طوفان الأقصى

خاص العهد

المرشح للانتخابات التونسية صافي سعيد لـ
13/09/2019

المرشح للانتخابات التونسية صافي سعيد لـ"العهد": الشعوب العربية هي التي ستحرر فلسطين

تونس – روعة قاسم

تونس تتهيأ يوم الأحد 15 أيلول/ سبتمبر للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والتي يتنافس فيها 26 مرشحًا. في هذا الحديث لـ " العهد" يعرض المرشح للانتخابات الرئاسية والمفكر الاستراتيجي والباحث والروائي صافي سعيد رؤيته للوضع في البلاد وابرز نقاط برنامجه الانتخابي مبينًا ان تونس عاشت فترة طويلة من الجمود وعدم الاستقرار، وموضحًا أن الديمقراطية التونسية لديها تهديدان خارجي وداخلي، فالديمقراطية التونسية وأية ديمقراطية لا تستطيع أن تعيش في محيط جاف وقاتل ومحارب للحريات.

 - لماذا ترشحت للانتخابات؟ وما أبرز نقاط برنامجكم الانتخابي؟

مرحبًا بكم وبكل اصدقائنا اللبنانيين. نحن في تونس لدينا تاريخ قديم وعريق مشترك مع لبنان.

مهمتي وهدفي أن أغير في البلاد، وأن نحصن هذه الديمقراطية ونتقدم الى الامام. لقد عشنا فترة طويلة من الجمود وحتى عدم الاستقرار ونحن مهددون في أمننا القومي ومهددون حتى في سيادتنا وفي معيشتنا. نحن شعب لا زلنا بعد عشر سنوات من الثورة نستورد ثلثي غذائنا وكل سلاحنا وثمانين بالمئة من أدويتنا وبجوارنا بلد يعاني من حرب أهلية أي ليبيا. وكل بلد يقع بالقرب من بلد يعاني من حرب أهلية فهو أيضًا مهدد بالفشل واللااستقرار. فأنا أمتلك رؤية ومشروعًا وأمتلك ما يؤهلني الى أن أبدأ مشوار التغيير من أجل المستقبل. رأينا كل أنواع اللصوص الدوليين الذين حكمونا بأسماء أجنبية وشعارات وهمية ولم ينتجوا شيئًا ولم يراكموا إلا الفشل ولا أمل لهذا الشعب إلا أن يغير حكامه بالانتخاب ويبحث عن الرجال الشجعان والوطنيين الجدد. هؤلاء الذين يدعون أنهم سيأخذون تونس الى المستقبل جربناهم وكذبوا علينا مرارًا. وهذا ما دفعني الى الترشح، فانا رجل تونس العميقة ورجل التغيير الشامل والراديكالي في كل شيء، في أساليب التنمية وعلاقتنا بالخارج واسترجاع ثرواتنا وعلاقتنا بالعالم العربي وأشقائنا وتعاطينا مع القضايا العادلة. نريد أن نغير ونقلع بهذا البلد.

القضية الفلسطينية هي قضيتنا ولقد عشت شبابي كله في المقاومة الفلسطينية

 - هل تعتبرون أن النموذج التونسي والديمقراطية الناشئة مهددة اليوم في خضم هذه الانقسامات والتوترات المهيمنة على المشهد؟

الديمقراطية التونسية لديها تهديدان خارجي وداخلي، فالديمقراطية التونسية وأية ديمقراطية لا تستطيع أن تعيش في محيط جاف وقاتل ومحارب للحريات ومهيمن ويستحوذ على كل آمال هذا الشعب ولا تستطيع أن تنمو وتتوسع وتصبح ذات انتاجية. لأن الديمقراطية هي أسلوب من أساليب الحياة والإنتاج والعدالة ولا تستطيع أن تنمو بالقرب من الحروب الأهلية، وهذا مشروعي، لأن الديمقراطيين التونسيين يعتقدون أنهم يعيشون في جزيرة نائية لكن حتى الجزر عليها أن تحصن دائمًا حدودها البحرية من اية تهديدات خارجية. تبدو النخب تتلاعب بهذا البلد دون رادع . نواب ووزراء ورؤساء حكومات لا يوجد لديهم رادع أخلاقي أو مادي والسياسية بمنظورهم هي لعبة. البلاد مرتهنة والسياحة الحزبية موجودة والخطاب المزدوج والدبلوماسية العاجزة والتنمية الراكدة. تونس لم تنمُ ولو بمقدار واحد خلال عشر سنوات بينما في جانبها بلدان افريقية حققت نسبة 9 او عشرة  بالمئة نمو في السنة.

- في خضم هذا المناخ ما هي أولوياتكم اذا توفقتم في الرئاسة لإصلاح الوضع القائم؟

باختصار أولوياتنا هي بناء جهاز أمن قومي يعد في صلب صلاحيات الرئيس دستوريًا.
فجهاز الأمن القومي يجمع كل أجهزة الدولة الكبرى وأعني بها الجيش والأمن والاستخبارات والدبلوماسية والتعليم والصحة. هذا الجهاز هو الذي يخطط لتونس الجديدة والحكومة تنفذ. فالحكومة جهة تنفيذية وعليها أن تقرر ما يقرره المجلس القومي. الرئيس لديه كل الصلاحيات فهو يمتلك قرار الحرب والسلم وإعلان حالة السلم والطوارئ وهو رئيس القوات المسلحة ورئيس جهاز الأمن القومي وحتى تعيين رئيس الحكومة بيده اذا ما اخفق الساسة في تعيينه بسبب المحاصصات الرخيصة. واعتقد أن مجلس الأمن القومي سيقرر في البداية تأميم ثرواتنا وفتح الملفات القديمة كلها وتوزيع أراضي الدولة على الشعب وتحويل وتغيير وجهة دبلوماسيتنا والاعتناء بالبنية التحتية والتعامل مع افريقيا واوروبا نديا وتجاريا واستثماريا ووقف الدين فورا وبناء جيش قوي وحامٍ ومحصن للديمقراطية. تلك هي أمهات القضايا والأولويات التي سنشتغل عليها. وبإذن الله عندما تكون الطرقات شاغرة والاستعداد واضحًا كل شيء يسلك.

في تونس خلال السنوات العشر الماضية لم نجد سوى تلعثم من قبل رجال هواة ورجال أعمال يشترون الحصانة وهذا كله لا يجدي، وعلينا ان نراجع أنفسنا فطرقاتنا واضحة ليس لدينا طوائف أو أعراق أو ديانات متعددة وجغرافيا فسيحة مثل ليبيا والجزائر. نحن البلد الوحيد الذي يكاد لا يوجد شبيه له في العالم من حيث التركيبة الجيوسياسية وموقعه أيضًا. فموقع تونس هو موقع حضارة قرطاج والقوة الاولى في ذالك الزمن التي ولدت من الفلسفة الرواقية وحاربت روما مئات السنين وانتصرت واكتشفت طرقات أمريكا وطرقات الرجاء الصالح. موقع قرطاج على البحر المتوسط هو موقع مهم، واذا دولة أو نخبة لا تقدر موقعها لا يمكن أن تتقدم لأن السياسة هي أن نتوقع. فأن تحكم عليك ان تتنبأ وتتوقع وتقرأ المستقبل جيدًا ثم أن تتموقع يعني أن تعرف موقعك الى أين يؤهلك وكيف تطرحه كقيمة مضافة وقيمة محركة وهذا هو الأساس. التونسيون الى الآن لم يعرفوا قيمة بلادهم. تركيا مثلاً لم تتطور الا عندما عرفت قيمتها الجيوبوليتيكية.

 
- ما هو موقفكم من الأزمة الليبية؟

 لو أن القوى الخارجية ترفع يديها عن ليبيا فإن الليبيين في 24 ساعة سيتفقون على حل بينهم. الليبيون ليست لديهم خلافات عميقة وديانات مختلفة. فالمجتمع الليبي تكافلي فيه روح لا أسمّيها قبلية بل اجتماعية تكافلية، لأنه عندما نقول إن المجتمع الليبي قبلي فهذا ليس صحيحًا. ليبيا محدثة والقبيلة باتت فلكلورًا. وأعتقد أن صوت العقل والحكمة سيتأتى من تونس وسيجد الليبيون أرضية تفاهم لأننا أقرب بلد لليبيا في العادات والتقاليد واللهجة والمصاهرة والاختلاط والسفر. هم صوتنا ونحن صوتهم وكثير من الزعماء التونسيون لديهم جذور من ليبيا من بينهم الحبيب بورقيبة وبن علي ومن بينهم وسيلة بن عمار والباهي الأدغم. أعتقد أن تونس ليس لديها أطماع في ليبيا ويمكن أن تساعدها على بناء وفاق وتفاهمات وخارطة طريق. وليبيا لا تحل مشاكلها لا في المناطق الخارجية ولا بالمبعوثين الدوليين ولا بالتدخلات الخارجية. واذا ظلت الأوضاع في هذا البلد على هذا الحال فإن ليبيا ستصبح مهددة بالتقسيم ومهددة بفيروس الحرب فمن يحب أمنه ومن يحب ليبيا عليه أن يسارع الى حل ومساعدة إخواننا الليبيين لحل هذه الاشكالية.

- بالنسبة للعلاقات مع سوريا هل لديكم أي برنامج لإعادة العلاقات مع هذا البلد؟

سوريا بلدنا. والحقيقة أن سوريا عانت الكثير خلال الأعوام الماضية ومن الجيد أنها تعافت وخرجت من عنق الزجاجة. الحرب السورية لها تداعياتها واشكالياتها. نستطيع أن نقول إننا تعافينا لكن تبقى مسألة الديمقراطية. واعتقد ان الشعب السوري لا احد يعلّمه الديمقراطية. وسوريا علّمت كل العرب من غير مزايدة، وسوريا بلدنا وجزء من بلادنا وأعد نفسي قبل أن أعد الآخرين بزيارة الى سوريا.

-  في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، هناك ضغوطات كبيرة من أجل فرض "صفقة القرن" أو المشروع الأمريكي - الصهيوني للسلام في الشرق الأوسط، فكيف تنظرون الى ذلك؟

القضية الفلسطينية هي قضيتنا. لقد عشت شبابي كله في المقاومة الفلسطينية وعشت الحصار ودرست في لبنان وعرفت زعماء بجميع اطيافهم. وأنا لا اؤمن بصفقة القرن فهي كلام وهمي وسيمر. عشت مشاريع أخرى مثل مشروع فهد وعبد الله والملك حسين وكلها مرت والذي سيبقى هو الارض والشعب. والشعب الفلسطيني ومعه اللبناني والعربي والسوري هم الذين سيحررون فلسطين ذات يوم. فلا شيء نهائيًّا في مسألة الشعوب ولا يبقى إلا الحقوق التي ستستجيب لها الجغرافيا والديمغرافيا والتاريخ. الديموغرافيا العربية سواء فلسطين المحتلة او خارجها ستحسم الامر ذات يوم.  ويكفي أننا لا نخاف. علينا ان نقاوم لكن لا نخاف سنربح التاريخ فالرهان تاريخي وسنربحه. لو ترون ماذا حصل في جنوب افريقيا. لقد كانت مشكلة مستعصية أكبر لكن الأفارقة انتصروا في النهاية وكوّنوا دولتهم وباتت دولة جنوب افريقيا من الدول المتقدمة. حتى القوة النووية التي عند "اسرائيل" سنرثها .

إقرأ المزيد في: خاص العهد