يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

سمير الخطيب لحق بركب المحترقين.. والاستشارات للأسبوع المقبل
09/12/2019

سمير الخطيب لحق بركب المحترقين.. والاستشارات للأسبوع المقبل

عادت الأمور إلى نقطة الصفر فيما يخص التكليف بتشكيل الحكومة، وانضم سمير الخطيب إلى من سبقه من الأسماء التي احترقت، ولم ينل اللبنانيون من كل الصولات والجولات والمشاورات سوى المزيد من تضييع الوقت، طالما أن النتيجة كانت سلبية.
وعليه أعلنت رئاسة الجمهورية تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة اليوم إلى الأسبوع المقبل لمزيد من التشاور.


"الأخبار": الحريري من التعطيل إلى الابتزاز: أنا أو لا أحد... وبشروطي!
اعتبرت صحيفة "الأخبار" أنه مرة جديدة يحرق سعد الحريري اسماً كان يفترض أن يخلفه في رئاسة الحكومة. سمير الخطيب اعتذر من دار الفتوى، بعد أن سمع منها تأييداً لعودة الحريري. لكن ذلك كان مكلفاً. الحريري ودار الفتوى معاً أعطيا المشروعية لمبدأ التفاهم على اسم الرئيس المكلّف قبل الدعوة إلى الاستشارات، ما يعني التأليف قبل التكليف. وبذلك، يكون الحريري قد انتقل من التعطيل إلى الابتزاز: أنا او لا احد، وبشروطي. هذه المرة، يستند إلى موقف طائفي صريح، وإلى شروط دولية يُنتظر أن تظهر في مؤتمر باريس للمجموعة الدولية لدعم لبنان الخميس المقبل

ورأت أن كل المؤشرات كانت تدل على أن مصير سمير الخطيب سيكون كمصير بهيج طبارة ومحمد الصفدي. «السادية» السياسية التي يمارسها الرئيس سعد الحريري صارت مكلفة جداً. البلد في انهيار مالي واقتصادي غير مسبوق، فيما هو يتلذذ بتقديم الأضاحي على طريق وصوله إلى السراي الحكومي… ودائماً تحت شعار: «ليس أنا بل غيري». ولذلك، تحديداً فإن سؤال ما بعد تأجيل الاستشارات النيابية إلى الإثنين المقبل، سيكون من هو التالي على لائحة الحرق؟ حتى الآن ثمة اسمان على الطاولة: نواف سلام وفؤاد مخزومي.

لم يكن مفاجئاً أن ينسحب الخطيب، لكن السيناريو هو الذي لم يكن واضحاً، فإذا بالإخراج يأتي سيّئاً وطنياً وطائفياً. «علمت من سماحته أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات مع أبناء الطائفة الاسلامية تم التوافق على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة»، قالها سمير الخطيب، بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان. ثم «أبلغها» للحريري، الذي يُتوقع أن يكون، لزوم الحبكة الدرامية، قد فوجئ بقرار الخطيب الانسحاب.

ذلك السيناريو كان نضج مع بيان العائلات البيروتية، ثم مع زيارة الوزير نهاد المشنوق إلى دار الفتوى، لكن حق السبق يبقى محفوظاً لرؤساء الحكومات السابقين. هؤلاء كان هالهم، على ما جاء في بيانهم، «الاعتداء السافر على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلف من خلال الاستشارات النيابية الملزمة لرئيس الجمهورية بإجرائها وبنتائجها». لم يجدوا صعوبة، حينها، في اتهام رئيس الجمهورية وصهره باستباق الاستشارات و«ابتداع ما يسمى رئيساً محتملاً للحكومة».
أمس تبيّن أن المشكلة ليست بالاعتداء على صلاحيات النواب بتسمية الرئيس المكلّف، بل بالجهة التي تعتدي. ولذلك، فإن الاعتداء من دار الفتوى مسموح في هذه الحالة، ويقع في موقعه الطبيعي!

لكن هذا لا يلغي أن الحريري ودار الفتوى قد خطوا خطوة يصعب التراجع عنها. وهما أعطيا المبرر لعون، ولأي رئيس يأتي من بعده، ليعمد إلى التفاهم على اسم الرئيس المكلف قبل أي استشارات. هكذا ببساطة، وبعد أن حفلت الأيام الماضية بحساسية عالية من «تخطّي الدستور» و«استباق الاستشارات»، أعلن دار الفتوى على الملأ، وقبل الاستشارات، تسمية الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة.

خير من عبّر عن هذه السقطة كان بيان للقاء التشاوري وتغريدة للنائب فيصل كرامي. فقال اللقاء، بعد اجتماع له في منزل النائب عبد الرحيم مراد، إن «مصادرة الحياة السياسية من قبل المرجعيات الدينية ينهي دور المؤسسات الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي». وذهب كرامي أبعد من ذلك، ليسأل «ما جدوى الاستشارات النيابية الملزمة إذا كانت الطائفة السنية أعلنتها من دار الفتوى مبايعة شاملة لسعد الحريري؟». ثم يضيف: «الطائف «باي باي»، وبأيدي السنّة قبل سواهم».

وتأكيداً لغرق الحريري في شرّ أعماله، كان بيان رئاسة الجمهورية مباشراً في الإشارة إلى أن تأجيل الاستشارات يهدف إلى إفساح المجال أمام «المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة». كما جاء في البيان أن التأجيل أتى بناءً على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، علماً بأن الوزير سليم جريصاتي أكد أن الحريري كان من بين القيادات التي طلبت التأجيل.

الخطيب ينسحب: الطائفة السنية توافقت على تسمية الحريري

وتساءلت الصحيفة.. ماذا بعد؟ وكيف يمكن أن ينتهي هذا الوضع؟ حتى اليوم، أثبت الحريري أنه يتحكم في اللعبة الحكومية، وإن خسر المعركة الدستورية. يعد ويتعهد ويلتزم، ثم يترك مهمة التخريب لغيره، واثقاً بأن خصومه لا يفضّلون غيره رئيساً للحكومة. وهو ما عاد وأكده النائب محمد رعد أمس بإشارته إلى تمسك حزب الله «بصيغة الوفاق الوطني واتفاق الطائف». أضاف: لذلك
كان قرارنا أن يتمثل رئيس الحكومة برئيس الأكثرية السنية، أو من يوافق عليه أو من يرشحه كرئيس».
عندما طرح اسم الخطيب، أكد الحريري لعلي حسن خليل وحسين خليل أنه سيصوّت له. وعندما أُعلن بيان رؤساء الحكومات السابقين، أعاد التأكيد للخليلين أنه ملتزم بالاتفاق. صدّقه الأخيران، وصدّقه رئيس الجمهورية، فدعا إلى الاستشارات، التي كان يفترض أن يسمّى خلالها الخطيب. لكن يبقى سؤال بلا إجابة: لماذا منح عون مهلة زمنية لمن يريد إحراق الخطيب؟

كما اعتبرت أن إخراج أمس، أعاد به الحريري الأمور إلى المربع الأول. فإحراق اسم الخطيب هو إحراق للتسوية الحكومية، التي كان عنوانها تسمية الخطيب. وعليه، هل عاد الحريري إلى الابتزاز، مستعيداً شروطه القديمة: حكومة تكنوقراط يترأسها هو، ولا يشارك فيها حزب الله وجبران باسيل؟
بحسب معطيات أمس، فإن ما يؤخر تشكيل الحكومة حالياً هو الصراع بين «الحريري رئيساً لحكومة لا تضم باسيل» وبين «إما الحريري وباسيل في الحكومة معاً أو خارجها معاً». وإلى الإثنين المقبل، إذا لم تمل الكفة إلى أي من المعادلتين، فإن تأجيلاً جديداً لن يكون مفاجئاً.

 

"اللواء": اعتذار الخطيب

وفي ذات الاطار.. ووفق ما كان مرتقباً، أعلن المرشح لرئاسة الحكومة المهندس سمير الخطيب، اعتذاره عن اكمال المشوار الذي رشح من أجله، وذلك بعد زيارة لدار الفتوى، استتبعها بزيارة ثانية لـ«بيت الوسط» حيث اطلع الرئيس سعد الحريري على الموقف الذي تبلغه من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والذي يؤيد إعادة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة.

وأعاد انسحاب الخطيب من السياق الحكومي اسوة بما حصل مع غيره من المرشحين، خلط الأوراق والمعطيات، لكنه هذه المرة حشر الجميع في الزاوية الحادّة، خصوصاً وان الإعلان عن هذه الخطوة جاء عشية الاستشارات النيابية الملزمة التي كان مقرراً اجراؤها اليوم في قصر بعبدا، الأمر الذي اقتضى اجراء مشاورات سريعة بين الرئيس ميشال عون وكل من الرئيسين نبيه برّي والحريري، انتهت ليلاً إلى إعلان تأجيل هذه الاستشارات اسبوعاً، بهدف إفساح المجال امام مزيد من الاتصالات، لمعرفة ما إذا كان الرئيس الحريري سيرضى بالنزول عند رغبة دار الفتوى للترشح مجدداً لرئاسة الحكومة بعدما كان مصراً على موقفه المعلن: «ليس أنا بل أحد غيري»، ووفق أية شروط يمكن ان يقبل بها للعودة، فضلاً عن استطلاع آراء بقية الكتل النيابية، ولا سيما تكتل «لبنان القوي» الذي كان تردّد انه قد لا يسمي الخطيب بسبب خلافه مع الحريري على تشكيلة الحكومة، ما يعني خلافاً أيضاً مع الخطيب على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب.

وفي كل الأحوال، فقد بات من الصعب ان تعود الأمور إلى الوراء بعد ان عادت إلى نقطة الصفر، وبات الحريري الوحيد في الساحة الذي يحظى بالغطاء الطائفي والدعم السياسي، وان بقي الشارع متردداً بين القبول به أو رفضه مجدداً، في سياق رفعه شعار: «كلن يعني كلن بمن فيهم الحريري»، لكن المشكلة ان تكليف الحريري يعني ان أزمة التأليف ستعود إلى النقطة صفر، أي حكومة تكنوقراط غير مطعمة بسياسيين، أو ان يعود الحريري فيعود معه الوزير جبران باسيل؟ أو يقبل الحريري بحكومة تكنوقراط مطعمة بسياسيين، وليس حكومة سياسيين مطعمة بتكنوقراط، وهذا يعني احتمالاً من اثنين:

اما يحصل تكليف للحريري ويتعذر أو يتأخر التأليف نتيجة الخلاف على تشكيل الحكومة، أو لا يحصل تكليف الحريري بل شخصية أخرى غيره، وهذا يعني انه أياً كان المكلف سيعيد تجربة الرئيس نجيب ميقاتي بعدم وجود غطاء سني وسياسي واسع له، ومع ذلك استمرت حكومته قرابة سنة ونصف السنة.

وثمة من يذهب للتشاؤم أكثر ليقول: ان الأزمة طويلة وقد لا يخرج منها لبنان قريباً في المدى المنظور، ما يعني دخول البلاد في الفراغ، أو في «الفوضى غير الخلاقة» على حدّ تعبير وزير الخارجية جبران باسيل، الذي «توقع ان لا يتمكن لبنان من الصمود طويلاً إذا استمر على هذا المنوال».
وقال باسيل في تصريحات لـ«فرانس 24» امس الأوّل، ان «لبنان مهدد في حال استمرت التوترات الحالية بالوقوع في فوضى لن تكون خلاقة بل ستكون مدمرة».

وأضاف «إذا لم نتدارك أنفسنا بالإصلاحات المطلوبة وبحماية البلد من التدخلات.. قد نكون أمام باب التدهور المالي والاقتصادي الذي يوصلنا إلى حالة من اللااستقرار المعيشية والاجتماعية وللأسف قد تتطور إلى أكثر من ذلك».

 

"الجمهورية": طار الخطيب وعاد الحريري..

بدورها قالت صحيفة "الجمهورية" أنه بين ليلة وضحاها من كان رافضاً صار قابلاً، ومن كان مرشّحاً صار مستبعداً، رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري يعود عن عزوفه ويقبل التكليف، والمهندس سمير الخطيب ينسحب بـ«راحة ضمير» من ترشيحه لهذا التكليف، وتولّى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الإخراج مبلغاً الى الخطيب الذي زاره «اننا اتفقنا على تسمية الرئيس سعد الحريري» لرئاسة الحكومة، بما يقطع الطريق على احتمال وجود أي مرشح آخر يطرح نفسه عضواً جديداً من نادي المرشحين لرئاسة الحكومة. وتأسيساً على هذه الخطوة تقرر تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كان سيجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم لتسمية من سيكلّفه رئاسة الحكومة الجديدة الى الاثنين المقبل «إفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة، ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة»، على حدّ ما ورد في بيان التأجيل الذي أصدرته رئاسة الجمهورية مساء أمس. وجاء هذا الموعد معاكساً لرغبة أبداها الحريري لعون في أن يكون الخميس المقبل.

فقد صدر مساء أمس عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية البيان الآتي:

«في ضوء التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولاسيما ما طرأ منها بعد ظهر اليوم، وبناء على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وإفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، قرّر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة غداً الاثنين 9 كانون الاول 2019 الى يوم الاثنين 16 كانون الاول الجاري وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نشرت سابقاً».

وكانت سلسلة الاتصالات التي حصلت، وبعد إعلان الخطيب اعتذاره عن الاستمرار في الترشح لرئاسة الحكومة، تمحورت بين الحريري وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر الوزير علي حسن خليل.

وبحسب المعلومات، فإنّ الحديث تناول مسألة تأجيل الاستشارات الملزمة، بعد تواتر أنباء من القصر الجمهوري عن توجّه لدى رئيس الجمهورية الى هذا التأجيل.

وعكست المعلومات ما وصفته «ارتياحاً» لدى الحريري لاعتذار الخطيب، وقالت مصادر عاملة على خط الاتصالات لـ«الجمهورية» انّ «الامور من بدايتها كانت واضحة لجهة الوصول الى اعتذار الخطيب، على رغم من كل الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي بلغته من الحريري».

ورداً على سؤال قالت هذه المصادر: «لا شيء يمنع على الاطلاق انطلاق الاستشارات خلال ايام قليلة مع تحديد موعدها، على ان تتخلل هذه الايام حركة اتصالات متجددة ومكثفة بين الاطراف، وتحديداً مع الحريري كونه الوحيد المرشّح لرئاسة الحكومة، على ان تحمل الاستشارات المنتظرة تكليفاً له تشكيل الحكومة».

ورداً على سؤال آخر، قالت المصادر نفسها: «خروج الخطيب وعودة الحريري مجدداً كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، معناه عودة الى المربّع الاول الخلافي حول معادلة الحريري ـ باسيل. هذه المسألة قد تكون العقدة الاساسية امام تشكيل الحكومة المقبلة».

مرجع مسؤول

وتعليقاً على ما آلت اليه الامور لجهة التعثّر في طريق الخطيب، قال مرجع سياسي مسؤول لـ«الجمهورية»: «كان من الافضل لو انّ موعد الاستشارات لم يكن بهذا البعد الزمني بين الاعلان عنه وبين موعده، فلو كان تحدد هذا الموعد الخميس الماضي لكان التكليف قد حصل، ولَما كنّا وصلنا الى ما وصلنا إليه من تعقيد».

وأضاف المرجع: «أمّا وقد حصل ذلك، فلم يبقَ سوى الحريري كمرشح لرئاسة الحكومة الجديدة. ومعنى ذلك انّ الاستشارات الجديدة يجب ان تحصل في أسرع وقت، على ان يتم التأليف في وقت أسرع منه وعدم إضاعة أشهر مثلما كان يحصل في السابق. وهذا المستجد يطرح المسؤولية في أيدي الجميع، وقد سبق لنا أن حذّرنا من أنّ وضعنا لا يتحمّل مزيداً من الهدر في الوقت والتسبّب بالاهتراء السياسي والاقتصادي والمالي، وهذا الكلام نكرره اليوم خصوصاً أننا نلقى حرصاً خارجياً على لبنان وتحديداً من الجانب الاوروبي اكثر من حرص اللبنانيين على بلدهم، وها هم يحذروننا ويحضّوننا على الاسراع في تأليف حكومة لأنّ كل تأخير له ثمن سلبي يدفعه الناس، وبالتالي قد يؤدي الى سقوط البلد في ما هو أبعد من الجوع».

ورداً على سؤال، قال المرجع: «مع الأسف علّتنا تكمن في الطائفية التي انتعشت في الآونة الاخيرة، فهذه الطائفية خربت لبنان سياسياً وها هي تخربه اقتصادياً ومالياً».

الاستشارات النيابيةسمير الخطيب

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة