يوميات عدوان نيسان 1996

لبنان

هل نحن أمام انهيار اقتصادي حتمي في لبنان؟
28/09/2019

هل نحن أمام انهيار اقتصادي حتمي في لبنان؟

كثيرون يحذرون من تدهور الأوضاع في لبنان. سعر صرف الليرة مقابل الدولار تجاوز عتبة الـ1560 ليرة. أكثر من قطاع حيوي في البلد تأثّر بعد شبه انقطاع للعملة الخضراء في الأسواق. الإضرابات والاعتصامات تعمّ  المناطق، أما الدولة فتبدو غائبة عن تطمين مواطنيها. هل فعلًا نحن أمام انهيار اقتصادي أم أن كلّ ما يحصل ليس سوى مبالغة آنية؟ الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور علي عودة يُقدّم في مقابلة مع موقع "العهد الإخباري" مُقاربة واقعية للأزمة الراهنة، في ضوء  الإرهاب الاقتصادي الذي تشنّه وزارة الخزانة الأميركية على لبنان.

وفيما يلي نصّ المقابلة:

ما الذي يحصل على الصعيد المالي والنقدي؟

نحن نعيش أزمة حقيقية يتم تضخيمها بسبب الوضع السياسي المعقد. هذه ليست أول مرة يواجه فيها لبنان أزمة كهذه. وإذا كنا نتكلّم عن موضوع عجز الموازنة أو عن الدين العام أو عن العجز التجاري أو عجز ميزان المدفوعات فقد مرّ لبنان بعد الحرب في الفترة بين العام 2000 و 2002 بأوقات أسوأ، إلا أنه لم يكن هناك ذعر كالذي انتشر مؤخرًا، لذلك، يمكننا القول إننا نواجه مشكلة، أما الخطورة في الأمر فتكمن في أن الوضع السياسي أسوأ وأكثر تعقيدًا من ذي قبل ولا سيّما في ظلّ تفشي ظاهرة الفساد.

وعليه، الوضع المالي في البلد ضعيف والدين العام مرتفع جدًا ويوجد عجز في الموازنة، غير أنني على الرغم من هذا أرى سبيلًا للخروج من الوضع الصعب، أما على الصعيد النقدي فيمكن القول إن الحال ليس سيئًا بالشكل الذي يتم يتداوله.

فيما يتعلّق بالشح في الدولار برأيي هذا ليس أمرًا عفويًا فالبنك المركزي هو الذي يختلق سياسة سحب الدولار من الأسواق لكي يبقي الرقم الأكبر من العملة الخضراء في لبنان، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يتحكم بكل حجم الكتلة النقدية من الدولار.

ما هي مخاطر الأزمة المالية؟

الأزمة الواضحة هي العجز في الموازنة وتحديدًا العجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري. الأمر مرتبط بعدم وجود قرار مالي صائب، فالقرار المالي الذي اتُخذ لمدة 20 سنة أو أكثر لم يكن يجري في مساره الصحيح وكانت السياسة النقدية تحاول أن تغطي تبعات القرار، إلّا أنها لم تتمكن من الإحاطة بجميع جوانبه، والتحدي الأساس أمامنا هو صناعة قرار مالي صحيح في ظلّ الحاجة الى حلول جذرية.

إذا تمّ تصحيح العجز في الموازنة، فسينعكس ذلك إيجابًا على صعيد العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وبالنتيجة سيقل الاعتماد على الدين. هذا السلوك يبدأ بصناعة قرار مالي صحيح.

كيف تقيّمون سياسات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المالية والنقدية؟

سياسات البنك المركزي وُضعت عام 1993. ثمة جوانب إيجابية وأخرى سلبية وهي على الشكل التالي: في الفترة الأولى من الأزمة كان لتثبيت سعر الصرف إيجابيات،  وهذا أدّى الى تعزيز ثقة اللبنانيين بليرتهم بعدما استقرّ سعر صرفها.

ما يتعلّق بموضوع "الدولرة"، الاقتصاد اللبناني اقتصاد "مدولر" بشدة، وهناك جزء كبير من الودائع في المصارف هي بالدولار، وبالنتيجة هناك جزء كبير من القروض التي تمنحها المصارف تكون بالدولار، وفي هذه القضية عجز البنك المركزي عن إيجاد الحل، فبقي الاقتصاد "مدولرًا" في حين كان سعر الصرف ثابتًا، وهنا يبرز التناقض، ونطرح السؤال حول كيفية ثبات سعر صرف العملة فيما الناس لا يتداولون بها. 

وعليه، وصلنا إلى وقت أصبح فيه البنك المركزي "يستجدي" الدولار من السوق، حتى تبيّن أن لسياسة سحب الدولار من السوق عواقب سلبية من شأنها أن تخلق سوقا موازيا، إذ يوجد سعر رسمي (لصرف الدولار) وسعر خارج السوق، ومع بقاء عرض الدولار محدودًا ضمن السوق الرسمي، أراد الأفراد أو الشركات استرداد الدولار، فرفض البنك المركزي إعطاءهم، لذلك اتجهوا إلى الصرافين – حتى لو أن السعر الرسمي للدولار هو 1515 ولكنهم بالفعل لا يستطيعون الشراء بهذا السعر من البنك وبدلا منه يشترون الدولار بـ 1540 أو 1550 أو 1560، أو حتى 1600 – وهذه مشكلة حقيقية خاصة في ظل عدم جهوزية البنك المركزي للعواقب السلبية التي قد تترتّب على أيّ إجراء قبل اتخاذه. 

السياسة الأخرى التي يعتمدها البنك المركزي هي "خنق البنوك" أي لا تستطيع منح القروض ما تسبب بالانكماش. كان هذا الإجراء ملائمًا ولكن كان عليهم الالتفات إلى العواقب السلبية التي تترتب عليه عندما وقعت الواقعة.

ماذا عن إدارة الحكومة اللبنانية للأزمة؟

الحكومة اللبنانية بعيدة عن إدارة الأزمة بمعنى أننا في وضع استثنائي اليوم وكان الوضع يقتضي استنفارًا أكبر من قبل الحكومة. 

هل من مصلحة واشنطن انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان؟

ليس من مصلحة أحد في الداخل أو الخارج أن ينهار الوضع الإقتصادي في لبنان، وبغض النظر إذا كانوا إلى جانبنا أو غير ذلك، فهناك في لبنان حوالي 2 مليون لاجئ وإذا انهار الاقتصاد فسيغادرون الى بلد آخر ليشكّلوا عبئًا عليه، لذلك لا مصلحة لأحد في أن تتدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان بشكل كبير.
 

إقرأ المزيد في: لبنان