نصر من الله

خاص العهد

13/12/2019

"أصحاب السعادة" غير سعداء !

ياسمين مصطفى

مضحكٌ مبكٍ هو الحال الذي وصلنا إليه في لبنان بعد فرض المصارف قيودًا على السحب والتحويل؛ فبعدما عمد معظمها إلى تقنين السحب بالعملة الصعبة أي الدولار، وصل بها الأمر لفرض قيود على السحب بالليرة اللبنانية، وأوّل المتضرّرين موظفو القطاع العام. 

تمنُّع المصارف عن الإفراج عن أموال الموظّفين والمودعين منذ بدء الأزمة الاقتصادية، انسحب على بعض نواب البرلمان، حتى شكَوا حالهم في لقاء الأربعاء النيابي. بعض هؤلاء يؤكد لدى التواصل معه أنه من الشعب ما يعني أن إجراءات المصارف فيما يخصّ سحب الرواتب لم تستثنِه، بل يعاني كما الناس، وينتظر ساعات، حتى بات يزور المصرف يوميا أو أسبوعيا، للحصول على جزء من الراتب، لا يكفي لدفع مصاريفه الشهرية!.

أما البعض الآخر من "أصحاب السعادة"، من كبار المودعين، فلا قيود عليهم في السحب والتحويل، ما يكشف استنسابية لدى المصارف في التعاطي مع الزبائن والعملاء..

النائب ألبير منصور يجيب لدى سؤالنا إيّاه عن القضية بضحكة طويلة ساخرة، موضحا أنه تماما كما سائر الموظّفين يعاني لدى طلبه مستحقاته من المصرف مع مطلع الشهر، ويقول "التقنين قاسٍ حتى عليَّ كنائب، يحدّد لي المصرف مبلغ 500 ألف ليرة في اليوم، ولا يتعدى المبلغ المسموح لي سحبه في الأسبوع ثلاثة ملايين ليرة، ولذلك فأنا أجد صعوبة في دفع مستحقات السائقين العاملين لديّ".

النائب علي خريس يؤكد ما قاله زميله منصور، ويقول "نحن كنواب جزء من الشعب اللبناني و"ما علينا خيمة زرقا"، لكنني منذ مدة لم أقصد المصرف الذي أتعامل معه، إنني أتعامل مع متوجباتي المالية عبر شيكات وليس بالنقد". ويشدد على ضرورة أن يخرق تغييرٌ إيجابي الوضع المأساوي السائد، لافتا إلى أن الحل يبدأ من تشكيل حكومة  تقوم بواجباتها ودورها لجهة تشكيل خلية أزمة اقتصادية مالية تمنع الانهيار.

ولدى تواصلنا مع النائب أنور جمعة، يوضح أنه وعلى الرغم من أن المصارف التي كان يتعامل معها أغلقت حساباته منذ انتخابه نائبا، استطاع قبض راتبه كموظّف رسمي على شكل شيك بعد جهود بذلها، ويقول "تسلمته على مضض "بالمَونة" والإصرار على طلب الشيك براتب كامل"، غير أنه يلفت إلى شكاوى زملائه من النواب المنتمين إلى كتل نيابية أخرى الذين يخبرونه عن "المذلة" و"البهدلة" التي يتعرّضون لها يوميا لدى محاولة سحب رواتبهم من المصارف".

من جهته، يقول النائب أيوب حميد إن ما يسري على موظّفي القطاع العام يسري على النواب أيضا. ولدى سؤاله عن كيفية تدبير أموره "يتنهّد"، ويشير إلى أن في فمه ماء، مؤكدا أنه وكثير من النواب "الفقراء" الذين لا يملكون موارد غير راتبهم النيابي، يعانون كما يعاني الناس، على عكس نواب ميسورين لديهم استثمارات كبيرة.

النائب محمد نصر الله يؤكد لموقعنا أن مساواته بالمواطن تُسعده، لكن ما يسعده أكثر أن يكون المواطنون والنواب قادرين على التصرف برواتبهم بحرية. يُفصّل معاناته قائلًا "زرتُ المصرف اليوم لسحب الجزء الثاني من راتبي لكنني لم أوفَق، طلبوا مني الانتظار أسبوعا آخر لإتمام المعاملة"، وفي رده على سؤال حول كيفية تدبيره أموره يقول "نتدبرها بالتي هي أحسن، النواب مثلي ممن لا يملك مصدر دخل سوى راتبه النيابي يواجهون أزمة اليوم، أما كبار المستثمرين ورجال الأعمال من النواب فراتبهم النيابي لا يعني لهم شيئا، يوزعونه على مرافقيهم، وهؤلاء لا أزمة تواجههم في هذا الخصوص، لربما استدرك بعضهم الأمر قبل اندلاع الأزمة، لكن أمثالنا من النواب يدفعون نفس الثمن الذي يدفعه المواطن".

النائب الوليد سكرية لدى الاستفسار منه عن حالته يضحك كثيرًا، هو أيضا أسير إجراءات المصارف، التي تحدد له سقف المبلغ المسموح له سحبه في اليوم والأسبوع، أي "بالقطّارة"، ويقول: "لا أعرف إلى أين تتجه الأمور وما الذي ينتظرنا بعد من مآسٍ أكثر من حالنا اليوم".

أزمة سحب الرواتب لم تمنع الوزير محمد الداوود من تسيير أموره المالية، يؤكد لموقع "العهد" أنه لم يزر المصرف الذي يتعامل معه منذ مدة، وأن لديه مبلغا احتياطيا ما زال يتصرف به ويدفع عبره متوجباته المالية، لكنه يؤكد أن القيود المصرفية المفروضة على موظّفي القطاع العام من عامة الشعب تسري أيضا عليه كوزير.

وحده النائب جهاد الصمد قال كلامًا مختلفًا، فأكد لموقعنا أنه حتى اليوم لم يواجه أية صعوبة تُذكر في سحب راتبه النيابي دفعة واحدة في أول زيارة للمصرف مطلع الشهر.

 يستغرب الصمد ما أخبرنا به زملاؤه النواب من صعوبات تواجههم، ومن القيود التي تتعرض لها رواتبهم. ولدى سؤاله عن سرّ تعامله مع المصرف، يوضح أن علاقته الوطيدة بمدير المصرف هي السبب، ويقول "لدي دفتر شيكات، وبمجرد تواصلي مع مدير المصرف يُسهل لي عملية سحب الراتب دفعة واحدة، هي علاقة عشرين سنة بيني وبينه، علما أن لا مورد آخر لي غير راتبي النيابي، لا ودائع ولا أصول ولا استثمارات خارجية و"الحمد لله مستورين"".

أمام كلّ هذا التذمّر، يخرج وزير السياحة أواديس كادانيان عن إجماع الشكاوى. لدى الاستفسار منه عن وضع راتبه، يتعجّب من السؤال الموجّه إليه، قائلًا "يا ريت تهتموا بأشياء أهمّ من هيك بالسياسة".

الليرة اللبنانيةالمصارف

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل