ramadan2024

آراء وتحليلات

افغانستان بين فكي الحرب والتفاوض
14/01/2019

افغانستان بين فكي الحرب والتفاوض

محمد محمود مرتضى

شكّل أحدث هجوم على قوات الأمن الأفغانية، والذي قُتِلَ فيه خمسة أشخاص اثر اشتباكات بين الشرطة ومسلحين اثنين هاجما مركزًا للشرطة في إقليم هرات غربي البلاد يوم السبت الفائت، شكّل رمزا لعبثية الحرب الدائرة هناك. ورغم أن أحداً لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم، إلا أنه يأتي بعد يومين من شن مقاتلي "حركة طالبان" سلسلة هجمات على نقاط تفتيش أمنية في أربعة أقاليم أفغانية؛ ما أسفر عن مقتل اثنين وثلاثين فردًا من قوات الأمن.

ورغم أن وتيرة الهجمات بين قوات الأمن الأفغانية و"طالبان" تتصاعد، وقد كلفت الشعب الأفغاني الكثير، الا أن أي طرف من الأطراف لم يستطع أن يحقق تقدماً ملحوظاً في الميدان يمكنه من فرض بعض الشروط. من المعتاد أن تتراجع وتيرة العمليات التي تشنها "طالبان" بسبب فصل الشتاء ودرجات الحرارة المتدنية فصلا عن تراكم الثلوج على الجبال، لكن القتال استمر، في وقت تراجعت فيه حظوظ التسويات وسط تعثر المفاوضات التي تجري بين واشنطن و"طالبان" في قطر.

وكانت حركة "طالبان" قد نفذت هجمات قاتلة في إقليم بلخ شمال أفغانستان، وهو مركز تجاري ظل لفترة طويلة أحد أكثر المناطق أمناً، إضافة إلى استهداف العديد من المقاطعات المجاورة. وقد اختارت الحركة شن هجمات على طول الطرق السريعة الرئيسية، الذي يربط الأقاليم ببعضها البعض وبالعاصمة كابول، فيما يبدو أنه محالة لتقطيع أوصال القبضة الأمنية على الطرق الرئيسية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قتلت حركة "طالبان" قائد شرطة ولاية قندهار، الجنرال عبد الرازق أثناء اجتماع كان يحضره قائد قوة حلف شمال الأطلسي الجنرال الأمريكي سكوت ميلر، غير أن ميلر لم يُصب بأذى. ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرًا مؤخرًا، يُفيد بأن حركة "طالبان" أصبحت نشطة في أكثر من سبعين في المائة من الأراضي الأفغانية.

ورغم أن افغانستان تعاني منذ سيطرة "طالبان" عليها، وهي دعمت تنظيم "القاعدة" ما أدى لغزو اميركي لها بذريعة محاربة الارهاب، الا أن الاحتلال الأميركي للبلاد لم يخفف من تفاقم الأزمة بقدر ما وسع من مجالها الى مناطق محيطة بأفغانستان، بل بانتشار الارهاب في مناطق عديدة في العالم.

ومع أنه ثمة مفاوضات تجري بين حركة "طالبان" وواشنطن في العاصمة القطرية الدوحة، الا أن هذه المفاوضات لم تستطع أن تحقق أي اختراق، لا سيما في ظل هيمنة واشنطن على القرار الحكومي الافغاني، ورفض "طالبان" التفاوض مع الحكومة مباشرة.

ومع دخول روسيا على خط الازمة حيث نجحت في تنظيم مؤتمر بموسكو حول أفغانستان الشهر الماضي، ورغم التمثيل المنخفض لأطراف النزاع ودول إقليمية، بما فيها باكستان وإيران، الا أن من الواضح أن كلا من طالبان والحكومة الافغانية يعملان على تحسين وتدعيم أوراقهما التفاوضية؛ اذ من المرجح ان تتخذ "طالبان" قرارا بالتفاوض المباشر مع الحكومة عاجلا ام آجلا. لكن هذه المفاوضات لن تعقد، حسب الظاهر، الا بعد جولات من العنف الدموي، تخوضها الحكومة بدعم اميركي بدعوى محاربة الارهاب، فيما تخوضها "طالبان" بدعوى محاربة الاحتلال، وبين هاتين الدعوتين، يبقى الشعب الافغاني هو الأكثر دفعا للأثمان من دمه وماله واقتصاده واستقراره.

وبانتظار دخول المفاوضات مرحلة أكثر جدية، فان المعارك التي تحصل في فصل الشتاء من المتوقع ان تشهد تراجعا ملحوظاً، لكنه سيكون، بلا شك، الهدوء الذي يسبق العاصفة، اذ اعتادت "طالبان" أن تشن أعنف هجماتها في فصل الربيع، وما لم يحدث اختراق في المفاوضات، فمن الأرجح أن يكون فصل الربيع المقبل من أعنف الفصول التي شهدتها هجمات حركة "طالبان"، اذ غالباً ما تكون الهجمات التي تسبق المفاوضات هجمات دموية بامتياز.

 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات