لأنّ المواطن عندما يرى أن هناك سلعا مدعومة يسارع الى شرائها بعد فقدان الثقة جراء الواقع الحالي. ويتطرّق يونس الى السلة الأكبر والتي أطلقت مؤخراً وتضم الكثير من السلع والمواد وهي ليست فقط للمستهلك بل للصناعيين أيضاً، وذلك كي يستفيد منها المصنّع اللبناني لخفض التكلفة عليه. وهنا يناشد يونس الصناعيين بأن ينعكس الدعم المتوفّر بالمواد الأولية فعلاً على أسعار السلع المنتجة من قبلهم، لأنه وفي بعض الأحيان نرى أن السلع المنتجة لبنانياً أغلى من السلع المستوردة وهذا الأمر مستغرب، وفق يونس الذي يوضح أنّ المستهلك من المفترض أن يلمس انخفاض الأسعار فعلياً على الأرض من الآن حتى ثلاثة أسابيع، لافتاً الى أنّ أسعار اللحوم الطازجة ستنخفض أيضاً لأن السلة تلحظ دعم المواشي. ووفق يونس، قد ينخفض ثمن كيلو اللحم المفروم الى 28 الف ليرة، أما "الفوفيليه" فسيتراوح بين الـ38 والـ40 الف ليرة كحد أقصى بعدما لامس ثمن كيلو اللحم عتبة الـ70 ألف ليرة. 

للمواطن دور كبير 

وفي الختام، يُشدّد يونس على أنّ المواطن اللبناني يجب أن يكون الى جانبنا لمكافحة الاحتكار والتلاعب بالأسعار، فعدد المراقبين قليل جداً، ومطلوب منهم مراقبة عشرات آلاف المحلات التجارية وهذا الأمر ضرب من الخيال. وعليه، لا بد للمواطن من مساعدتنا عبر التبليغ عن أي مخالفة يلاحظها، والوزارة -وفق يونس- ستضع لائحة أسبوعية بأسعار السلع المدعومة لمختلف العلامات التجارية على الموقع الالكتروني، وبالتالي عندما يتوجه المواطن للتسوق من المحال التجارية ويرى مثلاً أن سعر سلعة معيّنة من المفترض أن يكون 9900 ليرة لكنها في الحقيقة 14 ألفاً، هنا يأتي دوره ليبلغ إما عبر الاتصال بالخط الساخن 1739، أو وضع شكوى على موقع الوزارة أو الاتصال مباشرةً بالوزراة. برأي يونس، للمستهلك أن يختار الطريقة المناسبة للتبليغ عن الشكوى ونحن بدورنا سنلاحقها لنمنع المخالفات الجديدة.  

فهد: نسير وفق لائحة الأسعار التي تصلنا من المورّدين

نقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان نبيل فهد يؤكّد في حديث لموقعنا أنّنا نسير بحسب لائحة الأسعار التي تصلنا من المورّدين، فالسوبرماركت لا تستطيع أن تغيّر السعر اذا لم يرسل لها المورد لائحة جديدة. ويعتبر فهد أنّ الكثير من الأسعار في السوبرماركت تنخفض لمجرد انخفاض سعر صرف الدولار وبنفس النسبة، فعندما يبدأ سعر صرف الدولار بالانخفاض تنخفض معه كل السلع المتعلقة به كالحبوب. ولكن المشكلة -برأيه- تكمن في أنّ سعر الصرف ما إن ينخفض حتى يعاود الارتفاع مجدداً.

 

 "شمّاعة" الدولار وتحليق الأسعار المتواصل 

 

ويضع فهد كافة الأصوات التي تشكو ثبات الأسعار رغم انخفاض سعر الصرف أحياناً في خانة التشويش. بالنسبة اليه، فإن الكثير من الموردين لم يغيروا بعد أسعارهم حتى بعد صعود الدولار وتجاوزه التسعة آلاف ليرة، وعليه فإنّ هناك سلعاً لا تزال منخفضة، يختم المتحدّث.

الدولارغلاء الأسعار

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة