يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

الدولار يتأرجح.. وتصريف الأعمال في
10/01/2020

الدولار يتأرجح.. وتصريف الأعمال في "كوما" 

فاطمة سلامة

تعيش الساحة اللبنانية ظروفاً استثنائية وتعيش معها حكومة تصريف الأعمال في "الكوما". الأخيرة تبدو غائبة عن السمع وسط كل ما يتخبّط به البلد من أزمات. أما رئيسها سعد الحريري فيعيش في عالم آخر، ويمضي اجازة عائلية في الخارج. لا حرج لديه من أن تقوم الدنيا ولا تقعد، لا بل تخرب فوق رؤوس قاطنيها، طالما لا يؤثر ذلك عليه شخصياً. وهو الأمر الذي لم يعد مقبولاً وفق ما تقول أكثر من جهة سياسية. رئيس مجلس النواب نبيه بري يبدو ممتعضاً بشدة من هذا الواقع، فالدستور منح حكومة تصريف الأعمال حق العمل كأي حكومة خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية. وعليه، لا يجوز إبقاء طاولة الحكومة شاغرة بلا تفعيل. على الجميع أن يتحمّل مسؤولياته في هذا الوضع الصعب. الموقف الذي عبّر عنه بري صراحة رداً على سؤال حول إمكانية عدم تجاوب الحريري مع الدعوة الى تصريف الاعمال، "مش على خاطروا فتصريف الاعمال واجب دستوري يجب القيام به".

ولا شك أنّ جزءا من مسؤولية ما نحن فيه من تفاقم للأزمات يعود الى تعليق حكومة تصريف الأعمال وفرملة عملها. الخطوة التي كانت لها تداعيات سلبية جعلت البلد يعيش في خضم الفوضى، بينما المطلوب خطوات جريئة وجلسات حكومية استثنائية تتّخذ القرارات التي تخفّف من هذه التداعيات الموجعة على اقتصاد لبنان. ولعلّ غياب المسؤولين عن القيام بواجباتهم فتح الباب واسعاً أمام تنفيذ اللعبة المشؤومة التي جعلت سعر صرف الدولار يرتفع بشكل شبه جنوني. طبعاً هناك عوامل عدة أدّت الى التلاعب بقيمة الليرة، لكنّ جزءاً كبيراً من المسؤولية يقع على عاتق حكومة تصريف الأعمال التي لم تتعامل بمسؤولية مع كافة الظروف المحيطة بهذا الملف، وفق ما يؤكّد الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لموقع "العهد" الاخباري. برأيه، فإنّ عوامل عدة ساهمت في تفاقم أزمة الدولار، أبرزها سياسية تعود الى عدم قدرة البلد على تشكيل حكومة، مقابل غياب حكومة تصريف الأعمال بالكامل عن القيام بدورها. المطلوب من حكومة تصريف الاعمال أن تؤدي عملها، وعلى كل وزير القيام بواجباته. فالحكومة الحالية وان كانت تصريف اعمال،الا أن باستطاعتها فعل جميع المهام باستثناء بعض الخطوات التي أوردها الدستور. 

ويوضح حبيقة أنّ عدم القدرة على تشكيل حكومة أوجد قلقاً لدى المواطنين، ما دفعهم الى التصرف بطريقة غير محسوبة أحياناً، كأن يتهافتوا على شراء الدولار، وهو ما زاد الطين بلة. وفق قناعات حبيقة فإنّ عامل الخوف والقلق ساهم أيضاً في تفاقم أزمة الدولار. هذان العاملان: السياسي، والنفسي يضاف اليهما عاملا الزيادة في الطلب والقلّة في العرض. 

العوامل الاربعة ـ وفق حبيقة ـ ساهمت ولا تزال في تأجيج الأزمة. وبحسب المتحدّث فهناك احتمال لارتفاع سعر صرف الدولار في الفترة القادمة ليلامس الـ70 بالمئة، حاله حال العديد من الجوانب المرشحّة للتدهور، بفعل عدم الاستقرار السياسي الذي يجعل فرص الحل لا تتعدى الثلاثين بالمئة. 

ويشير حبيقة الى أنّ خوف الناس يجعلها تقبل على شراء الدولار بالسعر الذي يفرض عليها، ومن ناحية أخرى فإنّ الأوضاع السياسية المتأزمة أحدثت قلة في العرض، اذ لم يدخل الى لبنان كميات جديدة من الدولار على اعتبار ان الموسم السياحي "مضروب"، ولا تحويلات. وهنا يوضح حبيقة أنّ سوق الصرف والقطع شهد هجمة أكثر من مضاعفة منذ 17 تشرين الاول حتى اليوم، خصوصاً أنّ المصارف لا تبيع الدولار وبالتالي فإنّ الاموال تذهب الى الصرافين. أولئك صحيح أنهم يستفيدون من الأزمة لكنهم نتيجة ـ برأي حبيقة ـ لا سبباً. ويلفت حبيقة الى أنه وبمجرد أن تتألف الحكومة فإنّ سعر صرف الدولار سيهبط سريعا بين الـ1800 والـ1900، معتبراً أن الصرافين الذين يغامرون اليوم بشراء الدولار بهذا السعر المرتفع هم يراهنون على ان لا حكومة قريبة. 

ويرى الخبير الاقتصادي في الشائعات التي تروج هنا وهناك والتي تحدث خوفاً لدى المواطنين سبباً لزعزعة النقد في البلاد. من وجهة نظره، لا بد من انزال أقصى العقوبات بحق أي جهة تعمل على بث الشائعات كأن يقال عن أحد المصارف إنه على شفير الافلاس، فتلفيق الاكاذيب يساهم بشكل أو بآخر في احداث حرب نفسية تؤثر على مستقبل البلد بأكمله. هذه الشائعات تجعل المواطنين يعيشون على أعصابهم ما يفاقم الأزمة أكثر فأكثر. 

وفي الختام، لا يرى حبيقة أفقاً قريباً للحل طالما لا يبادر المسؤولون الى تفعيل حكومة تصريف الأعمال أولاً وتشكيل الحكومة ثانياً. علينا جميعا التعاون للخروج من الأزمة، فنحن  في مرحلة وقت ضائع ويجب تقليل الخسائر قدر الامكان. 

المصارف تتجه للحد من السحب الاسبوعي بالدولار والطلب يزداد عند الصيارفة

أمام هذا الواقع، تعود الاتهامات لتطال قطاع الصيرفة على اعتبار أنه يشكل عاملاً اضافياً لارتفاع سعر صرف الدولار، وهو الأمر الذي يستغربه نائب رئيس نقابة الصرافين الياس سرور في حديث لموقعنا. وفق حساباته، فإنّ عوامل عدة ساهمت في ارتفاع سعر صرف الدولار الذي سجّل اليوم ـ بحسب سرور ـ 2420 كشراء، و2450 كمبيع. بعضها يعود الى قاعدة العرض والطلب، المتحكمة بالسوق، فهناك طلب كبير على الدولار خصوصاً من قبل التجار الذين لم يعد أمامهم سوى سوق الصرافين، فالمصارف سائرة باتجاه تخفيض الحد المسموح به للسحب أسبوعياً، الامر الذي يقلل كمية الدولارات من الاسواق.  

برأي سرور، فإنّ الصرافين لا يستطيعون القيام بمضاربات، اذ لدينا "شركاتنا" التي نستورد منها  لنبيع المواطنين. وينوّه الى أن هناك كمية كبيرة  من الأموال تقارب الستة مليارات دولار جرى ايداعها في المنازل. كما يوضح أننا كصيارفة نخاطر عندما نبيع للزبائن الدولارات، فنحن نخسر اذا لم نعاود الشراء بالدولار. ويعود لينفي مسؤولية قطاع الصيارفة عما يحصل، قائلاً "نحن وسطاء بين من يبيع ومن يشتري، ولو كان باستطاعتنا تلبية السيولة للجميع لما استمرت أزمة الدولار".
 

الدولار

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل