طوفان الأقصى

نقاط على الحروف

هذا هو روبرت أوبراين
19/09/2019

هذا هو روبرت أوبراين

د. علي مطر

لا تختلف الشخصيات التي تتولى مسؤولية الأمن القومي في الإدارة الأميركية بطريقة تعاطيها مع الملفات الحساسة بالنسبة للولايات المتحدة. الإدارة تعمل وفق استراتيجية تعتبر أميركا هي البلد الأوحد في العالم الذي يجب أن تؤدي له كل الدول فروض الطاعة. من هنا لن تختلف شخصية روبرت أوبراين كثيراً عن شخصيات أسلافه ومنهم جون بولتون. فهؤلاء الذين يعينون في إدارة دونالد ترامب الجمهورية، كلهم من سنخية واحدة عملت سابقاً في ظل إدارة جورج بوش الابن، منظرةً للسيطرة الأميركية على العالم، وبابها تحقيق مشروع الشرق الأوسط الذي سوقته كونداليزا رايس. الاختلاف بين هذه الشخصيات قد يكون في كيفية إدارة الملف أو في تأخير الحرب العسكرية بدلاً عن استعجالها، إلا أن العقيدة الأساسية لديهم جميعاً هي استمرار الهيمنة العالمية للولايات المتحدة الأميركية. أما الذي يختلف في ذلك فهو الأسلوب وطريقة بسط الهيمنة بين الحرب العسكرية أو الحروب بالوكالة، أو الحرب الاقتصادية. وهكذا يتم تعيين الشخصيات بحسب المرحلة المطلوبة.

روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس دونالد ترامب، هو من هذه المدرسة التي تعمل بشكل حثيث على تثبيت الهيمنة الأميركية، وإن كان سابقاً شخصية غامضة تعمل خلف الكواليس ومن خلف الشاشات، إلا أنه من ضمن حلقة عملت في إدارة جورج بوش الابن بالمشاركة مع كونداليزا رايس. أوبراين ومع أنه قضى معظم حياته المهنية في ممارسة القانون، إلا أنه قام بمهمات عدة في الإدارة الأميركية، كانت في معظمها أدوارًا عميقة في آلية عمل هذه الإدارة، وكان عمله دائماً مدنياً فهو على عكس الجنرالات السابقين الذين تم اختيارهم لهذا المنصب، وهذا ما يؤشر على أن ترامب يفقد تقاربه مع العسكرتاريا.

يظهر فكر أوبراين من خلال مجموعة من المقالات التي نشرها وعبرت عن تشدده ايضاً حول السياسة الخارجية بعنوان "بينما تنام أميركا"، خصّصها لانتقاد سياسة إدارة باراك أوباما. في مقالاته تلك، التي جمعها لاحقاً في كتاب حَمل العنوان ذاته، شجب أوبراين الصفقة النووية مع إيران باعتبارها فعل استرضاء، وسخر من أسلوب القيادة من الخلف الذي تبعه الرئيس السابق، مشيراً إلى أن ذروة الصوابية السياسية في الغرب عرقلت الحكومات في حربها ضدّ داعش.

انطلق روبرت أوبراين في كتابه "WHILE AMERICA SLEPT" من سلسلة من المعتقدات والافتراضات التي يؤمن بها، وهي: إيمان عميق بالاستثنائية الأميركية، وأن السلام يأتي من خلال القوة، وأن الولايات المتحدة تكون أقوى عندما تتشارك مع حلفائها وعندما تكون أميركا صديقًا موثوقًا به لحلفائها. ويقول أوبراين "نحن الأهل الطيبون وهناك بعض الأشرار هناك". ويعد كتاب روبرت أوبراين كتابًا للقراءة عن حكومة الظل، يساعد في التعرف على السياسة الخارجية ومساراتها. كما أنه كتاب قد يساعد على تفهم وفهم توجهات السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب، وفق ما ذكر أكثر من باحث في مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية.

من هو روبرت أوبراين؟

أوبراين شخصية أميركية أختارت التخصص في القانون، قبل أن تتحول للعمل السياسي في الإدارة الأميركية. من مواليد لوس أنجلوس – كاليفورنيا. حصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة كاليفورنيا في بيركلي من كلية الحقوق بوالت هول .  

براين في إدارة الرئيس بوش
تم ترشيح أوبراين من قبل الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش في 10 تشرين الثاني / نوفمبر 2005 كممثل بديل للولايات المتحدة في الدورة الستين للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورة انعقادها في العامين 2005-2006، حيث عمل وقتها مع جون بولتون، بالإضافة إلى مهامه الأخرى كمندوب للولايات المتحدة، حيث ألقى خطابا أمام الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين. كما مثل الولايات المتحدة في اللجنة السادسة للجمعية العامة، التي انعقدت للنظر في الاتفاقية الدولية للإرهاب.

وبحسب سيرته الذاتية على الموقع الرسمي للخارجية الأمريكية، شغل أوبراين سابقًا منصب "رئيس مشارك للشراكة بين القطاعين العام والخاص" في وزارة الخارجية الأمريكية لإصلاح العدالة في أفغانستان، تحت قيادة كلّ من كونداليزا رايس وهيلاري كلينتون.

في إدارة الرئيس دونالد ترامب
في العام 2018 أدى روبرت أوبراين اليمين الدستورية كمبعوث رئاسي لشؤون الرهائن في الخارجية الأميركية. وقد ذكرت صحيفة "Orange County Register"  أنه "المرشح المثالي لضمان استمرار الهيمنة العالمية الأميركية، بطريقة تتناسب مع كل من المزاج الوطني الحالي وقيمنا الوطنية الدائمة".
كما عمل أوبراين مع أسر الرهائن الأميركيين مقدمًا المشورة أيضًا بشأن القضايا ذات الصلة، بما في ذلك سياسات الاسترداد.
عمله في مجال الحقوق
أوبراين هو الشريك المؤسس للقاضي الفيدرالي السابق ستيفن لارسون من مكتب المحاماة في لوس أنجلوس "مكتب لارسون أوبراين إل إل بي"، الذي أنشأه في كانون الثاني / يناير 2016.  
بين العام 1996 والعام 1998، كان أوبراين مسؤولًا قانونيًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضمن لجنة التعويضات في جنيف بسويسرا، كما شغل سابقاً منصب رائد في فيلق احتياطي في الجيش الأميركي. أوبراين أيضاُ هو من المعلقين بشكل منتظم على قناة فوكس نيوز، كما كتب عدة مقالات رأي في صحيفة وول ستريت جورنال، تظهر مدى تشدده وتطرفه نحو الهيمنة الاميركية.

كما نرى، فإن هذه الشخصية لن تختلف كثيراً عن سابقاتها في خدمة الادارة الاميركية في علاقاتها الدولية. وصحيح أن الذي أدى لرحيل جون بولتون كان طريقة تعامله مع قضايا متعددة، من الملف النووي الإيراني، إلى المسألة النووية لدى كوريا الشمالية، وقضية طالبان وغيرها، لكن هنا يختلف التكتيك في الوصول إلى الهدف، وبالتالي فإن أوبراين يتولى المنصب الأعلى للأمن القومي في الوقت الذي تضغط فيه النزاعات العالمية المتعددة وهي على شفا أزمة شاملة وعلى رأسها حل قضية الملف النووي الإيراني، ومن ثم العمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبناء استراتيجية لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن أسلحتها النووية.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف