يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

منصة التداول بالعملات: ما هي؟ وهل تضع حداً لارتفاع سعر صرف الدولار؟ 
18/05/2020

منصة التداول بالعملات: ما هي؟ وهل تضع حداً لارتفاع سعر صرف الدولار؟ 

فاطمة سلامة

يُرسم الكثير من علامات الاستفهام حول الطريقة التي يتعاطى بها البنك المركزي مع أزمة سعر صرف الدولار. علامات وُضعت في أكثر من مناسبة بالتزامن مع الارتفاع الخيالي لسعر الصرف. كثيراً ما قيل ويقال إنّ باستطاعة مصرف لبنان وضع حد لهذا التمادي وضبط سوق النقد. تماماً كما أثيرت الشكوك حول تعاميم أصدرها الحاكم، جرى ربطها بمصلحة الصرافين على حساب المواطنين. لا بل ذهب البعض بعيداً في تحميل سلامة مسؤولية الانهيار الدراماتيكي لليرة الوطنية، فأداؤه المريب أدى الى تدهورها. وفي الأيام الأخيرة، بدت تلك الشكوك بمعظمها في محلها، مع تداول معلومات واعترافات تفيد بأنّ سلامة أوعز لمدير العمليّات في مصرف لبنان مازن حمدان ببيع وشراء الدولارات من الصرافين، في خطوة مخالفة لقانون النقد والتسليف. 

وبغض النظر عن أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني، والتي لا شك أنها متنوعة، إلا أنّ مسؤولية كبيرة تقع على عاتق مصرف لبنان لضبط هذا الواقع والحد منه. ومن هنا تبرز اليوم تساؤلات عديدة عن أسباب تأخر مصرف لبنان في إطلاق المنصة الالكترونية للتداول بالعملات، والتي سبق أن أعلن عنها. يعوّل البعض على أهمية هذه المنصة في ضبط إيقاع عملية الصيرفة، وتتردّد مقاربات تقول إنّ إنشاء منصة سعر الصرف سيكون له الفضل في وضع حد للمضاربات وبالتالي الحد من الارتفاع الخيالي لسعر الصرف. فما تعريف هذه المنصة؟ أين أصبحت؟ هل من تجارب شبيهة لها في الدول الأخرى؟ كيف ستنعكس على سوق العملات؟ هل ستساهم في انخفاض سعر صرف الدلار؟. 

عكوش: نجاحها يتوقّف على تحقق شروط..

ما هي المنصة؟ 

لدى سؤال الخبير الاقتصادي الدكتور عماد عكوش عن منصة التداول بالعملات، يستهل حديثه لموقع "العهد" الإخباري بالإشارة الى أن المادة 70 من قانون النقد التسليف تسمح لمصرف لبنان بأن يستخدم الوسيلة التي يراها مناسبة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وسلامة النقد. وانطلاقاً من هنا، أصدر الحاكم منذ فترة التعميم رقم 149 والذي يتحدّث عن المنصة وكيفية إنشائها. ما هي المنصة؟. يوضح عكوش أنّ منصة التداول بالعملات هي عبارة عن منصة الكترونية أشبه بتطبيق على مستوى أوسع يتم فيها وضع تداول سعر العملة الأجنبية وآخر الأسعار وفقاً لسعر السوق.

منصة التداول بالعملات: ما هي؟ وهل تضع حداً لارتفاع سعر صرف الدولار؟ 

وظيفتها الأساسية 

ويوضح المتحدّث أنّ التعميم المذكور يوضح آلية إنشاء هذه المنصة، والتي تنص على اشتراك مصرف لبنان والمصارف التجارية، والفئة "أ" من الصيارفة، حيث يختار مصرف لبنان أعضاء من الصيارفة. وظيفة هذه المنصة الأساسية هي تحديد سعر صرف الدولار في السوق كي لا يبقى لدينا أسعار متعددة. يشير عكوش الى أنّ السوق اليوم يضم نحو أربعة أسعار لصرف الدولار تتوزّع ما بين السعر الرسمي، السوق السوداء، سعر الحوالات، وسعر المصارف التجارية. الهدف من المنصة توحيد الأسعار. هل سيكون لدينا سعر صرف واحد في حال إنشاء المنصة؟. وفق عكوش من المفترض أن يصبح لدينا سعر رسمي موحد باستثناء السعر الرسمي الذي تتخذه الحكومة الى حين اتخاذ القرار بتحرير العملة الوطنية. 

ضخ الدولار في السوق شرط أساسي 

ويؤكّد عكوش أنّ المنصة كان من المفترض أن يجري اطلاقها منذ فترة، لكن للأسف فإنّ مصرف لبنان لم يعمل على وضع هذه الآلية موضع التنفيذ. يعوّل المتحدّث على المنصة في تهدئة الأوضاع بسوق الصيرفة للحد من المضاربات، لأنّ هذه المنصة هي عبارة عن ضابط إيقاع لعمليات الصرف في السوق. لكن لهذا الأمر شروط -يقول عكوش- الذي يشدّد على ضرورة أن يتدخّل مصرف لبنان لضخ دولار في السوق، فبكل صراحة حتى ولو أنشانا هذه المنصة ولم يتدخل مصرف لبنان لضخ الدولار وفقاً لأسعار السوق، ستبقى العملية كما هي، ويكون إنشاء المنصة من عدمه واحداً. وفق قناعات عكوش، ضخ الدولار في السوق شرط أساسي لكي تؤتي المنصة أكلها، فعندما تحدد الآلية سعر صرف للدولار، من المفترض أن تؤمّن جهة الدولار بهذا السعر؛ وإلا اذا لم تؤمن الدولار بهذا السعر فمعناه أن الدولار غير موجود والمنصة بلا قيمة. ويوضح المتحدّث أنّ كافة المنصات العالمية التي تنشئها الشركات تعمل وفقاً لهذه الطريقة. وهنا يرجّح عكوش أن يكون هذا الشرط أحد الأسباب التي دفعت مصرف لبنان الى التأني في إطلاق المنصة ريثما يتم تأمين الدولار. 

كم سينخفض سعر الصرف؟

كم ترجّح انخفاض السعر؟. لدى إجابته عن هذا السؤال لا يخفي عكوش أنّ من يحدد سعر الصرف ليست المنصة، بل السوق المالي. الأخير يحدد ما اذا كان هناك طلب فعلي على الليرة أم لا، يُضاف الى ذلك قوة الاقتصاد ومتانته. فعندما يكون لدينا اقتصاد متين فإنّ هذا الاقتصاد يحمي العملة ويثبتها ويبقيها مستقرة. وللأسف لغاية اليوم، يقول عكوش، لا يوجد لدينا استقرار اقتصادي، كما لا يوجد لدينا اقتصاد متين. اليوم، يعتمد اقتصادنا بشكل كبير على الاستيراد وخصوصاً المواد الاستهلاكية والغذائية، وبالتالي لا شيء يحمي عملتنا ما يحتم علينا بناء اقتصاد قوي أولاً للتحدث لاحقاً عن حماية عملتنا واستقرارها. ويؤكّد عكوش أنه طالما لا يوجد ضخ للعملة بالسوق فستبقى عملة نادرة، وعندما تكون كذلك فإن الطلب سيزيد والمضاربات ستتكثف. ولكن، في حال أنشئت هذه المنصة وفقاً للشروط التي يجب أن تقام على أساسها فبالتأكيد سيكون هناك ضبط للعملية، لكنّ المهم أن تتحقّق الشروط. 

عجاقة: المنصة ستُطبّق المركزية والاحتيال يصبح صعباً 

بدوره، الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة يتفاءل خيراً بأن ينعكس إنشاء منصة سعر الصرف على سعر صرف الدولار بشكل كبير. برأيه، فإنّ هذه المنصة ستُطبّق المركزية في سعر الصرف، بحيث لا يعد بإمكان أحد الاحتيال على المواطنين، وبيعهم الدولار بسعر مرتفع. المركزية التي تطبقها المنصة ستترافق -وفق عجاقة- مع رقابة للأجهزة الأمنية على سوق الصرافة لتطبيق قرارها وتغريم المخالفين، ما يجعل التلاعب بالسعر صعباً، الأمر الذي سينعكس  بشكل كبير على سعر الصرف. 

 

منصة التداول بالعملات: ما هي؟ وهل تضع حداً لارتفاع سعر صرف الدولار؟ 

تدبير أكثر من إيجابي 

ويصف عجاقة المنصة بخطوة أكثر من إيجابية. هل هناك تجارب في الدول الأخرى؟. يوضح عجاقة أن سوق الصيرفة في لبنان ليس سوقاً يحمل معايير محددة لأن لا مركزية بالسعر، بل هو أقرب الى "الدكان"، ولكن بواسطة الإجراء المذكور يتحوّل سوق الصرافة من سوق الدكاكين الى سوق صرف رسمي. هذه التجربة "الغريبة" وفق عجاقة غير موجودة في الدول الأخرى انطلاقاً من وجود مركزية في الأسعار، وهذا هو الأساس، فعملية الصرافة مضبوطة وفق القوانين، وأي تلاعب سيخضع المواطن فوراً للمحاسبة من قبل القضاء الذي يفرض غرامات.  

 
حلاوي: إنشاء المنصة لا يعني بالضرورة خفض سعر صرف الدولار 

من جهته، عضو نقابة الصرافين محمود حلاوي يرى في حديث لموقعنا أنّ للمنصة أهمية كبيرة، خاصة أنها تصدر عن جهات رسمية، ومن يشارك في إدخال الأسعار عليها بشكل مستمر هم المصارف التجارية والصيارفة بحسب الأسعار الرسمية المتداولة لناحية البيع والشراء. وفق قناعات حلاوي، تشكّل هذه المنصة مرجعا للمواطن بعيداً عن التطبيقات التي تعمل على تسعير صرف الدولار بدون أي مسؤولية، ما يؤدي الى ضياع المواطن. 

هل من الممكن أن تؤدي هذه المنصة الى خفض سعر صرف الدولار والتلاعب الحاصل؟ يجيب حلاوي بالقول: ليس بالضرورة أن تؤدي الى خفض السعر، لكنها على الأقل تخفف من التأثيرات النفسية على المواطنين، فهذا الأمر يلعب دوراً في عملية العرض والطلب، والأسعار تكون مرجعاً صالحاً ليلتزم المواطنون بها، وهذا أسلم بكثير من الواقع الحالي. 

 

منصة التداول بالعملات: ما هي؟ وهل تضع حداً لارتفاع سعر صرف الدولار؟ 

وحول التأخر في إطلاق المنصة، يؤكّد حلاوي أنّ التأخر ليس متعمداً وإنشاء المنصة ليس بالأمر السهل، فهي تحتوي على برامج كثيرة، ومصرف لبنان كان بصدد "تركيبها"، إلا أنّ العملية تقنية وكل ما يتعلق بالمال يأخذ وقتاً خصوصاً أنّ له حيثيات متنوعة تؤخذ بعين الاعتبار. 

وفي معرض حديثه عن إيجابيات المنصة، يشدد حلاوي على أنّ المنصة تساعد مصرف لبنان ودائرة الإحصاء على القيام بتحليل للأسعار وقراءة الكيفية التي تحرك بها السوق وأسبابها، بحيث يصبح لديهم مرجع لهذا الأمر.

مصادر مصرف لبنان: الإجابات فقط عند الحاكم 

لدى سؤال مصادر مصرف لبنان عن سبب التأخر في إطلاق المنصة، تؤكّد لموقعنا أنّ البنك المركزي لم يحدد موعداً معيناً بعد لإطلاقها. وترفض المصادر الغوص في تفاصيل تلك المنصة، مكتفيةً بالقول "لا أحد في المصرف المركزي يعلم عنها شيئاً، ووحده الحاكم من يملك تفاصيلها".

الدولارمصرف لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة