طوفان الأقصى

#عصحة_السلامة

اللبنانيون يملؤون المنتزهات رغم
09/03/2020

اللبنانيون يملؤون المنتزهات رغم "كورونا" واتحاد بلديات جبل عامل يتحرّك

ياسمين مصطفى

يبدو أن اللبنانيين حتى اليوم لم يتلقفوا بجدية ومسؤولية تصريح وزير الصحة حمد حسن الأخير بانتهاء "الدلع"، مع تخطي لبنان مرحلة احتواء فيروس "كورونا"، رغم كل ما صاحبه من تغيُّر في اللهجة لجهة أن الخوف والحذر مطلوبَان. ورغم تأكيده أن خط الدفاع الثاني بعد المشافي الحكومية هو العائلة والحجر الصحي، إلا أن ذلك لم يؤثر في العديد منهم. حتى أن قرار وزارتي التربية والصحة بإغلاق المدارس والجامعات والحضانات دفع بالكثيرين لتنظيم نزهات وتجمعات في الطبيعة دون اكتراث لمخاطر انتقال العدوى، على غرار ما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي من صور أظهرت اكتظاظ كل من محمية وادي الحجير ووادي علمان وحبوش جنوبًا بالحشود.

ولأن الخطأ الأول هو الخطأ الأخير في ما يخص انتشار عدوى الفيروس، إذ قد تتدحرج الأمور لتصل لسيناريو مخيف على صعيد عدم قدرة المشافي الحكومية على استقبال كل المصابين، كان من الضروري سؤال المعنيين عما إذا كان ثمة إجراءات "أكثر صرامة" قيد البحث، لجهة إغلاق الأماكن العامة والمنتزهات أمام الوافدين إليها، ولو بالقوة.

رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي طاهر ياسين يأسف في حديث لموقع "العهد" الإخباري بشدة لتعامل الأهالي "بقلة مسؤولية" تجاه أنفسهم والآخرين. وفي حين تسود مفاهيم في الأوساط الشعبية من قبيل أن الفيروس شبيه بـ"الرشح" وأن ذوي المناعة القوية لا يتأثرون به بشدة، أكد ياسين أن كل شخص مسؤول عن نفسه وأهله ومحيطه، وهو ما يوجبه الوازع الأخلاقي والديني والشرعي.

"المطلوب إذًا ليس الموت ونحن على قيد الحياة"، يقول ياسين، لافتًا إلى أنه على الرغم من إعلان الدولة بأجهزتها المعنية خطورة الاستهتار بسرعة انتشار "كورونا" إلا أنه "حتى الساعة لا سبيل لإلزام الناس منازلهم".

يشير ياسين إلى أنه لا بد من الاعتراف أن الدولة اللبنانية، بل كل الدول كانت حتى الأمس القريب تفتقر إلى برنامج متكامل لمكافحة فيروس مستجد وهجين، شكّل ظهوره مفاجئة وأدى لاستنفار عالمي، ويلفت الى أنه بات مفترضا اليوم  أن يكون لدى الجميع إحاطة بشأن الاجراءات التي لا بد منها للحد من انتشاره.

يتحدث ياسين عن عمل الفِرق المكلَّفة من البلديات، فيوضح أنها تحاول التوعية قدر المستطاع، تقف عند باب كل مجلس عزاء أو احتفال تأبين للتحذير من مخاطر التجمعات، في حين يتم تقصير مدة هذه الواجبات الاجتماعية إلى الحد الأدنى لمنع مزيد من الاحتكاك بين المشاركين.

ومع توسع رقعة انتشار الفيروس وارتفاع مخاطر الإصابة به وتحوله من مستورد إلى محلي بفعل ارتفاع عدد الإصابات، ممن لم يزر أي بلد مؤخرًا، بدأت بلديات في نطاق الاتحاد عبر قدراتها الفردية بفرض رقابة على الحجر المنزلي للمصابين وتأمين احتياجاتهم، إلى جانب تعقيم الطرق والأماكن العامة يوميا. وبحسب ياسين، فإن لبنان لم يصل مع عدوى "كورونا" إلى حد تشييع الفقيد لمثواه الأخير وحيدًا دون محبيه وأهله.

اتحاد بلديات جبل عامل يطلب المؤازرة

ومع تأكيده صعوبة منع الواجبات الاجتماعية كواجب التعزية، يأسف ياسين لأن مناشدة اتحاد بلديات جبل عامل ومحمية وادي الحجير المواطنين بعدم التجمع في هذه الأماكن لم تلقَ آذانا صاغية، وعليه أوضح لموقع "العهد" أن الاتحاد سيرسل اليوم رسالة إلى قائمقام مرجعيون وسام حايك، يشرح فيها افتقار الاتحاد وبلدياته ومحمية وادي الحجير للإمكانيات لمنع الناس بالقوة من ارتياد المنتزهات، خاصة أن المواطنين غير معتادين على سلطة للبلديات على هذا الشكل، لذلك سيتم عبر الرسالة طلب مؤازرة القوى الأمنية، عبر انتشارها في المحميات المفتوحة والمنتزهات والأنهار، للحد من انتشار الفيروس.

وفي هذا الشأن يوضح ياسين: "حين نتكلم عن أماكن عامة ومفتوحة في الجنوب خارج نطاق البلديات فنحن نتكلم عن آلاف الكيلومترات وعشرات المنتزهات والأنهار وهو ما يفوق قدرتنا على ضبطها، إذ ليس لدينا العديد البشري الكافي لتوزيعه عليها".

يتفاءل ياسين بأن قائمقامية مرجعيون ستتجاوب مع الطلب، تماما كتجاوب سائر الدوائر الحكومية والجهات المعنية مع البلديات في الجنوب للحد من انتشار فيروس "كورونا"، بحسب ما يؤكد.

إجراءات بلدية وقائية

في سبيل مكافحة الفيروس، يُبيّن ياسين أن الفعاليات الأهلية والجمعيات البيئية والتربوية خضعت للقاءات عديدة مع اختصاصيين حول كيفية التعقيم والوقاية، معلنا التحضير لدورة تدريبية لتأهيل فرق فنية في كل بلديات اتحاد جبل عامل لتطبيق إجراءات تعقيم علمية في الأماكن العامة في قرى الاتحاد، بالإضافة إلى المتطوعين في جمعيات الدفاع المدني، هذا فضلا عن تعبئة استمارة بالإجراءات المعتمدة في مختلف بلديات الاتحاد للوقاية من الفيروس، إضافة إلى احتياجاتها من المعدات لأداء المهمة وتحديد النقص وتأمينه.

بلدية بعلبك تكافح فيروس "كورونا"

في سياق الحديث عن إمكانية إغلاق المنتزهات وأماكن الترفيه العامة للحد من انتشار فيروس "كورونا"، برزت بلدية بعلبك، إذ أعلن رئيسها فؤاد بلوق إقفال مرجة "رأس العين" أمام الزوار اعتبارا من السبت الماضي وحتى إشعار أخر، التزامًا بمقررات لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية للفيروس، وكلَّف شرطة البلدية ومسؤول الحديقة متابعة تنفيذ القرار.

طبيب لبناني من إيطاليا: "كورونا" أخطر مما تتخيّلون

الاستهتار والجهل وقلة المسؤولية من جانب اللبنانيين لجهة خطورة فيروس "كورونا"، دفعت الطبيب اللبناني غسّان شرّي الموجود في إيطاليا الى دق ناقوس الخطر، موضحا ما سيحدث للبنان في حال عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية.

وفي تسجيل صوتي يوضح شري أن مريض الـ"كورونا" الذي ينتقل للمشفى يصل إلى مرحلة يعجز فيها عن التنفس، ويتم وضعه في غرف مجهزة للتنفس الاصطناعي تحوي على عدد كبير من الأسرة لارتفاع كلفتها، يوضع فيها فقط الحالات الحرجة جدا وتكون مخصصة عادة لحالات الطوارئ القصوى.

ويتابع شري:"كل مستشفيات إيطاليا مجهزة بهذه الغرف، وصلنا السبت إلى امتلاء 700 سرير فيها، وقد اتخذ مجلس الوزراء الإيطالي قرارا بإغلاق 11 مقاطعة أكبر من لبنان بمرات، وطلب من سكانها وقف التنقلات والتزام المنازل لأسابيع، وأغلقت المستشفيات والمدارس وأماكن التجمعات، لمنع اتصال المصابين بالمعافين.

أما خطورة الأمر فتكمن في اضطرار الأطباء في الغرف المجهزة للاختيار بين المرضى، إذ يكون الميؤوس من حالته معرضا لإخراجه إفساحا في المجال لمن يمكن شفاؤه، فما بالكم في لبنان، غير المجهزة مشافيه أصلا بهكذا غرف، ومع حصر استقبال الحالات المصابة بالفيروس في المشافي الحكومي دون الخاصة، لا بد من موقف أخلاقي من الجميع بالتزام المنازل والتخفيف من النزهات وارتياد الأماكن العامة إلا للضرورة، والابتعاد عن دور العبادة، حتى لا نكون أمام كارثة صحية، يعجز لبنان أمامها.

وادي الحجير

إقرأ المزيد في: #عصحة_السلامة