يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

فضل الله: دخلنا في مرحلة جديدة بعد الجريمة الأميركية الأخيرة في العراق
11/01/2020

فضل الله: دخلنا في مرحلة جديدة بعد الجريمة الأميركية الأخيرة في العراق

رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أننا دخلنا في مرحلة جديدة بعد الجريمة الأميركية الأخيرة في العراق عنوانها إخراج القوات العسكرية الأميركية من منطقتنا، لأن وجود هذه القوات تحوّل إلى احتلال وهيمنة وتسلّط وسيطرة على مقدرات بلادنا، والجميع استمع إلى تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فمجرد أن صوّت مجلس النواب العراقي على انسحاب القوات الأميركية من العراق، هددهم ترامب بفرض عقوبات أو بدفع الأموال، لأن الإدارة الأميركية تضع شعوبنا بين خيارين إما الخضوع والاستسلام أو العقوبات والحروب، وعندما تخضع الشعوب وتستسلم، تأخذ الإدارة الأميركية كل الثروات، ورأينا كيف حصلت على الأموال والثروات ومقدرات الدول التي خضعت، وعندما تواجه هذه الشعوب تحمي ثرواتها ومستقبلها وكرامتها.

 وخلال لقاء سياسي أقامه حزب الله في حسينية بلدة طورا الجنوبية، لفت فضل الله إلى أنه عندما نواجه السياسات الأميركية ونتصدى لها، تكون الأثمان أقل بكثير، والنتائج أعظم بكثير، والدليل تجربتنا نحن في لبنان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والسيطرة الأميركية، وكذلك تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران ضد العقوبات الأميركية على مدى 41 عامًا، وتجربة سوريا، واليوم تجربة العراق، وعليه، فإن من يواجه ويتصدى يحمي نفسه ومستقبل أولاده وثرواته وكرامته ويعيش بعزة وعنفوان، وإذا نظرنا إلى إيران على سبيل المثال، نرى أنه لا يوجد أي دولة على الأقل في منطقتنا تعيش أكثر عزة ومنعة وقوة وكرامة منها رغم كل ما واجهته.

 وشدد فضل الله على أننا في لبنان شعب يعاني من السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة ضد بلدنا، والتي تصيب كل بيت ومواطن على امتداد الأراضي اللبنانية، ففيما يتعلق بالوضع المالي، فإن واحدة من الأسباب التي أوصلت لبنان الى أن يعاني من فقدان سيولة، وارتفاع غير منطقي وغير مبرر لسعر الدولار، وارتفاع الأسعار بشكل غير خاضع لأي معايير أو مقاييس، هي الضغوط والعقوبات التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على لبنان بالرغم من وجود بعض الأسباب المحلية الداخلية، حيث وضعت أميركا قيودًا على تحويلات الدولار من المغتربين إلى لبنان وهو المشهور بوجود اغتراب كبير له في الخارج، من الجنوب والشمال والجبل والبقاع وبيروت، وكانت تلاحق كل دولار يريد صاحبه أن يدخله إلى لبنان، علمًا أنه كان هناك تحويلات سنوية من الخارج تقدر بحدود 8 مليار دولار، ولكن لفترة ما قبل الأزمة الحالية بقليل، كانت التحويلات تقدر بحوالي 3 مليار دولار، وبالتالي منع حوالي 5 مليارات دولار من الدخول إلى لبنان، فبسبب خوف المغتربين من الملاحقة والعقوبات وغيرها، ولذلك توقفوا عن إرسال الأموال.

وأضاف فضل الله: "أما في ما يتعلق بالكهرباء، فنرى أن اللبنانيين جميعًا يعانون من انقطاع التيار الكهربائي، علمًا أن الدولة اللبنانية تدفع حوالي مليار و800 مليون دولار سنويًا لدعم الكهرباء ولا يوجد هناك أي نتيجة على مستوى التغذية الكهربائية المعقولة، وكان هناك حل يوفر على الدولة والمواطن، اذ إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدمت مشروعًا يحتاج إلى 6 أشهر ليضيء كل لبنان، على أن تدفع تكلفته بالليرة اللبنانية لا بالدولار، وعندما طرحنا هذا الأمر في المؤسسات الرسمية، قلنا لهم إن إيران لا تحتاج إلى نفوذ  في لبنان من وراء مشروع الكهرباء، ولكن هناك في الحكومة من رفض المشروع بحجة أن على إيران عقوبات من الولايات المتحدة الأميركية، وعليه، فإن البعض في لبنان منعوا اللبنانيين من الاستفادة من الكهرباء لأجل أميركا، لا سيما وأننا جربنا إيران في ملف الطرقات، والجميع يشهد أن الطرقات التي نفذتها الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان على شكل هبة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد حرب تموز عام 2006، هي من أفضل الطرقات في لبنان، وإذا كان هناك من يرفض حل مشكلة الكهرباء في كل لبنان عن طريق إيران، فعلينا أن نفكر في وضع سياق قانوني للاستفادة في بعض المناطق من هذا العرض".

وأشار فضل الله إلى أن العديد من الدول المجاورة لإيران تستفيد من الكهرباء الايرانية، ولكن في لبنان ولأجل إرضاء أميركا، هناك من هو مستعد أن يبقي بلده على العتمة وأن لا يأتي بالكهرباء من إيران.

وقال فضل الله إن الأمر الثالث الذي نعانيه من التسلط الأميركي يكمن في موضوع النفط، فاليوم الأمل عند كل اللبنانيين للخروج من هذه الأزمة المالية والاقتصادية وتوفير فرص العمل هو باستخراج النفط الموجود في بلدنا، ولكن الجميع يعلم أن السياسات الأميركية تعطل وتعرقل وتضغط للحؤول دون استخراج النفط، علمًا أن الدراسات أظهرت أن أهم الثروات النفطية موجودة في الساحل الجنوبي، ولذلك نرى أن المبعوثين الأميركيين يأتون إلى لبنان للضغط لترسيم الحدود لمصلحة الكيان الإسرائيلي، من أجل أن تبقى المربعات التي فيها كميات كبيرة من النفط والغاز مع العدو الإسرائيلي.

 وأشار فضل الله إلى أن هناك ضغوطاً مارستها الولايات المتحدة الأميركية على السلطة في لبنان لمنع فتح علاقة رسمية مع سوريا التي تعتبر المتنفس والبوابة البرية الوحيدة للبنان، وبالتالي، كيف سيشارك لبنان في إعادة عمار سوريا إن لم يكن هناك علاقات رسمية بين الدولتين؟ وكيف سيكون هناك تصدير من سوريا إلى لبنان خاصة مع الحاجة الملحة لهذا الاستيراد في وقت يعاني لبنان من عدم إمكانية فتح اعتمادات بالدولار للاستيراد من الخارج، لا سيما فيما يتعلق بالسلع والمواد الغذائية؟ ولكن الشعب اللبناني سيسبق السلطة اللبنانية بفتح العلاقات مع سوريا، وهو لم يعد ينتظر، فهناك إحصاءات تظهر كمية المواد الغذائية التي يستوردها بعض اللبنانيين من سوريا إلى لبنان، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشة الحادة التي يشهدها بلدنا.

 وفي ما يتعلق بالشأن الحكومي، أكد فضل الله أننا مع حركة أمل سعينا لإيجاد حلول وتقديم الاقتراحات للخروج من هذه الأزمة الحادة والصعبة والقاسية التي يعيشها البلد، وأول خطوة للحل تكمن في تشكيل حكومة، لأنه لا يمكن القيام بعلاجات دون وجود حكومة، لا سيما وأن حكومة تصريف الأعمال مضربة عن العمل باستثناء بعض الوزراء، وهذه سابقة في تاريخ لبنان، ففي العراق مثلا الحكومة المستقيلة تجمع البرلمان وتأخذ القرار وتتواصل مع دول العالم وتقوم بإجراءات.

وشدد فضل الله على أن حزب الله لم يترك وسيلة إلاّ ولجأ إليها لتكون لدينا حكومة، ولم يتوقف عند أي اعتبارات، لا من سيتوزّر بها من قبلنا، ولا ما هي الأسماء والأشخاص التي ستشارك فيها، ووضعنا اعتبارًا أساسيا وهو ضرورة تشكيل الحكومة، ولكن نحن لسنا وحدنا في هذا البلد، فهناك آخرون لديهم وجهات نظر وآراء ومطالب، وهناك من يرفض التعاون، وهناك من يقول إنه بحاجة لهذا المطلب أو ذاك كي يعطي الثقة للحكومة، ولو أبصرت الحكومة النور، لكان الناس جميعها رأوا حجم التنازلات التي قدمناها من أجل أن يكون للبلد حكومة، لأننا نعتبر وجود الحكومة ضرورياً للبدء بالعلاج، فهي السلطة التنفيذية التي تدير شؤون البلد.

ولفت فضل الله إلى وجود تعقيدات وبعض الأفكار والأطروحات والاقتراحات حول صيغة الحكومة، وهذا يحتاج إلى نقاش، ونحن نواكب هذا النقاش ونسعى من أجل أن تكون لدينا حكومة لتقوم بالمهام الملقاة على عاتقها، وأول أولوية لها معالجة الموضوع المالي والاقتصادي.

وأضاف فضل الله: "قلنا للجميع إننا نأمل أن يتفاهم الرئيس المكلف وفخامة رئيس الجمهورية والكتل النيابية التي تتحاور مع بعضها بعضاً على أي صيغة ممكنة ومقبولة تحظى بثقة أغلبية النواب، ونحن جاهزون وحاضرون لنتعاون ولتقديم المزيد من التسهيلات من أجل أن نبدأ العمل سويًا، وحتى أولئك الذين أداروا ظهرهم ولا يريدون المشاركة والعمل للحل، وهم يعبّرون عن أنفسهم، نحن نقول لهم جميعًا، إن المرحلة لا تتحمل إدارة الظهر للوضع في البلد، فالتطورات والمستجدات المحلية والإقليمية تفرض أن تكون هناك حكومة في لبنان ليس اليوم بل قبل شهرين، لأن الوضع وصل إلى مرحلة تحتاج إلى إجراءات عملية لوضع حد للتدهور الحاصل، وربما هناك من لا يشعر بحجم الأزمة أو لا يعيش نتائجها".  

وفي ما يتعلق بالشأن المالي، رأى فضل الله أن الحكومة هي المدخل الأساسي لمعالجة الأزمة المالية، لأنها هي من عليه اتخاذ الإجراءات والترتيبات، ولكن إذا لم يكن هناك حكومة وتأخر تشكيلها، فهناك أمور يجب القيام بها، وهناك مسؤولية أساسية تقع على حاكم مصرف لبنان في هذا الشأن، وكل التبريرات وما سمعناه لم يقنعنا، وهذا لا نقوله فقط أمام الناس، وإنما قلناه في المجلس النيابي عندما خضنا نقاشًا في موضوع المالية العامة وأوضاع أموال المودعين في المصارف، وعليه، فإن وظيفتنا تكمن في أن نقدم الحلول ونقترح الإجراءات.

وأكد فضل الله أن ما وعد به حاكم مصرف لبنان بالتحقيق في التحويلات التي جرت منذ بداية العام ٢٠١٩ لم يطبق حتى الآن، ونحن نحمّله جزءًا أساسيًا من المسؤولية حيال ما وصل إليه الوضع النقدي والمالي، فالسياسة التي يعتمدها أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن، ونحن لا نثق بالتطمينات التي تقدم، وعندما يريدون أن يطمئنوا الناس، عليهم أن يرفقوا ذلك بإجراءات، فتدفع المصارف الأموال للمودعين، لأنها تحتجزها من دون أي وجه قانوني، وقدمنا حلاً قانونياً باستعادة الأموال المسحوبة للخارج ومنها أموال أصحاب المصارف وكل من شغل موقعًا في السلطة بما يوفر سيولة للبلد، ولا نزال نتابع هذا الموضوع مع الجهات المعنية.

وقال إن من مسؤوليات المصرف المركزي وضع حد لهذه السمسرة التي تجري على أموال المودعين، من خلال صرف الشيكات مقابل حسم نسب بحدود 25% من قيمتها، فمن أين يأتون بالأموال؟ وحتى في هذا الموضوع راجعنا القضاء، وطلبوا أن يكون هناك ادعاءات، فقلنا لهم إنه لن يأتِ أحد للادعاء، لأنهم يخافون على أموالهم، ولكن ألا يمكن للأجهزة الأمنية والمصارف وحاكم المصرف المركزي أن يعرفوا من يقوم بهذه السمسرات، مع العلم أنه حتى الآن لم نجد إجراءات جدية بهذا الموضوع.

وأشار فضل الله إلى أن هناك من يستغل هذه الظروف لتكديس الثروات على حساب الناس في سعر العملة وأسعار السلع، وتوجد مافيات ربما تحظى أيضا بحمايات، وحتى في موضوع المازوت في هذا الطقس البارد نجد مستغلون ونسمع أن بعض المنشآت الرسمية لا تسلم المادة إلا مع رشاوى، وسنتابع هذا الأمر مع وزيرة الطاقة.

حسن فضل الله

إقرأ المزيد في: لبنان