يوميات عدوان نيسان 1996

نقاط على الحروف

شعارات ومشاهد وعبارات موحدة: في
26/10/2019

شعارات ومشاهد وعبارات موحدة: في "الثورة"!

ياسر رحال

مراجعة بسيطة لعشرة أيام من التغطية الإعلامية والمواكبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بتسجيل ملاحظات لا يمكن العبور فوقها بسهولة.

منذ الأيام الاولى لنزول ما يسمى بـ"الثوار" إلى وسط العاصمة وليلة النهب المنظم للمحال التجارية "الفخمة"، ومسرحيات الاعتداء عليهم من قبل عناصر القوى الأمنية ليست بعيدة عن الذاكرة، فنفس السيناريو جرى تركيبه في العراق قبل أيام.

سرقة المحال كانت تهدف لمنع "الأوادم" من المشاركة في الحراك تحت حجة "كي لا يُتهموا بها"، ما يعني تغييب شريحة ستكون على اطلاع على كل مجريات ما يحصل على الأرض ومعرفة الخبايا.

وفي الليلة الأولى كان الإعلام (أكثر من محطة) يفتح الهواء على 8 نقاط نقل مباشر كلفتها مئات آلاف الدولارات في الوقت الذي يعاني فيه الإعلام، وبحسب كل المختصين، من نضوب سوق الإعلانات وهذا البث المباشر مكلف ومكلف جداً.

بدأ مسلسل "التطوع" و"المساهمات"، وإذا أردنا القبول بمقولات "الثوار" أنهم فقراء ومدينون فمن أين لهم كل هذه القدرة على "الترويقة" من أشهر محلات الحلويات وكلفة "الصوتيات والـ"DJ".. وغيرها. نعم لا يمكن تعميم هذه الصفات على كل الحراك لكن المشهد يحتاج إلى توقف.

"أنا أول مرة بنزل على تظاهرة" هذه العبارة كررها عدد كبير من "الثوار"، "ما بدنا جيش بلبنان.."، بكاء وعويل ورفع صوت أمام الكاميرات، وأمام ضباط الجيش في محاولة لإحراجهم. نشر عدد كبير من النساء في أماكن المواجهة مع القوى الأمنية وفي حال تم التعرض لهن يتم استخدامهن كذريعة، وإذا تُركن يستغللن الموقف لبث الشعارات.

وسائل الإعلام وتوجيه الحراك

المفارقة الكبرى هي الدور الملغوم الذي تلعبه وسائل الإعلام ومراسلوها على الأرض، ففي حين ينعدم التوازن في منح الفرصة لـ "الثوار" ومعارضي قطع الطرقات ورافضي الشتائم، كان هناك توجيه وتذكير وتدعيم للمواقف التي يطلقها قطاع الطرق، وفي بعض الاحيان تحريض على الاطراف الأخرى كما يحصل بعد كل خطاب أو رسالة لشخصية رسمية أو حزبية.

فضلاً عن تنبيه قطاع الطرق إلى وجود بعض الطرقات التي يمكن للناس عبورها ليتم إقفالها بوجه الناس والمارّة.

للمرة الأولى تم استخدام ما يسمى "جمعيات المجتمع المدني" وبكثافة من أجل نشر فكرة أن من يُسَمون "الثوار" هم من الطلاب وصغار السن، في حين أن كل من يحضر ليعترض امام وسائل الإعلام يتم قمعه عبر حلقة من "المتظاهرين" ورفع الصوت وصولاً لسحبه جانباً على أساس الاستماع اليه واقامة حوار معه لكن الهدف الفعلي هو إبعاده عن الكاميرا.

استغلال أيام العطلة لتحشيد الساحات

إظهار حجم وكثافة الحضور يعتمد على يومي السبت والأحد وهما يوما عطلة في لبنان. فخلال أيام الاسبوع تحاول الناس العمل على تأمين لقمة عيشها اما نهاية الاسبوع فهو يوم عطلة بالتالي يحتاج الناس إلى مساحة للتنفيس، وليس أدل على ذلك من قرار "المتظاهرين" ومن خلفهم، فتح بعض الطرقات يومي السبت والأحد في محاولة لحشد الناس في ساحتي الشهداء ورياض الصلح لإظهار استمرار الزخم.

التعديل في خطة الهجوم على المقاومة

منذ الأيام الاولى عمل البعض على دفع "المتظاهرين" لاستهداف المقاومة، ولكن بالتدرج، من "نحن منحب المقاومة"، إلى "نحن مش ضد السلاح"، وهو ما لا يمكن فهمه. أصلاً هل المقاومة جزء من المطالب الاقتصادية والاجتماعية؟ وفي حال كانت "الثورة" لتحقيق العدالة الاجتماعية فما دخل سلاح المقاومة بالمطالب؟

ثم تم تقديم بعض مناصري الأحزاب اليسارية إلى الواجهة للحديث بلغة تشبه جمهور المقاومة كي يقارب المشهد ويظهر اشتراكًا في المواقف، لتنكشف اللعبة بشتم الامين العام لحزب الله في "الذوق" و"جل الديب" على اعتبار بعدهما الجغرافي والسياسي. في المقابل، تم إطلاق التحايا من طرابلس -التي وضعت طوال أعوام في مواجهة المقاومة - إلى المقاومة والمناطق التي تحسب على المقاومة وفي حراك شعبي مطلبي.

بعد كل ما تقدم الا يستحق "الحراك" وقفة مراجعة لمعرفة في أين وإلى أين؟

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف