طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

بدائل العملية العسكرية التركية شرق سوريا
09/10/2019

بدائل العملية العسكرية التركية شرق سوريا

شارل ابي نادر

تفيد أغلب المعطيات الميدانية من الشمال الشرقي السوري، أن الأميركيين في صدد اكمال اخلاء وحداتهم من النقاط الحدودية الأساسية مع تركيا، وخاصة من مدينتي رأس العين وتل ابيض. واذا ما أخذنا بعين الاعتبار تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الموضوع، يمكن الاستنتاج أن تلك المنطقة الحدودية سوف تصبح قريبًا خالية من أي وجود عسكري اميركي، كان يشكل منذ منتصف العام 2014 احتلالا موصوفا تحت عنوان محاربة "داعش"، اضافة لتأمينه أيضا نقاطًا لحماية حلفائه الاكراد من الاتراك، والذين طالما اعتبروا هؤلاء ( الاكراد)  ارهابيين وتجب مقاتلتهم أو على الاقل ابعادهم عن الحدود التركية.

* المعطيات العسكرية

 - تفيد المعلومات بأن اخلاء القواعد الاميركية من الشريط الحدودي، قد يستغرق أسبوعًا، هي مدة كافية لمنع اصطدام الوحدات التركية المتدخلة جنوبا بها، حيث كان تحذير ترامب الجدي يتمحور حول ذلك فقط، من دون أن يلتفت أو يهتم بأي احتمال لمجازر ضد المدنيين السوريين العزل قد يسببها الاحتلال التركي، عمدًا أو في سياق العملية العسكرية.

 - كما تفيد بعض المعطيات أيضًا عن تحركات عسكرية ميدانية روسية بمواجهة منبج، ربما تدخل من ضمن تحضيرات ميدانية لدخول مشترك مع وحدات تابعة للجيش العربي السوري الى المدينة، مباشرة بعد الانسحاب الأميركي وقبل وصول الوحدات التركية والمسلحين السوريين التابعين لها.

- هناك معطيات تركية، يمكن استنتاجها من تصريحات الرئيس اردوغان شخصيًا، أن العملية ستكون جوية وبرية، وقد بدأت تكتمل جهوزية مجموعات المسلحين السوريين المدعومين تركياً، لتشكيل الوحدات البرية المتدخلة من داخل تركيا الى الشرق السوري عبر الحدود.

* المعطيات السياسية والديبلوماسية  

اذا أجرينا جوجلة سريعة لتصريحات الدول المعنية بالعملية، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، يمكن تحديدها بالتالي:

الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، وفي موقف متقارب، حذروا من حصول مجازر بين المدنيين، في الوقت الذي لم تأخذ فيه مؤسسات المجتمع الدولي المعنية أي اجراء يتعلق بمنع العملية التي تخالف القوانين الدولية.
 
الأميركيون، وعلى لسان ترامب، يعتبرون انه لم يعد من مبرر لتواجدهم العسكري في سوريا، وأصبح هذا التواجد مكلفًا دون مردود للدولة الاميركية، ولن يقدم شيئًا بعد الآن للمشكلة في سوريا أو للصراع بين الاتراك والاكراد.

الروس يعتبرون وعلى لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن وحدة الاراضي السورية مطلوبة، وعلى جميع الوحدات الغريبة والموجودة بطريقة غير شرعية ان تخرج من الاراضي السورية، وعلى الاتراك ( دائما بحسب بيسكوف  ان يَصدِقُوا فيما يقولونه دائما عن احترامهم لوحدة اراضي الدولة السورية. وكان لافتًا في تلك التصريحات انها لم تُظهر بشكل واضح الموقف الروسي من الدخول العسكري التركي الى الشرق السوري.

 الاتراك غير خجولين بقرارهم توسيع احتلالهم للاراضي السورية علنا شرق الفرات، أولًا لحماية أراضيهم من الارهابيين الاكراد كما يدَّعون، وثانيًا لتأمين منطقة مناسبة لاعادة عدد كبير من اللاجئين السوريين من داخل تركيا الى الشريط الحدودي داخل سوريا.
 
الايرانيون وعلى لسان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، أعلنوا " استعدادهم لاجراء اتصالات عاجلة بين أنقرة ودمشق لمعالجة موضوع القلق لدى الطرفين سلميًا، كما وأكدوا أن طهران تعارض أي عمليات عسكرية تركية محتملة شرق الفرات، معتبرين أن الخطوة التركية لن تعالج قلق أنقرة الأمني بل ستؤدي لوقوع أضرار بشرية ومادية واسعة النطاق". مذكرين باتفاق أضنة كمخرج للمشكلة بعد تعديله بموافقة الدولة السورية.

الدولة السورية، لم تغير موقفها الثابت من أنها سوف تعمل ما بوسعها لتحرير كامل أراضيها، عبر التفاوض والسياسة أولا والا عبر الطرق العسكرية.

انطلاقًا من كافة المعطيات العسكرية والسياسية المذكورة والمتعلقة بالعملية التركية المرتقبة، وحيث ان الأميركيين لا يبدو أنهم مهتمون بمن ينتشر شرق الفرات بعد انسحابهم، على الاقل على الحدود مع تركيا، وحيث ظهر الموقف الايراني اكثر من الموقف الروسي وضوحًا وصراحة لجهة معارضة عملية عسكرية تركية في شرق سوريا، فيما تعمل موسكو كما يبدو على رفع منسوب الضغط على الاكراد لارغامهم على القبول بما لم يقبلوا به سابقا عشية العملية التركية على عفرين، فان ما يمكن أن يكون مناسبًا وواردا لمنع عملية عسكرية تركية شرق الفرات، يمكن ان يكون من ضمن الاحتمالين التاليين:

- الحل الاول يكون بالعودة الى اتفاق أضنة، الذي يُشَرّع دخولًا عسكريًا تركيًا محدودًا الى الاراضي السورية الحدودية وبمسافة حوالي 5 كلم، بهدف ملاحقة "الارهابيين" الأكراد الذين يشكلون خطرًا على الأمن القومي التركي، وهذه المسافة يمكن أن تتعدل بموافقة الدولة السورية، على ان يُنفذ الاتفاق ويُتابع في تفاصيله وصعوباته بضمانة روسية ايرانية مشتركة.

- الحل الثاني، والذي يمكن أن يكون هو الانسب والاكثر قانونية وعدلا، ويقوم على دخول وحدات عسكرية سورية شرعية الى كامل المنطقة الحدودية الفاصلة مع تركيا مرحلة اولى، ومباشرة بعد اكتمال الانسحاب الاميركي وبضمانة عسكرية وديبلوماسية روسية، وبعد الاعتراف الكردي، من قبل قسد (قوات سوريا الديمقراطية) ومسد (مجلس سوريا الديمقراطية) ومن قبل وحدات حماية الشعب الكردية، بسلطة الدولة السورية وبحقها وسيادتها الكاملة على كافة اراضيها حتى الحدود مع تركيا، بمعزل عن التفاصيل السياسية المتعلقة باية اصلاحات واردة وممكنة لاحقًا. وهذا الدخول يمكن ان يتم وبشكل ميداني سريع، انطلاقا من منبج ومن الحسكة ومن مطار القامشلي بعد انزال تلك الوحدات بطائرات نقل عسكرية روسية، على أن تكون قواعد التجمع الاساسية لتلك الوحدات السورية الشرعية في مدن راس العين وتل ابيض وعين العرب (كوباني  ومنبج، غرب الفرات).

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات