طوفان الأقصى

خاص العهد

العراق: وقائع وحقائق أخفتها بلاسخارت
14/12/2019

العراق: وقائع وحقائق أخفتها بلاسخارت

بغداد: عادل الجبوري

   تبدي اوساط برلمانية وسياسية عراقية استياءها وامتعاضها من طبيعة التحركات التي تقوم بها المبعوثة الاممية في العراق جينين بلاسخارت، والمواقف التي تتبناها حيال مجريات الاحداث، لا سيما ما ورد من مغالطات وتحريف للحقائق، في تقريرها الذي رفعته الاسبوع الماضي الى مجلس الامن الدولي، وخُصصت جلسة خاصة من قبل الاخير للاستماع اليه ومناقشة مضامينه.

   وتؤكد تلك الاوساط، ان تحركات ومواقف المبعوثة الاممية تنطوي على تجاوزات وتقديرات غير صائبة للمواقف والمعطيات الراهنة، مما يمكن ان يفضي الى مزيد من التعقيد بدلا من حلحلة الامور، ولعل ذلك يصدق على رؤى بلاسخارت بخصوص قانون الانتخابات الجديد المطروح على طاولة البحث والنقاش في مجلس النواب.

   وينقل برلمانيون ان ممثل بلاسخارت الذي يشارك في جميع الحوارات البرلمانية حول تعديل قانون الانتخابات بصفة خبير يتصرف من موقع الوصاية، ويتدخل بأدق التفاصيل، ويمارس ضغوطات مختلفة على اللجنة القانونية لفرض رؤية الأمم المتحدة التي هي بالأساس رؤية أميركية - بريطانية لا تتوافق في جانب كبير منها مع مطالب الحركة الاحتجاجية الاصلاحية، ويضيف البرلمانيون "كما أن بلاسخارت تتعامل بفوقية مع هيئة رئاسة البرلمان وكأن الأمم المتحدة هي سيدة الساحة وصاحبة القرار الأول بالشأن العراقي، رغم أن دورها المفترض لا يتعدى الطابع الاستشاري ليس الا".

   ويؤكد مراقبون ان الاستياء الشديد من تصرفات بلاسخارت وفريق عملها، مردّه الشعور بأن حجم التدخلات والاملاءات والتجاوزات الخارجية ينطوي على مساس بكرامة وسيادة البلاد، ولا يلبي المطالب الشعبية بقدر ما يكرس ارادات دول تستخدم ممثلة الأمم المتحدة كأداة لتمرير سياساتها ورغباتها واجنداتها.

   وقبل ذلك فإن تقرير بلاسخارت المرفوع الى مجلس الامن قبل بضعة ايام، خلا من الاشارة الى الكثير من الحقائق، منها عدم ذكر احراق القنصليات، والاغلاق القسري للمدارس والجامعات، وعمليات الحرق والتدمير التي طالت العديد من المراكز التجارية والمؤسسات الحكومية، كذلك لم تتطرق الى البعد الايجابي في عدم حمل القوات الامنية اي سلاح، ناهيك عن ان بلاسخارت تجاهلت معلومات موثقة عن تورط جهات خارجية بأحداث العنف والتدخل المباشر بالشأن الداخلي العراقي، من اجل زعزعة الاستقرار وتقويض الامن.

   والملفت في الامر ان تقرير البعثة الاممية في العراق، ومجمل تحركات رئيستها تزامنا مع مواقف دولية مغلوطة، استندت اما الى مواقف مسبّقة، او انها لم تأخذ كل الحقائق بعين الاعتبار، لا سيما ما جاء في البيان المشترك لسفارات كل من بريطانيا وفرنسا والمانيا، بعد لقاء سفرائها في العراق برئيس الوزراء عادل عبد المهدي مطلع الاسبوع الجاري.   

   وقد تضمن بيان السفراء الثلاثة ادانة لعمليات قتل المتظاهرين السلميين، ومطالبة رئيس الوزراء العراقي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ولحين تسلم رئيس وزراء جديد لهذا المنصب بضمان حماية المتظاهرين واجراء التحقيقات اللازمة بصورة عاجلة ومحاسبة جميع المسؤولين عن عمليات القتل، والتأكيد على عدم السماح لاي فصيل مسلح بالعمل خارج سيطرة الدولة”.

   واكثر من ذلك دعا السفراء الثلاثة الحكومة العراقية الى ضمان تنفيذ القرار الذي اتخذته مؤخرا بمنع وجود قوات الحشد الشعبي قرب مواقع التظاهرات، ومحاسبة من خرقوا ويخرقون ذلك القرار.

  ويتضح من خلال ما جاء في البيان المذكور، التدخل السافر بالشأن الداخلي العراقي، يضاف اليه طبيعة المداخلات التي ادلى بها عدد من مندوبي الدول دائمة العضوية في مجلس الامن بعد عرض تقرير بلاسخارت، والتي لا يحتاج المرء الى الكثير من التدقيق والتمحيص ليكتشف المواقف والتوجهات المسيسة لبعض الاطراف الكبرى في المجتمع الدولي.

   وما تجدر الاشارة اليه هنا هو أن تقرير المبعوثة الاممية وبيان السفارات الثلاث، ترافقت مع حملات اعلامية تبنتها وسائل اعلام عالمية وعربية، أريد من ورائها تشويه صورة ما يجري في العراق وتحريف الحقائق، بالشكل الذي يدين السلطات الحكومية بالكامل، ويتجاهل الجوانب والأبعاد السلبية التي رافقت التظاهرات، ناهيك عن الحقائق التي أظهرت تورط جهات دولية بإثارة الفوضى والاضطراب في الشارع العراقي، ومن بينها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا و"اسرائيل" والامارات والسعودية.    

 وتؤكد مصادر خاصة ان لقاء بلاسخارت الأخير برئيس الجمهورية برهم صالح، تمحور حول خطوات البعض للطعن بتقريرها، حيث طلبت من صالح التدخل لاقناع الحكومة العراقية بالتراجع عن توجهها بالطعن رسميا بتقريرها.

   وتذهب المصادر الى ان بلاسخارت تعمدت تأجيل تقديم تقريرها عن موعده المقرر لحين انتقال رئاسة جلسة مجلس الامن الى الولايات المتحدة الاميركية، مما يؤشر الى احتمال وجود تواطؤ من قبلها لتمكين واشنطن من ابتزاز العراق عبر قرارات أممية لتقديم تنازلات سياسية.   

   ومثل هذه المعطيات، مضافا اليها اصدار وزارة الخزانة الاميركية حزمة عقوبات على عدد من الشخصيات السياسية العراقية، لا يخرج عن دائرة الضغط والابتزاز والمساومات. كل ذلك وغيره، لا يخرج عن مجمل التفاعلات الاقليمية في المنطقة، وحقيقة الادوار السلبية الاميركية والاسرائيلية ومن يرتبط بها من الاطراف والقوى الاقليمية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد