يوميات عدوان نيسان 1996

الخليج والعالم

2018 عامٌ حافل بالانتصارات الميدانية في سوريا
31/12/2018

2018 عامٌ حافل بالانتصارات الميدانية في سوريا

علي حسن ـ سوريا

لعلّ الصورة التي التُقطت لجندي سوري بداية العام الفائت في إحدى جبهات الغوطة الشرقية وهو يكتب على جدار مهدم عبارة تقول: "عام 2018 .. عامُ النصر"؛ تختصر فعلاً ما جرى خلال هذا العام، فقد سطّر الجيش السوري الانتصارات واحداً تلو الآخر مستعيداً على مر الشهور معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة، وقلب موازين القوى على الأرض لمصلحته. لم تكن السنة الفائتة  كسابقاتها على الصعيد الميداني، فقد شهدت تحولاتٍ كانت مفاعيلها على الميدان السوري كبيرةً جداً وهامة، كما كانت على الأروقة السياسية.

إنجازات الجيش السوري بدأت مع بداية العام الفائت حيث استعادت قواته غوطة دمشق الغربية وتحديداً في الثالث من شهر كانون الثاني/يناير وتوسعت على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة ريف دمشق الغربي محطمةً حلم العدو الصهيوني بالمنطقة العازلة التي راهن على إقامتها هناك بدعمه لإرهابيي جبهة النصرة في بيت جن والقرى المحيطة بها والتي استُعيدت بعملية عسكرية دقيقة ومدروسة نظراً لجغرافية المنطقة المعقدة، لتتحضر القوات بعدها لعملية عسكرية واسعة على مواقع الإرهابيين في الغوطة الشرقية التي كانت ضمن مناطق اتفاق خفض التصعيد.

الاتفاق المذكور نقضه الإرهابيون بحصارهم لمبنى إدارة مركبات الجيش السوري المحاذي لمدينة حرستا في الغوطة الشرقية وهجماتهم عليه، تمكنت القوات من فكه بعد أيام قليلة، وفي ذات الوقت تقريباً من شهر يناير/كانون الثاني كانت القوات العاملة في ريف ادلب الجنوبي الشرقي تتقدم نحو مطار أبو الظهور العسكري واستعادته في نهايات الشهر ذاته، بعد عمليات سريعة وخاطفة تخللها حينها إسقاط المقاتلة الروسية سوخوي 25 بصاروخ أمريكي محمول على الكتف.

بعد تحرير مطار أبو الظهور العسكري وتحديداً في 25 من شهر شباط/ فبراير، بدأ الجيش السوري بهجماته البرية نحو معاقل الإرهابيين في الغوطة الشرقية بعد تحشيدات كبيرة استقدمت من جبهات ادلب، الأولوية الميدانية تغيرت وبات تأمين العاصمة ضرورةً لا بدّ منها، واتبع الجيش خططاً فاجأت مسلحي الغوطة الذين كانوا يحصنون نقاط دفاعهم القريبة من تخوم العاصمة، وإذ بقوات الجيش تنطلق من الجهة الخلفية بعكس توقعات الإرهابيين، ما أدى لاستعادة سريعة للغوطة الشرقية سبقتها معركة سياسية كبيرة في مجلس الأمن إثر مسرحية تمثيلية لاستخدام السلاح الكيميائي قامت بها الخوذ البيضاء التابعة لجبهة النصرة اتهم الجيش بها، وكُشفت خيوط فبركتها بعد التحرير الذي تم بعد إخراج آلاف المسلحين الرافضين للتسوية برفقة عوائلهم إلى ادلب وجرابلس شمال سوريا مع نهاية شهر آذار/ مارس.

استعادة غوطتي دمشق كانت منعطفاً هاماً في مسار الحرب على سوريا على الصعيدين الميداني و السياسي، وانتهاء عملياتهما بسرعة كبيرة أدى لتركيز جهود الجيش على منطقة خفض التصعيد في ريف حمص الغربي. تعنّتت الفصائل المسلحة حينها ورفضت التسوية، ولكنها سرعان ما طلبت الخروج بعد بدء الجيش لعمليات التمهيد النارية على مواقع انتشارها في بداية شهر نيسان/ أبريل، وبالتزامن مع ذلك بدأت القوات عملياتها نحو مناطق تنظيم داعش الإرهابي في الجنوب الدمشقي. عملياتٌ كانت صعبة ودقيقة استمرت لأكثر من شهر ونصف، استعاد الجيش من جهة أخرى خلالها منطقة القلمون الشرقي، وأعلن بعدها سيطرته على مخيم اليرموك ومناطق داعش المحيطة به، بعد معارك طاحنة مع إرهابييه في 21 من شهر أيار/ مايو لتصبح العاصمة دمشق آمنةً بشكل كامل من كل الجهات.

وجهة الجيش السوري بعد إنهاء ملفي المحيط الدمشقي وريف حمص كانت نحو الجنوب، كانت حساسيته السياسية كبيرة جداً وتراوح الحل في البداية بهذه المنطقة بين السياسة والعسكرة وحسم الجيش نتيجتها لمصلحته، الأمر شكّل ضربةً قاصمةً أخرى لأعداء سوريا، فخلال وقت قياسي أيضاً تمت استعادة درعا عبر المصالحات والعمل العسكري مع بداية شهر تموز/ يوليو، لتُستعاد مناطق القنيطرة في منتصف الشهر ذاته بعد اتفاق إجلاء للمسلحين نحو ادلب، وكانت النتيجة إعادة رسم جبهة الجولان المحتل وفق اتفاق فض الاشتباك بين الدولة السورية والعدو الصهيوني وتغيير معادلة الصراع معه.

كان السؤال الأبرز بعد استعادة الجيش السوري للجنوب حول وجهته التالية، وكانت الأنظار تتجه نحو ادلب حيث بدأت قوات الجيش بالتحشيد لبدء هجماتها على معاقل الإرهابيين هناك. مطار أبو الظهور العسكري الذي استعاده الجيش مع بداية العام كان وفق الخطط الموضوعة منطلقاً لمرحلة جديدة من العمليات، وفي محيطه افتتحت الدولة السورية ممراً آمناً لعبور المدنيين، لكن القرار الدولي أجّل بدء معركة ادلب وأعطيت أنقرة فرصةً جديدة لحل التنظيمات الإرهابية وفصلها عن التنظيمات التي تُصنّف على أنها معتدلة من خلال اتفاق سوتشي الذي اتفق عليه بين الرئيسين الروسي والتركي في السابع عشر من أيلول/ سبتمبر ولم تطبق تركيا أيّ بند من بنوده حتى اليوم.

تأجيل العمل العسكري على مواقع الإرهابيين في ادلب سمح للجيش السوري ببدء هجوم آخر على تنظيم داعش في ريف السويداء الشرقي، حيث شنت قواته هجماتها على مسلحي التنظيم المتحصنين في تلول الصفا، واستعادها منهم في 17 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.

إذاً، عام 2018 كان عاماً حافلاً بالانتصارات الميدانية حيث حرر الجيش السوري فيها معظم الأراضي السورية من قبضة التنظيمات الإرهابية المسلحة ولم يبقَ سوى الشرق السوري الذي فتحت بوابته للحكومة السورية مؤخراً من مدينة منبج والتقارب الكبير بين الأكراد والحكومة السورية فيها الناتج عن إعلان الرئيس الأمريكي سحب قواته من سوريا، ليتبقى حل ملف ادلب، ولا شك بأنه سيكون خلال العام الجديد بعد استكمال حل ملف الشرق السوري أو بشكل متوازٍ معه، وبذلك تعود كل أراضي الجمهورية العربية السورية لسيطرة الحكومة الشرعية في دمشق، لتتبقى مناطق شمال حلب التي تحتلها تركيا ليترك مصيرها لما تحمله الأيام القادمة من تفاهمات سياسية.

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم

خبر عاجل