طوفان الأقصى

خاص العهد

طبيب من أصل لبناني يكافح في علاج مرضى كورونا في فرنسا: فخور للغاية ببلدي الأم
16/04/2020

طبيب من أصل لبناني يكافح في علاج مرضى كورونا في فرنسا: فخور للغاية ببلدي الأم

ملاك برجي


لبنان الزاخر بطاقات أبنائه، يلمع اسمه مجددًا في العالم، كدولة تجهد في الحد من انتشار وباء كورونا وتتصدى له بأفضل مما تصدّت له كثير من دول العالم المتقدم. وعلى صعيد الاغتراب اللبناني أيضًا، أطباء لبنانيون منتشرون في دول العالم، لم يتخلّوا عن مهنتهم الانسانية وقت المحن، بل يتابعون مزاولتها بكل شجاعة واقدام، وتفانٍ. زكريا جمعة، هو أحد هؤلاء الأطباء. فرنسي من أصل لبناني، قضى جزءًا كبيرًا من طفولته في لبنان قبل أن يصل إلى فرنسا عام 2002 لدراسة الطب. متخصص في أمراض الكلى منذ أكثر من 6 سنوات، ويمارس عمله حاليًا كطبيب في مستشفى كامبراي في شمال فرنسا. يتابع مرضى الكلى وغسيل الكلى أو مرضى الزرع، لكن مؤخرًا، تم تكليفه بمتابعة مرضى كوفيد 19 علمًا أنه قد التقط العدوى منذ حوالي 3 أسابيع.

 موقع "العهد" الاخباري الذي يتابع اعلاميًا أوضاع اللبنانيين في بلاد الاغتراب ويعنى بإظهار جهودهم ومعاناتهم وانجازاتهم أيضا، أجرى مقابلة مختصرة مع الطبيب جمعة، للوقوف عند تفاصيل المرض وانتشاره في فرنسا. حتى تارخ المقابلة (8 نيسان 2020)، تشير الأرقام الى أن  فرنسا من بين قائمة أكثر البلدان المتأثرة بالسارس CoV2 سواء على المستوى الأوروبي (الثالث بعد إسبانيا وإيطاليا) أو عالميًا (الرابع بعد الولايات المتحدة حيث تم احصاء ما يقارب 400,000 حالة مؤكدة).

حتى تاريخ الأربعاء 8 نيسان، كان عداد الاصابات قد وصل الى ما يقرب من 110,000 حالة مؤكد، مع تسجيل 11000 حالة جديدة خلال 24 ساعة، من بين هذه الحالات، يوجد 30.000 في المستشفى، وأكثر من 7000 بحاجة إلى الإنعاش. بحسب الطبيب جمعة، فإن الأرقام الإجمالية مع الارتفاع الحاد على مدار الـ 24 ساعة الماضية، تعكس وباء نشطا جداً لـ COVID-19 في فرنسا. يلفت جمعة الى عوامل تزيد من خطورة المرض لدى البعض: المسنون فوق عمر الـ 70 سنة، زيادة الوزن والسمنة، الفشل التنفسي المزمن أو أي أمراض تنفسية، الفشل الكلوي المزمن في المرحلة النهائية، قصور القلب المتقدم، تليف الكبد بعد المرحلة الثانية، ارتفاع ضغط الدم وأمراض الشريان التاجي والسكتة الدماغية وجراحة القلب، مرضى السكري المعتمد على الأنسولين أو مرض السكري المعقد، هبوط المناعة مهما كان مصدره، المخدرات، زرع، الإيدز، السرطان المتقدم، الحمل من الفصل الثالث بشكل عام.

يشير جمعة الى أن من هم أكثر تفاؤلًا في توقع مستقبل المرض، يعتقدون أن الفيروس سوف ينتهي من تلقاء نفسه بحلول نهاية الربيع أو بحلول نهاية عام 2020، مع اكتساب مناعة جماعية بعد اصابة 50 الى70 ٪ من السكان به. لكن، يخشى معظم المتشائمين من أن يتحول هذا الوباء إلى وباء دوري مثل حالة الإنفلونزا، ويستندون في ذلك الى البيانات التي تلاحظ أن المناعة المكتسبة ضد السارس CoV2 عابرة وأن هناك بالفعل العديد من السلالات المتحولة من هذا الفيروس.

ويلفت جمعة الى أن المجتمع العلمي سيجد في نهاية المطاف لقاحًا ضد COVID-19، ولكن ليس قبل نهاية العام أو بداية العام المقبل، وهو الوقت اللازم لتنقيح المعرفة العلمية واختبار اللقاح المحتمل وإثبات فعاليته، حيث سيكون هذا اللقاح مفيدًا جدًا إذا تحول هذا الوباء إلى وباء دوري.

ولدى سؤاله عن تجربته في الاصابة بالفيروس والشفاء منه، يشكر جمعة الله ويحمده على بقائه على قيد الحياة هو وعائلته بعد هذه المحنة: "كان الحظ الى جانبنا اذ عانينا من أعراض طفيفة دون الحاجة إلى دخول المستشفى ولفترة قصيرة تسمح لي باستئناف العمل بسرعة. ظهرت عليّ الأعراض الأولى في منتصف شهر مارس، حين بدأت بسيلان الأنف ومن ثم التعب وأوجاع الجسم والقشعريرة وحمى بسيطة، وقد خفت هذه العوارض بعد تناول الباراسيتامول واستمرت 72 ساعة فقط، وقد تبعها فقدان حاسة الشم إلى حد ما مع فقدان جزئي لحاسة التذوق والذي يتحسن يومًا بعد يوم".

كشف هذا الوباء بحسب جمعة عن هشاشة كبيرة للنظام الصحي في بعض الدول الأوروبية، في الواقع، لا يوجد نظام صحي أوروبي شامل ولكن كل دولة أوروبية تباشر نظامها الصحي الخاص مع وجود اختلافات أكثر أو أقل أهمية من بلد إلى آخر. بشكل عام، تفسر عوامل معينة هشاشة الاتحاد الأوروبي تجاه هذا المرض، مثل الخصائص الديموغرافية للسكان الأوروبيين المسنين على نحو متزايد.

أما بالنسبة للتفاوت في الاصابات والوفيات بين الدول الأوروبية ، فقد تم تفسيره - وفق جمعة - بعدة عوامل، مثل الوضع الجغرافي لكل بلد وحركة المطار (مثال البرتغال متجنب إلى حد ما)، الكثافة السكانية مثل لومباردي التي يبلغ عدد سكانها 422 نسمة لكل كيلومتر مربع، فترة الترقب قبل انتشار المرض، استراتيجية إدارة الوباء مثل الفحص الشامل للحالات المشتبه فيها وحالات الاتصال والحجر الصحي في ألمانيا وسرعة البدء في اتخاذ تدابير بعيدة ودرجة دعم السكان. هناك أيضًا عوامل تتعلق بالنظام الصحي الخاص بكل بلد: الافتقار إلى التغطية الطبية الشاملة وعدم كفاية الهياكل (عدد أسرة المستشفيات وخاصة الإنعاش) ونقص المخزونات الاستراتيجية لمعدات معينة (وسائل الحماية مثل القفازات والأقنعة أو مجموعات الفحص أو حتى توريد الآلات مثل أجهزة التهوئة على سبيل المثال) دون إهمال النقص أو التنسيق القليل والمساعدة المتبادلة بين الدول الأعضاء.

وحول رؤيته للخطة التي تنفذها الدولة اللبنانية لمحاربة الفيروس التاجي، فيرى جمعة أنه رغم الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد قبل ظهور المرض بوقت طويل، ورغم من هشاشة نظامنا الصحي، إلا أننا نقوم بعمل جيد للغاية مقارنة بالدول الأخرى، لم يكن هذا ممكناً لولا العمل الضخم والتدابير التي اتخذت في مرحلة مبكرة في إدارة هذا المرض واحترام اللبنانيين للتعليمات الصحية، مرحبا بجهود الحكومة الأخيرة لإعادة اللبنانيين الذين يعيشون أو الذين تقطعت بهم السبل في الخارج وجميع الاجراءات المثالية لحمايتهم وأحبائهم في لبنان.

يستفيد الطبيب جمعة من هذه المقابلة ليطلب من السلطات اللبنانية "إذا لم يكن الأمر قد حصل بالفعل، إنشاء ما يعادل خلية أزمة على نطاق دولي للسماح للبنانيين في الخارج بتبادل تجاربهم وملاحظاتهم في إدارة هذا المرض ، في كلا الاتجاهين".

كل ذلك يجعل الطبيب اللبناني الاصل في فرنسا فخورا ببلده: هذا يجعلني فخورًا للغاية ببلدي الأم. نختم المقابلة بسؤال مهني انساني: إذا طلبت الدولة اللبنانية مساعدة الأطباء والممرضات وخاصة اللبنانيين للاستفادة من خبراتهم في مكافحة الفيروس، فهل ستستجيب لهذا الطلب؟ يجيب: "آمل من أعماق قلبي ألا أصل إلى هذه النقطة. إذا لزم الأمر وإذا كان من الممكن أن أكون مفيدًا، فسوف أكون تحت تصرف بلدي الأم، دون أن أخفق في الوفاء بالتزاماتي كطبيب ممارس في مستشفى في فرنسا".

فرنسافيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة