طوفان الأقصى

خاص العهد

 ترسيم الحدود.. بين
09/09/2019

 ترسيم الحدود.. بين "شينكر" و"ساترفيلد".. هذا هو الموقف اللبناني

فاطمة سلامة

حين يُفتح ملف ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، يُشار تلقائياً الى الموقف اللبناني المتقدّم في هذا المجال. يجزم كثيرون ممّن تابعوا زيارات الموفدين الأميركيين الى بيروت للبحث في هذا الملف أنّها تكاد تكون المرة الأولى التي يُقدّم فيها لبنان "شروطاً" بهذا الوضوح والدقة، وعلى هذه الدرجة من التماسك. ما سبق تجسّد في الوساطة التي قدّمها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد ساترفيلد الذي زار لبنان مؤخراً ما يُقارب الخمس مرات، وفي كل زيارة كان يسمع ما لا يُرضيه. طبعاً عدم الرضى مُستمد من تضارب الشروط اللبنانية مع المصلحة الصهيونية والتي تتتناغم بطبيعة الحال مع المصلحة الأميركية. 

في آخر زيارة له قبل أن يتسلّم مهامه الجديدة في تركيا، أيقن ساترفيلد أنه عاجز عن إحداث أي تغيير في الموقف اللبناني. أي مرونة لم يبدها رئيسا الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري. بعبدا سبق أن سلّمت السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد أفكاراً لآلية عمل ترسيم الحدود. والرئيس بري كرّر مراراً وتكراراً أنّ المصلحة اللبنانية فوق أي اعتبار وأن لا مهادنة على ذرّة تراب أو شبر مياه. 

اليوم، يزور لبنان مبعوث أميركي جديد يُدعى ديفيد شينكر  خليفة ساترفيلد في منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى. قيل الكثير عن زيارته التي سيستهلها اليوم الإثنين (9 أيلول) -وفق معلومات موقع العهد الإخباري- بعشاء يجمعه برئيس الحكومة سعد الحريري مساءً. قيل إنّه يهودي متطرّف أكثر تشدداً من سلفه، وبالتالي قد يعمد الى تظهير الموقف "الإسرائيلي" أكثر من سلفه في المفاوضات. مصادر رفيعة مُطلعة على المفاوضات ترفض "التكهن" مسبقاً بمسار استئناف مفاوضات الترسيم. برأيها، فإنّ هذه أول زيارة للموفد الجديد الى المنطقة، وخصوصاً الى لبنان. ومن هنا قد لا تفسح هذه الزيارة المجال لمناقشة ترسيم الحدود بشكل تفصيلي، على اعتبار أنها الأولى. 

 

 ترسيم الحدود.. بين "شينكر" و"ساترفيلد".. هذا هو الموقف اللبناني

 

وبالموازاة، تُشدّد المصادر على أنّ لدى لبنان ثوابت لا يمكن "التفريط" بها.  ورداً على سؤال حول الموقف اللبناني الذي سيبلّغ إلى الموفد الجديد، تقول المصادر إنّ المفاوضات مع "شينكر" قد تتطلّب موقفاً أشد وأقسى مما كان عليه مع ساترفيلد. وفق معلوماتها، لا شيء محسومًا حتى الساعة عن طبيعة المفاوضات وحدودها وما يحمله الموفد الجديد، لكنّها رغم ذلك، تؤكّد أنّ "الشروط" اللبنانية هي هي ولن تتغيّر مطلقاً. فلبنان استطاع فرض الكثير من الشروط خلال مفاوضاته مع السلف ساترفيلد، والزيارات المكوكية التي قام بها الى لبنان والتي انتهت بإحراز تقدم دون الوصول الى نتيجة نهائية في ملف الترسيم. التقدم -برأ ي المصادر-لم يكن سوى نتيجة حتمية للورقة اللبنانية الموحّدة والتي أصرّ فيها لبنان على جملة شروط من بينها التشديد على التنفيذ الكامل وتلازم المسارين بين الترسيم البحري والبري، إذ بقيت هناك نقطة جوهرية تتعلّق "باستكمال عملية الترسيم تلك حتى إنهائها" وهو ما يرفضه كيان العدو، ويصر عليه لبنان بشدة. 

ما تقوله المصادر الرفيعة يتقاطع مع ما تذكره مصادر رسمية لموقع "العهد الإخباري". هذه المصادر لا ترى في شروط لبنان صفة "التعجيزية" إذا ما وُجدت النوايا بالفعل لحل هذه القضية بما يضمن حق لبنان. تؤكّد المصادر أنّ كيان العدو كان "يشُد" باتجاه الترسيم البحري فقط، وقد بدا ذلك من خلال المهل الزمنية التي حاول فرضها. بالنسبة اليها، فإنّ المفاوضات مع ساترفيلد توقّفت عند حد المطالبة اللبنانية بتلازم المسارين في الترسيم البحري والبري حتى النهاية. وفق المصادر، لم ولن يتغيّر موقف لبنان -مع أي موفد قادم - والذي يصر على مجموعة بنود من ضمنها:

- تلازم مساري الترسيم البحري والبري
-رفض الصيغة "الإسرائيلية" التي أتى بها ساترفيلد والتي تقوم على تحديد مهلة التفاوض بستة أشهر، بينما يصر لبنان على ترك المهلة مفتوحة 
- يُصر لبنان على مبدأ رعاية الأمم المتحدة للمفاوضات عبر إشراكها كطرف في التفاوض واستضافة المتفاوضين، بينما أصر كيان العدو في البداية على جعل أميركا طرفاً في المفاوضات وإعطاء الأمم المتحدة دور الاستضافة فقط، وهذا ما يرفضه لبنان رغم ترحيبه بالدور الأميركي. 

المصادر الرفيعة تعيد التأكيد أنّ جزءاً مهماً من هذه البنود قد جرى الاتفاق عليه لصالح لبنان وضمن الشروط اللبنانية، رغم مراوغة كيان العدو مرات ومرات ومحاولاته فرض مصلحته على صيغ "الحل"  المطروحة أميركياً. 

تختم المصادر حديثها بالتأكيد على أنّ المسألة ليست صعبة مطلقاً فشروط  لبنان أساسية وبديهية وليست تعجيزية -وقد حُلّ جزء مهم منها- قد يكون "أصعب" من النقاط "العالقة" والتي يختصرها البعض ببند استكمال الترسيم البري والبحري حتى النهاية. 

فهل يستكمل "شينكر" مهمّة سلفه ساترفيلد عند النقطة التي توقفت حيالها المفاوضات، أو يحمل معه "صيغاً" وشروطاً أكثر انحيازاً للكيان الصهيوني، وتراعي ميوله العقائدية والسياسية. بالتأكيد، فإنّ الإجابة رهن لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين وما يُسرّب منها.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل