طوفان الأقصى

خاص العهد

ملاحم ومسالخ تقفل أبوابها.. هل باتت اللحوم طبقًا لمائدة
28/04/2020

ملاحم ومسالخ تقفل أبوابها.. هل باتت اللحوم طبقًا لمائدة "البورجوازيين" فقط؟

ياسمين مصطفى

يبدو أن اللحوم ستتحول من اليوم وصاعدًا إلى طبق لا تحظى به سوى الطبقة البورجوازية في لبنان. ارتفاع أسعار اللحوم الجنوني وصولا إلى 35 ألف ليرة للكيلو في بعض المناطق إثر ارتفاع كلفة استيراده بالدولار، دفع بالعديد من الملاحم والمسالخ لإغلاق أبوابها. يفضّل هؤلاء الإغلاق على شراء اللحم بأضعاف سعره وبيعه لزبائنهم من الطبقة المتوسطة والفقيرة بمبلغ يفوق "يومية" الواحد منهم، خاصة في أيام الشهر الفضيل.

صاحب ملحمة الكريم في قرية معركة الجنوبية حسن رومية يشرح لموقعنا سبب إغلاقه مصدر رزقه الوحيد ويقول: "منذ أيام أغلقت متجري لبيع اللحوم. السبب ارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني، وعليه أصبحت أشتري كيلو لحم البقر الإسباني على سبيل المثال من التاجر بالجملة بسعر 27 ألف ليرة، هذا السعر لن يسمح لي ببيعه للزبائن بأقل من 30 ألف ليرة، وفي المقابل لن أبيع زبائني بهذا السعر العالي، لذلك فضلت الإغلاق، حتى تُفرج أزمة الدولار، وحتى لو أردت بيعه فإن حركة شراء اللحم في القرية تراجعت كثيرا، ما يكدس اللحوم لدينا لعدة أيام تكون بعدها غير صالحة للأكل".

يشرح رومية معاناة القصابين وأزماتهم المالية بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار فيقول: "كل ما نستخدمه في الملاحم ارتفع سعره بفعل الدولار"، ويضيف:" كنت أشتري 500 صحن لتوضيب اللحم وتسليمه للزبون بـ14 ألف ليرة، اليوم مع أزمة الدولار بات سعرها 45 ألفا، هذا عدا عن دفع إيجار المحال واشتراك الكهرباء وغيره، حتى "الكمونة"، التي كنا نقدمها بالمجان باتت عبئا علينا، إذ أصبح سعر شوال البرغل 70 ألفا".

لدى توجهنا للسؤال عن أحوال المسالخ في ظل أزمة الدولار إلى صاحب مسلخ في القرية نفسها ويدعى علي منعي، قال: "ما يحصل اليوم هو خربان بيوت، رأس البقر الذي كان سعره مليونين ونصف المليون ليرة أصبح بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار 10 ملايين، لذلك قررنا إغلاق المسلخ".

وفي رده على سؤال حول مدى قدرة إنتاج مزارع المواشي في لبنان على تغطية حاجة السوق، يوضح منعي أن الباخرة الواحدة التي تحمل ألفي رأس بقر تكون قد استُهلكت في لبنان خلال ثلاثة أيام، لافتا إلى أن الدولة اللبنانية لا تدعم هذا القطاع ولا تشجع على الاستثمار فيه، وعليه فإن "العلف" للأبقار الذي يبلغ سعره في لبنان 50 ألفا، يباع لمزارعي المواشي في البلاد الأوروبية بـ3 يورو كحد أقصى.

ويختم منعي بالقول إنه في حال وصل سعر صرف الدولار إلى 5000 فإن سعر لحم البقر من المسلخ للقصابين سيكون 40 ألف ليرة.

ما يقوله اللحام وصاحب المسلخ لموقع "العهد" الإخباري يتقاطع ورأي نقيب اتحاد القصابين معروف بكداش. يرى الأخير أن ارتفاع أسعار اللحوم أمر طبيعي في ظل أزمة الدولار المتفاقمة، خاصة أن لبنان يستورد بحدود 92% من حاجة السوق من اللحوم، مقسمة إلى ما يقارب المليون رأس غنم، والمليون رأس بقر.

ويلفت إلى أن الأزمة متجهة إلى المجهول إذ يعيش اللبنانيون مع سعر صرف الدولار "كل يوم بيومه"، والمرجح أن ينخفض استهلاك اللحوم في لبنان إلى النصف نظرا لتدهور القدرة الشرائية للمواطن من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

ملاحم ومسالخ تقفل أبوابها.. هل باتت اللحوم طبقًا لمائدة "البورجوازيين" فقط؟

أما رئيس نقابة تجار اللحوم في لبنان عبد الغني الملاح، فقد حذر منذ أواخر العام 2019 في تصريحات صحفية من وصول سعر اللحم إلى 30 ألف ليرة مع استمرار سعر صرف الدولار بالارتفاع، واليوم مع تحقق ما حذر منه، يشير في حديثه لموقع "العهد" الإخباري إلى الخسائر التي يمنى بها تجار اللحوم يوميًا فيقول: " مع تغير سعر صرف الدولار من يوم لآخر، تلحق بنا خسائر بقيمة مئة مليون ليرة، بفعل فارق سعر الصرف بين اليوم الذي نبيع فيه اللحم للحام وبين اليوم الذي نقبض منه الفاتورة بعد أيام".

يؤكد الملاح أن المشكلة من ألفها إلى يائها تتلخّص بسعر صرف الدولار. يتأسف لكونها خلفت ضيقة اقتصادية كبيرة لدى الناس، مشيرا إلى أن سعر كيلو لحم البقر سيصل إلى أكثر من 40 ألف ليرة في حال استمر الوضع على ما هو عليه، خاصة أننا اليوم نبيع المسلخ كيلو اللحم بـ26 ألف ليرة"، ويضيف: "حتى اللحم المجلد والمفترض أن سعره أقل من اللحم الطازج فهو اليوم غالي الثمن".
وفي حال استمر سعر صرف الدولار بشكل تصاعدي، يؤكد الملاح أنه نفسه كتاجر للمواشي وصاحب مزارع سيتوقف عن العمل، وستصبح اللحوم طبقا للأثرياء فقط، أما اليوم فما باليد حيلة بحسب قوله سوى التقليل من الاستيراد.

ولأن أزمة سعر صرف الدولار هي من اختصاص مصرف لبنان المركزي، يشير الملاح إلى توجهه بكتاب إلى حاكم المصرف رياض سلامة لإقرار تسهيلات لتجار المواشي، لكنه يتأسف أن الكتاب لم يلقَ جوابا، حتى بات التجار يحصّلون الدولارات بـ"المفرق" و"من هنا وهناك" ليتمكنوا من دفعها مقابل ما يستوردونه من اللحوم.

ورغم كون 80% من حاجة السوق من لحم الغنم تأتي عبر سوريا، يوضح الملاح أن المعاملات مع سوريا لا بد أن تكون بالدولار وهو ما يفرضه الصرافون على التجار، إذ لا يمكن التحويل من الليرة اللبنانية إلى السورية دون أن يكون الدولار وسيطا، لذلك فسعر كيلو الغنم من الطبيعي أن يصبح  50 ألفا، حتى لو كان مصدر الأغنام سوريا.

الدولار

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة