يوميات عدوان نيسان 1996

نقاط على الحروف

كورونا بين سخافة الاتهام واستهتار المواطنين
11/03/2020

كورونا بين سخافة الاتهام واستهتار المواطنين

ليلى عماشا

سُمّي ڤايروس "كورونا" بالمستجدّ نسبةً إلى تطوّره عن سابقه، ولم يثبت بعد إذا ما كان هذا الڤايروس هو نسخة تطورت طبيعيًا عن سابقتها التي ظهرت في الأعوام السابقة، أو أنه سلاح بيولوجي صنّعه الأميركي في إطار الحرب التي لا يستطيع فيها إلا أن يكون قذرًا. في الحالتين، استطاع "الإعلام المريض" في لبنان أن يحوّل الڤيروس إلى مادة فرز سياسي وطائفي، وسرعان ما دخلت هذه المادة إلى سوق التداول الاجتماعي والافتراضي ولو على سبيل الفكاهات والنكات التي تربط العدوى بالطائفة الشيعية بشكل خاص.. هذه الحال السوداء تعكس مدى اصرار الإعلام المعادي لبيئة المقاومة على تحويل أي أزمة إلى أداة يتمّ من خلالها التصويب على هذه البيئة. من هذه الناحية، يمكن القول إن أسلوب هذا الإعلام ليس مستجدًا كالڤايروس فقد رأيناه عند كلّ محطة ومفترق، لا سيّما تلك التي تحمل وجهًا من وجوه الوجع، وإن تفوّق على نفسه هذه المرّة في السقوط إلى أبشع وأسوأ مراتب انعدام الإنسانية وفقدان المنطق والتماهي مع المشغّل الأميركي على صعيد القذارة وانعدام الأخلاق.

إذًا، نحن أمام عدوى ڤيروسية سريعة الانتشار، خطيرة ولا سيما إذا أصابت كبار السنّ وذوي المناعة المنخفضة أو الحالات الصحية الدقيقة، وأمام إعلام يسعى بكلّ جهده لتحويل المرض إلى فرصة انقضاض على كلّ ما يمتّ إلى البيئة المقاومة بصلة، بدءًا من التعتيم على حالات العدوى التي لم تأتِ من إيران وصولًا إلى تحميل "الزوّار" العائدين من المقامات المقدسة وزر نقل العدوى..

في جميع دول العالم ومنها لبنان، يخوض النّاس المواجهة مع الڤايروس بأشكال مختلفة، تتراوح بين الهلع الشديد والاستهتار الخطِر. وفي لبنان على وجه الخصوص، فرض الظرف نفسه، ولا يمكننا الاستسلام.. بشكل أو بآخر نحن نخوض الآن معركة مع عدوى ڤيروسية تنتشر، وبظل حال من الاستهتار لدى الكثيرين حيال اجراءات الوقائية، تزداد صعوبة ظروف المعركة، ما سيؤثر حكمًا على نتائجها.. بعيدًا عن التهويل وعن المبالغة في الحرص، ليس مقبولًا بأي شكل من الأشكال التعامل مع الحالات الطارئة وكأنها مجرّد مرحلة صعبة ستنقضي.. ينبغي الالتفات إلى أنّها ستنقضي بخير فقط إن أجدنا التعامل معها بالشكل المناسب. والشكل المناسب يشمل التوعية، الحماية الذاتية وحماية الآخرين.

وليس مقبولًا أيضًا أن نتفرّج على "مرتكبي" الاستهتار بسخرية أو بمجرد التقريع.. فهؤلاء، من حيث يعلمون أو لا يعلمون، يشكّلون خطرًا حقيقيًا على محيطهم القريب والبعيد. ولا يمكن ضبط هذا الخطر إلا بمحاسبة المرتكبين وفق المواد التي ينصّ عليها القانون.

بالنتيجة، في المتناول مستجدات الإصابات وتعدادها وأوضاعها الصحي، ومن علامات انعدام الأخلاق تحوير هذه المعطيات وتحويلها إلى إشاعات تهويلية أو مواد تُستخدم للتصويب على الحكومة أو وزارة الصحة، لا سيّما من جِهة المتبجحين أصلًا باستهتارهم حيال الإجراءات الوقائية، ولا سيّما أيضًا من جهة الإعلام الذي يبذل كل خبثه المدفوع سلفًا لتحميل فئة من الناس مسؤولية انتشار ڤايروس كورونا.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف