يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

مناقصة استيراد البنزين..
02/12/2019

مناقصة استيراد البنزين.."كارتيلات" النفط تمارس "الضغوطات" 

فاطمة سلامة

من يعرف وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني عن قرب يعلم مستوى "الجدية" و"الحماسة" التي تقارب بها الملفات. وهي الوزيرة العالمة بتفاصيل وزارة الطاقة قبل أن ترأسها بعد أن شغلت منصب مستشارة للوزير في وزارة الطاقة منذ عام 2010. انطلاقاً من هذا الأمر، لم تكن خطوة بستاني بالاعلان عن استيراد الدولة للبنزين، مفاجئة لكل من يعرفون "عزم" و"إصرار" بستاني على انجاز الملفات. ولدى سؤالنا أحد الوزراء الذين تعاقبوا في أكثر من حكومة سابقة عن خطوة البستاني، يسارع الى القول إنّ هذه الخطوة لم تكن "مطروحة" على مدى سنوات خلت نظراً لعدم وجود أزمة. إلا أنّ الطريقة التي تعاطت بها الشركات المستوردة للبنزين مع المواطنين، ومسارعتهم الى إعلان الاضراب غير مرة دفعت الوزيرة بستاني الى اتخاذ تلك الخطوة "الجريئة" والمتقدّمة على قاعدة "رب ضارة نافعة". الامتحان الذي وضعت فيه كارتيلات النفط الدولة والمواطنين عبر حجب مادة حيوية عن المواطنين، شكّل محرّضاً أساسياً لوزارة الطاقة لكسر احتكار استيراد البنزين من يد "الكارتيلات" واتخاذ خطوة من شأنها الغاء محاولات الاستفراد بالسوق اللبناني. 

قرار وزيرة الطاقة "النوعي"، وإعلانها صباح اليوم الاثنين (2-12-2019) موعداً لفض عروض المناقصة، دفع بـ"كارتيلات" النفط الى ممارسة الضغوط على عدد من الشركات لثنيها عن المشاركة في المناقصة. فلم تتلقَّ الوزارة سوى عرضين للمشاركة في مناقصة البنزين وطلبين للتمديد من أصل 14 شركة كانت قد أعلنت رغبتها في المشاركة. فأصحاب هذه "الكارتيلات" المتحكّمة في السوق اللبناني، والتي يجني بعضها أرباحاً "خيالية" لا يحلو لهم "تسكير" جزء من تلك "الحنفية"، فما كان من أمرهم سوى الاتصال بعدد من الشركات وتحريضها على عدم المشاركة في المناقصة، ما أدى الى تراجع تلك الشركات عن المشاركة. وهو الأمر الذي أكّده لموقع "العهد" الإخباري  المدير العام للمنشآت النفطية الأستاذ سركيس حليس، لافتاً الى أنّ عدداً من الشركات أبلغتنا تعرضها لضغوط من قبل "كارتيل" النفط. وفي السياق، اعتبر حليس أنّ خطوة بستاني جريئة وكان من المفترض أن تحصل منذ عشرين عاماً. برأيه، فإنّ كسر "الاحتكار" يمنع الأزمات، تماماً كما حصل في ملف استيراد المازوت. 

موقع "العهد" الإخباري تواصل مع عدد كبير من الشركات الـ14 للبحث في الأسباب الكامنة وراء عدم مشاركتهم في المناقصة، بعضها تحفّظ عن الحديث، والبعض الآخر أكّد المشاركة بعد تمديد المهلة من قبل وزارة الطاقة. ممثل شركة "Oman Trading International Ltd" في لبنان المهندس مارون الياس أعلن عبر موقع "العهد" الاخباري نيّة الشركة المشاركة في مناقصة استيراد البنزين بعد تمديد المهلة. بالنسبة اليه، فإنّ عدم مشاركتنا مردها للتأخر في تسلم دفتر الشروط (الخميس الماضي) وعدم قدرتنا على استكمال ملفاتنا لضيق الوقت، نافياً أن تكون الشركة قد تلقّت أي ضغوطات. وقد ثمّن الياس خطوة بستاني واصفاً إياها بـ"الممتازة". من وجهة نظره، كان لا بد من اتخاذ هذه الخطوة منذ سنوات. 

مدير شركة "Total Liban" الأستاذ انطوان سلامة أكّد لموقع "العهد" أنّ الشركة تدرس قرارها المشاركة بالمناقصة. ولدى سؤاله عن أية ملاحظات على دفتر الشروط دفعتهم للتريث، أجاب بالنفي. فيما أكّدت مصادر شركة "MVL" لموقعنا أنّ الشركة وجدت من مصلحتها سحب المشاركة في المناقصة، من دون ذكر المزيد من التفاصيل، أو حتى ما إذا كانت ستشارك لاحقاً بعد تمديد المهلة. 

شركة "ZR Energy DMCC" كانت من ضمن الشركات التي قدّمت عرضها للمشاركة في المناقصة. مديرها الاستاذ علي مصطفى يؤكّد لموقعنا أنّ الشركة اهتمّت في المشاركة لأنها وجدت في المناقصة فرصة "تجارية" كون الشركة من "الموردين" المستقلين المتخصصين باستيراد المواد النفطية. 

الخزانات كانت بمثابة السيف المصلت على رقاب أصحاب الشركات

مصادر مطّلعة على خطوة وزيرة الطاقة تؤكّد لموقع "العهد" الإخباري أنّه ومنذ عهد الوزير جبران باسيل فإنّ وزارة الطاقة تعد العدة لاستخدام ورقة استيراد البنزين، حال حصول أي أزمة كتلك التي واجهتنا اليوم. ولفتت المصادر الى أنّ هناك ما يقارب الـ4 "خزانات" جرى انشاؤها في عهد الوزير باسيل عام 2010، وكانوا بمثابة "السيف المصلت على رقاب أصحاب الشركات" لاستخدامهم في حال حدوث أي أزمة كالتي نشهدها اليوم. وتلفت المصادر الى أن الدولة لم يكن باستطاعتها القيام بخطوة استيراد مادة البنزين للكثير من الاعتبارات، على رأسها أنّ الشركات التي تستورد تملك الكثير من المحطات، وتعطيها الكثير من الامتيازات، أما الدولة فلم يكن بمقدورها القيام بذلك، نظراً للكثير من الحواجز. فما يقارب الـ70 بالمئة من المحطات مملوكة من قبل الشركات المستوردة. أما الـ30 بالمئة المتبقية فلديها عقود حصرية مع الشركات المستوردة أيضاً. وتلفت المصادر الى أنّ خطوة كسر "كارتيلات" النفط بدأت منذ زمن، خصوصاً عندما بدأت الدولة تستورد مادة "المازوت"، لتختم المصادر بالاشارة الى أنّ خطة بستاني "جريئة" ويجب استكمالها حتى النهاية.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد