ramadan2024

خاص العهد

هل بقي تعميم مصرف لبنان لجهة تحديد سقف صرف الدولار حبراً على ورق؟ 
12/03/2020

هل بقي تعميم مصرف لبنان لجهة تحديد سقف صرف الدولار حبراً على ورق؟ 

فاطمة سلامة

لم تعد مهنة الصرافة تقتصر على محلات الصيرفة المرخصة. البعض أعجبتهم هذه العملية على قاعدة "الربح السهل" فتحولوا بين ليلة وضحاها الى صيارفة، يحدّدون سعر الصرف ويتلاعبون به. وجدوا في ظل الفوضى الحاصلة منذ أشهر فرصتهم لكسب ربح سريع، فامتهنوا الصيرفة بشكل غير قانوني. العملية لا تتطلّب جهداً كبيراً، فقط وجود رأسمال صغير للسير بموجة المضاربة. تلك الموجة التي أرهقت كل شيء في لبنان. هدّدت الأمن الغذائي والمعيشي، حتى بات الدولار عملة ليست صعبة فحسب بل نادرة، طبعاً بالاضافة الى عوامل أخرى ساهمت في قلتها لسنا في وارد الحديث عنها. والمستغرب بالأمر أنّ محلات الصيرفة المرخّصة دخلت في موجة التلاعب بالدولار الذي وصل سعر صرفه أواخر الأسبوع الفائت حد الـ2700 ليرة لبنانية، وقيل أكثر، رغم نفض نقابة الصرافين مراراً وتكرراً المسؤولية عن كاهل الصيارفة المرخصين.

منذ أيام، وبعدما وصلت الأمور حداً غير مسبوق، أصدر مصرف لبنان تعميماً قضى بإلزام الصيارفة بعدم شراء الدولار بما يتجاوز نسبة الـ30 % من سعره الرسمي، أي حوالى 2000 ليرة. نقابة الصيارفة تبّنت التعميم، إلا أنّ الواقع يُبيّن أمراً مختلفاً. لا التزام تام بتطبيق التعميم، والمضاربات لا تزال سيدة الموقف لدى كثيرين. حتى لحظة كتابة هذا المقال، كانت أسعار الصرف في الكثير من الأماكن لا تزال تتراوح بين الـ2400 والـ2500. ما يطرح الكثير من الأسئلة عن أفق الأزمة التي أثّرت على كل شيء حولنا. فالى أين تتّجه الأمور؟ وما الضمانة لتطبيق تعميم مصرف لبنان؟. 

القاضي ابراهيم: تنفيذ التعميم يتطلّب جهداً مشتركاً بين الأجهزة الأمنية

المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم يتّحدث لموقع "العهد" الإخباري عن الفوضى الحاصلة في سوق الصيارفة بصفته عضواً في لجنة الرقابة على المصارف، فيُشدّد على أنّ إجراءات مشدّدة بدأت تطبق على الصيارفة عبر تسيير دوريات من قبل الأجهزة الأمنية، إلا أنّ تطبيق التعميم عبر الالتزام بسقف سعر صرف الدولار بشكل كامل يتطلّب جهداً مشتركاً بين الأجهزة الأمنية لتسيير دورياتها على مختلف المناطق وضبط المخالفين. 

ويوضح القاضي ابراهيم أنّ اجتماعاً سيعقد اليوم الخميس في السراي الحكومي للتشدد بتطبيق التعميم، معرباً عن اعتقاده بأنه سيكون منتجاً لضبط الفوضى الحاصلة لجهة سعر صرف الدولار. 

حلاوي: لهذه الأسباب لم يتم الالتزام 

عضو نقابة الصرافين النقيب السابق محمود حلاوي يستهل حديثه لموقعنا بالاشارة الى أنّ التعميم صدر في ظل ظروف استثنائية، لكننا إذا أردنا أن نقيّمه دستورياً، يتبيّن لنا أنّ الدستور يناقض عملية تحديد الأسعار سواء من أي جهة صدرت لأن نظامنا قائم على الاقتصاد الحر الذي يحمي حرية القطع. إلا أننا اليوم وفي ظل الحالة الاستثنائية التي نمر بها وحفاظا على لقمة العيش وقدرة المواطن محدودة الدخل، قرّرنا في نقابة الصيارفة تبني التعميم الصادر عن مصرف لبنان. ينطلق حلاوي من هذه المقدمة ليقول أنّ العبرة ليست بإصدار التعميم بل بالتنفيذ، وهنا بيت القصيد. اذ إنّ التعميم -برأي حلاوي- ورغم اعلان  نقابة الصيارفة الالتزام به خلق إرباكاً لدى المواطن العادي قبل الصيرفي. فالمواطن الذي تمكّن قبل يومين من صدور التعميم من بيع الدولار على الـ2700، لن يتقبّل هبوطه المفاجئ عند حد الـ 2000، وهو بهذه الحالة ونتيجة اللاوعي سيتّهم الصيرفي بالكذب أو السرقة. ورغم أنّ حلاوي يعرب عن اعتقاده أن محلات الصيرفة المرخصة تلتزم بتطبيق التعميم، يقول في المقابل إنّ بعض الصرافين المرخصين قد لا يلتزمون نتيجة المضاربات التي يخلقها الصرافون غير المرخصين. بمعنى أنّ الصراف المرخّص قد يضطر الى تحسين سعره عندما يرى أن الصراف غير المرخص يعطي سعراً أفضل للزبون ما قد يُخسره العلاقة مع زبائن لها من العمر 10 سنوات. 

اذاً، يختصر حلاوي المشهد بالآتي: صرافون شرعيون يلتزمون بتطبيق التعميم، عدا البعض الذي يخاف  على مصلحته ويشعر بالاحراج أمام زبائنه، فيدخل في سوق المضاربة مع الصرافين غير الشرعيين ويمتنع عن تطبيق التعميم. أولئك يتلاعبون -وفق حلاوي- بالسعر كما يريدون، ويحددونه. وبحسب المتحدّث، فإنّ بعض الصرافين الشرعيين يمتنعون اليوم عن بيع الدولار لأنهم لم يتمكّنوا من شرائه نظراً للمنافسة غير المشروعة. برأي حلاوي، لا سبيل لتطبيق التعميم سوى بضبط عملية المنافسة على الأرض. حينها لا عذر أمام الصراف المرخص لعدم تطبيق القانون. 

ويشدّد حلاوي على أنّ إجراء جولة خلال النهار على الساحات العامة في كل المدن الاساسية كفيلة بمعرفة الجهة التي تقوم بعملية المضاربة، اذ بات عدد الصرافين غير المرخصين حوالى 1000 صراف ينتشرون ويمارسون عملهم بكل حرية بلا قيود في الشوارع وفي بعض المحلات أيضاً. وهؤلاء يلعبون لعبتهم الكبيرة ويتحكمون بالأسعار، في الوقت الذي يبلغ فيه عدد الصرافين المرخصين 300 صراف تقريباً، ما يعني قلة مقابل أكثرية، وفق المتحدث. 

وفيما يلفت حلاوي الى أن نقابة الصرافين هي الحلقة الأضعف، وهي أعلنت التزامها بالتعميم لأنها مجبرة على تطبيقه لا مخيرة، لا ينكر أن الصرافين المرخصين لم يلتزموا مئة بالمئة في التعميم خصوصاً في اليومين الاخيرين، وهؤلاء خضع بعضهم للمساءلة من قبل الدوريات التي يسيرها مصرف لبنان، وتعهدوا بعدم تكرارها. 

وفي الختام، يعوّل حلاوي على اللقاء الذي جمع نقابة الصيارفة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والقاضي علي ابراهيم، والذي طرح فيه الأخير مجموعة حلول أبرزها العمل على ازالة ظاهرة الصرافين غير المرخصين من الساحات العامة وتجمع الصرافة الشرعية، والا سيبقى التعميم حبراً على الورق. 

فهل يبقى التعميم حبراً على ورق، أم تتمكّن الدولة اللبنانية من ضبط سوق الصيرفة ما يُخفف من حدة الكثير من الأزمات؟، الإجابة رهن الأيام المقبلة.

الدولارمصرف لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة