يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

الحكومة تتّخذ قراراً بتثبيت سعر صفيحة البنزين.. وهذا ما يقوله لـ
13/03/2020

الحكومة تتّخذ قراراً بتثبيت سعر صفيحة البنزين.. وهذا ما يقوله لـ"العهد" وزير الطاقة والمياه 

فاطمة سلامة

تعاني خزينة الدولة من شُح كبير في الإيرادات. شُح لم تكن لتصل اليه لولا أداء الحكومات المتعاقبة التي ضيّعت على المالية العامة ألف باب وباب. في الحكومة ما قبل الأخيرة بُحّ صوت أكثر من وزير مناشداً بضرورة تحسين الإيرادات. البعض طرح أفكاراً جدية عبّر عنها في مداولات مجلس الوزراء. تلك الطروحات سرعان ما كانت تفقد بريقها جراء سياسة المناكفات التي امتهنها البعض على قاعدة "خالف تعرف". الأمر ذاته ينطبق على أجواء الحكومات السابقة، حتى وجدت الحكومة الحالية نفسها أمام مهمات متشعّبة تحاول خلالها "ترقيع" وتحسين إرث ثقيل يقارب عمره الثلاثة عقود، الأمر الذي جعلها تخوض غمار المستحيل، ولا مبالغة في هذا الكلام، فبدل أن تنصرف الى البدء من حيث انتهت الحكومة السابقة مستفيدةً من إيرادات مهمة، وجدت نفسها مضطرة للبدء من الصفر باحثةً عن إيرادات تستفيد منها مالية الدولة المنهكة ولا تحمّل المواطنين أعباء إضافية. تماماً كما وجدت نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات قد لا تتخذها لو أعطيت ظروف الحكومات السابقة والإمكانات التي كانت موجودة. 

وزير الطاقة: التثبيت يساهم في إدخال حوالي ملياري ليرة أسبوعياً إلى خزينة الدولة

أمس الخميس، طرح وزير الطاقة والمياه ريمون غجر مسألة تثبيت سعر صفيحة البنزين. البعض قد ينتقد القرار معتبراً أنّه بمثابة ضريبة غير مباشرة إذ تحرم المواطنين من حقهم في الاستفادة من فرصة تدني أسعار النفط. بينما يقارب البعض الآخر الطرح بواقعية  مستنداً الى حال الحكومة التي تعاني من أزمة مالية كبيرة، وضعفاً في الإيرادات. فماذا يقول وزير الطاقة والمياه عن الخطوة المذكورة؟. 

في حديث  لموقع "العهد" الإخباري، يؤكّد الوزير غجر أنّ تثبيت سعر صفيحة البنزين يساهم في إدخال حوالي ملياري ليرة أسبوعياً إلى خزينة الدولة، ما يمكنها من استخدامها في أي أمر طارىء. ويلفت الى أنّ مجلس الوزراء اتخذ قراراً بتثبيت سعر صفيحة البنزين وفق الأسعار المعتمدة حالياً في جدول تركيب الأسعار، وذلك كي نستفيد من الفارق في تأمين المزيد من الموارد لخزينة الدولة، خصوصاً أن سعر النفط العالمي يتدنى. 


عجاقة: التثبيت خطوة الزامية وليس خياراً 

الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة يلفت في حديث لموقعنا الى أنّه وبسبب الأزمة المالية والاقتصادية الحالية في لبنان، لا يوجد خيارات أخرى أمام الحكومة. فتثبيت سعر صفيحة البنزين بات خطوة الزامية أمام الدولة لجني الايرادات لا خياراً، خصوصاً في ظل الشح الكبير بالايرادات، اذ إنّ جل المواطنين لا يدفعون الضرائب ونسبة البطالة تزداد. برأي عجاقة اذا لم تقدم الحكومة على هذه الخطوة فإنّ الكارثة ستتوسّع في المالية العامة، بل سيكون هناك نوع من أنواع الضرر على المواطن الذي سيجد نفسه مضطراً لدفع الضرائب لسد خدمة الدين العام. وفي المقابل، يتمنى عجاقة أنه وفي حال عاودت أسعار النفط ارتفاعها بعد أن تكون أرباح الدولة قد تصاعدت، أن لا تذهب الحكومة باتجاه فرض ضريبة على البنزين. وفيما يشير عجاقة الى أنّ هذا الأمر طرح في ورقة بعبدا الاصلاحية حين جرى الحديث عن حد أدنى وأقصى لأسعار البنزين، يكرّر أن لا خيار آخر أمام الحكومة منطقيا وعقلانيا وسط الضغوطات التي تحاصرها.  

 

الحكومة تتّخذ قراراً بتثبيت سعر صفيحة البنزين.. وهذا ما يقوله لـ"العهد" وزير الطاقة والمياه 

وفي معرض حديثه، يقارب المتحدّث المسألة من الناحية الاقتصادية، موضحاً أنه وبسبب الخلاف بين السعودية وروسيا في الملف النفطي ستواصل الأسعار انخفاضها، اذ من المفترض أن يهبط سعر صفيحة البنزين البالغة محلياً حوالى 24 الف ليرة الى 16 الف تقريباً. وهنا يوضح عجاقة أنّ حصّة الربح ستكون نسبية، مفضّلاً عدم الدخول في الأرقام. ولكن لنفترض  ـ وفق عجاقة ـ أنّ المعدّل الوسطي للربح يبلغ خمسة آلاف ليرة  ـعدا عن الربح الحالي الذي تجنية الدولة عن كل صفيحة والبالغ ثمانية آلاف ـ لو احتسبنا أن الربح الإضافي بعد التثبيت يبلغ خمسة آلاف ليرة عن كل صفيحة، ولدينا 100 مليون صفيحة كاستهلاك سنوي، فإنّ الايرادات تزداد بمعدل 500 مليار ليرة سنوياً. ووفق عجاقة قد تكون النسبة أقل أو أكثر، لكن المهم أنّ هذا القرار يساعد في إدخال إيرادات تبدو الحكومة بأمس الحاجة اليها. 

ويعتبر عجاقة أنّ ما يساعد الحكومة على تطبيق هذه الخطوة هو أنّ أسعار النفط العالمية تواصل هبوطها، وبالتالي فإنّ المواطن لن يشعر بأي عبء إضافي. 


أبو شقرا: قرار شجاع 

ممثّل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا يعلّق لموقعنا على قرار وزير الطاقة، فيصفه بالشجاع، لأنه يصب في مصلحة الخزينة خصوصاً في ظل الأوضاع الحرجة التي يمر بها البلد. ويشير أبو شقرا الى أنّ الحكومة اللبنانية سابقاً ثبّتت سعر صفيحة البنزين عند الـ22800 ل.ل لستة أعوام منذ عام 1998 حتى عام 2004. ويُشدّد أبو شقرا على أنّ هذه الخطوة أفضل بكثير من فرض ضريبة 5 آلاف ليرة على البنزين، لأن المواطن لا يشعر حيالها بأي عبء. 

 

الحكومة تتّخذ قراراً بتثبيت سعر صفيحة البنزين.. وهذا ما يقوله لـ"العهد" وزير الطاقة والمياه 

ويلفت المتحدّث الى أنّ الشركات المستوردة للنفط تدفع ضريبة يومية للخزينة عبر الجمارك، موضحاً أنّ هناك تعاوناً تاماً بين تجمع الشركات المستوردة للنفط ووزارتي المالية والطاقة والمياه. 

إذاً، وفيما ينظر البعض الى خطوة تثبيت سعر صفيحة البنزين على أنها حرمان للمواطن من حقه في الاستفادة من فرصة هبوط الأسعار العالمية للنفط لتخفيف عبء فاتورته الأسبوعية منها، يقارب آخرون المسألة من منطلق الواقع الصعب الذي تعيشه مالية الدولة، فيرون في القرار خطوة صائبة تفيد خزينة الدولة من جهة ولا تُحمّل المواطنين أي ضريبة جديدة.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل