يوميات عدوان نيسان 1996

آراء وتحليلات

هل فقدت
22/10/2019

هل فقدت "إسرائيل" عصرها الذهبي في المنطقة؟

حسن سليمان

يعيش كيان العدو هذه الأيام فترة أعياد، منها عيد رأس السنة حسب التقويم العبري. الكيان استقبل عامًا جديدًا ومعه تطورات أمنية وعسكرية إقليمية، وتجعله في وضع لا يحسد عليه.

من أهم هذه التطورات الهاجس الاسرائيلي المتمثل بالحضور الإيراني في سوريا. "إسرائيل" حاولت جاهدة منع هذا "التمركز" بسلسلة عمليات داخل سوريا، ولكن الصبر والعزيمة من الطرف الاخر حال دون ذلك، بل قلب الأمور بالاتجاه المعاكس، فما الذي حصل؟

بعد سلسلة الهجمات الإسرائيلية، يعيش كيان العدو والمؤسسة الأمنية حالة ترقب لرد إيراني "انتقامي عنيف"، إضافة الى أن مساحة حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا بدأت تضيق، فقد بأد المعنيون في الكيان "يستوعبون أن فترة أخرى قد بدأت بقواعد جديدة: فلا مزيد من الهجمات التي لا تنتهي من سلاح الجو على "قوات ايرانية" في سوريا، تمر بلا رد، بل محور قوي ومصمم أكثر على الرد"، بحسب معلق الشؤون العسكرية ألون بن ديفيد.

العامل الإضافي والذي له أثر سلبي على "إسرائيل" خلال العام "العبري" الماضي، هو التراجع الأميركي في المنطقة وخطوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب. من بين هذه الخطوات عدم الرد على ايران في الخليج ومحاولة التواصل معها الامر الذي وصل الى حد توسل لقاء مع الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني. كذلك، الانسحاب الأميركي من شمال سوريا بعد التخلي عن حلفائهم الاكراد أمام هجوم تركي، الامر الذي شكل صدمة في "إسرائيل" ورفع حالة القلق الى مستويات لم تشهدها، ما استدعى زيارة لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الى "إسرائيل" والاجتماع مع رئيس الحكومة نتنياهو بحضور كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين. الزيارة التي تمت تسميتها زيارة "طمأنة" لتبديد المخاوف الاسرائيلية. لكن خلاصة العام هو ما اجمع عليه المعلقون الإسرائيليون ان "إسرائيل بقيت وحيدة في مواجهة ايران وحلفائها" وان الخطوات الأميركية أعطت دفعة من الجرأة لمحور المقاومة للرد على "إسرائيل".

الجبهة الشمالية مع لبنان، التي كانت تمر بفترة حذرة لفترة طويلة، شهدت خلال الآونة الأخيرة توترًا كاد يؤدي الى مواجهة واسعة، وذلك بعد الخروقات الإسرائيلية في لبنان وسوريا، ورد حزب الله لأول مرة داخل الأراضي المحتلة بعيدًا عن منطقة مزارع شبعا التي اعتاد حزب الله سابقًا الرد فيها.

 الهجوم على سيارة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي بالقرب من أفيفيم يظهر عدة دروس هامة لـ"إسرائيل"، "فحزب الله لم يعد يقيد عمله في منطقة مزارع شبعا، بل يسمح لنفسه ان يعمل على طول الخط الازرق؛ ويكاد لا يكون محصورا من ناحية حجم القوات لديه في جنوب لبنان كي ينفذ هجوما"، بحسب معلق الشؤون العسكرية ألون بن ديفيد. وأيضا من ناحية دلالات هذا الهجوم ان "إسرائيل" مضطرة من الآن وصاعدًا القيام بإجراءات دفاعية داخل الأراضي المحتلة، وهذه سابقة لم تشهدها "إسرائيل".

ومن العوامل المؤثرة التواجد الروسي في سوريا، الذي أصبح أقوى خاصة بعد الانسحاب الأميركي والفراغ الحاصل نتيجة ذلك، والذي بحسب معلقين إسرائيليين، سيحل محله الرئيس الروسي فلاديمير، الذي سيعمل في المرحلة المقبلة على تعزيز مكانة الرئيس السوري بشار الأسد، والتوسط بين الأسد والأتراك، وإبراز نفسه بانه اللاعب الأول في المنطقة. فـ"إسرائيل" تنتظر "اليوم الذي يدق فيه الباب رب بيت جديد – روسيا" بحسب وصف الكاتب السياسي في صحيفة هآرتس آفي بار – ايلي، للنفوذ الروسي المتزايد في سوريا.

بالنسبة للجبهة الجنوبية مع غزة، شهدت خلال العام الماضي تطورات أمنية كبيرة، من بينها اندلاع عدة جولات قتالية كانت فيها اليد العليا لفصائل المقاومة الفلسطينية، تخللها قصف مدن "إسرائيلية" بصواريخ تعتبر استراتيجية بالنسبة للفلسطينيين مقابل رد هزيل من الجيش الإسرائيلي، بل وحتى استجداء الهدوء على يد وسطاء بينهم وبين فصائل المقاومة في غزة.

بعد كل ما تقدم، لا بد من الإشارة الى الوضع السياسي الداخلي في "إسرائيل" غير المستقر. الكيان بدأ منذ أشهر خوض انتخابات برلمانية، دورتين متتاليتين، والمكلف تأليف الحكومة فشل في المرتين ـ بنيامين نتنياهو. فالكيان يستقبل عامه "العبري" الجديد، بدون حكومة جديدة ثابتة، مع انقسام حاد سياسي، يكاد يصل على مستوى عدم تقبل الطرف الاخر. ما يطرح السؤال كيف سيواجه هذه الملفات التي تغرق المنطقة، وبعضها يكاد يكون مصيريًا بالنسبة لها. فهل فقدت "إسرائيل" عصرها الذهبي؟

 

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

خبر عاجل