يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

فاخوري..عميل يحاكمه القانون اللبناني
13/09/2019

فاخوري..عميل يحاكمه القانون اللبناني

علي إبراهيم مطر

لولا أن ارتفع صوت المظلوم لظل الجلاد طليقاً. رفع الاسرى اللبنانيون صوتهم بقوة، احتجاجاً على عودة العميل عامر الفاخوري إلى بيروت. أثمر تضافر الجهود الشعبية المؤيدة لصوت الأسرى، في اعتقال العميل فاخوري، وإحالته إلى القضاء، حيث اعترف أنه يتعامل مع العدو الإسرائيلي، وذلك بعد أن قضى ليلته الأولى خلف القضبان. صحيح أن القانون اللبناني أسقط الحكم الصادر بحق الفاخوري ويحاجج البعض في ذلك، إلا أن ما عليه من مذكرة قضائية لم تسقط، وبالتالي هو لم يقم بتسوية أوضاعه القانونية، فضلاً عن أنه اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي.

وبالتالي يمكن حالياً محاكمة فاخوري بتهمة التجسس التي هي أحد الأنواع والسبل الملتوية في الحروب الحديثة والقديمة إضافة إلى أنه يمثل تربصاً "وخطراً داهماً" لكلا طرفي الحرب. ومن يحاجج حالياً في عدم قانونية اعتقاله، وكذلك من قام بتسهيل أموره إلى لبنان، يمكن أن نذكره بأن هذا العميل يجب أن يحاسب، عن عمالته فضلاً عن جرائمه، فقانون العقوبات اللبناني وقانون القضاء العسكري متناسقان لجهة محاكمة العملاء ومن يتجسس على الدولة اللبنانية ويلحق الضرر بأمنها، والقضاء العسكري يعود في المادة 24 الى قانون العقوبات حيث تتحدث المادة عن "جرائم الخيانة والتجسس والصلات غير المشروعة بالعدو المنصوص عليها في المواد 273 حتى 287 من قانون العقوبات وفي المادتين 290 و291 منه أيضاً وفي القوانين الخاصة التي تعاقب على هذه الجرائم". ولم يرد في أي نص قانوني سواء بقانون العقوبات أو القانون العسكري أي تخفيف حكمي لمن يتجسس على الدولة.

فقانون العقوبات اللبناني الصادر بالمرسوم اشتراعي رقم 340 - صادر في 1/3/1943، يعالج ذلك في الباب الذي يتحدث فيه عن الجرائم الواقعة على أمن الدولة وهو ينص في المادة 271- معدلة وفقاً للمرسوم الاشتراعي 112 تاريخ16/9/1983 أنه "يتم الاعتداء على أمن الدولة سواء كان الفعل المؤلف للجريمة تاماً أو ناقصاً أو في طور المحاولة"، وبالتالي فإن ما قام به الفاخوري يأتي في هذا السياق.

وأفرد قانون العقوبات فصلاً خاصاً في الجنايات الواقعة على أمن الدولة الخارجي عالج فيه مسألة التجسس، حيث تنص المادة 281 أنه "من دخل أو حاول الدخول إلى مكان محظور، قصد الحصول على أشياء أو وثائق أو معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة عوقب بالحبس سنة على الأقل وإذا سعى بقصد التجسس فبالأشغال الشاقة المؤقتة". والأهم من ذلك كله أن المادة 282، تقول إن "من سرق أشياء أو وثائق أو معلومات كالتي ذكرت في المادة السابقة أو استحصل عليها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. واذا اقترفت الجناية لمنفعة دولة أجنبية كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة". وتنص المادة 284- أنه إذا اقترفت الجرائم المنصوص عليها في هذه النبذة لمصلحة دولة معادية شددت العقوبات وفاقاً لأحكام المادة 257.

وتنص المادة 547 من قانون العقوبات على أنه من قتل إنساناً قصداً عوقب بالأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة الى عشرين سنة. تكون العقوبة من عشرين سنة الى خمس وعشرين سنة إذا ارتكب فعل القتل أحد الزوجين ضد الآخر. كما تنص المادة 549 على أنه يعاقب بالاعدام على القتل قصدا اذا ارتكب:
1 -عمدًا
2-تمهيدا لجناية او لجنحة، او تسهيلا او تنفيذا لها، او تسهيلا لفرار المحرضين على تلك الجناية او فاعليها او المتدخلين فيها او الحيلولة بينهم وبين العقاب.
3 -على احد اصول المجرم او فروعه.
4  - في حالة اقدام المجرم على اعمال التعذيب أو الشراسة نحو الاشخاص.

أما المادة 218 فإنها تتحدث عن التحريض على القتل، حيث تقول "يتعرض المحرض لعقوبة الجريمة التي اراد او تقترف سواء كانت الجريمة ناجزة او مشروعا فيها او ناقصة"، ولم ينسَ الأسرى في معتقل الخيام مدى العذابات التي عانوها والتعذيب الذي تعرضوا له على يد هذا العميل، ومن ينسى الأسرى الذين قضوا في المعتقل نتيجة ما مارسه هذا العميل بحقهم؟

وهنا نقول إنه لا بد من أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يأخذ الأسرى حقوقهم على الأقل من خلال محاكمة هذا العميل ومحاسبته وإنزال العقوبة اللازمة بحقه، ولكي لا يتجرأ غيره من العملاء على خرق القانون، فكما ان القانون المحلي لا يقبل التغاضي عن محاسبة العملاء والجواسيس، فإن القانون الدولي لا يقبل ذلك أيضاً، حتى أن معاهدة جينيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب، لم تذكر في المادة 4 منها أية كلمة في اعتبار المتجسس لمصلحة العدو بأنه أسير حرب.

إقرأ المزيد في: خاص العهد